إيران لإسرائيل: الرّد ديالنا التالي غايكون على أقصى مستوى    ألف درهم تساوي 8000 درهم.. عملية نصب كبرى تتربص بالطنجاويين    جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنساني    لاعبو بركان يتدربون في المطار بالجزائر    هشام العلوي: استفحال اقتصاد الريع في المغرب ناتج عن هشاشة سيادة القانون والنظام يخشى الإصلاح الاقتصادي الجوهري (فيديو)    دراسات لإنجاز "كورنيش" بشاطئ سواني    أمن مراكش يوقف شقيقين بشبهة النصب    ندوة تلامس السياق في الكتابات الصوفية    بانتصار ساحق على ليبيا.. المغرب يبلغ نهائي كأس إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة ويضمن التأهل للمونديال    المغرب يسعى لاستقطاب مليون سائح أمريكي سنويا    إعلام عبري.. نتنياهو صرخ في وجه وزيرة خارجية ألمانيا: نحن لسنا مثل النازيين الذين أنتجوا صورًا مزيفة لواقع مصطنع    نقابة: نسبة إضراب موظفي كتابة الضبط في دائرة آسفي فاقت 89% رغم تعرضهم للتهديدات    إطلاق الرصاص لتوقيف شخص عرّض أمن المواطنين وسلامة موظفي الشرطة لاعتداء جدي ووشيك باستعمال السلاح الأبيض    المكسيك – موجة حر.. ضربات الشمس تتسبب في وفاة شخص وإصابة العشرات    طقس السبت.. أمطار رعدية ورياح قوية بهذه المناطق من المغرب    ما الذي قاله هشام الدكيك عقب تأهل المغرب المستحق إلى كأس العالم؟    العرض السياحي بإقليم وزان يتعزز بافتتاح وحدة فندقية مصنفة في فئة 4 نجوم    الجدارمية د گرسيف حجزوا 800 قرعة ديال الشراب فدار گراب بمنطقة حرشة غراس    طلبة الصيدلة يرفضون "السنة البيضاء"    مسؤول بلجيكي : المغرب وبلجيكا يوحدهما ماض وحاضر ومستقبل مشترك    وزير الفلاحة المالي يشيد بتقدم المغرب في تدبير المياه والسدود    صلاح السعدني .. رحيل "عمدة الفن المصري"    المغرب وروسيا يعززان التعاون القضائي بتوقيع مذكرة تفاهم    وزارة التجهيز والماء تهيب بمستعملي الطرق توخي الحيطة والحذر بسبب هبوب رياح قوية وتطاير الغبار    الأمثال العامية بتطوان... (577)    تسجيل حالة وفاة و11 إصابات جديدة بفيروس كورونا خلال الأسبوع الماضي    المعرض الدولي للكتاب.. بنسعيد: نعمل على ملائمة أسعار الكتاب مع جيوب المغاربة    ها أول تعليق رسمي ديال إيران على "الهجوم الإسرائيلي"    خاص..الاتحاد ربح الحركة فرئاسة لجن العدل والتشريع وها علاش الاغلبية غاتصوت على باعزيز    "لارام" و"سافران" تعززان شراكتهما في صيانة محركات الطائرات    مؤشر ثقة الأسر المغربية في وضعها المالي يتحسن.. وآراء متشائمة في القدرة على الادخار    تعرض الدولي المغربي نايف أكرد للإصابة    مجلس النواب يعقد جلسة لاستكمال هياكله    ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    "إعلان الرباط" يدعو إلى تحسين إدارة تدفقات الهجرة بإفريقيا    موعد الجولة ال27 من البطولة ومؤجل الكأس    طوق أمني حول قنصلية إيران في باريس    المكتب التنفيذي ل"الكاف" يجدد دعمه لملف ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030    بسبب فيتو أمريكي: مجلس الأمن يفشل في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتش التعليم الابتدائي الأستاذ عبد الله الحسنى للاتحاد الاشتراكي:يجب فتح حوار علمي، بيداغوجي، وفني حول مشروع التعليم عن بعد، باعتباره نموذجا بيداغوجيا يفرض نفسه في وقتنا الراهن

مع انتشار وباء فيروس كورونا بادرت وزارة التربية الوطنية إلى إغلاق المؤسسات التعليمية كإجراء وقائي، منذ 16مارس الماضي، وكبديل عن التعليم الحضوري، لجأت الوزارة إلى التعليم عن بعد، موظفة في ذلك مجموعة من التقنيات التكنولوجية الحديثة لإنقاذ الموسم الدراسي من سنة بيضاء كانت ستكون لها تداعيات خطيرة على كل الأصعدة . وعن هذه التجربة الجديدة ومن منطلق تجربته كمفتش للتعليم الابتدائي اتصلت جريدة» الاتحاد الاشتراكي « بالأستاذ عبد الله الحسنى، مفتش التعليم الابتدائي بمدينة الفقيه بن صالح لتقييم هذه التجربة التي أطلق عليها مُحاورنا «تكنولوجيا التعليم أم التكنولوجيا في التعليم».
اضطرت وزارة التربية الوطنية إلى توقيف الدراسة في 16 مارس نتيجة الخوف من تفشي الوباء، وهي وضعية استثنائية فرضت على القيمين على الشأن التربوي التفكير في حل إجرائي ينقذ الموسم الدراسي ويضمن الاستمرارية البيداغوجية. ولم يكن أمامهم سوى الاحتماء بمشروع التدريس عن بعد، وهو نموذج بيداغوجي يقتضي ضمان استمرارية التدريس من خلال التوسل بالأدوات والوسائل التكنولوجية التي يتيحها العصر، ويتميز بمحاولة تحقيق الأهداف التعليمية من خلال عملية تعليم /تعلم تتم عن بعد دون تفاعل بين أقطاب العملية بشكل مباشر. نموذج ثمنه البعض بينما شكك البعض الآخر في قدرته على تحقيق ما يحققه العمل المباشر داخل الفصل الدراسي. ودون الاصطفاف هنا أو هناك، وجب أن نقارب المشروع بشكل موضوعي ومنهجي يستحضر شروط التمحيص الدقيقة، لعل أهمها التمكن من قياس مردودية التلاميذ الذين سمحت لهم ظروفهم الاستفادة من الاستمرارية البيداغوجية، ومقارنتهم بأقرانهم الذين لم يستفيدوا(منهجية المجموعة الضابط والمجموعة التجريبية)، ثم جمع المعطيات الضرورية للحكم، من ذلك التوفر على إحصائيات رسمية. لكن، يبقى الأهم من كل هذه الآراء المختلفة والمتباينة فتح حوار علمي، بيداغوجي، وفني حول المشروع ككل، باعتباره نموذجا بيداغوجيا يفرض نفسه بالنظر إلى عولمة المعرفة وانتشار ثقافة المعرفة الرقمية، وذلك من أجل تطويره وجعله نموذجا مرافقا للنماذج التربوية المعروفة، بل إن من شأن النقاش العلمي الرصين أن يدقق في أهداف المشروع وأن يجد له مكانته الطبيعية داخل منظومتنا التربوية، كأن يكون وسيلة ناجعة من وسائل الدعم التربوي داخل بيوت التلاميذ. لذلك أتمنى أن تكون هذه المساهمة المتواضعة دعوة لفتح حوار يتدارس التجربة وينتصر لها.
تمثل المدرسة أداة فعالة لتحديث المجتمع، خاصة بالنسبة للمجتمعات التي تستدعي النظامية، ومن أجل أن تحقق هذه الغاية، على المدرسة أن تواكب باستمرار تحولات الواقع والحاجات الأساس للتنمية في مجال تطوير الموارد البشرية على وجه الخصوص، وَتزداد الحاجة إلى هذه المهمة المنوطة بالمدرسة في ظروف التحولات الكبرى التي تمر بها المجتمعات إثر المستجدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية والتكنولوجية… وإذ يشرف العالم على عتبة القرن الواحد والعشرين، لاشك أنه سيعمد الي مراجعة شاملة لأوراقه وإعادة ترتيبها، وهذا الانتقال إلى القرن الجديد، ليس مجرد انتقال زمني كمى وإنما هو انتقال مقرون بتحولات نوعية لازالت حقا، في طور التشكل، لم تكتمل ملامحها نهائيا، وإن أصبح من السهل التعرف على صورتها…. «(كلمة العدد، المدرسة المغربية في أفق القرن21 عالم التربية، العدد الثاني والثالث، ربيع وصيف 1996).
لن نختلف في القول، على غرار ما سار إليه علماء الاجتماع ،إن المدرسة مؤسسة اجتماعية، وباعتبارها كذلك ،فإنها في تأثير وتأثر مباشر مع المتغيرات التي تلحق بالمجتمع. وعليه لن نطنب في القول من أجل إبراز استجابة المؤسسة التربوية لما يتطلبه المجتمع الذي يحتضنها. ذلك المجتمع الذي يوجد في محيط دولي يعج بالمستجدات، والذي لا يمكن أن يبقى في منأى عنها. ومن ذلك ظهور مجتمع المعرفة الرقمية التي تقوم على العولمة والسرعة. لذلك لن يكون غريبا اذا اعتبرنا ان اعتماد البعد التكنولوجي في عملية التدريس يعد مطلبا ملحا. إن منظومتنا التربوية لن تشذ عن السياق الدولي، لذلك نجدها تتبنى هذا بشكل صريح في ميثاق التربية والتكوين، بل تجعله واحدا من الثوابت: «يروم نظام التربية والتكوين الرقي بالبلاد إلى مستوى امتلاك ناصية العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، والإسهام في تطويرها، بما يعزز قدرة المغرب التنافسية، ونموه الاقتصادي والاجتماعي والإنساني في عهد يطبعه الانفتاح على العالم). ويضيف الكتاب الأبيض» و اعتبارا لكون التكنولوجيا قد أصبحت في ملتقى طرق كل التخصصات، ونظرا لكونها تشكل حقلا خصبا بفضل تنوع وتداخل التقنيات والتطبيقات العلمية المختلفة التي تهدف إلى تحقيق الخير العام والتنمية الاقتصادية المستديمة وجودة الحياة، فإن تنمية الكفايات التكنولوجية للمتعلم تعتمد أساسا على:
– القدرة على تصور ورسم وإبداع وإنتاج المنتجات التقنية؛
-التمكن من تقنيات التحليل والتقدير والمعايرة والقياس، وتقنيات ومعايير مراقبة الجودة والتقنيات المرتبطة بالتوقعات والاستشراف؛
– التمكن من وسائل العمل اللازمة لتطوير تلك المنتجات وتكييفها مع الحاجيات الجديدة والمتطلبات المتجددة؛
– استدماج أخلاقيات المهن والحرف والأخلاقيات المرتبطة بالتطور العلمي والتكنولوجيا بارتباط مع منظومة القيم الدينية والحضارية وقيم المواطنة وقيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية» (الكتاب الأبيض، وزارة التربية الوطنية، 2001، ص.8.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب انخرط في أجرأة هذا البعد من خلال اعتماد برنامج» جيني» الذي سعي إلى تحقيق هدف امتلاك التلميذ ناصية المعرفة الرقمية من خلال الاستئناس بالعمل على الكمبيوتر كخطوة أولى، ولسنا هنا بصدد تقويم هذا البرنامج الذي تعثر لمجموعة من الأسباب، فضلا عن اعتماد برنامج للتكنولوجيا عبر دروس وحصص رسمية خصها بغلاف زمني ثم أوجد لها موارد بشرية متخصصة . ويأتي مشروع التدريس عن بعد ليعيد هذه التطلعات إلى الواجهة، ويسرع من وتيرة الاعتماد على التكنولوجيا في التعليم والتعلم. واليوم، وبعد مرور نحو شهرين من اعتماد التدريس عن بعد في ظل ما سمي بالاستمرارية البيداغوجية، وجب التوقف عند هذه المستجدات متسائلين :هل هي تكنولوجيا تعليمية؟ أم هي أدوات تكنولوجية تستعمل كوسيلة من وسائل إيصال المعرفة للتلميذ؟ وهل هناك فرق بين التوجهين ؟
وفي تناولي لهذا الموضوع، سأنطلق من تعريف العبارات الواردة في العنوان: تكنولوجيا التعليم /التكنولوجيا في التعليم/التدريس عن بعد. ثم سأحاول الإجابة عن الأسئلة التالية:
1 – ماهي الأسس النظرية للتكنولوجيا التعليمية والتكنولوجيا في التعليم؟
2 – ما الفرق بين التكنولوجيا التعليمية والتكنولوجيا في التعليم وأيهما أصلح؟
3 – ما مدى واقعية مشروع التعليم عن بعد؟ وهل يمكن تقويم مرد وديته في الوقت الراهن؟
4 – كيف السبيل إلى تطوير مشروع التعليم عن بعد؟
أولا: مفاهيم لا بد منها.
– تكنولوجيا التعليم : بعض المصادر تفضل أن تستعمل «تكنولوجيا التربية»، وهو ما ورد عند (scholer, 1972) و(Dieuzeid 1983) اللذان يعتبرانه «مفهوما واسعا أصبح معه مقاربة ممنهجة تساهم في حل المشكلات التي تحدث في مجموع العمليات التعليمية والتعلمية، بما في ذلك الموارد التربوية التي لا تعتبر الوسائل السمعية البصرية سوى شكلا من أشكالها» تكنولوجيا التربية، نشأتها وعراقتها، د رامي عبد الرحمان، تعريب احمد اوزي، مجلة علوم التربية، 1992, ص 39،وهو التحديد الذي يذهب إليه Poinssac 1979،إذ يرى بأن» تكنولوجيا التربية تتعدى الوسائل والأجهزة والتقويم لمجموعة العمليات التعليمية بشكل محدد وهادف مبنى على البحث في مادة التعليم والتواصل الإنساني من أجل إعطاء تربية أكثر فعالية» ص، 403. كما يرى (Saettler 1979) أن تكنولوجيا التربية «عبارة عن الاستعمال المنظم لمعارف العلوم السلوكية أو المعارف أخرى مناسبة لمشاكل التعليم والتعلم «ص، 41.
والبحث في موقع منظمة اليونيسكو، نجدها تحدد المفهوم التالي : هو منحنى منظم يقوم على تصميم وتنفيذ وتقويم العملية التعليمية حسب أهداف محددة وواضحة باستخدام جميع الموارد المتاحة لجعل عملية التعليم اكثر فعالية»
-التكنولوجيا في التعليم : ويقصد بها اللوازم التكميلية التي تم توظيفها في العملية التعليمية التعلمية، وهو ما أشار اليه كل من la chance و la pointe وMarton عندما انتشرت الوسائل السمعية البصرية لتحسين جودة التدريس وفعالية الأستاذ ، فكان مركز الاهتمام ينكب على هذه الوسائل وليس على اهداف التعليم والتعلم (scoler). هذا وقد يتضح من التعريف بأن التكنولوجيا في التعليم تدخل ضمن الوسائل التعليمية التي يتم توظيفها من أجل إبلاغ المعرفة وتقريبها لذهن المتعلم.
-التعليم عن بعد: هو تعريف إجرائي تم استعماله من لدن الوزارة الوصية للإشارة إلى مشروع الاستمرارية البيداغوجية التي أريد لها تأمين إنهاء البرامج الدراسية في ظل الحجر الصحي. وتقتضي العملية أن يتم تحويل المعارف إلى موارد رقمية يسهل إيصالها للتلميذ عن بعد. وبالرجوع إلى الأدبيات التربوية، نجدها تتحدث عن التكوين عن بعد، وهي إحدى صيغ التكوين المستمر التي تم اعتمادها لتأهيل العاملين الذين يصعب عليهم مواكبة المستجدات داخل المراكز المختصة للإكراهات المهنية. وقد تم نحث العبارة على منوالها. ويحفظ تاريخ التربية محاولات بعض المنظرين الذين سعوا الي إيجاد بدائل للتعليم الجماعي الحضوري، والاجتهاد في بلورة محاولات لتحقيق التعليم المتفرد (نسبة للفرد) من دون أن يحضر إلى الفصل الدراسي.
يتضح، إذن، من بعد استعراض العبار تين بأنه إذا كانت التكنولوجيا في التعليم تقتصر على توظيف وسائل وأدوات باعتبارها وسائط تعليمية بين قطبي العملية التعليمية التعلمية (الأستاذ والتلاميذ)، فإن تكنولوجيا التعليم تعد نموذجا بيداغوجيا متكاملا ينطلق من أهداف وغايات، ويجد لها محتوى دراسيا، تقدم بمنهجية تفرضها طبيعة المادة عن طريق أساتذة متخصصين، يجمعون في تكوينهم بين المعرفة الأصلية والمعرفة الرقمية، يتحكمون في وسائلها وأدواتها ويمتلكون الكفاءة الفنية الضرورية.
1-الأسس النظرية لتكنولوجيا التعليم :
انطلاقا من مفهوم تكنولوجيا التعليم، أمكن استنتاج أنها تمتح من مجموعة من حقول المعرفة، نذكر من منها: نظريات التعلم، العلوم الانسانية، علم التيسير والتدبير، التواصل، نظريات الأنساق. وهو ما يؤكده scholer ،حيث يعتبرها تتأثر ب:
– التعليم المكتسب بصفة فردية (والمعتمد بوجه خاص على نظريات التعلم السلوكي) الذي يعمل بمبدأ اختلاف الأفراد على مستوى التعلم.
– نظريات التواصل المهمة بطرق التواصل وتبليغ المعلومات.
– علم التيسير والتدبير المهتم بإدارة الموارد التربوية والتنظيم.
– نظريات الأنساق.
– القياس والتقويم». د رامي عبد الرحمن، مرجع سابق، ص 42.
ومن الخصائص التي تسم هذا النموذجي وجعله تميز عن باقي النماذج ما يلي:
– اعتبرها معرفة انتقائية ومتعددة الاختصاص.
– تكنولوجيا التعليم تقوم على معرفة تطبيقية.
– تكنولوجيا التعليم لها بعد وظيفي إجرائي.
– وإذا كنا نربط بشكل مباشر بين تكنولوجيا التعليم وبين التدريس عن طريق الموارد الرقمية، فإن من مجالات تكنولوجيا التربية، أيضا ،السيكوتكنولوجيا والتي تختص بتشخيص حاجات التلاميذ مع اختبار مدى فعالية الأنشطة والوسائل والخطط، كما نجدها تهتم بالإعلام والتواصل عن طريق التخطيط وإنتاج وتقويم العدة والتواصل البيداغوجي ،بالإضافة إلى اهتمامها بالتيسير والتخطيط والأنظمة التربوية.
2 – تكنولوجيا التعليم والتكنولوجيا في التعليم:
لقد أسهبت التفصيل في تكنولوجيا التعليم والتي اعتبرتها نموذجا بيداغوجيا متكاملا يهدف إلى إكساب التلميذ مجموعة من الكفايات والقدرات المعرفية والمنهجية والاستراتيجية والتواصلية تجعله يزاوج بين المعرفة وتطبيقاتها مع إتقان استعمال الوسائط والأدوات الملائمة. والرجوع إلى مفهوم التكنولوجيا في التربية، نجدها تدخل ضمن الوسائل التعليمية التي تعد «جسرا يربط بين المدرس والمادة التعليمية من جهة وبين التلميذ والطريقة من جهة ثانية…. إنها واسطة بين ذهن التلميذ والحقائق تساعد على جعل المعارف الإنسانية سهلة الاستيعاب» (ذ َحمد المالكي، الوسائل التعليمية بالمدرسة الابتدائية، الدراسات النفسية والتربوية ،دجنبر 1990،ص 94)،وكأمثلة على ذلك، نذكر من الوسائل البصرية :السبورة، العينات، ذوات الأشياء…) ،الوسائل السمعية :الشرح، الإذاعة المدرسية…) ،والوسائل السمعية البصرية: السينما، التلفزة المدرسية، المسرح المدرسي….) ،ولن أطيل في الحديث عن الوسائل التعليمية باعتباره موضوعا َمعروفا.
3 – واقع مشروع التدريس عن بعد:
من الإحصائيات الرسمية التي جاءت على لسان وزير التربية الوطنية خلال عرضه أمام مجلس المستشارين، أذكر الأرقام التالية:
– بلغ مجموع التلاميذ الذين يتم استهدافهم بالمشروع 10 ملايين تلميذ وتلميذة؛
– عدد الدخول إلى المنصات التعليمية التواصلية التي تم إحداثها لهذه الغاية 600000 عملية دخول؛
– تم إنتاج مجموع 6000 مورد رقمي خلال شهرين من الحجر الصحي؛
– تم إنتاج 3197 درسا مصورا؛
– تقدم ثلاث قنوات تلفزية، 59 درسا؛
– نسبة الأسر المغربية التي تتوفر على جهاز التلفاز، حسب إحصائيات المندوبة السامية للتخطيط، 97% بالوسط الحضري، و91% بالوسط القروي.
– بالنسبة للأقسام الافتراضية التي تم إحداثها، بلغت 96%،بالتعليم العمومي، و70% بالتعليم الخصوصي.
– أما بالنسبة للتعليم العالي، فإن الجامعات تتوفر اليوم على 100 ألف مورد رقمي.
وبقطع النظر عن هذه المعطيات الرقمية، فإن مجموعة من المهتمين يجمعون على أن المشروع لم يغط جميع المناطق والمؤسسات التعليمية، ولم يشمل جميع التلاميذ لأسباب تتعلق بغياب الانترنت أو وسائل التواصل، ولم يتمكن جميع الأساتذة من عملية تصوير الدروس، ونحتاج إلى إحصائيات دقيقة ورسمية في هذا الجانب والتي تبقى غائبة إلى حدود كتابة هذه المقالة.
ومن الصعوبات كذلك غياب فضاءات خاصة بالتسجيل والتصوير مع ما تتطلبه هذه الأماكن من تجهيزات فنية، ثم كذلك غياب المواكبة التقنية والفنية لإنتاج مثل هذه الوثائق المصورة.
وتجدر الإشارة كذلك إلى وجود صعوبات بيداغوجية مرتبطة بالتفاعل بين أقطاب العملية التعليمية التعلمية نتيجة البعد بينهما ثم صعوبات ديداكتيكية ، وهي الأهم ، تتعلق ببناء المفاهيم والمعارف بطريقة تفاعلية عن طريق الوضعيات، بما يضمن فاعلية حقيقية للتلميذ، والتي تبقى صعبة التحقيق. هذا الجانب الذي يحتاج لوحده لمقالة تحليلية توضيحية.
على سبيل الختم:
إذا كانت الوزارة، بسبب الحجر الصحي، قد اضطرت إلى اللجوء للتدريس عن بعد، في إطار ما سمي بالاستمرارية البيداغوجية، فإن هذا الطارئ قد أثبت أهمية الانخراط المبكر في تبني تكنولوجيا التعليم، وهو ما يسائلنا، جميعا، عن دواعي توقيف مشروع «جيني» وحول محدودية أجرأة تكنولوجيا التربية بشكل عام وتكنولوجيا التعليم بشكل خاص، مع ما يتطلب تنزيلها من إمكانيات بشرية ولوجيستية وتأهيل. إلا أنه، ومن باب الإنصاف، وجب القول بأن المجهودات التي بذلت في ظل الحجر الصحي كانت محمودة وايجابية، ومن ذلك إعادة الموضوع للواجهة. وننتظر أن يتم فتح نقاش وطني يسهم فيه جميع الفاعلين التربويين حول التجربة والعمل على تقييمها بشكل موضوعي. َنقاش وتقويم من شأنه أن يعيد تحديد الأهداف، وأن يضبط الاستراتيجيات والوسائل قصد بلورة نموذج بيداغوجي مندمج مع المناهج التعليمية، بغية تحقيق الكفاية الداخلية والخارجية لمنظومتنا التربوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.