شهدت مدينة تامسنا، يوم الاثنين فاتح شتنبر 2025، لقاءً تواصليا جمع ممثلي جمعيات المجتمع المدني بالسيد باشا المدينة، بحضور رئيس جماعة سيدي يحيى زعير، والسيد مدير شركة العمران، وممثلي وزارة التربية الوطنية بالإقليم. وانصب النقاش خلال هذا اللقاء، الذي جاء بمبادرة من السلطات المحلية، على جملة من الملفات الشائكة التي تعيشها الساكنة، أبرزها: التنمية المحلية، أزمة التشغيل، وضعية قطاع النظافة الذي تعرفه المدينة، إشكالات النقل الحضري، والخدمات الصحية والتعليمية المتدهورة.
كما خُصص المحور الثاني من النقاش لبحث "إمكانية تعبئة مشاريع تنموية من طرف جمعيات المجتمع المدني لفائدة ساكنة تامسنا"، في إطار ما وُصف ب"الشراكة" بين هذه الجمعيات والمؤسسات الرسمية.
اجتماع طموح أم إجراء روتيني؟ على الورق، يبدو اللقاء خطوة إيجابية نحو فتح قنوات الحوار وتبادل الرؤى، خاصة وأنه جمع أطرافا معنية مباشرة بملف التنمية، غير أن جلسات الحوار من هذا النوع تثير، وبقوة، سؤالا جوهريا حول مصيرها ومخرجاتها الحقيقية على أرض الواقع.
فبعد سنوات من عقد اجتماعات مماثلة ووعود متكررة، لا تزال تامسنا تعاني من نفس الإشكالات المزمنة التي تمت مناقشتها أمس. وهذا ما يدفع إلى التساؤل: هل هذه اللقاءات هي آلية حقيقية للتغيير، أم مجرد استعراض شكلي لامتصاص غضب الساكنة واحتواء احتقان الجمعيات؟
تساؤلات في ظل غياب الإرادة السياسية:
في خضم الأجواء التفاؤلية الرسمية التي غالبا ما تُغلف مثل هذه اللقاءات، تبرز تساؤلات حرجة تطرحها العديد من الأصوات داخل المجتمع المدني وبين عموم السكان:
1. لماذا يتم استدعاء الجمعيات للاستماع إلى همومها ومقترحاتها، بينما الغائب الأكبر هو "الإرادة الحقيقية" والموارد المالية واللوجستيكية الكافية لمعالجتها؟ أين هي ميزانيات التنمية المخصصة فعلياً لهذه المشاريع؟ 2. كيف يمكن الحديث عن "شراكة حقيقية" مع جمعيات المجتمع المدني بينما دورها لا يزال يُختزل في تنفيذ مشاريع هامشية أو في إطار "الخيرية"، بعيداً عن صُنع القرار الحقيقي المتعلق بالسياسات العمومية المحلية؟ 3. ما هي الآليات الملموسة والجدول الزمني المحدد لتحويل ما تم التباحث عليه إلى إجراءات عملية وقابلة للقياس؟ أم أن مصير التوصيات سيكون الرفوف والأرشيف، كما حدث مع توصيات اللقاءات السابقة؟ 4. أليس من المفارقة أن يُطلب من الجمعيات، التي تعاني أساساً من ضعف الإمكانيات، "تعبئة مشاريع تنموية"، بينما المؤسسات الرسمية ذات الإمكانيات الهائلة (كشركة العمران) تظل أدوارها غير واضحة في معالجة الأوراش الكبرى للمدينة؟
ختاما، لا أحد ينكر أهمية الحوار وضرورة اجتماع المسؤولين مع ممثلي المجتمع المدني. إلا أن ثقة الساكنة لم تعد تُبنى بالكلمات والوعود والاجتماعات الشكلية، بل بالنتائج الملموسة والإرادة السياسية الفعلية. اللقاء التواصلي في تامسنا كان فرصة ذهبية لتقديم أجوبة واضحة وإطلاق أوراش ملموسة. والسؤال الذي يظل معلقاً: هل سيكون هذا اللقاء بداية لمرحلة جديدة قائمة على (المساءلة والمحاسبة) والشراكة الفعلية، أم مجرد فصل جديد من فصول "مسرحية الحوار" التي تتكرر حبكتها ونتيجتها في ظل غياب إرادة حقيقية للتغيير من طرف المسؤولين المباشرين عن هذه الأوراس؟
الجميع ينتظر تحول الخطاب إلى فعل، والوعود إلى مشاريع تُلمس على أرض الواقع، فصبر الساكنة على وشك النفود.