يناقش المجلس الشعبي الوطني في الجزائر (الغرفة الأولى في البرلمان) مقترح قانون مثير للجدل حول سحب الجنسية، تقدم به النائب بالمجلس الشعبي الوطني هشام صفر، وذلك بعد محاولات سابقة بإقراره غير أنه تم التراجع عنها قبل أربع سنوات. وينتظر أن يناقَش هذا المقترح، يومي السبت والأحد المقبلين بحضور ممثلي الحكومة خاصة وزير العدل. وبعد أن تتم المصادقة عليه، سيتحول إلى نص قانوني يعرض على الغرفة الثانية للبرلمان (مجلس الأمة)، ليأخذ مساره الطبيعي في الاعتماد بعد نشره في الجريدة الرسمية.
ووفق النص المقترح، "سيصبح التجريد من الجنسية الجزائرية الأصلية، ممكنا، لكل جزائري يقيم خارج البلاد ويقوم بأفعال تضرّ بمصالح الدولة أو تهدد وحدتها الوطنية، أو يُظهر الولاء لدولة أخرى مع الإصرار على نبذ ولائه للجزائر، أو يقدم خدمات أو دعما لدولة أجنبية بقصد الإضرار بالمصالح الوطنية رغم إنذاره من قبل السلطات الجزائرية".
ويشمل التجريد أيضا كل "من يواصل التعامل مع قوات عسكرية أو أمنية أجنبية أو يقدم لها مساعدات رغم الإنذار، وكل من يتعامل مع دولة أو كيان معادٍ للجزائر، أو ينخرط في الخارج ضمن جماعة إرهابية أو تخريبية أو يموّلها أو يروّج لها بما يمسّ أمن الدولة"، كما "يمكن تطبيق نفس الإجراء على من اكتسب الجنسية الجزائرية إذا ارتكب الأفعال نفسها داخل التراب الوطني".
أما من حيث الإجراءات، فيتم التجريد من الجنسية الجزائرية بموجب مرسوم رئاسي يصدر بعد إنذار المعني بالتوقف عن الأفعال المنسوبة إليه في أجل لا يتعدى ستين يوما، مع تبليغه بالقرار بكل الوسائل القانونية الممكنة بما في ذلك النشر في الصحافة أو الإخطار الإلكتروني، وتمكينه من تقديم ملاحظاته ودفاعه.
هذا، ويعيد هذا النص هواجس كان قد أثارها مشروع مماثل تقدم به وزير العدل السابق بلقاسم زغماتي في مارس 2021، عندما طرح مشروع قانون يسمح بتجريد كل جزائري، حتى من جنسيته الأصلية، في حال ارتكب أفعالا خارج البلاد "تلحق ضررا جسيما بمصالح الدولة أو تمس بالوحدة الوطنية"، أو إذا انخرط في جماعات إرهابية أو تعامل مع دولة معادية.
ورغم تبرير الحكومة آنذاك بأن هذه الإجراءات تستند إلى ما تسمح به الاتفاقيات الدولية وتستهدف حماية أمن الدولة، إلا أن المشروع فجّر عاصفة من الانتقادات داخل الأوساط السياسية والحقوقية، التي رأت فيه توجها خطيرا قد يُستغل لتجريد المعارضين من جنسيتهم.
وكان من أبرز المنتقدين عبد العزيز رحابي، وزير الاتصال والسفير السابق، الذي وصف القانون بأنه "خارج الزمن" ويعكس "نزعة شمولية للنظام". وتوسعت دائرة الرفض لتشمل محامين وحقوقيين، حذروا من المساس بمبدأ المساواة بين المواطنين ومن خطر استخدام النص ضد منتقدي السلطة.
وبعد تلك الضجة، تدخل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في أبريل 2021 ليعلن سحب المشروع "نظرا لسوء الفهم الذي أحدثه"، معتبرا في حوار مع وسائل إعلامية محلية، أن الهدف من النص كان فقط "التصدي للأفعال التي تمس بأمن الدولة".