لم تمر زيارة رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى إسبانيا دون ردود فعل قوية، فقد أثارت القمة التي جمعت بينه وبين رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في قصر لامونكلو بالعاصمة مدريد، مطلع دجنبر الجاري، موجة من الانتقادات من جانب الصحافة الإسبانية. الصحف ووسائل الإعلام انتقدت بشدة أسلوب عقد الاجتماع خلف أبواب مغلقة، وغياب أي شفافية أو تواصل مع الرأي العام، معتبرة أن هذا التصرف يشكل خرقا لمبادئ الديمقراطية وحق المواطنين في الاطلاع على تفاصيل السياسة الخارجية.
وشهد الاجتماع توقيع أربعة عشر اتفاقية تعاون في مجالات عدة، منها الاقتصاد والتجارة، والهجرة والأمن، والتحول الرقمي، والثقافة والرياضة والتعليم، إلا أن منع الصحفيين من تغطية تفاصيل القمة ومنع نشر محاضر رسمية صب مزيدا من الزيت على نار الجدل، إذ اعتبره المراقبون "لقاء في الظلام" يهدد مصداقية الإعلام ويضع المواطنين الإسبان في موقف المراقب العاجز عن محاسبة الحكومة.
الانتقادات تركزت على ما اعتبره الصحفيون تنازلات إسبانية أمام الرباط، خصوصا في القضايا الحساسة مثل الصحراء وإدارة الحدود مع سبتة ومليلية وملف الهجرة. بعض المقالات ذهبت بعيدا حتى أنها اعتبرت هذا النمط من التفاوض يعكس "ابتزازا دبلوماسيا" وتهديدا لاستقلالية القرار الوطني، ويضع إسبانيا في موقع تابع سياسي بدل أن تكون لاعبا مستقلا في شمال إفريقيا وأوروبا.
كما ربطت الصحافة هذا النهج بالانعكاسات المحتملة على استقرار الحكومة الائتلافية، خاصة مع وجود اعتراضات داخلية حول طريقة التفاوض السرية وسياسات المغرب المتعلقة بالصحراء، مما قد يزيد من الضغوط على سانشيز ويعمق الانقسامات الداخلية.
في خضم هذه الانتقادات، دعت وسائل الإعلام إلى إعادة فتح قنوات شفافة بين الحكومة والمواطنين، مؤكدة أن أي اتفاق ثنائي يجب عرضه على الرأي العام قبل اعتماده، حفاظا على الديمقراطية والمساءلة، وأن غياب الشفافية يعزز شعور عدم الثقة لدى الجمهور ويضعف الرقابة الإعلامية على القرارات السيادية.
بهذه المعطيات، تبدو زيارة أخنوش إلى مدريد نقطة فاصلة في العلاقات المغربية – الإسبانية، إذ لم تعد مجرد حدث دبلوماسي روتيني، بل أصبحت محور جدل حاد حول استقلالية القرار الإسباني وشفافية السياسة الخارجية، وسط تساؤلات عميقة حول حدود التفاوض بين الدول والشعوب.