تشهد سوق الأدوية في المغرب أزمة متصاعدة تتعلق بتحديد الأسعار وتوفر الأدوية، في ظل تضارب المصالح بين مختلف المتدخلين في القطاع، من شركات إنتاج وتوزيع، إلى صيادلة ومستهلكين، وسط دعوات لتدخل حكومي حاسم يعيد التوازن ويحمي القدرة الشرائية للمواطنين. في هذا الإطار، سلط بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، الضوء في تصريح لرسالة 24 على أحد أبرز جوانب هذه الأزمة، مؤكدا أن المسؤولية لا تقع على عاتق الصيادلة كما يروج، بل تعود بالأساس إلى الشركات المنتجة والمستوردة، التي تمتنع عن تصنيع أو استيراد الأدوية ذات هامش الربح المنخفض، مما يؤدي إلى اختلال واضح في سلسلة التوزيع. وأوضح الخراطي أن الصيدلي لا يعدو أن يكون حلقة وصل بين تلك الشركات والمستهلك، إلا أنه يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع المواطنين، خصوصا مع ارتفاع الأسعار الذي ينعكس على ضعف الإقبال وبالتالي تراجع هامش ربحه الإجمالي. هذا الوضع، بحسبه يدفع بعض الصيادلة إلى التعبير عن استيائهم من السياسات التي تضعهم في مرمى انتقادات الزبناء، بينما الفاعل الحقيقي في الخلفية يظل بعيدا عن المحاسبة. وفي سياق متصل، شدد الخراطي على أن مهنة الصيدلة، شأنها شأن باقي المهن، من حقها الدفاع عن مصالحها، لكن ضمن إطار القوانين الجاري بها العمل. كما أشار إلى أن أسعار الأدوية في المغرب لا تحدد بشكل اعتباطي، بل تخضع لتقنين رسمي تشرف عليه وزارة الصحة بعد استشارة ممثلي القطاع الصيدلي. وعاد المتحدث للتذكير بأن أولى بوادر تخفيض أسعار الأدوية انطلقت مع الوزير الأسبق الحسين الوردي، الذي بادر إلى مواجهة "لوبي الأدوية" بشجاعة سياسية، ممهدا الطريق لإصلاح جزئي، وإن كان غير كافٍ لتجاوز اختلالات منظومة التسعير بشكل جذري. وختم الخراطي تصريحه بدعوة صريحة إلى تخفيض أسعار الأدوية إلى مستويات معقولة، تتماشى مع تكاليف الإنتاج والاستيراد، مع التأكيد على ضرورة السهر على جودة المنتجات الدوائية المعروضة في السوق الوطنية، حتى لا يفتح الباب أمام الأدوية المغشوشة أو البدائل غير الآمنة. أمام هذا الوضع، يظل المستهلك المغربي الحلقة الأضعف في معادلة لا تزال محكومة باعتبارات الربح التجاري أكثر من مصلحة الصحة العامة، ما يضع وزارة الصحة والحكومة أمام مسؤولية تاريخية لإعادة الاعتبار لحق المواطن في الدواء الآمن وبسعر منصف.