الشبيبة التجمعية تدعم مشروعية مطالب الشباب وتطالب بالتسريع لإخراج المجلس الاستشاري للشباب    "الوسيط" يفتح نقاش خدمات الصحة    مؤشرات بورصة الدار البيضاء ترتفع    إسرائيل تعترض آخر سفينة متجهة لغزة    ترامب: سنحصل على غزة إضافة إلى سلام شامل في المنطقة    قرصنة لوحات توقف ثلاثة أشخاص    حكيم بلعباس يرأس لجنة لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بالمهرجان الوطني للفيلم    مهرجان الفيلم المغاربي بوجدة: "من شاشة السينما تبنى الجسور وتروى القضايا" عنوان ندوة محورية    إلغاء حفلات وتوقف إصدارات .. احتجاجات "جيل زد" تربك المشهد الفني    مهرجان السينما في هولندا يكرّم ناجي العلي وينتصر لذاكرة شعوب المنطقة    "لافاش" جديد فرقة مسرح الحال    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    رسالة إلى توكل كرمان ومن معها.. المغرب أقوى من تحريضكم ودروس الخراب لن تجد مكاناً هنا    تصفيات كأس العالم.. بيلينغهام يغيب مجددا عن قائمة إنجلترا لمواجهة منتخب بلاد الغال    صافرة تمسماني تضبط مباراة الرجاء والمغرب الفاسي    "همم" تطالب بتحقيق عاجل حول مقتل ثلاثة مواطنين بالرصاص في القليعة    المغرب يوقع على تبادل الرسائل المعدلة للاتفاق الفلاحي مع الاتحاد الأوروبي    تحت ضغط "حراك المستشفيات" واحتجاجات "جيل زد".. الحكومة تتحرك ببطء وتصادق على مراسيم جديدة تخص القطاع الصحي    طقس الجمعة.. حرارة مرتفعة جنوب المملكة ورياح قوية مع كتل ضبابية شمالا        272 موقوفا في احتجاجات "جيل زد" واستمرار المحاكمات وسط دعوات بالإفراج عن الموقوفين    رصد 15 طائرة مسيرة فوق منطقة عسكرية في بلجيكا يثير قلق السلطات    حركة "genz212" تدعو إلى حملة تنظيف يوم السبت تعبيرا عن السلمية وتحمل المسؤولية    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو لضمان الحق في التظاهر السلمي ويطالب بالتحقيق في أحداث القليعة    بعد رد الفيفا.. اليويفا يوضح موقفه من تعليق عضوية إسرائيل    بطولة إيطاليا: اختبار ناري جديد لميلان في ضيافة غريمه يوفنتوس    المقاولات المغربية الأكثر تعرضا للهجمات الإلكترونية في إفريقيا حسب "كاسبرسكي"    اللجنة الوطنية للاستثمارات تصادق على 12 مشروعا بأزيد من 45 مليار درهم        من التضليل إلى الاختراق.. أبعاد الحرب الإلكترونية على المغرب    قبضة الأمن تضع حداً للشغب وتلاحق المتورطين    ذهبية للمغرب في "بارا ألعاب القوى"    الإعصار بوالوي في فيتنام يخلف أضراراً مادية وبشرية كبيرة    حمد الله يعود إلى قائمة المنتخب    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    حركة شباب Z يرفعون وثيقة شعبية إلى الملك تطالب بإقالة حكومة أخنوش ومحاسبة المفسدين                            بطاريات السيارات.. شركة "BTR" تبدأ رسميا بناء مصنعها في طنجة    بورصة البيضاء تنهي التداولات بالأخضر    وضعية التجارة الخارجية في المغرب    الركراكي.. سايس واستمرار غياب زياش    دار الشعر بتطوان تطلق ملتقى القصيدة المتوسطية من فضاء المدينة العتيقة        إيلون ماسك يقترب من بلوغ عتبة أول تريليونير في العالم    تيزنيت، بيوكرى، القليعة،ايت عميرة.. بؤر البؤس التي صنعت الانفجار الاجتماعي    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بانورما : «شمس الربيع» للطيف لحلو 1969 أو ثنائية الحلم والخيبة

سبق أن حاولنا الاقتراب من الفيلموغرافيا المغربية على مدى الخمسين سنة الماضية من موقع تركيبي وموضوعاتي به الكثير من الاختزال، لكن كثيرا من الصدق في الرؤية لذاتنا السينمائية (1) . سنعمل الآن على استنطاق مجموعة من الأفلام وفرها المركز السينمائي المغربي على شكل «دي . في. دي » في خطوة تاريخية وفنية تسجل له.خطوة كثيرا ما انتظرها العديد من الفاعلين السينمائيين لتكون بمثابة حفاظ على الذاكرة الجماعية، ومرجعا أساسيا لحاضر المغرب السينمائي ومستقبله.
المكون الفني والأسلوبي
من حيث الجانب الأسلوبي والسينمائي أظن أن سيادة الثقافة الإخراجية المتأثرة بالواقعية الإيطالية تركت بصمتها على سينما العالم وقتئذ.كما أن سيادة العنصر المسرحي سواء في سرد القصة أو تصوير المشاهد ظل ملحوظا بل أضفى على العمل طابعا تلفزيونيا .فهناك العديد من اللقطات الواصفة للفضاء الرحب الذي تتحرك فيه الشخوص وهي إما لقطات غاطسة أو مصاحبة أو ثابتة لشوارع البيضاء.وغالبا ما تتميز هاته اللقطات بالطول والإيقاع البطيء بالرغم من تنوعها ،والذي لا شك أنها كانت جزءا من ثقافة المرحلة ووفاء لقيم البداوة الرتيبة وغير المستعجلة.
الشريط الصوتي للفيلم استطاع إلى حد ما أن يرصد من خلال هاته الثنائية تقديم الخلفية الصوتية للمكاتب بضرب مفاتيح الآلات الكاتبة، ومزامير السيارات ومحركات الدراجات النارية التي ظلت كلازمة صوتية تذكر بأجواء المدينة والفضاء المغلق الذي وجد فيه البطل حميدو نفسه، ومن جهة أخرى خلفيات صوتية أخرى خاصة بوقت الراحة والقرية كصوت انصباب الشاي من البراد وهي عديدة، والطيور وصياح الديكة.
أبرز الفيلم الموسيقى المصاحبة كحاملة لمشاعر أمة بحالها وشخصيات رجولية كانت تستمع لأم كلثوم بمضامين أغانيها الغارقة في المناداة والحرمان والخطاب العشقي المأزوم ولجيمس براون ، وتحدوها الرغبة الجامحة في التحرر لمعانقة الأنثى.سيوظف غناء أم كلثوم هذا أولا، لخلق نوع من الانسياب السردي. وثانيا،كرابط سمعي يسمح بالانتقال من مشهد لآخر. ثالثا،كخلفية سينمائية ذات مرجعية مصرية،ورابعا لإرضاء مشاهد نمطي يجد نفسه من خلال أيقونة موسيقية مثلت دورها أم كلثوم كنجم جماهيري بامتياز دون أن يوجد أي حرج في توظيف موسيقى غربية ذات إيقاع وطابع خاص، وكأن الفيلم يرتب قيم العروبة والمشاعر العربية إلى جانب ثقافة الآخر بكل استسهال.وهو ما يبرز أيضا ومنذ ذلك الحين، قدرة المغربي على التأقلم وسط كم هائل من الثقافات المتقاربة حينا والمتباعدة حينا آخر.
وبما أن الفيلم كان يرصد عالم البطل كمفهوم تراجيدي وكمحور يتمحور حوله الحدث وتعود له مهام تقديم العوالم المشكلة للفيلم من ديكور وأحداث وشخوص، فالكاميرا عليها إذن أن ترصده ليظل هو الرابط السردي والتقني في حركات الكاميرا ونوعية كادراتها.يظل البطل في ذهن المشاهد ولا يغيب ولو لحظة .بل إن جل لحظات التأطير والمشاهد يكون البطل هو محددها وهو يعادل باقي الإكسسوارات وباقي النجوم. وتعطيه الكاميرا كامل الوقت في لقطات مسترسلة يغيب عنها التقطيع تماشيا مع فلسفة الواقعية في احترام وحدة المكان وأفعال الممثلين. فهو حين يأكل ننتظر طويلا حتى يأكل، وحين ينتظر الحافلة التي تقل حبيبته ننتظر حتى تحل الحافلة وتغادر.
لذا يمكن القول أن الفيلم حسب منظورنا عانى من التمطيط والتكرار وكأن على المشاهد أن يبقى منبهرا أما جبروت الصورة في نقل العالم بنوع من الحبور السحري.وبالرغم من سيادة اللقطات البعيدة وقلة اللقطات القريبة من الوجوه كطاقة تعبيرية إلا استثناء واحدا لوجه نزهة الركراكي، فالفيلم لم يخل من بعض اللقطات الجميلة والمعبرة المذكرة بالأفلام الاجتماعية بالأبيض والأسود لدي سيكا، والأفلام البوليسية التي مثلت فيها غريتا غاربو كلقطة وقوف البطل وخلفه بنك المغرب كبناية شاهقة، أو مروره بالبناية حيث يعمل وتلك السواري الإسمنتية الضخمة التي أبرزت تقزمه كفرد،أو تلك التي ظهر فيها البطل وسط ركام هائل من الأرشيفات التي حولته إلى موظف مسلوب الإرادة وتحت رحمة ماكينة إدارية لا ترحم تذكر بفيلم المحاكمة لأورسون ويلز.
خلاصة تركيبية
صحيح أن فيلم «شمس الربيع» لم يستطع أن يخلق لنفسه تصورا موازيا لعالم الأدب بنحت لغة سينمائية لن نحاكمها بالراهن والهنا، ولكنها في مجملها ظلت حبيسة أفق ضيق يتناوب على الحوار والسرد الشفهي،وأحيانا على اللقطات الواصفة الوفية والقريبة من الأدب المعتمد على تقديم شخوص تتحدث عوض شخصيات تفعل.شخصيات بمثابة بوق لأفكار ومفاهيم تقدم وعظا، وتناقش قضايا بكثير من التقريرية والإنشائية المموهة بالوعظ الأخلاقي حول صورة الزوجة المثالية والواجب الأسري، وصورة الزوج المثالي إلى غير ذلك من ملامح النقاش العمومي والشعبي الذي كان يسود الطبقات المغربية بتنوع مراتبها وخلفياتها.
خلا الفيلم من توظيف اللقطات ذات الخلفية الرمزية المستفيدة من المونتاج والإضاءة مثلا.كما أن روح التقابل بين الخارج والداخل أدخلته في نوع من الانتقال الميكانيكي من لقطات محدودة في الزمان والمكان إلى لقطات تتسم بنوع من العفوية والفرجوية لغياب كومبارس ومتابعة المارة لعملية التصوير.هذا الشيء أضفى على الفيلم طابع التوثيق في مشاهده الخارجية.لكنه لم يسقط على الأقل في فخ النهاية السعيدة وفضل أن ينقل من خلال لقطة ركوب خطيبة البطل بسيارة فخمة كيف أن الطموح البرجوازي للطبقات الاجتماعية المشكلة من صغار الموظفين والإداريين كفئة جديدة والمجسدة من طرف النساء ظل حاضرا ومعبرا عن واقع الخيبة والمرارة التي حالت دون تحقيق البطل للفوز بحبيبته.ومن ثمة،تم تعميق ذلك الإحساس بالغربة في مدينة لا ترحم بالرغم من جاذبيتها وإغراءاتها الجميلة والمستحيلة، وبالتالي دفع بالبطل للإحساس بالتمزق بين عالمين عالم المدينة الذي يسحقه لكن يجب الاستمرار فيه، وعالم القرية الذي لا يمكنه العودة إليه.
نقول أن أفلامنا المغربية كانت دائما بها تلك النزعة الدائمة نحو التشاؤم والضعف أمام قهر الواقع بحيث أظهرت العديد من النماذج الإنسانية التي إما ظلت تعذب نفسها أو من حولها متوجسة وخائفة وغير قادرة على الفعل. انها تحمل باستمرار طابعها المأساوي وهي بذلك تصلح لتكون بمثابة شهادة اثنولوجية وسيكولجية عن وعينا الجمعي كمغاربة .
1 السينما المغربية : 50 سنة عزالدين الوافي الإتحاد الاشتراكي عدد 9053 /2008 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.