فقد غار سكان العرائش على الهوية الجمالية لمدينتهم، فقررواالتظاهر ضد التبليط الذي طال الكورنيش التاريخي للمدينة، وهو قرار تغيرت بمقتضاه ملامح »هبة الليكسوس«، المطلة على البحر . فانتفى »البلكون الاطلانتيكو«، العرايشي لفائدة ممرات من الاسمنت والزليج .. إنه تظاهر يشبه أهله! العرايشون جميلون ويحبون الجمال، كمنحة الهية وليس كموروث تاريخي وبيئة استيتيقية أو عمرانية فقط! لعلها المرة الأولى التي يتظاهر فيها السكان من أجل.. الجمال. الذي أفسدته القرارات العشوائية والمفصولة عن روح المكان أو المصابة بالعمش في النظر إلى الجمال! ولعل السابقة الوحيدة عنها هي الحملة التي دافعت عن »جامع لفنا«، بمبادرة نت الكاتب العالمي الإسباني خوان غويتيسيلو صديق جان جونيه، المدفون في العرائش، بعد أن اختارها منفى للورود في آخر حياته! وبدون تفاصيل كثيرة، يمكن القول إن الساكنة ارتعشت لتغييب خلفية جمالية بقرار اعتبرته بليدا للغاية. والذي تظاهر من أجل الجمال، كمن يصنعه يحييه! وهذا هو الأهم. الجمال يكمن هنا أيضا في الشعور بالهوية الجمالية والإستيتيقية للمدينة. ولن ابالغ إذا قلت بأن الزوار، وكل الذين سبق لهم أن التقطوا نفسا جماليا أو أقساطا من اليود أو صورة للتخليد بالقرب من الكورنيش أيضا تظاهروا من على بعد آلاف الكيلمترات التي تفصلهم الآن عن صيف هبة الليكسوس: من أمريكا وأوروبا، أو من مناطق المغرب الأخرى كلها.. الذي اتخذ القرار أو الذي صادق عليه أو الذي فرضه:باسم سلطة التعمير أو سلطة الوصاية أو سلطة السوق، يحتاج إلى اعتذار حقيقي للسكان ولمن يحبون العرائش وإلى روح الذين سكنتهم أيضا.وسكنت المكان الذي تظاهروا من أجله! لقد حول العرايشيون التظاهر من أجل الجمال في المدينة إلى .. واجب. وعندما فعلوا ذلك أقاموا الدليل على أن العيش في محيط جميل أمر ممكن، خصوصا إذا كان موروثا عن مرحلة من التاريخ ومن المسيرة العمرانية لمدينتهم ،، و لأنهم أعلنوا في المغرب جمالهم. لا أشك بأن أشياء أخرى في المعيش اليومي أو في التدبير وفي الخدمات تنقص المدينة، ولعلها تشكل سببا وجيها للغضب والتظاهر، لكن أجمل ما يحدث هو أن الناس خرجوا دفاعا عن بطاقة الجمال العمراني لمدينتهم، على حافة المحيط الأطلسي..المكلف لقرون عديدة بحراسته من الغزاة.. ومن البشاعة والقبح! لست هنا لكي أحاكم لا عامل الإقليم، ولا المسؤولين عن الجماعة ولا عن مصالح اللاممركزة، ولكني جازم بأن كل فعل قبيح، يفسد الجمال، يُشعر الناس بأن وراءه فساد ما، وأنه يصعب التصديق بأنه قرار بريء! وقد يكون فسادا في الذوق أو في القرار أو في الشعور بالعمران أو فساد في النظرة إلى الموروث الثقافي العمراني.. وعليه نبهنا العرائشيون والعرايشيات بأن أكبر إدانه ضد الفساد، هي أن … تتظاهر دفاعا عن الجمال! أحببت العرائش أحببت اهلها، وأحب جمال تظاهرتهم من أجل جمال روحهم!