المغرب والبرتغال يؤكدان على تعزيز شراكة استراتيجية "نموذجية"    اللحوم الحمراء تقود ارتفاع الأسعار    وفاة 21 طفلا بالجوع في قطاع غزة    لبؤات الأطلس يواجهن غانا وعينهن على النهائي    المخدرات توقف كنديّيْن بمطار البيضاء    راغب علامة يبرر صورة "المعجبة": زاوية التصوير خدعت الجميع    تطوير أداة مبتكرة تحدد الأطفال المعرضين لخطر السمنة مستقبلا    بوريطة: المغرب يضطلع بدور محوري في استقرار إفريقيا والشرق الأوسط    بنغلاديش.. ارتفاع حصيلة ضحايا تحطم طائرة عسكرية إلى 27 شخصا    موقف يربك حسابات الجزائر..مقدونيا الشمالية تتبنى مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لنزاع الصحراء المغربية    خريطة المغرب كاملة في مؤسسة حكومية صينية: إشارة دبلوماسية قوية تعزز الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبكين    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المسطرة الجنائية في إطار قراءة ثانية    موقعة نارية مرتقبة.. لبؤات الأطلس يصطدمن اليوم بغانا في نصف نهائي أمم إفريقيا    في 50 سنة من الخدمة الإنسانية.. الفريق الطبي الصيني عالج 5.8 ملايين مغربي وأجرى أكثر من نصف مليون عملية جراحية    ثلاث سنوات حبسا لشاب سرق قبعات مقلدة في طنجة    الاستقلال يدعو لإعادة النظر في مشروع تأهيل الشرفة الأطلسية عقب احتتجاجات ساكنة العرائش    المصادقة بالأغلبية على مشروع قانون تنظيم المجلس الوطني للصحافة    أسعار النفط تتراجع    كينيدي لاعب باريس سان جيرمان السابق يبدأ عمله كسائق "أوبر"    ترامب يهدد بضربات متكررة ضد إيران: "سنكررها إذا لزم الأمر"    مجلس النواب يصادق على قانون المسطرة الجنائية    ترامب يهدد بتعطيل بناء ملعب فريق واشنطن        استئنافية طنجة تحسم ملف "مجموعة الخير" دون تعويض للضحايا    السكيتيوي يربك البطولة الوطنية في فترة استعدادات الأندية        الدورة 11 من مهرجان الناظور المتوسطي تحتفي بالذكرى ال26 لعيد العرش        وفق ‬تقرير ‬حديث.. ‬المغرب ‬منصة ‬إفريقية ‬واعدة ‬ووجهة ‬موثوقة ‬للمستثمرين ‬الإسبان ‬    مرتيل.. انطلاق أيام القافلة الأولى للتعريف بمنطقة الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق    المغرب ‬2030 ‬ فرص ‬ثمينة ‬بأعلى ‬سقف ‬ومسار ‬تنموي ‬بلا ‬حدود    ‬مرسوم ‬تحديد ‬أسعار ‬الأدوية ‬يواصل ‬إثارة ‬ردود ‬الفعل ‬في ‬أوساط ‬المهنيين ‬والرأي ‬العام ‬    مارسيليا يرفض عرضا "مهينا" من نادي إسباني لضم أوناحي    حجيرة يدعو الشركات المغربية إلى التوسع في الأسواق العالمية والاستفادة من الفرص التجارية        92 مؤسسة للرعاية الاجتماعية للمسنين في المغرب تستقبل 7900 نزيل    الأمم المتحدة.. الجوع وسوء التغذية بلغا مستويات غير مسبوقة في غزة    رسميا.. الوداد يعلن عودة أبو الفتح بعقد يمتد لموسمين    بورصة البيضاء تستهل التداول بارتفاع        لجنة التعليم والثقافة والاتصال تصوت بالأغلبية على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    بطولة انجلترا: الكاميروني مبومو ينتقل لمانشستر يونايتد    منظمة الصحة العالمية تقول إن "هجوما" استهدف مقرها بوسط غزة        وزير الصحة: التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح بخفض ملموس لأسعار الأدوية    ليلة العيطة تجمع نجوم التراث الشعبي على منصة واحدة بالعاصمة    مجموعات تراثية في فن لوناسة تضيء سماء تارودانت    ما حقيقة إصابة الفنانة أنغام بسرطان الثدي؟..بيان رسمي يوضّح    "المهرجان السوسيو ثقافي لمقريصات في دورته التاسعة..منصة لإبراز تنوع وغنى الموروث الثقافي للمنطقة "    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة        دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهجرات المعاكسة في تجسير نظرية ما بعد الاستعمار
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 21 - 12 - 2018

تعود روايات الهجرة كأيقونة تراجيدية في مسار الكتابة خارج النسق التفكيري المتداول، من حيث كونها تلتمس إبراز مفردات جديدة تدليلية للإخضاع والتحطيم أو التقليد والتبعية العمياء .
في رواية ( موسم الهجرة إلى الشمال) للطيب صالح تنفعل الهجرة كظاهرة سياسية وحضارية مع ممكنات العيش خارج المتداول. الحلول الأخلاقي العرفاني كقطعة حرير تجسد لحظة الوثوق الإنساني وقيمه الثابتة.
بنفس مقدرة الرواية على تجسيد هذه القطائع هناك حاجة ملحة لتقريب مفهوم قاعات المرايا وإسقاطاتها على متاهات التخييل البريء من كل احتمال تأويلي أو تفسير مبطن.
نفسه الحراك الاستشعاري الخطير الذي يضعنا منذ الوهلة الأولى عند قراءة واقع الهجرة المضادة للامعنى. تأطير الضرورات اللاأخلاقية للهجرة العكسية يباشر عملية استفزاز قراءاتنا الثاوية للنص السياسي المتداعي، الذي يفكك نظرية العدوان أو العداء التاريخي للكيان الصهيوني، ولنظرية الكراهية المتوحدة الكامنة خلف الجذور التاريخية الثابتة.
الهجرة هنا في الأول والأخير أداة لتسخير التاريخ كواجهة لتحريف الحقائق ودس السموم بين فواعل الحياة وسيروراتها.
حقيقة تكريس منطق الكولونيالية التي دانت لها غوائل الارتماء بين أحضان الكيان المغتصب، أضحت هدفا استراتيجيا لكل الأبعاد المهدورة تحت سلطة الاستحواذ والتغول الامبريالي والايديولوجي الأممي الداعم والمنبطح!.
هذا يعني أيضا، من ضمن ما تعنيه القابلية الخرساء للكيان إياه ، مرمى آمنا لأنظمة البؤس والهوان ضدا على إرادة الشعوب العربية في العيش بكرامة ووحدة المصير المشترك، والدفاع عن جبهات المقاومة في آخر معاقل الشهامة والإباء.
إن تحلل الأنظمة العربية من يقينياتها التاريخية والحضارية، في قضية القدس وتفتيت الحدود الاستعمارية الوهمية؛ ووحدة الصف والدفاع عن قضايا الأمة العادلة والمشروعة، هو انتقال جبري لظهور طفرة الهجرة المختلسة لإسرائيل، ونوع من الإذعان للشروط النظامية الجديدة التي احتوتها دول الاستعمار العولمي الجديد، فرضا بالوعيد والعقوبات الظالمة.
تتسع هذه النظرية لأكثر من تأويل، منه ما يرتبط باصطلاحات « ما بعد الاستعمار» والمقاربات النقدية الأخرى التي تبحر في اتجاهه وتجد لها مأوى أنطولوجيا عاليا، خصوصا في ما يتعلق بالأنظمة الثقافية الغربية المرتبطة بسياسات واستراتيجيات القوة والنفوذ السياسي والاقتصادي الدوليين. ومنه ما يسري على التداعيات العميقة للهيمنة الحضارية والثقافية والهوياتية. وقد صاغ المفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد هذه التداوليات الاستشرافية على أكثر من اتجاه خلال تفكيكه للهجرات المعاكسة للقيم وتنظيماتها التاريخية والثقافية في كتاباته ودراساته، خصوصا في « الاستشراق» و» والثقافة والإمبريالية « و»العالم والنص والناقد»، حيث النبش والمساءلة العقلانية للكتابات والخطابات الأيديولوجية الغربية التي تجعل الشرق نصا مركزيا للنقدانية المعيارية، ومخالفة وجوده التاريخي والثقافي، بل تشويهه والوصاية عليه. وهو ما كرسه ادوارد سعيد في « الاستشراق» حيث يكشف من خلاله بأسلوب ساحر كيفية تشكيل الأمم معرفيا وأيديولوجيا عن طريق السرديات.
الأمر مرهون إذن بنظرة الآخر، بانحياز العصابيات الاستعمارية وارتداداتها الجديدة على المنظومات العولمية المتحكمة على قيم العدل والإنسانية والكرامة ومبدئية العيش المشترك، ومدى مواءمة الوضعيات المكارتية للهويات الثقافية في انحلالها وتحللها من مناهضة وتمثل المعرفة بالوجود الثقافي كقوة وحافز للنهضة والرقي الحضاري، وإلا لضاعت الخطى وتخبطت في هواجس التيه والجحود.
لقد عادت هجمات التغريب بلبوسات مقنعة تجهز على ما تبقى من مظاهر الحماس والفورة التي أبدعتها بعض المشاهد الثورية خلال بداية تشكلها في منجز الربيع العربي الذي انطفأت تباشير إمطاره وتزهيره. وتبين بما لا يدع مجالا للشك أن الصراع حول صمود الهوية الثقافية واللغوية سيمكن المتقابلات الحضارية المتصادمة والمتنافرة والمتحاربة من تجريف الرؤية المحينة للهجرة ، وأن التدليل لكينونتها سيحطم ما تبقى من أصنام الشك والوهم المقدس، وأن الفاعلين الحقيقيين تحت غطاءات ومسميات متعددة سيؤرخون لجولة تاريخية جديدة، تكون فيها العلوم المنتصرة، هي تلك التي تختزل قوة الهجرات وتراكماتها الأيديولوجية والهوياتية في الغباء والضعف والخيانة وتبخيس قيم الحضارة وتصويب رصاصات الغدر صوب رأس الفكر وقلب الأمة!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.