"مناجم"... رقم المعاملات يبلغ 4،42 مليارات درهم عند متم يونيو 2025    "مازي" يتراجع في بورصة البيضاء    السكتيوي يعلق على إصابة مولوعة    توقيف شخص يشتبه تورطه في اندلاع الحريق الضخم بغابات جماعة باب تازة    الغموض يلف "مشيخة البودشيشية"    الحبس النافذ للمتهم وتعويض 40 مليون سنتيم في قضية دهس "الطفلة غيثة"    المادة 17 من قانون المسطرة المدنية بين النظام العام والأمن القضائي    المغرب: إشعاع ثقافي متصاعد وتحديات تمثيل صورته في السينما الأجنبية    على بعد مسافة…من حلم    يا ويلي من اسمي.. حين يخاصمني    الناشط أسيدون يلازم العناية المركزة    صحيفة "ABC" الإسبانية تُبرز أسباب تفوق ميناء طنجة المتوسط        المغرب يسجل 49.2° بالعيون وفوارق حرارة قياسية تصل إلى +17° خلال "الصمايم"    رواج ينعش استعمال "كتابة النساء" في الصين    مصر تفقد أحد أعمدة الأدب العربي.. صنع الله إبراهيم في ذمة الله            الدكتور بوحاجب: غياب مراقبة الجودة أحيانا يفتح المجال أمام التلاعب بصحة الناس..!!    ذكرى استرجاع وادي الذهب.. المشاريع الملكية تحوّل الصحراء المغربية إلى قطب اقتصادي وتنموي متكامل    الناظور.. الجمارك تحبط تسويق أطنان من مواد غذائية فاسدة في أزغنغان    أول تعليق للقوات المسلحة الملكية بخصوص واقعة فيديو "تعنيف مهاجر" قرب سبتة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب إقليم مالوكو في إندونيسيا    نائب يميني متطرف يستفز المغرب برفع العلم الإسباني على صخرة محتلة قبالة الحسيمة    أول تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العالم صادر عن إدارة ترامب يصف مجازر إسرائيل في غزة بأنها "حوادث فردية"    وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة            السكتيوي يطمئن المنتقدين ويؤكد جاهزية "الأسود المحلية" لمواجهة زامبيا        تفشي بكتيريا مرتبطة بالجبن في فرنسا يودي بحياة شخصين ويصيب 21 آخرين    هل ‬دخلنا ‬المرحلة ‬ما ‬قبل ‬الأخيرة ‬لتطبيق ‬مقترح ‬الحكم ‬الذاتي ‬؟ ‬    أسعار الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء تسجل تفاوتاً كبيراً بين المنتجات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    في ‬اللقاء ‬الذي ‬جمع ‬الوزير ‬برادة ‬وقيادات ‬النقابات ‬التعليمية :‬    مدريد ‬تتصدى ‬لقرار ‬يميني ‬يمنع ‬الشعائر ‬الدينية ‬ويستهدف ‬الجالية ‬المغربية ‬في ‬مورسيا    مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة تجري بنجاح أول عملية زراعة كلية مع عدم توافق فصائل الدم ABO على المستوى القاري    إطلاق الصاروخ الأوروبي أريان 6 إلى الفضاء    راشفورد ينتقد يونايتد: "يفتقر إلى الخطط"    تراجع الدولار مع ترقب خفض أسعار الفائدة الأمريكية في شتنبر    دول أوروبية تتوعد النظام الإيراني بإعادة تفعيل آلية العقوبات    فرنسا.. توقيف مراقب جوي بعد قوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية        تسكت تتألق في أمسية "رابافريكا"    أربع مدن مغربية على رأس قائمة أكثر مناطق العالم حرارة    بوتين يشيد بالقوات الكورية الشمالية    اعتقال شخص بعد إطلاق نار داخل مطار سيدني    غزة: صندوق الثروة السيادية النرويجي يسحب استثماراته من 11 شركة إسرائيلية        دورة سينسيناتي لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل لثمن النهاية    حملة أمنية بوزان تطيح بمروجي مخدرات وتوقف مطلوبين للعدالة    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جون بريكمون ونعوم تشومسكي العقل ضد السلطة

جون بريكمون : الأنانية : قاعدة كلٌّ لنفسه. فهل هنالك وسيلة لتصور نظام اجتماعي بديل لا يتوقف على الافتراض البعيد عن الاحتمال بأن الأناسي يصيرون جميعاً غيريين بقدرة قادر؟
نعوم تشومسكي : لماذا بعيد عن الاحتمال؟ فلنفترض أن شخصاً يشعر بالجوع ويتجول في الشارع في غياب رجال الشرطة، ثم يلتقي طفلاً جائعاً يمسك بقطعة خبز. فهل تكون الغريزة الطبيعية بأن يسرق الخبز من الطفل؟ إن كان كذلك فإننا نعتبر هذا العمل شيئاً مرضياً. وعندما تتخلف بعض الدلافين على الشاطئ بفعل تراجع المد، ويهب مئات الأشخاص لنجدتها وتراهم يبذلون الجهود المضنية في محاولة لإنقاذها. فهل يجوز لنا أن نفسر هذا العمل بالأنانية أو حتى بالنظريات أمعنِها في السفسطائية وهي التي تقول إن الانتقاء الطبيعي يؤثر تقديم المرء المساعدة إلى الأشخاص من أسرته على الغيرية المتبادلة؟ أعتقد أنه لا التاريخ ولا التجربة يكذبان فرضية آدم سميث ودفيد هيوم المعدودين في الجوقة المعاصرة المتغنية بالأنانية -، والتي تعتبر التعاطف والاهتمام بخير الآخرين سمتين أساسيتين في الطبيعة الإنسانية. والاعتقاد بأن الأنانية غريزة إنسانية غالبة شيء مريح للأثرياء والأقوياء الذين يسعون في تفكيك المؤسسات الاجتماعية التي تطورت على أساس من التعاطف والتكافل والتعاون المتبادل. إن العناصر الأشد همجية في القطاعات الفنية والقوية ومثالها أولئك الذين يمسكون اليوم بزمام الأمور في واشنطن، أو المتحمسون في «تينا» في غير واشنطن ، عاقدو العزم على تقويض الأمن الاجتماعي وبرامج الصحة والمدارس، والحقيقة أنهم عاقدو العزم على تقويض جميع المنجزات التي تحققت بفضل النضالات الشعبية والتي تلبي الاحتياجات العمومية ولا تنقص إلا قليلاً جداً من ثرائهم ومن سلطانهم. ومن المريح جداً لهؤلاء أن يبتكروا نظريات خيالية تقوم على اعتبار الأنانية هي المركز للطبيعة الإنسانية، لكي يبينوا أن من الخطإ (أو من «الشر»، حسب المصطلحية الرائجة) الاهتمام بمعرفة هل الأرملة المريضة على الجانب الآخر من المدينة تلقى الغداء والدواء، أو هل الطفل في الجهة المقابلة يلقى التعليم اللائق. فهل لدينا حجج متينة تسوغ هذه المذاهب المريحة للذين يقولون بها؟ لا وجود لتلك الحجج في حدود ما أعلم.
جون بريكمون : اللامساواة : من وجهة النظر الفطرانية يفترض ببعض أشكال اللامساوة ، بله كلها ، (من قبيل اللامساواة التي تهم المقدرات الثقافية) أن تكون فطرية. لكن إذا كان الناس أنانيين وغير متساوين في وقت وحد، فهل يمكننا أن نؤمل في ما هو أفضل من تركيب بين دولة القانون ونوع من التقنين عن طريق السوق، وليكن النظام الاجتماعي الحالي؟ قد يقول المدافع عن البيئة (أو يؤمل على الأقل) إن الشروط الاجتماعية الجديدة تفلح في تشكيل الفكر الإنساني على نحو مختلف. بحيث يكون الاتجاه نحو مزيد من التكافل أو مزيد من الوضوح. لكن من وجهة نظرك هذا جواب مستبعد. وفي المقابل فإن الحجج السابقة كثيراً ما يعتد بها المحافظون. وإذاً فلماذا لا تكون إلى جانبهم؟
نعوم تشومسكي : إنني لا أضعني إلى جانبهم، لأن حججهم لا تعدو عن تأكيدات، وما هي بالحجج الحقيقية، ثم إنهم لا يتمتعون بكبير مصداقية، في حدود ما أعلم. ثم إنه ليس من اليسير أن نعطي معنى لهذه التأكيدات التي تطرح من غير برهان. إذا كان النظام الاجتماعي الحالي هو وحده الممكن، والمتوافق مع الطبيعة الإنسانية فبم نفسر أنه لم يكتب له الوجود على امتداد تاريخ الإنسانية تقريباً، وأنه لم يطرح إلا منذ وقت قريب، في أنجلترا وفي غيرها، ثم إنه لم يطرح إلا بإكراه القوة؟ ويمكننا أن نتساءل لماذا لا ينضم «المحافظون» إلى الاشتراكيين الليبراليين، بحكم أن الأناسي لديهم ميل فطري للتعاطف فيما بينهم وميل للاهتمام ببعضهم، وهو شيء أكد عليه هيوم وسميث وأبطال آخرون في «تينا». وأعتقد أن الأناسي العقلاء يمكنهم أن يتفاهموا حول واقع أن غياب المساواة في المقدرات على حل مشكلات الرياضيات أو في سحق رأس الآخر من ضربة واحدة لا يتأدى بنا إلى أي خلاصة واضحة في ما يخص الكيفية التي ينبغي بها تنظيم المجتمع. فلتكن أفكارنا واضحة بشأن القليل مما نعرف عن هذه القضايا. فإن من النافل أولاً أن البيئة تؤثر على التطور : تطور الذراعين والساقين ونظام الإدراك البصري وكل ملكة من الملكات أو جهاز من الأجهزة. وحدهم الثنائيون المتعصبون يمكنهم أن يؤمنوا بأن الملكات الإنسانية والعقلية والأخلاقية والجمالية، إلخ تتأبى بمعنى من المعاني على هذه المبادئ الطبيعية. ولنضف ملاحظة تاريخية؛ لقد وقع بين المؤسسين لنظرية التطور، شارل داروين وألفريد راسل والاس، خلاف شهير حول أصل «الطبيعة الذهنية والأخلاقية للإنسان». فقد أكد والاس، بخلاف داروين، على فكرة أن الانتقاء الطبيعي لم يكن كافياً لتفسير ظهوره خلال [عملية] التطور، وأن هذه الطبيعة كانت تقوم على مبدإ علمي جديد، بالإضافة إلى مبدأ الجاذبية ومبدأ التماسك والقوى الأخرى التي لا يكون للعالم المادي بدونها من وجود. لكن لم يكن يساوره شك في أن الطبيعة جزء من العالم الطبيعي وأنها تخضع لقوانينه، والأسئلة التي أثارها، وإن تكن قد صيغت اليوم بصورة مختلفة، لا يزال لها وجود إلى اليوم. وثانياً ليس هناك دليل تجريبي يثبت أن من بين الخصائص التي تميز الكائن الإنساني العادي تكون الغلبة للأنانية والقسوة حتى ليلغيا التعاطف والتراحم والتكافل والتعاون المتبادل وخصائص أخرى وميولاً. وههنا أيضاً، وبالقدر نفسه من المنطق (أي من غير منطق على الإطلاق)، يمكننا أن نتساءل لماذا لا ينضم المحافظون إلى الفوضويين الجمعويين من نوع كروبوتكين. أو يمكننا كذلك أن نذهب إلى الاعتقاد بأن المجتمعات يفترض بها بالضرورة أن تكون قائمة على التعذيب وعلى العبودية وعلى الاضطهاد الوحشي وعلى سوء المعاملة للنساء وعلى الإبادة الجماعية... إن هذه الممارسات متواترة في تاريخ الإنسانية بما يثبت أنها تعكس ما هو متأصل في الطبيعة الإنسانية، بحيث لا يكون بمقدورنا أن نعترض عليها أو نحاول تجاوزها. وأفترض أن القليل من الناس قد يتبنون هذا الموقف. ولهم فيه أسباب وجيهة. فليس في التاريخ ولا في العلم أو في المنطق ما يوحي بأن الأشكال الخاصة للتنظيم الاجتماعي التي تطورت في وقت من الأوقات من التاريخ قد كانت بالضرورة انعكاساً للطبيعة الإنسانية الأساس ، إن في الإمكان إعمال مثل هذا الاعتقاد على الحشرات، لكن المؤكد أن ليس له من معنى في ما يتعلق بالكائنات البشرية. ويمكننا القول إن هذه العلاقات الاجتماعية ، أعني التي أتيت على ذكرها الآن ، متجذرة في بعض جوانب الطبيعة الإنسانية، أو يمكننا أن نؤكد ، وهو ما يبدو أكثر عقلانية ، أن الأمر يتعلق بأمراض خطيرة لبعض أشكال التنظيم الإنساني قد ظهرت لأسباب غير معلومة، وهي في سبيلها إلى أن تُتجاوز بفعل بعض التغيرات الاجتماعية البناءة. لكن لا يمكننا أن نزعم أن هذا الذي قلنا يقوم أساساً علمياً تقوم عليه أحكامنا. والمعطيات المقارنة شديدة المحدودية هي الأخرى. فقرود الشامبانزي وقرود البونوبو تفصلها المسافة نفسها عن الكائنات البشرية على صعيد التطور. فقرود الشامبانزي شديدو العدوانية وقرود البونوبو يصفها بعض أولئك الذين تناولوها بالدراسة بأنها شبيهة بهيبيي سنوات الستينيات، فهي تعمل بالشعار «اصنعوا الحب، لا الحرب». ويمكننا أن نستخلص قليلاً ، أو لا نستخلص من دروس في ما يتعلق بالكائنات البشرية وفي ما يتعلق بأشكال التنظيم الاجتماعي التي يفترض بنا أن نسعى في بنائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.