سارق الدراجة فيلم إيطالي أخرجه الإيطالي "فيتوريو دي سيكاVittorio De Sika" عام 1948. يتحدث عن رجل فقير يبحث في شوارع روما عن سارق دراجته، التي هو في أمس الحاجة إليها للقيام بعمله. الفيلم مقتبس من رواية للكاتب الإيطالي "لويجي بارتوليني Luigi Bartolini" و تحمل نفس الاسم. قام ببطولة هذا الفيلم الممثل الإيطالي "لامبيرتو ماجورانيLamberto Majorani " بدور الأب، و "إينزو ستايولEnzo Staiola " بدور الإبن. إحتل الفيلم مرتبة أفضل إنتاج عالمي لمدة لاتقل عن ثماني سنوات على التوالي إلى أن جاء فيلم " المواطن كين Cytizen Ken" ليأخذ المرتبة الأولى . لكن هدا لايلغي القيمة الفنية والاجتماعية التي يحملها فيلم دي سيكا في ثناياه. الفيلم ينتمي لمدرسة " الواقعية الجديدة " المصطلح الذي أطلق على الحركة السينمائية التي كانت الحرب العالمية الثانية مهدا لها لتشق طريقها بعدها والتي تعتمد على مبدأ النقل المباشر للواقع الذي تعيشه الفئات المضطهدة والفقيرة في المجتمع. تنفرد الواقعية الجديدة بميزتين أساسيتين هما التصوير الخارجي للأماكن بشكل يوحي لنا بأن ما نحن بصدده عبارة عن فيلم تسجلي ( وثائقي ) والميزة الثانية هي كون الشخصيات الرئيسية أناس عاديين جدا, فمثلا بطل فيلم " سارق الدراجة " يعمل في مصنع في الواقع كما أنها تعتبر و تؤمن بأن الأبطال المناسبين لهذا النوع من الأفلام هم هؤلاء البسطاء و ليس ضروريا أن يكون البطل دائما هو الرابح في نهاية المطاف. بطل هذا الفيلم،عامل عاطل، يجد بصعوبة، تحبس الأنفاس، على وظيفة بسيطة في ضواحي روما بشرط أن يملك دراجة هوائية والتي كان يملكها، ولكنها مرهونة في واحد من دكاكين “الرهن” ، ولكي يسترد دراجته يضطر أن يرهن “أغطية السرير” الوظيفة المتواضعة و وسيلة النقل الرخيصة هذه هي الفكرة ) و يقال انه من أفكار بسيطة بنيت معظم الأفلام العظيمة( . قصة محزنة، محبوكة في قالب درامي فيها من الانفعال الدرامي، والشعري ما يخلق لدى المساعد نوعا من الإحباط وخيبة أمل، لاسيما بعد استلامه للوصيفة و تسرق منه دراجته في أول يوم له في العمل كعامل ملصقات، وهنا حرص المخرج على تكريم الممثلة الأمريكية » مارلين مونرو«Marlin Monroe التي دأب السينمائيون بهوليود على مقاطعتها لأنها شاركت في أحد الأفلام التي تنتمي للمدرسة الواقعية من خلال لقطة كان فيها البطل يعلق ملصقا به صورة لها , قد يعتبر البعض هذا الفعل جد عادي بسبب الملاحظة العادية التي تتملكاهم طيلة الفيلم. تكمن بساطة الفيلم في بساطة الفكرة التي تجعل كل من يشاهده يخوض غمار البحث عن الدراجة المسروقة وهنا تجدر الإشارة إلى الدور الذي لعبته شوارع روما المزدحمة بالدراجات الأمر الذي يصعب عملية البحث عن الدراجة, كما أن مصور الفيلم “كارلو مونتوري” كان صادقا في نقل واقع ما بعد الحرب والدمار الذي تركته في نفسية المجتمع من خلال الواجهة العامة لهذا المجتمع الذي تجد فيه كل الناس يبحثون عن مواقعهم فيه. نجح دي سيكا في الانتقال من القيمة المادية الفيزيائية المجردة من الأحاسيس للدراجة إلى القيمة الفنية وجعل منها أيقونة تدورا لأحداث و تتمحور حولها في محاولة من الخرج للتعريف بمجتمع يتخبط في اليأس و البطالة ويعاني من العقد النفسية و انحلال الأخلاق, و يظهر هذا من خلال إدراج » تيمة الشوافة والشعوذة « التي ما كنت أتوقع أن أراها في مجتمع غربي وهذا راجع إلى أن لا أحد يهتم بالدين والتوجه المقابل هو الخرافات و الخزعبلات ولعبت الأحداث التي دارت في الكنيسة دورا مهما في إبراز هذا, إذ أن البطل رغم تواجده بكنيسة ونعرف أن لها أخلاقيات يجب التقيد بها لم يكن يشغله سوى البحث عن خيط يربط به بين أحداث السرقة للوصول إلى دراجته . أخيرا يصنف الشريط من الانتاجات القيمة و الجوهرية في المدرسة الواقعية خاصة و السينما العالمية بشكل عام, وقد حصد العديد من الجوائز و أهمها أسكار فخرية نالها المخرج عن عمله البسيط و القيم في نفس الوقت. إعداد: مجاهد محمد خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة