الملك لماكرون: المغرب حريص على تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع فرنسا    خطة أمنية جديدة لمواجهة تصاعد الاعتداءات في الشوارع المغربية    كيوسك الإثنين | "كان 2025″ و"مونديال 2030".. المغرب يمر إلى السرعة القصوى    اتصالات المغرب تعلن تاريخ انطلاق الدورة 21 لمهرجان الشواطئ    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما        أيت بوكَماز.. حين تصرخ الهضبة السعيدة في وجه التهميش                لو يي شياو تبهر الجمهور بإطلالة تحاكي نساء هويآن في حقبة الجمهورية الصينية: سحر الماضي يلتقي بجمال الحاضر    مونديال الأندية.. الإنجليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب    من أكادير.. انطلاق دينامية شبابية جديدة لترسيخ ثقافة القرب والتواصل السياسي    توقعات الأرصاد الجوية لطقس اليوم الإثنين    فيفا يعلن إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين وتنظيم فترات الراحة    صاروخ يقتل أطفالا يجلبون الماء في غزة وإسرائيل تعزو السبب لعطل    طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا    "السيبة" في أصيلة.. فوضى في الشوارع وغياب للسلطات    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    "كان" السيدات .. تأهل نيجيريا والجزائر    رفاق حكيمي يسقطون بثلاثية أمام تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    اليمين المتطرف في بلدة إسبانية يستغل حادثة للعنف لربط الهجرة بالجريمة    بناني والحاجي والمرنيسي يحسمون لقب "بطل المغرب" في الفروسية    وفاة رئيس نيجيريا السابق محمد بخاري    الوزيرة بنعلي تعلن الشروع رسميا في إنجاز مشروع أنبوب الغاز المغرب- نيجيريا        منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    عودة العيطة إلى مسرح محمد الخامس.. حجيب نجم النسخة الثالثة    لطيفة تطرح الدفعة الأولى من ألبوم "قلبي ارتاح".. أول ألبوم عربي بتقنية "Dolby Atmos"    نشرة إنذارية: موجة حر من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    الكوكب يراهن على خبرة الطاوسي في رحلة التحدي الكبير    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مونتينيغرو بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    متحدية الحصار الإسرائيلي.. سفينة "حنظلة" تنطلق من إيطاليا باتجاه غزة    "فيفا" يُنصف حكيمي: أفضل مدافع في مونديال الأندية بأرقام دفاعية وهجومية مذهلة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يأسف لتطورات اعتصام قصبة تادلة ويحذر من نشر مشاهد صادمة دون ضوابط    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    بملتقى فكري مفتوح حول «السؤال الثقافي: التحديات والرهانات»، بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. الاتحاد الاشتراكي يفتح نقاشاً ثقافياً استعداداً لمؤتمره الثاني عشر    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    الاتحاد الأوروبي يؤجل "رسوم أمريكا"    انتهاك صارخ لقدسية الأقصى.. مستوطنون يقتحمون قبة الصخرة ويؤدون طقوسًا تلمودية في ذكرى خراب الهيكل    مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    يديعوت أحرونوت: موجة هجرة إسرائيلية غير رسمية نحو المغرب في خضم الحرب    تقرير: المغرب ضمن 3 دول أطلقت سياسات جديدة لدعم الزراعة الشمسية خلال 2024    صدور كتاب عن قبيلة "إبقوين" الريفية يفكك الأساطير المؤسسة لقضية "القرصنة" عند الريفيين    أسعار الذهب تتجاوز 3350 دولارا للأوقية في ظل التوترات التجارية العالمية    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    علماء ينجحون في تطوير دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لعدة سنوات    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمن أكتب؟
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 06 - 08 - 2021

لعلّ الأسئلة التي تتعلق بالكتابة، من أصعب الأسئلة، لأن فيها الكثير من الغموض وعدم المصداقية، وفيها كثير من الالتواء والحذلقة، فسؤال لمن أكتب أصعب من سؤال لماذا أكتب.
شخصياً؛ أكتب لشخص واحد فقط (المرأة ) التي أكتب لها قصائد الغزل ورسائل الحب، وفي كل مرة أكتب نصا، أو أصدر كتاباً، وإن كان في السياسة أو في النقد، أو حتى في التربية، أكون أفكر أنها ستقرأ لي ولذلك أنا أكتب لها، الجمهور الآخر ليس في اعتباري، وفي كل مرة أكتب أحاول أن أثبت لها أنني قادر على الكتابة وبجدارة.
وعندما يقرأ لي الآخرون ويعجبون بما أكتب أزداد حرصا على أن أكتب أكثر، ليكون هؤلاء القراء المعجبين والقارئات المعجبات رصيدا إضافياً لأعجبها، تماماً كما قال درويش "كن نهراً لتعجبها". بالفعل أتدفق مثل نهرٍ لأعجبها، أظل مهووسا بالكتابة، كمّاً ونوعا لأقول لها ها أنا موجود، وعليك أن تحبيني أكثر، وعليك أن تقتنعي بي قناعة مطلقة أنني جدير بالقراءة.
أصل أحياناً إلى اليأس القاتل، عندما أشعر أن نصا لم يعجبها أو لم تثنِ على ما كتبت، أو حتى إن مدحت كاتباً آخر أمامي. أغار منه لأنه استحوذ على إعجابها كاتبا، وأنا أصبحت ثانويا هامشياً، لذلك أكتب بكثرة محاولا أن اكتب كل الأفكار. هكذا ببساطة أكتب من أجل أن ترضى بيَ كاتبا وليس مجرد عاشق طامع في جسدها البلوريّ الشهيّ، وهي تمتلك هذه المشهيات. عليها أن ترضي غروري كاتبا، قبل أن ترضي غروري عاشقا رجلا، الكتابة بهذا المعنى بوابة لمتعها الحسية الأخرى.
كثيرا ما وصلنا أنا وإياها إلى منطقة من سوء الفهم نتيجة هذه الفكرة الشخصية جداً، فنتخاصم ونتقاطع أشهراً، وفي هذه الفترة أقتل نفسي تأملاً، كيف يمكن أن أغير وجهة نظرها عني، كيف يمكن أن أزيح كتب الآخرين الموجودة بجانب سرير نومها أو على طاولة مكتبها أو تحتفظ بها إلكترونيا في جهازها المحمول. فأنا لا أرى نفسي إلا كاتباً شاملاً من أجلها. أعود إليها محملا بالأفكار والكتب. أخترع المناسبات لأؤلف لها كتاباً، أو أكتب لها نصاً. فلست مصلحاً اجتماعيا أو سياسيا في نهاية هذه اللعبة. ككل الكتاب، فلا يوجد كاتب يكتب من أجل أن يجعل العالم أفضل. أشكّ في ذلك شكّا كبيراً. غالب الظن أننا كلنا نكتب من أجل هذا الشخص الذي لا يعنينا غيره في هذا العالم، سواء أصرحنا بذلك أم لا.
من باب آخر تحمل الكتابة بهذا المعنى بعدا مأساويا ذاتيا محزناً، فكل هذا الذي نسيل به من لغة وأفكار ما هو إلا من أجل شخص واحد. إن الأمر يشبه العرس تماماً. فالعروسة للعريس، والجري للمتاعيس، على رأي المثل المصريّ. لكن القراء في هذا المثل ليسوا هم التعساء، بل هم الكتاب الذي يركضون وراء وَهْمِ إعجاب شخص واحد بما يكتبون. القراء هنا سعيدون وهم يجهلون هذه الحقيقة، إذ يمارس عليهم الكتاب خديعة كبرى فيوهمونهم أنهم يكتبون لأجل قضايا عامة ومجتمعية وسياسية وإنسانيّة، وهم في الحقيقة لا يكتبون في هذه القضايا إلا ليشرحوا لذلك الشخص وجهات نظرهم، لعلهم يقتنعون بها، فيصبحون أفضل حبا وعشقا وأقرب إلى الذات والروح. الكتابة في الحقيقة لها هذه القدرة في خلق هذا الحافز وفي إحقاق هذه الفكرة، وترفعها لمرتبة التسليم المطلق.
القراء المساكين يتعاملون مع الكتابة بسذاجة كبيرة، فيتأثرون بما يكتب الكتاب. لماذا يتأثر القراء بما يكتب الكاتب وهو لا يتوجه إليهم بالكتابة؟ إنه بفعل الخديعة السابقة، أو ربما لأن الكاتب "وجد قلبا خالياً فتمكنَ"، أو لأنه ربما اشتبهت الأمور عليه فرأى نفسه في الكتابة. إجمالاً أنا لا أصدق أن القراء يتأثرون بكتب الكتاب، هم يقرؤون فيستمتعون وحسب، ثم يمضي كلاهما إلى غايته، الكاتب يبحث عن فكرة جديدة تعجب شخصه المنتظر له، والقارئ يبحث عن كاتب آخر، لعله يتذوق فكرة جديدة بمذاق مختلف، إذ إنه- وهذا ملاحظ- أن الكاتب الواحد وأنا من هؤلاء الكتاب، لكتاباتي طعم واحد، إذ يشعر القارئ، بتلك اللذعة التي تختبئ بين السطور. هذه هي الروح التي تشمل كل كتابات الكاتب، إن اكتشفها القارئ سيذهب باحثاً عن غيره من الكتاب ليكشف أعصابهم، أما ذلك الشخص الذي نكتب له سيقرأنا في كل مرة لأنه يبحث عما يؤكد حضوره في كل مرة في كل نص أو كتاب جديد.
هكذا هي الأمور باختصار، على الرغم من أننا أحيانا، أو أنا على الأقل، لا أدري لمن أكتب. أكتب وحسب دون أن أفكر بأسئلة الكتابة التقليدية: "ماذا" أو "لماذا" أو "لمن"، عليّ أن أكتب وأخط على الورق فأسوّد وجه البياض في الصفحة دون فكرة واضحة أو غاية أو جمهور. فأسئلة الكتابة معضلات فلسفية لن يستطيع الكاتب أن يحلها إلا بالفذلكة والتفلسف واللف والدوران. أما الحقيقة فلن تسلس قيادها لأي كاتب مهما ادعى من خبرة وحكمة وحنكة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.