من زيارة الرئيس عبد المجيد تبون الى روسيا، حاول النظام العسكري الجزائري، أن ينفض عن نفسه غبار عزلة دولية طال أمدها، دون أن يفلح في ذلك. في سياق إقليمي تعيش فيه الجزائر "عزلة خانقة أمام تراجع أدوراها الإقليمية في العديد من الملفات"، زار عبد المجيد تبون، موسكو، بعد أن حالت رياح التوترات السياسية بين الجزائر وفرنسا دون استقبال تبون في باريس وفند الاستقبال الباهت الذي حظي به عبد المجيد تبون لدى وصوله إلى موسكو، مزاعم رئاسة الجمهورية الجزائرية التي اعتبرتها زيارة دولة تمت بدعوة من الرئيس الروسي، حيث لم يتبق أمام النظام العسكري الجزائري، في ظل "العزلة" الإقليمية المفروضة عليها إلا مسايرة تيار يميل إلى المهادنة واستعطاف مواقف من دول أوروبية تعيد الاعتبار للدبلوماسية المعطوبة، في ظل نجاحات المملكة في الترويج للأطروحة المغربية. التفوق الكبير للدبلوماسية المغربية في ملف الصحراء المغربية، و المكاسب التي تم تحقيقها في هذا الصدد، خاصة بعد موقف مدريد من نزاع الصحراء المغربية ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي، دفع النظام العسكري الجزائري الى سلك اتجاها يعيد فتح قنوات الاتصال مع روسيا وفرنسا والصين. الاستقبال الباهت للرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في موسكو، يكشف حدة الأزمة التي يعيشها النظام العسكري الجزائري في الآونة الأخيرة، والتي وصلت الى حد تضخم وهم الريادة الإقليمية لدى كابرانات قصر "المرادية"، وعلى رأسهم عبد المجيد تبون الذي لايتوانى في كل خرجة اعلامية له في ترديد خطابات نجحت المؤسسة العسكرية الحاكمة في تحويلها إلى مسكنات و"منومات" لشعب أهدرت حقوقه الأساسية بأسطوانة "العداء للمغرب". من جهة أخرى، خرجت روما بموقف قد يصدم صناع القرار في الجزائر، تشيد من خلاله بجهود المملكة المغربية في قضية الصحراء المغربية؛ وهو الذي يناقض تماما ما يدعيه أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، حول وجود "توافق في الرؤى في القضايا الإقليمية بين بلاده وروما". وعكس كابرانات الجزائر، يواصل المغرب تعزيز ريادته الدولية والإقليمية، كفاعل يدفع في اتجاه تسوية الأزمات بالطرق السلمية، والاسهام في إحلال السلم والأمن والاستقرار في القارة الافريقية، ولا أدل على ذلك، الاجتماعات الافريقية الكبيرة التي تحتضنها الرباط من حين الى آخر، كان أخرها الاجتماع الأول لدول المنطقة الأطلسية، فضلا عن المصداقية التي تتمتع بها الدبلوماسية المغربية في افريقيا منذ عودة المملكة الى حظيرة الاتحاد الافريقي، ونجاحها في تحقيق اجتماع على عدالة القضية الوطنية الأولى للمغرب. كما أن الجزائر نظام منبوذ من طرف الشعب الجزائري، الذي يعيش الويلات، دون اغفال استمرار النظام في تكثيف حملات قمع النشطاء الحقوقيين في جمهورية القبائل، و كذا استهداف النشطاء والصحفيين و المدونين، والمعارضين. ان الجزائر نظام لا يأتي منه سوى الشر، بدليل مواصلة استفزاز المغرب، و الذي وصل الى حد إحداث قطيعة دبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين؛ وإغلاق المجالات الجوية إلى زيادة المراقبة العسكرية في الحدود، وبالتالي جر المنطقة إلى "مغامرة" غير محسوبة العواقب. و دأب النظام العسكري الجزائري، طوال عقود من الزمن، على "إشعال" فتيل الأزمات الدبلوماسية مع الرباط بسبب الصحراء، والتي سرعان ما كانت تخبو مع مرور الأحداث، لتطفو على السطح آمال "وحدة" مغاربية سرعان ما تتبدد مع الرفض الجزائري، واستمرار الكابرانات في نفث سم العداء تجاه المملكة من بوابة دعم عصابات جبهة البوليساريو الانفصالية.