بعد عامين كاملين من جلسات الاستماع المطوّلة للمتهمين، والشهود والمصرحين، تدخل قضية ما بات يُعرف إعلامياً ب"إسكوبار الصحراء" اليوم مرحلة حاسمة، مع انطلاق مرافعات دفاع المتابعين في هذا الملف الثقيل، الذي يحاكم فيه القياديان السابقان بحزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري وعبد النبي البعيوي، إلى جانب عدد من المتهمين الآخرين. وخلال الجلسة، عرض دفاع المتهم بوفلجة وهو مقاول معطيات تتعلق بمسطرة استدعائه من طرف الفرقة الوطنية في نونبر 2023، على خلفية محضرين أنجزتهما الشرطة الولائية بوجدة سنة 2013، يتصلان بواقعة الضرب والجرح في حق أحد الأشخاص من طرف مجهولين.
وأوضح الدفاع أن موكله استُمع إليه حينها بخصوص الواقعة، غير أنه أكد أنه لم يشهد أي عملية تتعلق بالضرب أو الجرح، وأن ما صرح به كان بطلب من المتهم عبدالنبي بعيوي، الذي أدلى بدوره بصورة تخص المسمى عبد اللطيف موسى.
وشدد الدفاع على أن موكله لم يتلقَّ أي وعد أو مقابل من بعيوي للإدلاء بما اعتبر "شهادة زور"، وهو ما نفاه بعيوي بدوره، متسائلاً: "من أين استقى قاضي التحقيق صفة الظرف المشدد؟". وأكد أن موكله ليس محتاجاً ولا دافع لديه للجوء إلى شهادة الزور، إذ إنه ميسور الحال ومقاول معروف.
وأوضح الدفاع أن الركن المادي للجريمة غير قائم، خاصة أن جميع تصريحات موكله أمام الضابطة القضائية وقاضي التحقيق جاءت منسجمة وفي نفس الاتجاه، وأن القضية تعود إلى سنة 2013، أي أنها وفقه، ذات طابع جنحي طالَه التقادم بمرور أربع سنوات.
والتمس الدفاع سقوط الدعوى العمومية بالتقادم، واحتياطياً الحكم بعدم توافر الركن المادي، مع طلب تمتيع موكله بالسراح المؤقت.
وفي مرافعة لاحقة، تناول المحامي المسكيني، دفاع سعيد الناصري، ودفاع المتهم "خالد س"، محاسب بشركة عبد النبي بعيوي، والمتابع من أجل "جناية المشاركة في شهادة الزور" بخصوص ما اعتُبر "صنع ملف" للمسمى "عبد اللطيف م" شقيق طليقته سامية موسى في قضية أخرى كانت معروضة أمام محكمة وجدة، تتعلق بالضرب والجرح.
وطرح المسكيني سؤالاً محورياً: "هل الحقيقة هي ما توصلت إليه محاكم وجدة، أم ما يعرض اليوم هنا؟ وهل يمكن أن يشكل هذا الملف سبباً لإعادة النظر أو الطعن؟". وأكد أن موكله أنكر التهمة في مختلف مراحل البحث والتحقيق.
وبسط الدفاع وقائع القضية كما وردت في محاضر الاستماع، التي تضمنت تصريحات "حسن م"، الذي قال إن "خالد س" تواصل معه وطلب منه إحضار أشخاص للإدلاء بشهادات زور مقابل عشرة ملايين سنتيم، بهدف الانتقام من عبد اللطيف موسى بسبب خصومة بينهما.
غير أن المحامي تساءل عن منطقية هذا الادعاء، قائلاً: "كيف يعقل أن يلجأ المتهم إلى شخص تجمعه به خصومة، لتنفيذ خطة حساسة من هذا النوع؟".
وأشار إلى أن "حسن م" تراجع أمام قاضي التحقيق عن كل تصريحاته المدونة لدى الفرقة الوطنية، مؤكداً أنه تعرض لضغوط وتهديدات، وأنه تحدى الفرقة الوطنية بإحضار القرص المدمج الذي يتضمن تصريحاته، نافيا أي علاقة تربطه ب"خالد س"، أو أي اتفاق أو مبالغ مالية، بل أكد وجود عداوة بينهما.
وخلال الاستماع إليه في الجلسة، نفى "حسن م" مجدداً كل ما نُسب إليه في محاضر الاستماع، سواء ما ورد على لسانه أو على لسان عصام ورشيد، مؤكداً أيضاً أن عبدالنبي بعيوي لم يسبق أن تواصل معه يوماً بخصوص هذا الموضوع.
وأشار الدفاع إلى أن "الشك يُفسَّر لصالح المتهم"، وأن "خالد س" أنكر المنسوب إليه في جميع مراحل البحث، لافتاً إلى أن وقائع الضرب والجرح نفسها يشوبها اللبس.
وأوضح المتحدث نفسه أن زوجة عمّ عصام أكدت أن أسنانه الأمامية سقطت قبل أربعة أشهر من الواقعة، بينما أخبرها الأخير أن كسر قدمه ناتج عن سقوط عرضي وليس نتيجة اعتداء، كما أن الشهادة الطبية تحدثت عن كسر في الساق دون الإشارة إلى الأسنان.
وتساءل المحامي: "هل نحن أمام جنحة أم جناية؟"، مؤكداً أن الأمر يتعلق – في أقصى تقدير – بجنحة، وأن العقوبة التي حددها قاضي التحقيق، والتي تفوق عشر سنوات، غير سليمة من حيث التوصيف القانوني.
واعتبر الدفاع أن الحقيقة كما تظهر من الوقائع لا تستند إلى أساس مثين، وأن قاضي التحقيق لم يستمع إلى جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المحكمة الابتدائية، متسائلاً في ختام مداخلته: "هل يمكن اعتبار تصريحاته أمام الضابطة القضائية شهادة زور؟ مع العلم أن المشرع فرّق بوضوح بين التصريح والشهادة".
وفي الاخير قال المسكيني" نحن امام جريمة وقتية ومر بين ارتكاب الفعل على فرض صحته ازيد من عشر سنوات وبذلك تكون التهمة قد تقادمت باربع سنوات.
والتمس الإشهاد على أن "خالد س" أدلى بجميع الوثائق والحجج المؤيدة لمرافعته والتمس أساسا التصريح ببرائته من المنسوب إليه والدليل هو وجود عناصر تكوينية لشهادة زور واحتاطيا التصريح بسقوط الدعوى العمومية للتقادم.