أكد بدر الزاهر الأزرق أستاذ باحث في قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن الأرقام الواردة في مشروع قانون مالية 2025 تستحضر السياق الداخلي والخارجي الذي يتسم بحالة اللايقين. واعتبر الأزرق، أن تراجع التضخم واستقراره في نسب 2 و3 بالمائة كأقصى تقدير، تعد نسبا مشجعة وتوحي بأننا بصدد الخروج من الأزمة التضخمية التي عصفت بالاقتصاد الوطني، مستدركا: لكن الأسباب التي جاءت بالتضخم لا زالت قائمة.
وسجل الأزرق، في حوار مع "الأيام"، أن هذه الأسباب تتمثل في الحرب الروسية الأوكرانية، والصراع المتصاعد في الشرق الأوسط الذي قد يؤدي إلى صدمة أخرى مرتبطة باضطراب التوريد خاصة الغاز والبترول، باعتبارها من أهم مناطق الإنتاج، مردفا: "نحن نتحدث عن تراجع استقرار النسب لكن بحذر وهذا ما عكسه مشروع القانون".
ولفت الأستاذ الباحث، إلى أن التحدث عن نسبة النمو التي ستجاوز 4 بالمئة بأنها متفائلة شيئا ما بالنظر إلى الصعوبات التي عرفها الاقتصاد، خاصة الفلاحة وهيمنة قطاع الخدمات، مستدركا: أنه إذا ظلت الأوضاع المناخية على ما هي عليه فمن الصعب تحقيق هذه الأرقام، برغم من الأداء الجيد لبعض القطاعات مثل السياحة و الصناعات الاستخراجية و صناعة السيارات و مع ذلك فيمكن قراءة هذه التوقعات و ربطها بتوقعات المؤسسات المالية الدولية حيث تبقى نسبة نمو معقولة بالنظر إلى أنه تم التوافق عليها على المستوى الدولي .
وبخصوص مسألة العجز الذي سجل منذ عام 2020، أكد الأستاذ الباحث، أن عمل الحكومة كان جيدا على مستوى توسيع الهوامش المالية، وعلى مستوى إصلاح المنظومة الضريبة و توسيع المساهمين وتخفيف الأعباء على بعض الفئات مثل الموظفين عبر تخفيف الضريبة على الدخل نتيجة مخرجات الحوار الوطني.
وتابع أن هذا الشيء جيد من شأنه تعزيز تعزيز القدرة الشرائية التي فقدت على الأقل ربع أو ثلث قيمتها مما يجعلها في حاجة إلى ترميم من خلال مدخل تخفيض الضريبة على الأرباح أو على مستوى الاقتطاعات التي كانت تصريحية لتصبح من المنبع.
و لفت إلى أن هذا سيمكن الحكومة من توسيع مداخيلها ويساعدها على تقليص العجز الذي يجب أيضا أن يقرأ في اتجاه اخر، لأنه لم يقتصر فقط على المجهود الضريبي، ولكن أيضا كان هناك توجه نحو القروض والتمويلات المبتكرة، والذي مكن الحكومة من توسيع هوامشها المالية المريحة من أجل مواجهة التحديات الطارئة أو التي تتطلب تنزيل بعض البرامج مثل الدعم الاجتماعي أو التعليم أو دعم ضحايا الزلزال.
ونبه الأزرق، إلى أن ما يثير القلق هو مسألة الدين العمومي الذي ينذر بأن هناك خللا ما على مستوى القروض الخارجية و الذي تجاوز النسب المتعارف عليها بشكل غير مسبوق، مشيرا إلى أن جزء من التمويل يوجه لدعم البنيات الصحية و التعليمية و التكوين المهني و الدعم الاجتماعي، و أن هذه الأموال يتم اقتراضها من أجل مشاريع استثمارية.
واعتبر المتحدث ذاته، أن الاستثمار المنتج هو الاستثمار في البنية التحتية وفي منظومة الرعاية الصحية وفي تقوية البنية التحتية الصناعية، مؤكدا أنه برغم بلوغ المغرب لهذه المستويات المقلقة إلا أن الحكومة تعطي إشارات بأن هذه الاستثمارات سيكون لها عائد قريب ما سيعزز الجاذبية من خلال جلب الاستثمارات الخارجية خاصة في ظل استعداد المغرب لاستحقاقات اقتصادية و رياضية سترفع من مناصب الشغل و مستوى المداخيل الضريبية، ما سيمكن من ضمان استدامة التمويل، مع امكانية تخفيض فاتورة الدين الخراجي.
و نبه أيضا إلى وجود مخاوف من أن تؤدي خدمة الدين إلى تضخم هذه الخدمة، وبالتالي توجيه التمويل نحو هذا الأمر، كما قد تؤدي إلى الخضوع لإملاءات المؤسسات الدولية، كما حدث في برنامج التقويم الهيكلي، مضيفا أن هذه التخوفات مشروعة والحكومة عليها تقديم ضمانات لاستدامة المشاريع التي قامت من أجلها بالاستدامة من الخارج وكذا تحديد رزنامة لحصد ثمار هذه القروض علما أن الدين الخارجي ليس خاصية مغربية، فهو يمس كافة الدول بما فيها الدول الكبرى مثل فرنسا و أمريكا، مع أهمية حصد النتائج المنتظرة منه حتى لا يصبح عبئا على الدولة.