إجراءات الحكومة تساعد على الحفاظ على استقرار أسعار السمك في مستويات معقولة    طقس الأربعاء ممطر في بعض المناطق    سقوط عشرات القتلى في قطاع غزة    الجديدة.. تأجيل محاكمة شبكة 'السمسرة والتلاعب بالمزادات العقارية' إلى 4 نونبر المقبل    آفاق واعدة تنتظر طلبة ماستر "المهن القانونية والقضائية والتحولات الاقتصادية والرقمية" بطنجة    قاض يعلق على الأحكام الصادرة في حق المتورطين في أحداث "جيل زد"    وزير النقل واللوجيستيك يترأس أشغال تقديم/تجريب نموذج السيارة الذكية    "حماس" تؤجل موعد تسليم جثة رهينة    "لبؤات U17" يغادرن مونديال الفتيات    الملك يتمنى التوفيق لرئيس الكاميرون    النيابة العامة تؤكد ضمان المحاكمة العادلة في "جرائم التجمهرات" بالمغرب    الطالبي العلمي يستقبل رازا في الرباط    واشنطن تُسرّع خطوات فتح قنصليتها في الداخلة قبل تصويت مجلس الأمن    مسرح رياض السلطان يطلق برنامج نوفمبر 2025: شهر من التنوع الفني والثقافي بطنجة    اغتصاب وسرقة بالعنف يقودان إلى اعتقال أربعيني بسيدي البرنوصي    هل نأكل الورق بدل القمح؟ التويزي يكشف اختلالات خطيرة في منظومة الدعم بالمغرب    بمشاركة مغربية.. "مجلة الإيسيسكو" تحتفي بالهوية والسرد والذكاء الاصطناعي في عددها الرابع    فرق المعارضة بمجلس النواب .. مشروع قانون المالية يفتقد إلى الجرأة ولا يستجيب لتطلعات المواطنين    الأمن الوطني يحصي 32 وفاة و3157 إصابة وغرامات ب8.9 مليون درهم خلال أسبوع    الحكومة البريطانية تجدد التأكيد على دعمها لمخطط الحكم الذاتي    بورصة الدار البيضاء تغلق على ارتفاع    شهيد يرد على الأحرار: "تُشيطنون" المعارضة وتجهلون التاريخ وحقوق الإنسان والممارسة السياسية (فيديو)    ندوة فكرية بمراكش حول "مجموعة اليواقيت العصرية"، للمؤرخ والعلامة محمد ابن الموقت المراكشي    الصحراء المغربية على أعتاب لحظة الحسم الأممية... معركة دبلوماسية أخيرة تُكرّس تفوق المغرب وعزلة الجزائر    الفريق الاستقلالي: المناطق الجبلية تعاني التهميش.. والمؤشر الاجتماعي يعرقل تنزيل الورش الملكي    توقيع اتفاقية برنامج "تدرج" بالدار البيضاء    "الديربي البيضاوي".. الإثارة والتنافس يلتقيان في مركب محمد الخامس    لقاء أدبي بالرباط يحتفي برواية «أثر الطير» لثريا ماجدولين    سعيد بوكرامي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ابن خلدون سنغور للترجمة    لقاء أدبي مع لطيفة لبصير بتطوان احتفاء ب«طيف سبيبة»    العصبة الاحترافية تعلن تغيير موعد مباراة الوداد واتحاد طنجة    "أمازون" تستغني عن خدمات 14 ألف موظف وتتجه إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي    ريال مدريد يعلن خضوع كارفخال لعملية جراحية ناجحة    إغلاق نهائي لسجن عين برجة بسبب تدهور بنيانه وخطورته على النزلاء    الاتحاد الإفريقي يدين "فظائع الفاشر"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    مايكروسوفت: المغرب ثالث أكثر الدول الإفريقية تعرضا للهجمات السيبرانية    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية:أضواء على صفحات منسية من تاريخ الحركة الأدبية بالمغرب، من خلال سيرة الشاعر أحمد الزعيمي وديوانه المحقق..    صورٌ ومشاهد من غزة بعد إعلان انتهاء العدوان (8)    عبد الإله المجدوبي.. العرائشي الذي أعاد للذاكرة دفئها وللمكان روحه    فضيحة تحكيمية تهز كرة القدم التركية    قيوح: نعمل على اقتناء 168 قطارا جديدا بينها 18 قطارًا فائق السرعة    بدوان تحمل العلم الوطني في المرحلة 11 "سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء"    ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم 2026 رغم مخاوف العمر واللياقة    صلاح وحكيمي ضمن ترشيحات "فيفبرو"    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    إقبال متزايد على برنامج دعم السكن..    المغرب يتوفر على إمكانات "مهمة" للنهوض بفلاحة مستدامة (ممثل الفاو)    تقرير أممي يتهم أكثر من 60 دولة بينها المغرب بالمشاركة أو التواطؤ في إبادة غزة    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال اختفوا خلال حكم الأسد بمساعدة منظمة خيرية عالمية في سوريا
نشر في الأيام 24 يوم 11 - 09 - 2025

BBCليلى وليان - طفلتان "مختفيتان" في سوريا، عثرت عليهما والدتهما بينما لا يزال الآلاف في عداد المفقودين
تتفقد ريم القاري وابنة عمها لمى عشرات الصور المبعثرة لأطفال على مكتب. تعتقد لمى أنها لمحت صورة لطفل يشبه كريم، ابن ريم المفقود.
كان كريم في الثانية والنصف من عمره عندما اختفى مع والده عام 2013 خلال الأزمة في سوريا، بينما كانا يقضيان حاجة. وهو واحد من أكثر من 3,700 طفل لا يزالون في عداد المفقودين منذ سقوط حكم الأسد قبل عشرة أشهر. سيكون عمره اليوم 15 عاماً.
"هل عيناه خضراوان؟" يسأل الرجل الجالس خلف المكتب، وهو المدير الجديد لمأوى "لحن الحياة" للأطفال، الذي يديره سوريون، وكانت قد ساعدت في تأسيسه السيدة الأولى السابقة أسماء الأسد عام 2013. كان ينظر إلى إحدى الصور التي اختارتها ريم ولمى، ويقارنها بصورة لكريم عندما كان في الثانية من عمره.
"نعم"، جاء الرد.
"خط الشعر..." يتمتم الرجل. "هناك شبه، ولكن..." ينقطع صوته تدريجياً، عندما أدرك أن المهمّة شاقّة.
Jess Kelly / BBCريم وابنة عمها (يميناً) تتصفحان صور الأطفال المحتجزين في دار رعاية "لحن الحياة" بحثاً عن طفل يشبه ابنها.
لحن الحياة" هو واحد من عدة مراكز رعاية أطفال في سوريا استُخدمت لاحتجاز أبناء المعتقلين خلال الأزمة التي امتدت من 2011 إلى 2024. وبدلاً من تسليم الأطفال لأقاربهم، جرى احتجازهم في دور أيتام واستخدامهم كورقة سياسية.
في بعض الحالات، سُجّل الأطفال زوراً كأيتام، أو تم تغيير هوياتهم، مما جعل تعقبهم – في ذلك الوقت وحتى اليوم – أمراً بالغ الصعوبة.
وعندما سقط حكم الأسد فجأة في ديسمبر/كانون الأول 2024، أصبح بإمكان الصحفيين والنشطاء وعائلات المفقودين الوصول إلى مصادر ومواقع ووثائق لم يكن من الممكن تخيلها في ظل حكمه المستمر لعقود.
عملت بي بي سي مع منظمة التحقيقات الصحفية "لايت هاوس ريبورتس" وخمس مؤسسات إعلامية أخرى لبناء قاعدة بيانات تضم 323 طفلاً أخفاهم الحكم السابق عن أقاربهم في شبكة من دور الأيتام. تم ذلك من خلال مراجعة آلاف الوثائق المسرّبة والمجمّعة، والتحقق من صحتها.
وتُظهر تحليلات هذه الوثائق أن المنظمة التي كانت تدير دور الأيتام التي استقبلت العدد الأكبر من الأطفال كانت مؤسسة خيرية دولية مقرها النمسا، تُدعى "قرى أطفال SOS الدولية"، وتعمل في أكثر من 130 دولة، وتجمع نحو 1.6 مليار يورو (1.9 مليار دولار) سنوياً، من بينها تمويل من الأمم المتحدة، وحكومات أوروبية، وتبرعات فردية.
وقد تحدثنا إلى أكثر من 50 مُبلّغاً من داخل قرى "إس أوه إس". قال عدد منهم إن معظم المناصب العليا في "إس أوه إس" بسوريا عُيّنت مباشرة من قبل قصر الأسد، وإن أسماء الأسد – التي فرض عليها الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات إلى جانب زوجها بشار بسبب انتهاكات حقوق الإنسان – كانت تلعب دوراً مؤثراً في المنظمة.
كما أُبلغنا بأن الجمعية بدأت ب"إدخال أي طفل" بغض النظر عن حالته، بهدف الحصول على تمويل أكبر.
وردّت المؤسسة الخيرية قائلة: "نحن لا نقدم مكافآت مالية مقابل زيادة عدد الأيتام"، ونفت وجود أي صلة رسمية بين الجمعية وعائلة الأسد.
Getty Imagesفعالية في النمسا للاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس قرى الأطفال "إس أوه إس" عام 1999 - تعمل هذه المؤسسة الخيرية الآن في أكثر من 130 دولة
اعترفت منظمة "إس أوه إس" بالفعل، بعد مراجعة داخلية، بأنها استقبلت 140 طفلًا دون وثائق ثبوتية مناسبة في سوريا بين عامي 2013 و2018. وقالت إن 104 من هؤلاء الأطفال أُعيدوا لاحقاً إلى أجهزة الاستخبارات السورية أو إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وإن المنظمة لم تعد تملك أي معلومات عن أماكن وجودهم حالياً.
كما ذكرت المنظمة أنها توقفت عن استقبال أطفال المعتقلين السياسيين في عام 2018.
لكننا اطلعنا في بي بي سي على وثائق تُشير إلى استمرار نقل الأطفال إلى "إس أوه إس" حتى عام 2022.
وقد ثبت لنا أيضاً أن "إس أوه إس" سوريا:
عند تلقي طلب من حكومة الأسد أو أجهزته الأمنية لإعادة الأطفال، لم تتحقق من الجهة التي ستتولى رعايتهم بعد ذلك.
استقبلت أطفالاً كانت على علم بأن هوياتهم قد تم تغييرها، وفي إحدى الحالات منحت بنفسها طفلاً تحت رعايتها اسماً رسمياً مختلفاً.
التزمت بتعليمات الأجهزة الأمنية السورية برفض زيارة الأقارب، وحرمانهم من حق الحضانة، أو من الحصول على أي معلومات عن الأطفال.
منعت الموظفين من عرض صور العائلات على الأطفال أو التحدث معهم عن عائلاتهم.
كانت بطيئة أو امتنعت عن التعاون مع الأمهات اللواتي يبحثن عن معلومات يمكن أن تساعدهن في العثور على أطفالهن منذ سقوط الحكم.
وقالت المنظمة الدولية في ردّها:
"نحن نأسف بشدة لأن الأطفال فُصلوا قسراً عن عائلاتهم، وأن هذه العائلات أمضت سنوات دون أن تعرف مكان أبنائها. لم يكن يجب أن يحدث هذا أبداً، ونحن ملتزمون باستخلاص الدروس من التحقيقات المستقلة لضمان عدم تكرار ذلك مستقبلاً".
وأضاف الرئيس التنفيذي المؤقت للمنظمة، بونوا بيو، في مقابلة معنا، أن الجمعية كانت تنفّذ أوامر الحكومة السورية، التي وصفها بأنها كانت تعمل تحت "نظام رعب" في عهد الأسد.
https://www.youtube.com/watch?v=_LLNT9LOEyE
لا يزال كثير من الأهالي يجهلون تماماً ما حدث لأطفالهم. فمستنقع السجلات المزوّرة أو المفقودة للأطفال المفقودين في سوريا ترك الأمهات والآباء الناجين يتنقلون من مؤسسة إلى أخرى بحثاً عن أي معلومة، مهما كانت ضئيلة.
من بين هؤلاء ريم، التي لا تزال تبحث عن ابنها كريم.
ليس بإمكانها أن تعرف ما إذا كان كريم قد أُودع لدى"إس أوه إس" أو في أي مؤسسة أخرى في سوريا كانت تستقبل أبناء المعتقلين. لكنها تعتقد أن ثروة زوجها - وهو ما كان يجعله عرضة للاستهداف في ظل حكم الأسد الذي كان يعاني من ضائقة مالية - بالإضافة إلى أنه شوهد في أحد السجون عام 2016، ترجّح أنه اعتُقل، وبالتالي تم إرسال ابنها إلى دار أيتام.
Reem al-Kariملصقات لزوج ريم المفقود أسامة ترجمان وابنهما كريم
قبل أن تصطدم بطريقٍ مسدود في مؤسسة "لحن الحياة"، كانت ريم قد زارت وزارة الشؤون الاجتماعية في سوريا.
هناك، قيل لها إن الوزير خارج البلاد، وإن المدير المسؤول عن ملف المفقودين في إجازة، ثم أُبلغت في النهاية بأن العمل على قضايا الأطفال المفقودين قد نُقل إلى جهاز أمني في الطابق الخامس من مبنى الوزارة. صعدت ريم إلى الطابق الأعلى، برفقة فريق تصوير تابع لبي بي سي، فتم منعنا فوراً من التصوير، رغم حصولنا على إذن بذلك، ورفضت الوزارة تقديم أي مساعدة إضافية لريم.
في مايو/أيار الماضي، أعلنت الوزارة عن فتح تحقيق جديد في مصير الأطفال الذين فُقدوا في عهد الأسد. إلا أن التحقيق يعاني من ضعف في الموارد البشرية واللوجستية، حيث أوكلت المهمة إلى عدد محدود من المتطوعين لمراجعة آلاف الوثائق، ولم تصدر عنه أي نتائج حتى الآن.
بعد ذلك، زارت ريم دار أيتام أخرى معروفة باستقبالها فتياناً في عمر كريم. عرضت على هاتفها صورة ابنها على مديرة المؤسسة، فردّت المرأة بهزّة صامتة للرأس. امتلأت عينا ريم بالدموع – لحظة نادرة تنكسر فيها رباطة جأشها المعتادة.
* "الاختفاء القسري أقسى من خبر الموت"
* اللاجئون السوريون في بريطانيا: من يبقى ومن يرحل؟
أخيراً، زارت ريم منظمة "إس أوه إس" سوريا، التي كانت تديرها حتى وقت قريب سمر دعبول، ابنة أحد المقرّبين من الأسد. وقد نفت دعبول أن تكون صلات عائلتها بالعائلة الحاكمة قد أثّرت على عملها في المنظمة.
سألتها الموظفات عن تاريخ ميلاد كريم، لكن ريم أشارت إلى أن ذلك قد لا يكون مفيداً نظراً لتغيير السجلات في كثير من الحالات. وبدلاً من ذلك، طلبت أن ترى صوراً للأطفال الذين استقبلتهم "إس أوه إس"، لكن طلبها قوبل بالرفض بحجة حماية الخصوصية.
بعد بضعة أسابيع، وصلها بريد إلكتروني من المنظمة الدولية يقول إن المنظمة سترد على طلبها خلال ستة أشهر، ونصحتها بالتواصل مجددًا مع "إس أوه إس" سوريا – الجهة التي كانت قد زارتها بالفعل.
عدد من الأهالي الآخرين الذين تحدثنا إليهم أفادوا بأنهم لا يزالون بانتظار ردّ من المنظمة الدولية، رغم مرور شهور على تواصلهم معها.
وعندما سألنا بونوا بيو، الرئيس التنفيذي المؤقت لمنظمة قرى الأطفال الدولية، عن سبب وجود وثائق صادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية تشير إلى استمرار نقل الأطفال إلى "إس أوه إس" حتى عام 2022، أجاب بأن الفريق في فيينا "لم يكن على علم بذلك"، مضيفاً أن التحقيق الخارجي الذي أُطلق حول الأطفال الذين "تم إيداعهم قسراً في (إس أوه إس) يمكن أن يكشف الحقيقة"، وأن المنظمة ستأخذ هذه المعلومات بعين الاعتبار وستقوم بمتابعتها.
وأشرنا أيضاً إلى أن "إس أوه إس" لا تزال تعمل في دول أخرى تُتهم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. فأكد بيو أن التوجيه الرسمي من SOS الدولية لأعضائها هو:
"لا تقبلوا أطفالاً تم فصلهم عن ذويهم لأسباب غير شرعية".
وأضاف: "نحن نحرص على أن يكون قبول الأطفال في برامجنا متوافقاً مع المعايير الدولية".
Jess Kelly / BBCبينوا بيو، الرئيس التنفيذي المؤقت لمنظمة "إس أوه إس" الدولية، يصف حكومة الأسد بأنها "نظام إرهابي".
تحدّث أكثر من 50 موظفاً حالياً وسابقاً في منظمة "إس أوه إس"، من بينهم أربعة مسؤولين تنفيذيين كبار من المقر الرئيسي في فيينا، إلى بي بي سي وشركائها في التحقيق. وقد رسمت شهاداتهم صورة لمنظمة لم تتخذ خطوات كافية أو اتسمت بالبطء الشديد في الاستجابة للتحذيرات العديدة التي تلقتها من مُبلّغين بشأن قبول أطفال المعتقلين في سوريا ضمن دور الرعاية التابعة لها.
وقال أحد المديرين السابقين في "إس أوه إس" الدولية – والذي طلب، كما غيره، عدم الكشف عن هويته: "عندما أثارت (إس أوه إس) سوريا هذه القضايا مع المقر الرئيسي... لم يكن كبار التنفيذيين يريدون معرفة التفاصيل، وتهربوا من اتخاذ إجراءات ملموسة وتحمّل المسؤولية".
وقال موظف كبير آخر في المنظمة إن الضغط لمعالجة "قضايا الحماية ومواجهة الإخفاقات" كان يجب أن يأتي "من القاعدة إلى القمة".
وأضاف: "هناك الكثير من السياسات والإجراءات في (إس أوه إس) قرى الأطفال لحماية الأطفال، لكن لا يوجد موارد كافية على المستوى الدولي لمتابعة الالتزام بها أو فرضها".
وقال مدير سابق لإحدى دور الأيتام التابعة ل"إس أوه إس" سوريا إن قرارات قبول الأطفال كانت في بعض الحالات مرتبطة بأهداف التمويل: "معايير فرق الحماية والاستقبال ولمّ الشمل كانت ضعيفة. المنظمة الدولية كان لديها هدف رقمي يجب تحقيقه لإرضاء الجهات المانحة. وفي البداية، لم يحققوا الهدف، فبدأوا في استقبال أي طفل لتغطية الأعداد المطلوبة وضمان استمرار التمويل".
* رسائل من الغُربة: سوريون بين كسر حاجز الخوف وفقدان الأمان
وعلى عكس ريم، فقد تمكّنت أمامة غبيس من استعادة أطفالها لاحقاً. لكنها تقول إنها أمضت أول عامين من أصل ثلاث سنوات في السجن - بسبب عمل شقيقها في المجال الإنساني - دون أن تعرف أين ذهب أطفالها.
ابنتاها، ليلى (4 سنوات) وليان (8 سنوات)، تم نقلهما إلى "إس أوه إس" سوريا.
تقول أمامة إنها لا تستطيع أن تسامح الجمعية على ما مرّ به أطفالها، وهي تجارب تشبه ما رواه لنا أهالٍ آخرون ممن أُودع أطفالهم في رعاية "إس أوه إس".
Ghbeis family / BBCاحتضنت منظمة "إس أوه إس" سوريا ليلى وليان عندما كانتا في الرابعة والثامنة من العمر
تقول أمامة إن أقاربها حاولوا التواصل مع ابنتيها، لكن قيل لهم إن ذلك "ممنوع". وتضيف أن الطفلتين لم يُسمح لهما بالتحدث عن عائلتهما أو مشاهدة صورها. وتقول ليلى إنه في إحدى المرات، عندما كانت تفتقد عائلتها بشدة، أراها أحد موظفي "إس أوه إس" صوراً عبر فيسبوك - لكن هذا كان "ممنوعاً رسمياً".
وبعد لمّ الشمل مع والدتهما، أخبرت الطفلتان أمامة بأن الجمعية غيّرت اسميهما.
تقول أمامة: "قالت لي ليلى إنه إذا سألها أحد، فعليها أن تقول إن اسمها ليلى مصعب".
وأضافت أن ابنتها الأخرى أيضاً مُنحت اسماً أول مختلفاً.
"وكانوا ينادون ليان باسم ليال. ليال مصعب"، تقول أمامة.
ثم تضيف: "لا أعتقد أن هذا كان خطأ بريئاً".
وقد أكدت بي بي سي وشركاؤها في التحقيق أن اسم ليان ظهر بالفعل في وثائق صادرة عن الاستخبارات السورية على أنه ليال مصعب.
https://youtu.be/_LLNT9LOEyE?si=rnqSQ7tofWbULf6T
تم السماح للفتاتين بزيارة والدتهما في السجن بعد عامين من اعتقالها، وذلك استعداداً لإطلاق سراحها ضمن صفقة تبادل أسرى لم تكتمل لاحقاً. لكن بحلول ذلك الوقت، كانت ليان قد نسيت والدتها تماماً، حسب ما تقول أمامة، وتراجعت عند لقائهما.
"حتى حراس السجن بكوا حينها"، تخبرنا.
وعندما اجتمع شمل العائلة أخيراً، بعد ثلاث سنوات من الانفصال، كان البعد قد خلق فجوة بينهم، تضيف أمامة.
"كل واحد فينا كان قادماً من عالم مختلف".
تشعر أمامة بالغضب من الدور الذي لعبته "إس أوه إس" سوريا خلال السنوات الثلاث التي ابتعدت فيها عن بناتها. وتقول:
"أعلم أنها منظمة إنسانية، ممولة من الخارج. يعني إنها تملك نفوذاً. ليست منظمة أنشأها النظام. تورُّطها في اختفاء أبناء المعتقلين... لا يُغتفر".
أما بالنسبة لريم، فالبحث عن كريم لا يزال مستمراً. وكذلك الإحباط.
Jess Kelly / BBCلا تزال ريم تبحث عن ابنها، الذي كان سيبلغ من العمر الآن 15 عاماً
تقول ريم: "مرّت ستة أشهر منذ التحرير، ومع ذلك، لا يوجد حتى الآن طريق واضح أمام الأمهات للعثور على أطفالهن".
أما منظمة قرى الأطفال الدولية "إس أوه أس"، فعلى الرغم من انسحاب معظم مموليها من دعم فرعها في سوريا بعد انكشاف قضية احتجاز الأطفال، فقد قالت: "نهدف إلى إبقاء (إس أوه إس) سوريا، عاملة لسنوات عديدة قادمة، ونعمل على ضمان استمرارية الخدمات الأساسية للأطفال الموجودين حالياً تحت رعايتنا".
وأضافت أنها تجري تحقيقاً لمعرفة ما إذا كانت هناك أي علاقة غير رسمية بين المنظمة وأسماء الأسد، لكنها نفت وجود أي صلة رسمية.
وكانت سمر دعبول، الرئيسة السابقة لمجلس إدارة "إس أوه إس" سوريا، قد استقالت في مايو/أيار 2025. وقد نفت أن تكون صلات عائلتها بالعائلة الحاكمة قد أثّرت على عملها، وأكدت أن أسماء الأسد زارت "إس أوه إس" مرة واحدة فقط.
وشددت دعبول على أن عملها "كان دائماً يتسم بالنزاهة والمهنية، ويخدم مصلحة الطفل أولاً".
لم تردّ وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا على طلب فريق بي بي سي للتعليق.
وفي مايو/أيار، أعلنت الوزارة عن تشكيل لجنة وزارية مشتركة للتحقيق في ما حدث للأطفال خلال حكم عائلة الأسد.
أما عائلة الأسد، التي فرّت إلى روسيا بعد سقوط الحكم، فلم تردّ أيضاً على طلبنا للتعليق.
(شارك في التقرير: هاجر شفق وروزي غارثوايت)
"أطفال سوريا المسروقون" هو جزء من مشروع مشترك مع:
Lighthouse Reports، The Observer، Der Spiegel، SIRAJ، Trouw، وWomen Who Won the War
* تحقيق لبي بي سي يكشف عن شبكات خارجية تغذّي الطائفية وخطاب الكراهية في سوريا
* نشطاء سوريون يخشون الاعتقال والتضييق إن عادوا إلى سوريا
* ما مستقبل اقتصاد سوريا بعد سقوط نظام الأسد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.