بدعوة من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، انعقد بالرباط يومي 24 و 25 يونيو، الاجتماع التأسيسي للمنتدى العربي الديمقراطي الاجتماعي . و قد شارك في أشغال هذا المنتدى، السيد زاهر رعد، مفوض الخارجية في الحزب الاشتراكي التقدمي اللبناني، الذي اغتنمنا فرصة تواجده لإجراء الحوار التالي حول عدة مواضيع من ضمنها الهدف أو الغاية من تأسيس المنتدى العربي الديمقراطي الاجتماعي، و كذا الوضع المأزوم في سوريا و تداعياته على الوضع في لبنان خاصة بعد التدخل العسكري المباشر لحزب الله اللبناني إلى جانب النظام السوري ضد الشعب السوري وثورته. { تشاركون في المنتدى العربي الديمقراطي المنبثق عن الأممية الاشتراكية، ما هو، في نظركم، الدور المنوط بهذا المنتدى في تفعيل ومد الجسور بين أقطار العالم العربي من أجل خلق بدائل لكل التراجعات التي وقعت بعد «الحراك العربي»؟ أولا ، اسمحوا لي أن أشكر الاتحاد الاشتراكي المغربي لاستضافته لهذا المؤتمر. أهمية انعقاد هذا اللقاء تكمن في تقديمه لخيار آخر لشعوبنا في المنطقة العربية، و هو الخيار الذي يؤمن تطلعاتهم في التنمية و في الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان، في العدالة الاجتماعية و المساواة بين المرأة و الرجل و تأمين حقوق المرأة ، كما يكمُن في خلق أطر للتواصل و التعاون مع اتحادات سياسية موجودة في العالم بغية تعزيز حقوق الشباب و حقوق الشعوب العربية. و تكمن أهمية هذا الخيار في كونه بديلا ثالثا بين الوضع الذي تعيشه بعض الأقطار العربية التي تحكمها الأحزاب الإسلامية حاليا، و بين العودة إلى الدولة الأمنية و دولة الحزب الواحد الذي عاشت في ظله سابقا. فنحن نريد دولة دمقراطية تعددية تحترم حقوق الإنسان. و لذلك فإن هذا المنتدى أساس لبلورة هذه الفكرة. { التجربة اللبنانية تجربة غنية بتعدديتها السياسية و الثقافية و الدينية، لكن لبنان الآن يعيش وضعا صعبا مع ما يجري في «الشقيقة الكبرى» سوريا. ما هو موقف حزبكم الحزب التقدمي الاشتراكي مما يجري حاليا في الجوار و مما يجري أيضا داخل لبنان؟ لا يستطيع حزبُنا، الذي أسسه كمال جبنلاط و يقوده وليد جنبلاط إلا أن يكون مع حرية الشعوب ومطالبها في الحرية و الدمقراطية و التنوع، من هنا فنحن ندعم جميع الحركات التي قامت في العالم العربي. على المستوى اللبناني، فلبنان يعيش دمقراطية، نعتقد أنها غير كاملة، لأنها قائمة على الحقوق الطائفية و المذهبية و المُحاصصة، والحواجز التي يخلقها مثل هذا النظام الطائفي. و لبنان كان دائما و إلى حد ما، ساحة للتجاذبات الإقليمية والدولية، لهذا فلبنان عاش دائما حراكا سياسيا أو اصطفافات سياسية على وقع الانقسامات. و منذ 2005 ارتفعت وتيرة هذا الانقسام بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري حيث وقع اصطفافان بين تياري 8 آذار و 14 آذار. و نحن ساهمنا مساهمة جدية في رفض الوصاية السورية و ساهمنا في إخراج الجيش السوري من لبنان و وصايته عليه. طبعا تطورت الأمور من حركة سياسية متنوعة إلى أزمة أو اصطفاف مذهبي حاد، نتيجة تداعيات الأزمة السورية و تدخل الأطراف اللبنانية داخل الشأن السوري. نحن طبعا كحزب مع المطالب المحقة للشعب السوري في الحرية و التقدم و الديمقراطية، و لكننا لسنا مع التدخل المباشر في الأزمة السورية على غرار الأطراف الأخرى مثل حزب الله أو الأطراف اللبنانية الأخرى التي تتدخل عسكريا. و نحن نتمنى أن يكون هناك حل سياسي على مستوى «جنيف 2». { هل تعتقدون أن هناك أملا في حل سياسي للأزمة السورية؟ صعب. فهذه الدماء التي سالت و التضحيات الكبيرة التي حصلت، هناك أكثر من ثمانين ألف شهيد و أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، لذلك لا أستطيع أن أتكهن بأنه ستكون هناك سهولة، خاصة مع تلكؤ المجتمع الدولي الذي لديه مصالح طبعا أهم من حقوق الشعوب. { الوضع في سوريا وضع معقد و مأزوم، كيف يرى الحزب التقدمي الاشتراكي الحل في سوريا؟ نعتقد أن «جنيف 2» هو الحل، لكن على أساس نقل السلطات. إذ لا يمكن الوصول إلى حل سياسي مع بقاء الرئيس السوري، فإذا ما تم توزيع سلطات الرئيس على حكومة انتقالية خلال مرحلة انتقالية مثلا تنتهي بإجراء انتخابات... لكني أعتقد أن هناك صعوبة لأن الأجندة الدولية حتى الآن لا تهتم بهذا الموضوع، فالأسئلة كثيرة حول الدور الإيراني في الحل و الدور الخليجي أو القطري و تأثيره على الأرض، ناهيك عن التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب السوري، هل يستطيع أن يجلس الإنسان على نفس الطاولة مع جلاده؟ هناك أمور كثيرة زاد تدخل حزب الله في تفاقمها بتحويله الصراع السياسي إلى تناحر مذهبي طائفي على امتداد المنطقة ، و زاد من تداعياتها على الوضع في لبنان. { على ذكر حزب الله، من المعلوم أن التواجد الأساسي له في الجنوب و البقاع فيما يتواجد حزبكم بشكل كبير في الجبل، مما يشكل تماسا جغرافيا و سياسيا قد يؤثر على العلاقة بينكما... نحن كحزب لدينا توجه بألا نستثني أحدا في لبنان، و لذا نتوجه بالحوار مع الجميع و أيضا ، إلى حد ما، بالتعاون مع رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة المكلف، في حياد عن الأزمة السورية أو النأي بالنفس عن هذه الأزمة. طبعا نحن كحزب لدينا موقف واضح في دعم الحراك و دعم مطالب الشعب السوري في الحرية و الديمقراطية، لكننا نرفض التدخل المباشر العسكري أو اللوجستي ، باستثناء المساعدات الإنسانية التي نعتبرها واجبا طبيعيا. { طفت على السطح مجموعات إسلامية ممثلة في «جبهة النصرة»، ألا ترون بأن البديل عن النظام السوري قد يكون أسوأ منه إذا ما انتصرت هذه الجبهة؟ جبهة النصرة تشكل الأغلبية على مستوى المعارضة السورية و هذا واقع ، و لكن الفراغ يفرز حالات كثيرة، فالتخاذل الدولي و عدم دعم المعارضة من الأساس و همجية النظام و بطشه ضد التظاهرات السلمية، أجبر المعارضة السلمية على التحول إلى التسلح حماية لنفسها ، وهذا بدوره أعطى هذه الإفرازات الموجودة. نحن لا نريد سوريا على شاكلة جبهة النصرة. نحن نريد سوريا ديمقراطية متنوعة تحترم التعددية و تحترم حقوق جميع الطوائف و المذاهب و أن تعيش في أمان و سلام مع بعضها البعض. لا أعتقد أن أحدا يمتلك الحل لهذه الأزمة، لكن من المؤكد أن الحل ليس مع بقاء النظام. فبقاؤه لا يمكن أن ينتج حلا كما أن جبهة النصرة ليست هي البديل الذي نريده لسوريا.