أمير المؤمنين يترأس اليوم بالرباط حفلا دينيا بمناسبة الذكرى ال27 لوفاة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني    الاستقلال يدعو إلى تسريع إصلاح الصحة ويشجب انفلاتات الاحتجاجات                    الركراكي يستدعي 26 لاعبا لمباراتي البحرين والكونغو        وهبي بعد التأهل: نؤمن بإمكانياتنا ونسعى لكتابة التاريخ في مونديال الشيلي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء سلبي    أسفي…إحباط محاولة لتهريب المخدرات وحجز أربعة أطنان و725 كيلوغراما من مخدر الشيرا    كيوسك الخميس | التهراوي يستدعي النقابات الصحية للحوار    تأهل تاريخي لأشبال الأطلس إلى ثمن نهائي المونديال على حساب البرازيل    التأكيد ‬على ‬الإنصات ‬للمطالب ‬الاجتماعية ‬وتفهمها ‬والاستعداد ‬للتجاوب ‬الإيجابي ‬معها    قتلى وإصابات خلال محاولة اقتحام مركز للدرك بالقليعة ضواحي إنزكان    متابعة حوالي 193 شخصا على إثر مظاهر العنف والتخريب ببعض مدن المملكة    وزارة الداخلية تكشف بالأرقام: احتجاجات جيل Z تنزلق إلى العنف وتخريب الممتلكات    إسبانيا تستدعي القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد بعد اعتراض قوات البحرية الإسرائيلية لأسطول الصمود    المخطط الخفي: كيف توظف المخابرات الجزائرية الفضاء الرقمي لزعزعة استقرار المغرب؟    إنريكي: "حكيمي ومينديز أفضل ظهيرين في العالم"    دوري أبطال أوروبا.. الصيباري يدرك التعادل لآيندهوفن أمام ليفركوزن (1-1)    المندوبية السامية للتخطيط: انخفاض أسعار الواردات والصادرات في الفصل الثاني من 2025    تيزنيت، بيوكرى، القليعة،ايت عميرة.. بؤر البؤس التي صنعت الانفجار الاجتماعي        إسرائيل تمهد لترحيل "نشطاء الصمود"    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس بالمغرب            مونديال الشباب: المنتخب المغربي إلى ثمن النهائي بانتصاره على البرازيل    النيابة العامة تهدد مثيري الشغب والمخربين بعقوبات تتراوح بين 20 سنة سجناً والسجن المؤبد    قطر ترحّب بمرسوم الرئيس الأمريكي    الاحتلال الإسرائيلي يعترض "أسطول الصمود" وتركيا تصف الحادث ب"العمل الإرهابي"        السؤالان: من صاحب المبادرة؟ وما دلالة التوقيت؟    ليلى بنعلي: الهيدروجين الأخضر رهان واعد تعول عليه المملكة لتحقيق انتقال طاقي مستدام    بلاغ‮ ‬الأغلبية‮: ‬حكومة في‮ ‬مغرب‮ «حليبي»!‬    صادرات الفوسفاط تصل إلى 64,98 مليار درهم بنمو 21,1%    قرصنة المكالمات الهاتفية تطيح بصيني بمطار محمد الخامس    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    لوفيغارو الفرنسية: السفر إلى المغرب لم يكن يوما بهذه السرعة والسهولة    ترامب يمهل حماس 4 أيام للرد على خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة    تفجير انتحاري يخلف قتلى بباكستان    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    حقوق الإنسان عند الله وعند النسخ الرديئة للإله..    الولايات المتحدة تدخل رسميا في حالة شلل فدرالي    الخطابي في المنفى من منظور روائي.. أنثروبولوجيا وتصوف وديكولونيالية    حقيقة الجزء الخامس من "بابا علي"    "الباريار" يبث الأمل في سجناء    حول الدورة 18 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن سمفونية حياة إسمها عبد الجبار السحيمي

الرجل الذي غاص اليوم في «صمته» عميقا... الرجل الذي تلفف بخيوط شرنقة كثيفة ... الرجل الذي انسل منسحبا من «الكراسي» حولنا إلى التمدد في محبتنا له. ذلك الرجل، هو من ملأ حياته، بلا دوي، بالوقوف هادئا في مواجهة الصخب... صخب البحر يعارك موجه ليلا و نهارا...صخب السياسة ينفر منه سرا و جهارا... صخب الصحافة يلطفه إذا شاء أو ينفثه شرارا... صخب الأدب يحوله لحنا يدمع الأحاسيس مرات أو يعلن النفير في الحماس للأمل مرارا.
إنه الجمع في صيغة مفرد، فريد، و ليس أحدا غيره... العلم عبد الجبار السحيمي أو كما في اللغة الحسية للهنود الحمر» الرجل الذي حمل أحزاننا على ظهره،» حين يقول الواحد منهم عن الآخر: الصديق.
الأديب، مهندس الخيال، كاتب «القصة القصيرة» التي تحولت لديه إلى القصة العميقة، الدسمة، السميكة، «العريضة» الصارخة -بحقنا- في تليين «المستحيل» و انتزاع «الممكن» منه. و قد كتب ممكنه منها و ليس غزيره، بما أنتج نوعا شامخا في جغرافية الأدب المغربي، يقف على «رقعة» محدودة الكم... كما هو أصلا في «عقيدة» حياته... لا يزاحم أحد على « مساحة» و لا على « تفاحة». يكفيه ما يتواجد فيه و عليه لكي ينسج بأنوال الكتابة المغربية ... نسيجه المميز.
يتميز بأنه متعدد المميزات. و لا فرق بين مميزاته. فعاليته النوعية في حزب الاستقلال أنه يعترض و لا يعارض، يقول و لا يتحدث، يواكب و لا يساير... ينضبط ولا يخضع. ضمير لا يدعي الحكمة، رافض لا يدعي الثورة. استقلالي خام، وفّي للمؤسس الزعيم الوطني و المفكر الفذ علال الفاسي... وفيّ للعقيدة، للقسم و للنشيد... بقدر وفائه للاستقلالية في التفكير و التعبير و بقدر حرصه على استنباط تطرق الحد الأدنى من أقصى الاعتدال في التعاطي مع الشأن السياسي العام، الذي كان « يعترف» أنه « لا يفهمه». مفضلا أن « يحتل» موقعا نوعيا في القيادة «المعنوية» للحزب... تلك التي تتنفس عبق تاريخ كفاحي، مشترك، كبحت تمدده تضاريس نتأت في جغرافية السياسة. و لذلك كان له موقعه المميز في ساحات «العمل» المشترك بين فصائل الحركة الوطنية و الديمقراطية المغربية، من نوع اتحاد كتاب المغرب... و الأهم...الأهم أنه كان فاعلا في تأسيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، و كان لي شرف أن أكون في «الخلية» الأولى التي عهد لها بالتفكير في إمكانية تجميع «الجهد» الحقوقي الوطني في حركة واحدة... و كنا نجتمع في جريدة العلم بمبادرة من عبد الجبار السحيمي.
نفس عبد الجبار الذي كان يمدني بجريدة « 23 مارس» التي كانت تصل من باريس إلى العلم و يطلع عليها الأستاذ و الأخ الأكبر محمد العربي المساري ليوجهها نحوي ... و تلك واحدة من التواطؤات التي تعج بها العلاقة الإستثنائية بين العربي و عبد الجبار ... في حالتي « تواطئا» على ضمي للعمل في جريدة حزب الاستقلال سنوات 76 - 77 و 78 وهما يعرفان أني معتقل سياسي سابق من حركة 23 مارس الماركسية - اللينينية « تعادي» الحزب أصلا و فعلا... و أبدا لم يتحدث أحد منهما أمامي عن مناقب الحزب و مزاياه و ... بل اقترح علي مرة العزيز عبد الجبار أن أختفي في بيته «الذي لن تجرؤ الشرطة على تفتيشه» كما قال لي ساعة توصلت باستدعاء من شرطة الاستعلامات العامة بالرباط في واحد من أيام 1977 . و كنت قد أجبته بأن الاستدعاء الأزرق اللون لا يفيد بأن وراءه مكروها... أيامها «المصالح الخاصة» لا تستقبل الاستدعاءات الزرقاء لاعتقال الناس... تستعمل « الفاركونيت» كما في أروع ما كتب عبد الجبار السحيمي سنة 1973 .
انصهاره في صوغ تاريخ، ما فوق و ما وراء صفحات -جريدة العلم- ميزة بطعم النقش على جدران الذاكرة الوطنية. لنقل إن إدارته لجريدة العلم، حاليا، و هي تحصيل لمستحق، ليست هي أبرز ما ستحفظ له الجريدة / الرمز في الصحافة المغربية»... منجزاته في سجلها الصحافي عامة و في الثقافي منه خاصة و في المشترك ما بين الثقافي و السياسي و على امتداد أزيد من أربعة عقود... منجزاته غزيرة، كثيفة و متنوعة. بحيث تشكل لوحدها بكمها و نوعها «العلم» أخرى... و يكفي أن نستحضر منها اليوم إشرافه على «الملحق الثقافي» سنوات جزر الحركة التقدمية المغربية الذي لم يتقيد قط بالاعتبارات الحزبية، إن سلبا أو إيجابا، في إنتاج إبداع مغربي غني، مفعم بنبض الحياة المغربية، و معبر عن ما اعتراها من آلام و تولد فيها من آمال... و أبرز الأسماء المرتبطة بذلك الإنتاج و بذلك الرصيد المعنوي للوطن هي اليوم أكثرها من غير حزب الاستقلال، مناجم إبداع و نجوم متألقة«... أول ما أشعت و أدركها الضوء... في « الملحق» الذي أشرف عليه عزيزنا المتألق عبد الجبار السحيمي.
له أن يختار الإصغاء لذاته... أن يعزل ذاته عن موضوعها... غير أن الصمت لن يمتصه ... ما أنجزه ينشده كل يوم و يذكره، بل ويغنيه و يتصاعد في تناغم مع صخب حياة اسمها عبد الجبار السحيمي... هي أصلا في مبناه و معناه تشكلت و نمت ضد الصمت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.