في القديم ،كان هناك عبد يعيش مع إحدى الأسر الميسورة بمنطقة زاكورة الرائعة، وكانت هذه العائلة تعامله معاملة الابن ،حتى أنه كان يفترش « الحنبل» وليس الحصير ، وكانت سيدته «للا خيرة « تحيطه بعناية الأم... لشدة إحساسه بالحرية في زمن العبيد، فاجأ الأسرة بطلب مغادرة بيتهم .الأسرة أخبرته أنه طليق وأنه حر في اختياراته ، فانطلق إلى أرض الله الواسعة ليكتشف رحابها .... قادته رحلة أربعين سنة إلى مختلف المناطق والسهول والجبال والسواحل، وكان عنوان التعامل معه من طرف ساكنتها هو أنه عبد.ولما اشتد به الوهن بعد طول عناء ، قرر العودة إلى البيت القديم، وعندما وصل، وجد أهله قد غادروه ،منهم من غادر إلى دار البقاء ومنهم من انتقل إلى وجهة أخرى، وتحول البيت إلى أطلال.....وقف العبد الحر أمامه يرثي بالقول: «أنا يا الحيط بكي و نادي انا انا وفين مواليك و نادي انا انا نبدا لمسيرة ونادي انا وانا من شور لقبلة ونادي انا وانا للا خيرة ونادي انا وانا وتفرح بي ونادي انا وانا وزيد آ لكرين ونادي انا انا ومرحبا بك ونادي انا انا وزيد آ لكرين ونادي انا انا تفرش لحنبل ونادي انا وانا حكي يا لكرين ونادي انا وانا واش جرى ليك ونادي انا ما تخمم في ضيق الحال ونادي انا رحمة ربي ما وسع ونادي انا الشدة تهزم لرذال ونادي انا أما الرجال ما تقطع ونادي انا» ناس الغيوان سيواصلون رثاء العبد الذي أنهكه حيف الزمن ،وعاد إلى بيت الأسرة التي آوته ليجده أطلالا ،من خلال أغنية «يوم ملقاك»: «أنا يا الحيط بكي أنا وفين مواليك أنا للي كانوا فيك الله عليك أيام زينة مواليها راحلين الله عليك أيام زينة مواليها فايتين قلبي تقطع بلمواس ما جا برا نلوحو من كان كواي للناس يصبر لكية روحو يا قلبي نكويك بالنار والى بردتي نزيدك يا قلبي خلفتي العار تريد من لا يريدك يا ويح من طاح ف بير وصعاب عنه طلوعو فرفر ما صاب جنحين بكى ما نشفو دموعو للي علينا حنا درناه للي عل الله به درى خيط لمحبة فنيناه ما خصو غير لمدرى آيا مدرى ماذا لي ملسوع بنار غيواني سرت ملازم لبكى جفاني وسط كناني يوم ملقاك يوم فرحي وهنايا شملي يولي ملموم» ........ أغنية «النادي أنا « ، كانت الانطلاقة الثانية في نجومية مجموعة ناس الغيوان ، أو هي التأكيد على أن المجموعة ستستمر . هده الأغنية خرجت للوجود مباشرة بعد رحيل المرحوم بوجمعة أحكور ، و تتضمن في مقطعها الأخير رثاء له ، حيث تقول: «خيي مات البارح و اليوم جات اخباره خيي مات مضيوم ناسي أهله ووكاره لا لا خيي ما زلت معايا ولا أنا مصدق مازلت حدايا قلت لخيي ضرب الحية قلت لخيي راس الحية» مع وفاة بوجميع اعتقد الجميع ، أن ناس الغيوان قد انتهت ، بحكم أن بوجميع كان يظهر للعموم بمظهر المؤسس و كانت له مكانة كبيرة في قلوب الجماهير ، لكن جاءت هذه الأغنية ، و هي من إيحاءات كناوية ، كان قد أعدها عبد الرحمان باكو ، القادم الجديد لأحضان المجموعة، رفقة بوجميع و باطما و عمر و علال ، و كانت للأغنية خاتمة أخرى غير التي عرفت بها في البداية ، إلا أن وفاة بوجميع دفعت أفراد المجموعة إلى جعلها ترتدي لبوس الرثاء في حق الفقيد عميد الفرقة . و كانت هذه الأغنية الكناوية ، بمثابة انطلاقة جديدة للمجموعة رفقة عبد الرحمان باكو ، مؤشرة على أن المجموعة مازالت على الطريق و أنها لن تتوقف مادامت جعبتها غنية بالعطاء.