أعلن وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد في خرجة إعلامية موجهة لاستمالة الباطرونا وكبار الموظفين وذوي الأجور العليا، أن الحكومة ستضع عند نهاية العام الجاري حدا لضريبة التضامن الاجتماعي التي استحدثت في 2013 ، والتي كانت تقتطع في إطار ما يعرف ب «رسم المساهمة الاجتماعية للتضامن». الخرجة الإعلامية لوزير المالية صنفها المراقبون في خانة الترويج الانتخابوي الضيق لتدبير ضريبي كان من المقرر أن يبلغ أجله القانوني عند متم السنة المالية 2015 ، لأن الأمر لا يعدو أن يكون تحصيل حاصل. وفي هذا السياق قال الخبير الاقتصادي عزيز لحلو إن ما صرح به بوسعيد بخصوص الضريبة على التضامن، خروج إعلامي مرتبك يدخل في باب الديماغوجية والشعبوية الضيقة ، خصوصا وأنه يأتي على مسافة زمنية قريبة من الانتخابات، ويأتي لاستمالة تعاطف الباطرونا وذوي الرواتب العليا، مضيفا أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب كان أول من أقام الدنيا ولم يقعدها حين تم استحداث هذا الرسم الضريبي. وأضاف لحلو أن كلام بوسعيد حول « مواصلة إصلاح الضريبة على القيمة المضافة لمعالجة إشكالية تأخر الاسترجاع الضريبي، وتوفير 7 ملايير درهم لفائدة 87 مقاولة»، هو مغازلة علنية للباطرونا على حساب الفئات المستضعفة التي تدعي الحكومة أنها جاءت لمؤازرتها. من جهته، أكد مصدر مقرب من وزارة الاقتصاد والمالية، أن رسم المساهمة الاجتماعية للتضامن المفروض على الشركات الكبرى والأجور العليا مكن حتى الآن من ضخ أزيد من 6 ملايير درهم في «صندوق دعم التماسك الاجتماعي« «، وأن الهدف من هذه الضريبة في الأصل كان موجها لدعم الشرائح الاجتماعية المعوزة، ولا سيما من خلال المساهمة في تمويل النفقات المتعلقة بتنفيذ نظام راميد، وتقديم المساعدة للأشخاص في وضعية إعاقة، وتحسين ظروف تمدرس الأطفال من خلال برنامج «تيسير». غير أن الحكومة التي أعلن وزيرها في الاقتصاد والمالية أنها «تلتزم» بوقف الاقتطاعات الموجهة لهذه الضريبة التضامنية، لم تلتزم بالقدر نفسه بالوعود التي قطعتها على نفسها حين استحداثها «صندوق دعم التماسك الاجتماعي» ، حيث ما زالت جميع الفئات المعوزة التي أنشئ من أجلها هذا الصندوق تعاني من الهشاشة نفسها قبل إحداثه ، وحيث مازال مئات الآلاف من المعوزين في المغرب لم يتوصلوا بأي درهم من الدعم المباشر الذي تعدهم به الحكومة منذ مجيئها وتبشر به كلما اقترب موعد انتخابي، علما بأنها لم تحدث إلى حدود الساعة أي آلية أو إطار قانوني لتصريف هذا الدعم المباشر المزعوم. التقاعس الحكومي في الالتزام بملف المعاقين دفع بكل من المجلس الوطني لحقوق الانسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي الى تنبيه الحكومة لضرورة الالتفات لهذه الشريحة، إذ أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتخصيص آلية لتمويل المبادرات الموجّهة لتحسين شروط الحياة بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة، ولمحاربة استغلالهم في التسوّل وفي الأنشطة المهينة، وذلك بتفعيل الجانب المتعلق بهذه الفئة الهشة ضمن صندوق دعم التماسك الاجتماعي ، المحدَث في إطار قانون المالية لسنة 2011 ، لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة ، من خلال إنشاء شبكات الأمان الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم. وقَسم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي التعويضات التي يُمْكن أن تُخصص لذوي الاحتياجات الخاصّة إلى نوعيْن، مساعدات اجتماعية تقدم للعائلات المعوزة التي لديها طفل أو أكثر في وضعية إعاقة، تخصص لتغطية المصاريف الإضافية المرتبطة بإعاقة الطفل ولفقدان المداخيل التي قد تتسبب فيها الإعاقة للأسرة، أو تقديم مساعدات اجتماعية للأشخاص في وضعية إعاقة البالغين الذين تحُول إعاقتهم دون الحصول على شغل، لتوفير الحدّ الأدنى من الدّخل وضمان مشاركة اجتماعية فعليّة، مع التركيز على المُسنّين». غير أنه بدل أن تنكب الحكومة على تفعيل هذه التوصيات الهامة الصادرة عن مؤسستين دستوريتين بارزتين، فضلت نهج سلوك الشعبوية ، وإرضاء الأغنياء على حساب الفقراء في خرجات إعلامية مرتبكة تختلط فيها المصالح العليا للمواطنين بالحسابات السياسوية الضيقة.