الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطالب بالاستجابة لمطالب المحتجين على تدهور الخدمات الصحية    وجدة: توقيف شخص متورط في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية وحجز آلاف الأقراص    المغرب يوظف الرقمنة في تأمين حدود المملكة أثناء نهائيات كأس إفريقيا    موهوب يسجل في مرمى "أورينبورغ"    "كوباك" تعرض منتجات في "كريماي"    تساقطات مطرية مرتقبة بالريف وشرق المملكة    هولندا.. مقتل مشتبه به برصاص الشرطة نواحي روتردام    الدوري الدولي لكرة القدم داخل القاعة بالأرجنتين..المنتخب المغربي يتفوق على نظيره للشيلي (5-3)    أخنوش ينوه بمهنيي الصحة ويلوح باتخاذ الإجراءات اللازمة في حق من لا يؤدي مهامه منهم    في بيان المؤتمر الإقليمي للاتحاد بالعيون .. المبادرة الأطلسية من شأنها أن تجعل من أقاليمنا الصحراوية صلة وصل اقتصادي وحضاري    العيون .. قارب مطاطي مهجور يثير الشكوك حول أنشطة غير مشروعة بسواحل الإقليم    الحسيمة.. نقابة تحذر من انهيار المنظومة الصحية وتطالب بلجنة مركزية للتحقيق    بريطانيا وكندا وأستراليا تعترف رسميا بدولة فلسطينية    الرجاء ينهي ارتباطه بالشابي وفادلو على بعد خطوة من قيادة الفريق    ميناء طنجة المتوسط يطلق مشروع توسعة بقيمة 5 مليارات درهم    مصرع شابين في حادثة سير مميتة بإقليم شفشاون        المغرب يترقب وصول دفعة قياسية من الأبقار المستوردة الموجهة للذبح        خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد الرؤية الملكية الاستراتيجية من أجل إفريقيا أكثر اندماجا (أمينة بنخضرة)    أداء مطارات أوروبية يتحسن عقب هجوم سيبراني    الناظور.. اعتقال شرطي اسباني وبحوزته 30 كيلوغرامًا من الحشيش        دور الفرانكفونية تجدد الثقة بالكراوي    بنخضرة: خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد رؤية الملك للاندماج الإفريقي    رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم 'جياني إنفانتينو' يزور الملعب الكبير لطنجة    الملك: علاقات المغرب وأرمينيا متينة    إسرائيل تعيد إغلاق معبر الملك حسين    عملية بئر لحلو.. إنزال عسكري مغربي مباغت يربك "البوليساريو" ويفضح تورطها مع شبكات التهريب    حملة استباقية لتنقية شبكات التطهير السائل استعداداً لموسم الأمطار    "اقطيب الخيزران" تدشن موسمها الفني بمسرح المنصور بالرباط    استخدام الهواتف الذكية يهدد الأطفال بالإدمان    فريق يتدخل لإنقاذ شجرة معمرة في السعودية    نقابة: لن نقبل بالتفريط في مصالح البلاد وحقوق العمال بشركة سامير    بطولة إنكلترا: ليفربول يحافظ على بدايته المثالية ويونايتد يعبر تشلسي    ميلوني تأمل حكومة فرنسية محافظة    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية ينهي المرحلة الثانية بانتصار ثمين ويحافظ على صدارة الترتيب        اضطرابات في مطارات أوروبية بسبب خلل إلكتروني أصاب أنظمة تسجيل الركاب    بورتريه: أندري أزولاي.. عرّاب التطبيع الصامت    الشرادي يتغنى بالصحراء المغربية في قلب موريتانيا    "الغد كان هنا" منجية شقرون تقيم معرضا شاعريا بين الذاكرة والضوء    المقاطعة الثقافية لإسرائيل تتسع مستلهمة حركة مناهضة الفصل العنصري        الانبعاثات الكربونية في أوربا تبلغ أعلى مستوى منذ 23 عاما (كوبرنيكوس)    "على غير العادة".. بريطانيا تفتح المجال لتجنيد جواسيس حول العالم بشكل علني    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    الرسالة الملكية في المولد النبوي    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التأصيل الحقوقي للحق في التعليم العمومي

1- إن أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو لماذا التعليم حق من حقوق الإنسان؟
لأن ثمة ما يناهز بليون من البشر في القرن الواحد والعشرين غير قادرين على الكتابة ولا القراءة، يعادل هذا الرقم سدس مجموع سكان العالم وهو رقم في ازدياد.
فالحق في التعليم يكتسب أهميته وضرورته لما يوفره للفرد من إمكانية وعي باقي حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وممارستها، فحقوق الإنسان بشكل عام لا يمكن ممارستها بشكل مجدي إلا بالحصول على مستوى كافي من التعليم. كما يشكل الحق في التعليم خصوصا للأقليات العرقية واللغوية وسيلة أساسية لصون هويتها الثقافية وتعزيزها.
إن التعليم يمكن أيضا أن يساهم في تعزز التفاهم والتسامح بين الأمم والجماعات العرقية أو الدينية ويمكن أن يساعد على إنشاء ثقافة حقوق إنسان كونية.
2- الحق في التعليم من خلال المواثيق الدولية:
 يعتبر الحق في التعليم من الحقوق الإنسانية الأساسية التي كفلتها جميع المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية؛ وقد وردت في ذلك عدة مواد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،وغيرها من مصادر القانون الدولي.
 فالحق في التعليم تم الاعتراف به عالميا منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، ومنذ ذلك الحين نصت عليه مختلف الاتفاقيات الدولية والدساتير الوطنية وخطط التنمية. ومع ذلك، في حين أن الغالبية العظمى من البلدان قد وقعت وصادقت على الاتفاقيات الدولية (مثل اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل)، فإن عددا قليلا من الدول دمجت هذه الحقوق في دساتيرها الوطنية أو وفرت الأطر التشريعية والإدارية لضمان تحقق هذه الحقوق في الممارسة على أرض الواقع. فبالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر عام 1948 ورد فيه فيما يخص الحق في التعليم في المادة السادسة والعشرين التي نصت على أنه:
- لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزاميا وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.
- يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملا، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام.
- للآباء الحق الأول في اختيار نوعية تربية أبنائهم.
أما العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فنص في المادة 13:
- تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وهي متفقة علي وجوب توجيه التربية والتعليم إلي الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان، وتمكين الفرد من خلال التعليم على المساهمة الفاعلة الايجابية في المجتمع.
- وتقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق يتطلب:
 جعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته بالمجان للجميع؛
- تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، وجعله متاحا للجميع بكافة الوسائل الممكنة والأخذ بمبدأ المجانية بشكل تدريجي؛
 جعل التعليم العالي متاحا للجميع بدون أي تمييز، والأخذ تدريجيا بمجانية التعليم؛
- تشجيع تعليم الكبار الذي لم يستكملوا تعليمهم أو لم يتلقوه إطلاقا؛
 تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس.
و تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الأباء أو الأوصياء، في اختيار مدارس لأولادهم غير المدارس الحكومية، شريطة تقيد المدارس المختارة بمعايير التعليم الدنيا التي قد تفرضها أو تقرها الدولة.
كما ورد ذكر الحق في التعليم في الكثير من المواثيق والعهود الدولية المعترف بها مثل اتفاقية حقوق الطفل في المادة 28 وفي المادة 23 التي تتعلق بحقوق الطفل المعاق، كما ورد أيضاً في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في المادة رقم 10 التي تؤكد على ضرورة التساوي في المناهج الدراسية، وفي الامتحانات، وفي مستويات مؤهلات المدرسين، وفي نوعية المرافق والمعدات الدراسية؛ والقضاء على أي مفهوم نمطي عن دور المرأة ودور الرجل في جميع مراحل التعليم بجميع أشكاله، تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكييف أساليب التعليم، والتساوي في فرص الحصول على المنح والإعانات الدراسية الأخرى.
من خلال ما سبق نلاحظ أن أهم القضايا التي وردت في النصوص الدولية هي:
1. إلزامية ومجانية التعليم الأساسي؛
2. إزالة أي نوع من التمييز في الوصول للتعليم على أساس الدين أو الجنس أو اللون أو العرق أو الإعاقة؛
3. جعل التعليم العالي ممكنا بقدر من العدالة والمساواة؛
4. نوعية تعليم جيد تلائم روح العصر وتراعي معايير حقوق الإنسان ومبادئ العدل والسلم؛
5. حرية أولياء الأمور في اختيار نوعية التعليم التي تلاءم أبناءهم.
أما على مستوى مؤشرات الحق في التعليم فهناك الكثير من المؤشرات التي يمكن استخدامها للتعرف إلى مدى التزام الدول بتوفير الحق في التعليم للجميع منها:
- إلزامية ومجانية التعليم؛
- المدارس والتجهيزات المدرسية؛
- المناهج ومدى ملاءمتها للتطور العلمي.
إلا أنه رغم تعدد المواثيق الدولية والمعاهدات التي تضمن الحق في التعليم، فإننا نجد في الواقع عكس ذلك في العديد من الدول خاصة الدول النامية، التي تنتهك حكوماتها العديد من الحقوق الإنسانية وليس فقط حق التعليم.
3- الحق في التعليم في ظل الأوضاع العالمية الراهنة:
 أما على مستوى الحق في التعليم في المرحلة المعاصرة التي يمكن أن نحدد بدايتها انطلاقا من انتهاء الحرب الباردة وهيمنة مشروع العولمة اللبرالية على المستوى العالمي، أي انتشار اقتصاد السوق والخوصصة وتزايد سيطرة المؤسسات المالية الدولية على البلدان النامية، الأمر الذي انعكس حتى على حقل التعليم، الذي أصبحت هاته المؤسسات تسطر سياساته ومخططاته. إن هذه المخططات الصادرة من طرف المؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ... أحدثت بالدول النامية العديد من المشاكل من أبرزها تزايد الفروق الاجتماعية والاقتصادية والمجالية، هذا أثر بشكل سلبي على حقل التعليم بالبلدان النامية. فرغم أن هذه المؤسسات المالية تؤكد على أهمية التعليم باعتباره استثمارا في تنمية الرأس مال البشري فإن الامر في الواقع نجده بعيدا عن ذلك، إذ أن هذه المؤسسات بالتحديد هي التي تجبر الحكومات على الحد من الإنفاق العام بما فيه الإنفاق على التعليم، من أجل الانصياع للشروط الصارمة التي ترتبط ببرامج التكيف الهيكلي.
وعلى المستوى العالمي تفيد بيانات جديدة صدرت عن معهد اليونسكو للإحصاء بأن التقدم المحرز في توفير التعليم للجميع قد توقّف وأن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس ممن هم في سن التعليم الابتدائي بلغ في عام 2010 المستوى عينه الذي كان عليه في عام 2008 أي 61 مليون طفل. وقد تراجع عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس بصورة متواصلة في السنوات الخمس عشرة الماضية. وكانت الفتيات اللواتي مثّلن 58% من مجموع الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في عام 2000، مقابل 53% في عام 2010، أكثر الفئات انتفاعاً بالجهود المبذولة لتعزيز فرص الانتفاع بالتعليم. ولكن عجلة التقدم قد توقفت ولم يُسجل أي تحسُّن في عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس.
وتشير تقديرات معهد اليونسكو للإحصاء إلى أن 27 بالمائة فقط من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس البالغ عددهم 61 مليونا في العالم قد يحصلون على فرصة الانتفاع بالتعليم، وأن 26 بالمائة من هؤلاء الأطفال سيدخلون إلى المدرسة من دون إتمام تعليمهم، في حين أن 47 بالمائة منهم لن تتسنى لهم أبداً إمكانية الالتحاق بالتعليم. وأغلب الدراسات تشير إلى أن الفقراء وسكان المناطق النائية والفئات المتأثرة بالنزاعات والأشخاص المنتمين إلى الأقليات الإثنية والعرقية واللغوية هم الذين يُحرمون في الغالب من الحق في التعليم.
إذا من خلال ماسبق، نلاحظ أن هناك فروقات شاسعة ما بين ما يتم تقريره على مستوى المواثيق الدولية أو الوطنية، وما بين ما هو حاصل في أرض الواقع من تراجعات وخروقات خطيرة في الحق في التعليم، هاته التراجعات هي عائدة إلى مجموعة من العوامل والأساباب، لكن يظل أبرزها تحكم المنظور الاقتصادي في تسطير البرامج والمناهج التعليمية، الامر الذي يربط أي محاولة أصلاح أو تغيير بمنطلق ومبدأ الربح الاقتصادي وإعادة إنتاج نفس علاقات الانتاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.