وفاة "عبد العزيز النويضي" الحقوقي ومستشار الوزير الأول الأسبق أثناء إجراء حوار صحفي    وزارة.. الخزينة: فائض في التمويل يصل إلى 3.7 مليار درهم عند متم مارس 2024    لقجع : المشاريع المرتبطة بكأس العالم 2030 انطلقت في كافة المجالات    "طاس" تكشف موعد إصدار حكمها النهائي في قضية نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    الأمثال العامية بتطوان... (588)    قرار بعدم اختصاص محكمة جرائم الأموال في قضية اليملاحي وإرجاع المسطرة لمحكمة تطوان    بوريطة يتباحث ببانجول مع وزير الشؤون الخارجية الغامبي    أوروبا تصدم المغرب مرة أخرى بسبب خضر غير صالحة للاستهلاك    أمطار طوفانية تغرق الإمارات وتتسبب في إغلاق مدارس ومقار عمل    أول تعليق من حكيمي بعد السقوط أمام بوروسيا دورتموند    في أول امتحان بعد واقعة الأقمصة.. نهضة بركان يواجه الجيش الملكي    مركز دراسات.. لهذا ترغب واشنطن في انتصار مغربي سريع في حال وقوع حرب مع الجزائر    أنور الخليل: "الناظور تستحق مركبا ثقافيا كبيرا.. وهذه مشاريعي المستقبلية    تركيا تعلق المعاملات التجارية مع إسرائيل    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    "الأمم المتحدة" تقدر كلفة إعادة إعمار غزة بما بين 30 إلى 40 مليار دولار    ندوة بطنجة تناقش مكافحة غسل الأموال    ها التعيينات الجديدة فمناصب عليا لي دازت اليوم فمجلس الحكومة    بايتاس رد على لشكر والبي جي دي: الاتفاق مع النقابات ماشي مقايضة وحنا أسسنا لمنطق جديد فالحوار الاجتماعي    المخزون المائي بسدود الشمال يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    أزمة طلبة الطب وصلت ل4 شهور من الاحتقان..لجنة الطلبة فتهديد جديد للحكومة بسنة بيضاء: مضطرين نديرو مقاطعة شاملة    فوضى «الفراشة» بالفنيدق تتحول إلى محاولة قتل    مصرع سائق دراجة نارية في حادثة سير مروعة بطنجة    النقابة الوطنية للصحافة المغربية تصدر تقريرها السنوي حول الحريات والحقوق الصحافية بالمغرب للفترة 2023-2024    مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    ارتفاع حصيلة القتلى في غزة.. واعتقالات في الضفة الغربية    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    المدرب الإسباني يعلن استقالته عن تدريب اتحاد العاصمة الجزائري    حمد الله يحرج بنزيما    المكتب الوطني للمطارات كيوجد لتصميم بناء مقر اجتماعي.. وها شنو لونصات لقلالش    جامعة في نيويورك تهدد بفصل طلاب تظاهروا تأييداً للفلسطينيين    النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً        طاهرة تودع مسلسل "المختفي" بكلمات مؤثرة    البرلمان يستعرض تدبير غنى الحضارة المغربية بالمنتدى العالمي لحوار الثقافات    مؤسسة المبادرة الخاصة تحتفي بمهرجانها الثقافي السادس عشر    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    حادثة سير خطيرة بمركز جماعة الرواضي باقليم الحسيمة    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    السجن لبارون مخدرات مغربي مقيم بشكل غير قانوني بإسبانيا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ظل استفحال البطالة.. : المهنة: توزيع منشورات إعلانية...

نلتقي بهم عند أبواب المنازل، أو عند الإشارات الضوئية، يقطعون المسافات الطوال.. إنهم موزعو المنشورات الإعلانية، و مهمتهم إيصالها لأكبر عدد من الأشخاص. منشورات تحمل إعلانات من كل الأنواع، تختلف آراء الناس بشأنهم، ما بين من يشفق عليهم و من يرى أنهم ملوثون للبيئة أو مزعجون لا أقل و لا أكثر. أما بالنسبة لجلهم فهي مورد عيش و دخل مؤقت يساعد في هذا الزمن الصعب.
تعد عملية توزيع المنشورات الإعلانية مباشرة على الناس، أقرب الوسائل إلى المعني بالإعلان، من باقي الوسائل الأخرى، فتكلفتها مقارنة بالإعلان في الوسائل التقليدية كالصحف، التلفزيون و الوسائط الإعلامية الحديثة عبر الإنترنيت و كذا اللوحات الإشهارية المنصوبة في الشوارع العمومية، تبقى ضئيلة، و كل ما تحتاجه طباعة المنشور و توصيله للمستهدفين مباشرة عن طريق شباب يقضون اليوم بأكمله في التجول من أجل إتمام هذه العملية. فهم الحلقة الأهم في العملية برمتها. فماذا عنهم؟
مصطفي شاب في ربيعه الخامس و العشرين، يقوم بهذه العملية منذ سبعة أشهر تقريبا، ينطلق الأمر من تسلم الشاب لنصيبه من الحصة اليومية المراد توزيعها وتختلف هذه الكمية حسب المجال المراد تبليغه هذا الإعلان و حسب الخطة الإعلانية للشركة، يحمل حقيبة على ظهره و ينطلق صوب الحي المتفق عليه، و يكون معه مابين ثلاثة إلى ثمانية شباب آخرين، قد لا يعرفهم أحيانا، و هناك المسؤول عن الجميع، يحملهم في سيارة نقل إلى مركز الحي ثم يتوزعون كل في اتجاه و في مدة محددة مابين ساعة إلى ساعتين حسب مساحة المجال المخصص للتوزيع، يعودون للاجتماع لينتقلوا لمكان آخر، و هكذا لحين الانتهاء من توزيع الكمية المتفق عليها، أغلب ما يوزعونه إعلانات المتاجر عن السلع المخفضة و كتب الفضاءات التجارية الكبرى.
يشدد أغلب من يقومون بهذه العملية، على ضرورة التوفر على خطة للتوزيع، تنطلق من معرفة المكان و الأزقة، جميع المداخل و الدروب حتى لا يضيع الوقت و المجهود في المرور من نفس المكان عدة مرات، و حتى لا يتم التوزيع على نفس المنازل مرتين فيحصل تكرار. و إن كانت الوسائط التكنولوجية أصبحت تسهل الأمر، فالخرائط متوفرة على الهواتف و في بعض المرات تتم طباعة المسار و منحه لكل مكلف بالتوزيع حتى لا يضيع مجهوده سدى.
يتطلب توزيع المنشورات الإعلانية مجهودا كبيرا، فالعملية تستوجب السير باستمرار لساعات طوال، مع حقيبة ظهر مملوءة بالمناشير، و دون أن تشكل حالة الطقس عائقا كيفما كانت.
عند الإشارات الضوئية أو أمام المراكز التجارية...
تختلف الأدوار باختلاف المعلنين و الخطة الإعلانية، فالشركات المرتبط نشاطها مباشرة بوسائل النقل، كغسل السيارات أو بيع إكسسواراتها، أو فضاءات الترفيه، تفضل أن يتم توزيع إعلاناتها أمام الإشارات الضوئية، خاصة في المقاطع الطرقية المزدحمة، و يصبح على المكلف استغلال الإشارة الحمراء لينتقل بسرعة من سيارة إلى أخرى مسلما منشورا أو أكثر ، حسب عدد الركاب، و الأمثل المشي وسط المسار ليتم التوزيع يمينا و يسارا . غير أن الحذر يبقى أساسيا ، فلا بد من الانتباه للإشارة الضوئية لإخلاء المكان بسرعة قبل أن يصبح خطيرا، كما يجب الانتباه إلى أصحاب الدراجات النارية.
هناك معلنون آخرون يفضلون توزيع إعلاناتهم أمام أبواب المراكز التجارية الكبرى، خاصة شركات القروض و الشركات العقارية، أو أحد المنتجات الاستهلاكية المعروضة داخل المركز التجاري نفسه، و يصبح الأمر متعبا . فالمكلف عليه الوقوف طيلة ساعات، يراقب الناس باستمرار مانحا إياهم المنشور و الابتسامة لا تفارق محياه، متقبلا جميع ردود الفعل كيفما كانت. فهو كالآلة، وضع للقيام بعمل محدد يكرره مئات المرات.
شركات أخرى تطلب توزيعا خاصا، حيث تطلب توزيع المنشورات و في نفس الوقت التكلم مع الناس، و إقناعهم بالمنتج. أمر لا يحبذه مصطفى، الذي يجد نفسه لا يتقنه، و يضيف قائلا «جربت الأمر مرارا، لكنني أفشل في كل محاولة. قررت أن لا أقوم به، أفضل التوزيع المباشر على المنازل، فالسير لمسافات أفضل من الوقوف و التحدث مع الناس، أجد الموضوع مزعجا للآخرين... « .
بحث عن الزبناء
مدارس خاصة، أبناك، مطاعم، منتجات استهلاكية، تخفيضات... تتعدد أنواع الشركات التي تختار المناشير كوسيلة إعلانية، ضمن خططها الدعائية، و تضع لها ميزانيات مهمة تنطلق من كراء للسيارات و السير بها في قوافل لإثارة الانتباه، التقينا بمجموعة منهم في وسط مدينة الدارالبيضاء، كانت حملة لشركة كبرى لأحد المنتجات الاستهلاكية المستعملة في شهر رمضان بشكل كبير، إنهم «لا يحترفون هذا العمل، فهو عمل مناسبتي لا يتطلب أي خبرة، يوفر لهم المسؤول عنهم و الذي التقى بهم منذ يومين فقط ، الخطة الكاملة للمسار. يشرح لهم الأدوار و الأهداف المتوخاة من الحملة. دورهم متكامل مع المجموعة»كما شرح لنا أحدهم.
في حين ،على العكس، لا تجد المقاولات الصغرى لعملية توزيع المنشورات مباشرة على المواطنين بديلا . حيث إن بعض أصحاب المحلات التجارية يقومون بالتوزيع بأنفسهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بافتتاح لمحل جديد أو عند حلول مناسبات ترتفع فيها وتيرة الاستهلاك، كما في شهر رمضان أو العطلة الصيفية، فتصبح المناشير إحدى وسائل جلب المشترين.
تعب جسدي ونفسي
عند أحد الملتقيات الطرقية بالقرب من حديقة عين السبع بمدينة الدارالبيضاء، يقف أحمد، كما قدم نفسه، يوزع منشورات إعلانية لإحدى الإقامات السكنية الموجودة بالجوار، الإعلان من ورق متوسط الحجم يحمل منه أحمد المئات و بجانب الطريق تحت إحدى النخلات وضع مجموعة أخرى، أحمد يسكن في الجوار، عاطل عن العمل منذ أن أنهى دراسته الثانوية قبل ثلاث سنوات، يعرف صاحب الإقامة الذي عرض عليه توزيعها في عدة أماكن مقابل 100 درهم يوميا ، شرط أن يوزع ما يقارب 2000 نسخة، لا وجود هنا لاستراتيجية إعلان ولا خطة مسبقة، فأحمد يختار الأماكن بنفسه و قد يطلب منه الحاج ، كما سماه ،القيام بالأمر في أماكن محددة.
التعويض المادي غير محسوم فيه، فالموضوع متروك لتعاقد بين الشاب و صاحب الإعلان أو من يقوم مكانه، فعندما يتعلق الأمر بحملة كبرى ،فالأجر قد يصل إلى 200 درهم يوميا مع توفير الأكل و الماء، أما بالنسبة لصغار المعلنين فلا يتعدى المئة درهم أو أقل.
المتعب بالنسبة لهذه العملية ليست فقط السيارات و الإشارات الضوئية أو خطر الاصطدام مع دراجة نارية، بالنسبة لأحمد، فالمتعب «نظرة الناس إليك، تصور في بعض الأحيان تتقدم نحو أحدهم حاملا الإعلان في يدك، فيسرع بإقفال الزجاج خاصة النساء، أرى في أعينهم أني مجرد سارق، صعب أن تتقبل الأمر لكن الظروف أقوى» .لا يلوم أحمد أحدا، فهو يعرف أن البعض استغل توزيع المنشورات الإعلانية لسرقة الهواتف أو الحقائب النسائية، لدى فقلما يقبل بالتوزيع عند الإشارات الضوئية.
بالنسبة لمصطفى، المتعب في هذا العمل المؤقت، يتمثل أساسا في أن البعض يعتبرهم مجرد «ملوثين للبيئة، تهمة ينفيها عن نفسه بشدة، و إن أقر بأن البعض يقوم بها قائلا: «ما العمل ،فأنا أسلم الإعلان يدا بيد، و ما أن أتحرك، و في بعض المرات من دون أن أغادر، يرمي المواطن الإعلان في الأرض، حتى قبل أن يلقي عليه نظرة».
لكن البعض الآخر يتعمد رميها في الأزقة,، ليتمكن من التخلص من كميات كبيرة منها خاصة عند اقتراب المساء، أو بتركها عند أبواب العمارات، لتتحول لمزبلة إعلانات، تثير حنق السكان و غضبهم.
إلا أنه مهما كانت نظرات الناس نحوهم، فهم شباب وجدوا في توزيع مناشير الإعلانات وسيلة للتخفيف من بطالة لا ترحم، و الحصول على أجر قد لا يعكس التعب المبذول من أجله.
+ صحفي متدرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.