"عن أي دولة إجتماعية تتحدثون!"    "البيجيدي" يطالب بعفو شامل عن معتقلي الحراكات ويكذّب أرقام أخنوش حول زلزال الحوز    ودائع الأسر المغربية لدى البنوك تتجاوز 948 مليار درهم    ارتفاع ثمن الدجاج والبيض بشكل غير مسبوق يلهب جيوب المغاربة    المغرب يدخل نادي ال60 الأوائل عالميا في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2025    الذهب يسجل ارتفاعا قياسيا مع تراجع الدولار قبيل اجتماع المركزي الأمريكي    البنك الدولي يستعرض نموذج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تقريره لسنة 2025    حرب الإبادة تستمر: 38 شهيدا هذا الصباح.. وكاتس يتباهى بإحراق غزة ونتنياهو يعلن بداية غزوها    صحافة النظام الجزائري.. هجوم على الصحفيين بدل مواجهة الحقائق    إلى متى ستظل عاصمة الغرب تتنفس هواء ملوثا؟        القمة العربية الإسلامية الطارئة تجدد التضامن مع الدوحة وتدين الاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر    قناة الجزيرة القطرية.. إعلام يعبث بالسيادة المغربية    فيدرالية اليسار الديمقراطي تنخرط في الإضراب العالمي عن الطعام تضامناً مع غزة    لجنة تحقيق أممية تتهم إسرائيل بارتكاب "ابادة جماعية" في غزة        منظمة النساء الاتحاديات تدعو إلى تخصيص الثلث للنساء في مجلس النواب في أفق تحقيق المناصفة                افتتاح الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة مغربية        بنعبد الله بترشح مايسة سلامة الناجي ضمن صفوف التقدم والاشتراكية        هيئة تستنكر تعنيف وقفة في أكادير‬    في ذكرى الرحيل الثلاثين.. فعاليات أمازيغية تستحضر مسار قاضي قدور    موسكو تعزز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع المغرب    القمة العربية الإسلامية الطارئة تجدد التضامن مع الدوحة وإدانة الاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر        أمن أولاد تايمة يحجز أزيد من 60 مليون سنتيم ومواد تستعمل في أعمال الشعوذة    القمة العربية: العدوان الإسرائيلي على قطر يقوض فرص السلام في المنطقة    المغرب يستضيف كأس العرب لكرة القدم النسوية في شتنبر 2027    ولاية أمن أكادير تفتح بحثا لكشف ظروف وملابسات انتحار ضابط شرطة ممتاز بواسطة سلاحه الوظيفي    المنتخب المغربي لكرة الطائرة ينهزم أمام نظيره الكيني    بوصوف يكتب.. رسالة ملكية لإحياء خمسة عشر قرنًا من الهدي    مونديال طوكيو… البقالي على موعد مع الذهب في مواجهة شرسة أمام حامل الرقم القياسي    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    منظمة الصحة العالمية تتجه لدعم تناول أدوية إنقاص الوزن لعلاج السمنة    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    غياب أكرد عن مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    «أصابع الاتهام» اتجهت في البداية ل «البنج» وتجاوزته إلى «مسبّبات» أخرى … الرأي العام المحلي والوطني ينتظر الإعلان عن نتائج التحقيق لتحديد أسباب ارتفاع الوفيات بالمستشفى الجهوي لأكادير    الحُسيمة.. أو الخُزَامىَ مَدِينَة العِطْر حيثُ تآخَت الشّهَامَةُ والتّارِيخَ    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    طنجة تستعد لتنظيم مهرجانها السينمائي الدولي في نسخته 14            الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    "الأصلانية" منهج جديد يقارب حياة الإنسان الأمازيغي بالجنوب الشرقي للمغرب    السفينة المغربية "علاء الدين" تنطلق مع أسطول الصمود نحو ساحل غزة    الرقم الاستدلالي للإنتاج الصناعي والطاقي والمعدني خلال الفصل الثاني من 2025.. النقاط الرئيسية    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    فيلم "مورا يشكاد" يتوج بمدينة وزان    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد 100 عام.. : سيختفي الهاتف المحمول وستختفي العديد من الدول واللغات..
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 26 - 01 - 2012

كيف سيكون العالم، وكيف سيكون حال البشرية بعد 100 عام؟. إنه السؤال الذي طرحته مؤسسة ال «بي. بي. سي» على جمهور واسع من مستمعيها عبر العالم، والذي جاءت الأجوبة حوله متعددة ومثيرة، بعد أن قامت المؤسسة بغربلتها وعرضها على عالمين بريطانيين متخصصين في علم المستقبليات، الذين صنفاها حسب إمكانيات التحقق. والمثير في هذه المبادرة، أنها تكرار لذات التجربة التي سبق وقام بها صحفيون أمريكيون سنة 1900، متسائلين حينها: كيف سيكون العالم في سنة 2000؟. وكان من ضمن أهم الأجوبة المقدمة حينها، أن البشرية سيكون لديها هاتف محمول وتلفاز ملون. وكان ذلك، في إبانه ضربا من ضروب الخيال بالنسبة لغالبية ساكنة الكرة الأرضية، بل كانوا يرون فيه خطلا وخيالا جامحا. ولو عاش الصحفي الأمريكي «جون إلفرت وتكينس»، الذي أشرف على ذلك التنبؤ في يومية «الليديز هاوم جورنال»، حتى سنة 2000 لفوجئ، ليس فقط بتحقق نبوءاته في مجال عالم الإتصالات السلكية واللاسلكية، ومجال التلفزيون والسينما والفيديو والتلفون والمحمول، بل إنه سيصاب بصدمة من المدى الذي بلغه التطور البشري تقنيا وتكنولوجيا وخدماتيا.
سؤال الغد، حتى لا نقول «هم الغد»، أو الشغف بمصير تطور البشرية، كان دوما سؤالا مرافقا للفكر والتأمل البشريين عبر التاريخ، منذ الأزمنة الغابرة. وليس آخرها سوى الكتابات الأدبية لنهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين، التي تنبأت بزيارة القمر والمشي فوقه، وكذا بالغطس في أعماق المحيطات من خلال غواصات متقدمة، والجولة حول الكرة الأرضية في يوم واحد. وكثيرون منا ربما يتذكرون في هذا الباب كتابات الروائي الفرنسي جول فيرن الشهيرة، التي كانت تدرج في باب الخيال العلمي، غير القابل للتحقق في زمنها. وربما، نستطيع إدراج عدد من النصوص العربية القديمة، التي هي غنية أيضا بالتنبؤ بما ستصل إليه البشرية في القادم من القرون، في مقدمتها «كتاب التوهم» للصاحبي، الغني معرفيا وأدبيا وفكريا، وكذا الكثير من نصوص ألف ليلة وليلة. بل إن روح بعض نصوص أبي العلاء المعري، مثل تحفته «رسالة الغفران» وتحفته الثانية «رسالة الصاهل والشاحج»، تعتبر غنية بالتنبؤ بالكثير من التفاصيل حول مصير البشرية في الماوراء، في الجنة والنار، وكذا في القادم من سنوات الحياة. بالتالي، فإن سؤال الغد، هم بشري مغر بالتأمل، وعدواه أكيد تصيب كل واحد منا، في لحظات صفاء ذهني حول المصير. مصير السلالة ومصير الأحفاد ومصير البشرية.
في ذلك البحث المثير الذي أنجزته مؤسسة «البي بي سي»، كانت ثمة أفكار عدة فيها ابتكار خيال، لكن أهمها الذي توقفت عنده مطولا تلك المؤسسة، بتوصية من عالمي المستقبليات الذين تعاقدت معهما لتقييم ردود مستمعيها، هو تنبؤ جزء من أبناء الحياة اليوم، أن البشرية في سنة 2100، لن تحتاج للهواتف المحمولة، التي ستصبح جزءا من ماض متخلف، وأن كل أشكال الهاتف ستختفي من الوجود، بسبب أن التواصل بين الناس، سيتم مباشرة عبر الدماغ، الذي سيتم تجهيزه بشفرة خاصة، مهمتها تخزين أرقام الإتصالات الخاصة بمن تريد التواصل معه من معارفك وعائلتك ومحيطك المهني والعلائقي والإنساني. وأن التواصل سيتم عبر إسم سري يفتح الباب للإتصال مع من تريد. مما سيعني أن البشرية ستعيش فردانية أكبر، وأن العمل سوف يصبح في البيوت وليس في المكاتب، وأن البشرية سوف تصبح متفرغة لمتع أخرى غير متخيلة، مثل السفر إلى القمر، أو القيام بجولة في الفضاء الخارجي للكرة الأرضية. وأن كل فرد من أحفادنا القادمين سيكون حاملا لآلة طبية تقدم له العلاجات الضرورية ضد الأمراض التي قد تصيبه من زكام وإسهال ومغص وهبوط للسكر في الدم أو ارتفاع في الضغط وما إلى ذلك. مثلما أن التعليم سيصبح منزليا مئة بالمئة. وربما من التنبؤات التي لن تعجب الكثيرين من ساستنا، التنبؤ الذي يقول بزوال عدد من الدول القومية، لأن البشرية ستصبح منظمة من خلال تجمعات أكبر وأكثر تنظيما على مستوى الخدمات. مثلما ستندثر لغات عدة ولن تبقى البشرية تتواصل سوى بثلاث لغات كونية كبرى هي الإنجليزية والإسبانية والصينية. وفي هذا الباب يحق لنا تصور واقع العالم العربي والإسلامي، الذي سيكون واقعا أكثر تنظيما كوحدة جغرافية وسياسية، وأن اللغة ستكون حاسمة في إيجاد موقع ضمن المنظومة التكنولوجية الغاية في التقدم في القرن القادم. وكل ما نعايشه الآن سياسيا وتدبيريا، سيكون مندرجا في باب زمن الديناصورات حينها. ومن لا يريد تصديق ذلك، ليقارن فقط بين حال أجدادنا في سنة 1900 وحال أبنائنا اليوم في 2012 . ولو عاد أجدادنا الذين عاشوا حتى سنة 1912، هل سيصدقون أن العالم هو العالم، هل كان واردا في حسبانهم حتى أن نكون ما نحن عليه اليوم على كافة مستويات الخدمات التكنولوجية، التي لم نكتشفها ولا كان لنا دور في بروزها، غير أننا مستهلكون لها.
ما أجمل الخيال، لأنه قارة للإبداع. وما يتمناه المرء هنا، حين سيقرأ قارئ ما هذا الكلام، بعد 100 عام، وقد صار جزءا من الأرشيف منذ البارحة، هو أن يكون وجيله رحماء بنا، نحن أجدادهم من أبناء بداية القرن الحالي، وأن يروا إلينا بعين نريدها أن تكون رحيمة في الحكم على «تخلفنا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.