تعتبر فرق مكافحة الجرائم الالكترونية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، والمكونة من عمداء وضباط شرطة، بمثابة فريق من المحققين يسهر على أمن الفضاء الافتراضي. أصبح الفضاء الافتراضي، الذي يستعمله بشكل دوري حوالي 23.1 مليون مغربي وفق إحصاءات الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات المنشورة عام 2019، مرتعا للمجرمين الراغبين في ارتكاب مختلف الجنح والجرائم والهجمات الالكترونية. ويمكن تقسيم الجريمة الالكترونية، التي تعرف بأنها مختلف أشكال المخالفات المتعلقة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، على فئتين، ويتعلق الأمر في المقام الأول بالمخالفات المرتبطة مباشرة بهذه التكنولوجيات، كالهجمات واختراق أنظمة معالجة البيانات الآلية. ومن جهة ثانية، هناك الجرائم الاعتيادية التي قد يقوم بها الجانحون عبر استعمال هذا النوع من التكنولوجيات، خاصة الاحتيال عبر الانترنت والابتزاز والإرهاب الالكتروني وانتحال الهوية والتهديدات والسب والقذف والإهانة عبر الانترنت. وأكدت العميد، ليلى الزوين، رئيسة مصلحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة، التابعة لمديرية الشرطة القضائية، أن المديرية العامة للأمن الوطني، وعيا منها باتساع نطاق استعمال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال لأغراض جرمية، وضعت استراتيجية منذ عدة سنوات لمكافحة الجرائم الالكترونية. وقالت العميد ليلى الزوين، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الأبواب المفتوحة الثالثة للمديرية العامة للأمن الوطني بطنجة، أن هذه الاستراتيجية المتعددة الأبعاد تتجسد أيضا في اتخاذ سلسلة من التدابير، تمثلت أساسا في إحداث مصلحة مركزية متخصصة في أبحاث الجرائم الالكترونية على مستوى مديرية الشرطة القضائية، بالإضافة إلى خلق مكتب وطني على مستوى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، إلى جانب 29 فرقة جهوية متخصصة في الجريمة الالكترونية. أما بخصوص الخبرات والتحاليل على الوسائط الرقمية، فقد أبرزت المسؤولة الأمنية أن المديرية العامة للأمن الوطني وضعت ستة مختبرات، تتوزع على مختبر وطني ومختبر على مستوى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وأربع مختبرات جهوية بمدن الدارالبيضاء وفاس ومراكش والعيون، مضيفة أن إحداث هذه المختبرات يندرج ضمن مخطط عمل يروم إحداث فرقة ومختبر متخصصين في الجرائم الالكترونية على صعيد كل مدينة. ويتعين أن يتوفر في المحقق في الجرائم الالكترونية خبرة ومستوى تقنيا جد عالي، وهو السبب الذي حدا بالمديرية العامة للأمن الوطني إلى توظيف كفاءات متخصصة في المعلوميات، خاصة الدكاترة والمهندسين والتقنيين المتخصصين في مختلف المجالات ذات الصلة. أما بالنسبة للموارد اللوجستية في الأبحاث والتحاليل، فيتوفر كل مختبر على برامج معلوماتية وأدوات التحري وتقفي الآثار الرقمية، وهي معدات معترف بها على المستوى الدولي، باعتبارها أجهزة معلوماتية شرعية. ومع التطور التكنولوجي، تولي المديرية العامة للأمن الوطني أهمية خاصة إلى تكوين هذه الفرق، من خلال وضع ثلاثة أنواع من الدورات التكوينية الأساسية والمتواصلة والمتخصصة. وسجلت العميد ليلى الزوين أن المديرية العامة للأمن الوطني تتوفر اليوم على خبراء معترف بهم على الصعيد الدولي في مجال الجريمة الالكترونية، مضيفة أنه تم التوقيع على شراكات مع عدد من المنظمات الدولية بهدف تقاسم تقنيات التحري والبحث في مجال الجريمة الالكترونية. بخصوص التحديات القانونية والشرعية المرتبطة بالجريمة الالكترونية والعابرة للحدود، أشارت إلى مشكل تعدد الاجتهادات والقوانين بين البلدان، منوهة بأنه في إطار الجهود المبذولة من قبل المملكة، كان المغرب من بين البلدان الموقعة على معاهدة بودابست، التي دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر 2018. وقد تم تعيين المصلحة المركزية لمكافحة الجريمة الالكترونية المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة التابع لمديرية الشرطة القضائية للاشتغال بمعية قطب الشؤون الجنائية وحماية الفئات الخاصة التابع لرئاسة النيابة العامة باعتبارهما نقطة اتصال في مجال التعاون مع البلدان الأخرى الموقعة على اتفاقية بودابست في مجال مكافحة الجريمة الالكترونية.