أثار قرار المفوضية الأوروبية تجديد الاتفاق الفلاحي مع المغرب، ليشمل المنتجات القادمة من الصحراء المغربية، انقساما واضحا داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بين من يرى فيه خطوة ضرورية لحماية الشراكة الإستراتيجية مع الرباط، ومن يعتبره تجاوزا لصلاحيات البرلمان الأوروبي وتحديا للأحكام القضائية الأوروبية. وقال بيرند لانغ، رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي في تصريحات للصحافة، إن طريقة تعامل المفوضية مع هذا الملف تمثل "أسلوبا فاضحا في إدارة الشأن الأوروبي"، مضيفا أن "الاتفاق المرجعي الذي حُسِّن مؤخرا مع المفوضية كان يهدف إلى تفادي مثل هذه الحالات، ومع ذلك مضت المفوضية قدما وكررت الخطأ نفسه".
ويأتي هذا الجدل بعد أن سارعت المفوضية إلى تمرير الصيغة المعدلة من الاتفاق قبل انتهاء مهلة المحكمة العليا الأوروبية، لتشمل المنتجات الزراعية والسمكية من الأقاليم الجنوبية للمغرب بأسعار جمركية تفضيلية، في خطوة اعتبرها منتقدون "محاولة لتجاوز البرلمان والتفافا على قرار محكمة العدل الأوروبية" التي كانت قد ألغت النسخة السابقة من الاتفاق.
من جانبه، عبر النائب الإسباني فيسنت مارزا، عضو وفد العلاقات مع بلدان المغرب العربي، عن "إحباطه من الغموض غير المسبوق" الذي اتسم به مسار التفاوض، مشيرا إلى أن المفوضية "أبقت النواب في الظلام وامتنعت عن تزويدهم بالمعلومات الأساسية حول تفاصيل الاتفاق".
وتشير مصادر أوروبية إلى أن مجلس الاتحاد الأوروبي صادق على التطبيق المؤقت للاتفاق في 3 أكتوبر الجاري، بينما نُشر نص المقترح بعد ذلك بأيام على الموقع الرسمي للمفوضية، وهو ما فُهم على أنه محاولة لتسريع تمرير الاتفاق دون إشراك البرلمان بشكل فعلي.
وتعقد لجنة التجارة الأوروبية اجتماعا استثنائيا في ستراسبورغ لمناقشة هذه التطورات، في وقت يتزايد فيه الجدل داخل بروكسل حول مستقبل العلاقات مع المغرب، الشريك التجاري الأول للاتحاد في إفريقيا، وحول التوازن بين المصالح الاقتصادية واحترام قرارات القضاء الأوروبي.
ويرى مراقبون أن هذا الانقسام يعكس حساسية العلاقة بين الرباطوبروكسل في ضوء الملفات المتشابكة بين الجانبين، من التعاون الأمني والهجرة إلى التجارة والطاقة، خاصة في ظل تصاعد الدور الإقليمي للمغرب وشراكاته المتعددة خارج الإطار الأوروبي.