يستقبل سكان مدينة الدارالبيضاء، ككل سنة ،شأنهم شأن باقي مدن المملكة ،شهر رمضان المبارك في أجواء روحانية مفعمة بالإيمان والتقوى، مع الحرص على إحياء التقاليد الأصيلة. وكما هو الحال بباقي مناطق المغرب، تعرف العاصمة الاقتصادية دينامية تجارية استثنائية تحسبا لشهر الصيام، تهم على الخصوص، المنتوجات الغذائية والحلويات التقليدية. بدورها تعرف المساجد إقبالا مكثفا ،خاصة خلال صلاتي العشاء والتراويح، كما تتكاثر الزيارات العائلية، التي تمنح الفرصة لتعزيز علاقات الأخوة والتضامن والعمل الإحساني لفائدة الأشخاص المعوزين، حيث يشكل هذا الشهر فرصة لتجديد التأكيد على الارتباط بقيم الإسلام السمحة المتمثلة في التسامح والتعايش والأخوة. ويشهد مسجد الحسن الثاني، الذي يعد من أكبر مساجد العالم، تدفقا كبيرا للمؤمنين القادمين من مختلف جهات المملكة من أجل أداء صلاتي العشاء والتراويح، في أجواء يشوبها التقوى والورع والاحترام والسكينة، مع الاستماع إلى ما تيسر من الذكر الحكيم بأصوات مقرئين معروفين بقراءتهم الجميلة والمؤثرة. ومباشرة بعد صلاة النوافل، تبدأ الزيارات العائلية التي أصبحت خلال هذا الشهر الفضيل، طقسا مقدسا يبرز الانسجام الاجتماعي والدفء الإنساني الذي يتميز به المغاربة. وهكذا وبعد الإفطار، يفضل بعض سكان المدينة أن يجلسوا خلف الشاشة الصغيرة، في حين يختار آخرون التوجه إلى المقاهي بعد صلاة التراويح لمناقشة المواضيع الراهنة، خاصة الأخبار الرياضية والثقافية أو تبادل وجهات النظر حول العادات والتقاليد المرتبطة بشهر الغفران. من جهتهم يستغل عشاق القراءة هذا الشهر لقراءة أكبر عدد من الكتب والمقالات، من أجل إغناء مؤهلاتهم الفكرية والثقافية، والاطلاع على آخر التطورات في المشهد السياسي والاقتصادي والرياضي والثقافي على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. وتتميز الأنشطة الرمضانية للبيضاويين ،كذلك، بتزايد الإقبال على الأعمال الخيرية والإحسانية، حيث يعبرون عن تضامنهم وكرمهم الكبير تجاه المحتاجين، من خلال منح وجبات الإفطار، في بادرة تؤكد ارتباطهم بالقيم الإسلامية النبيلة المترسخة في العادات المحلية من تشارك وتضامن ومساعدة الآخرين. ويعد الاستعداد النفسي والروحي عنصرا أساسيا لاستقبال هذا الشهر الفضيل، الذي يعتبر فرصة مثالية للتقوى والتأمل والسخاء والرحمة والتضامن بامتياز.