ما من شك أن مناسبة عيد العرش، والسياق الذي يتم فيه الاحتفاء به، قد رفع، في السنين الاخيرة، من أفق انتظار المغاربة جميعا، عمَّ تعوَّدوه في كل خطاب للعرش طوال العقود السابقة. وأصبح ، علاوة على ما تعودناه، موعدا لترقب ما سنُحرزه من نصر جديد في قضيتنا الوطنية الأولى قضية الصحراء: رسالة اعتراف بمغربية الصحراء من دولة عظمى مثلا أو الاعلان عن جديد في القضية يكون حاسما، أو ما يرافق تعزيز الجبهة الداخلية وفتح طريق التقدم وتثبيت الدور الاقليمي للمغرب ووضعه كقوة إقليمية لها صوتها المسموع دوليا!.. وعموما ، تكون النخبة المغربية، في مركز القرار السياسي أو في غيره من فضاءات السلطة أومعارضتها أو في فضاءات انتاج الثروة وانتاج المعرفة، أو في التمثيليات الديبلوماسية في الرباط في حالة تطلع إلى لحظة خطاب العرش ، بأفق انتظار واسع يبدأ من ملفات الموقع الجيو استراتيجي للمغرب، وموقفه من القضايا الشائكة، من قبيل قضايا الشرق الأسود والقضايا العربية، ويمتد إلى المعيش اليومي للمغاربة، فقيرهم وميسورهم ومتوسطهم ، مروراً بالطاقة والاقتصاد والشراكات الاستراتيجية والتعليم وقضايا المجتمع. و المغاربة، في غالبيتهم، ينظرون إلى من زاوية ثنائية لا تنفصل. تتعلق الأولى بالقضية الوطنية الأولى، الصحراء، وكل ما له صلة بها،كما سبق أن أضفنا الى ذلك المستجدات الحاسمة، التي تجعل الرباط مركز الحدث وصانعته وليس نيويورك او بروكسيل وحدهما :كما هو حال العلاقات الدبلوماسية، الشراكات الجيوسياسية، المواجهات المؤسّساتية في ردهات التنظيم الدولي الأممي، إلى غير ذلك من مواقف تهم الجوارين القريب والبعيد. وتتعلق الزاوية الثانية بالمعيش اليومي، وما يتطلبه من قرارات اقتصادية وسياسية واجتماعية، يبادر إليها الملك في اللحظات الحاسمة من حياة المجتمع. وفي التواتر نفسه، يمكن أن نتحدّث عن تقييم الملك العمل الحكومي، والمؤسّساتي عموما، في ضوء ما يُتوافَق عليه أو ما يدعو إليه الملك شخصياً، من قبيل الدولة الاجتماعية، ومدى تحقق قواعدها التأسيسية، والسيادة الغذائية والطاقية والمائية، والإصلاحات ذات الصلة بالمرأة والثقافة والبنيات الحقوقية وتأهيل التعبير المؤسساتي عن حضور مغاربة العالم (الجالية المغربية في الخارج) في الهندسة المؤسساتية للحكامة المتعلقة بها.. و سيكون من المفيد لنا كمغاربة ، و للحكومة بالدرجة الاولى القيام بتمرين تقف من خلاله على ما حققته ، وما عطَّلتْه من الاجندة ( الاجندات ) الملكية خلال الولاية الحالية. تماما كما هو حال مؤسسات صناعة القرار الأخرى.. وليس الهدف من وراء ذلك، البحث عن التعجيز أو رفع السقف بالنسبة للجهاز التنفيذي، لاسيما ونحن ندرك بأن الزمن الملكي يتجاوز الزمن الحكومي لاعتبارات يطول شرحها لكن ، للوقوف على الفعل الميداني في قضايا مرهونة بتسريع الوتيرة وبتقريب السقف الزمني المحدد ، وخصوصا في المواضيع التي تم توفير كل مقومات المخطط الجاهز لها، كما اعلنه ملك البلاد. ونحن نفكر في المغاربة العالم مثلا، والذين كان جلالته قد أعلن مخطط تأهيل أوضاعهم بشكل دقيق أو في التأهيل المؤسساتي ذي الصلة بالمرأة ، على قاعدة الدستور . و نشدد ، أنه ومن باب الانصاف، ومن باب التبصر والفرز الموضوعي ،أنه لا يمكن الخلط بين الاجندات ذات الزمن السياسي الطويل المدى، أي الزمن الاستراتيجي ، لاسيما ما يتعلق بالمخططات العابرة للزمن وتتجاوز الولاية السياسية للحكومة ودورة التمثيلية الانتخابية.وبين الاجندات التي تم إعلانها وهي قابلة للتنفيذ في الزمن السياسي للولاية الحكومة. من الجيد ومن الجدي ، سياسيا وقيميا، أن نعرف الاجندات التي عطلتها الحكومة والتي تفاعلت معها ايجابا، وحققت فيها المبتغى والتي ما زالت تراوح فيها نفسها،كما هو حال تأهيل وتطهير المؤسسات العمومية المكلفة للغاية !..