بايتاس: مركزية الأسرة المغربية في سياسات الحكومة حقيقة وليست شعار    المغرب يعرب عن استنكاره الشديد لاقتحام باحات المسجد الأقصى    هل يسمح المغرب لطائرة اتحاد العاصمة الجزائري بدخول المملكة؟    مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب    مطار الناظور يحقق رقما قياسيا جديدا خلال الربع الأول من 2024    بايتاس يؤكد على "الإرادة السياسية القوية" للحكومة لمعالجة مختلف الملفات المطروحة مع النقابات    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    المغرب يستنكر اقتحام باحات المسجد الأقصى    مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    وزارة الفلاحة تتوّج أجود منتجي زيوت الزيتون البكر    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    وضع اتحاد كرة القدم الإسباني تحت الوصاية    الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي : إصدار 2905 تراخيص إلى غاية 23 أبريل الجاري    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    تشافي لن يرحل عن برشلونة قبل نهاية 2025    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    الجماعات الترابية تحقق 7,9 مليار درهم من الضرائب    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    رسميا.. الجزائر تنسحب من منافسات بطولة اليد العربية    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصيلة عمل الفريق الاشتراكي بمجلس النواب

نحن سعداء في الفريق الاشتراكي بأن نقدم إليكم، ومن خلالكم إلى كل الاتحاديين والشعب المغربي، حصيلة ما قمنا به خلال أربع سنوات من انتدابنا البرلماني.
سعداء لأننا نضع اليوم أمامكم أعمالنا لتقيموها ولتعطوا فيها رأيكم، وفي ذلك إعمال لمبدأ المحاسبة. وسعداء لأننا نعتبر من وجهة نظرنا أننا لم نخلف الوعد، وأنجزنا المهمة التي كلفنا بإنجازها في الواجهة المؤسساتية لعمل حزبنا، ألا وهي المساهمة في بناء الوطن وتعميق الممارسة الديموقراطية من خلال التشريع ومراقبة العمل الحكومي. ولكننا سعداء بالخصوص لأننا نعتبر أننا نجحنا في تدبير المرحلة، في ما يخصنا، وبالخصوص ما يرجع إلى تصريف ما اتخذه الحزب من قرارات مرحلية.
وأود أن أؤكد أن الفريق يستطيع القول اليوم وبكل تواضع، بأنه دبر أعماله بكل حكمة ورزانة وبقي واجهة الحزب الحريصة على مكانته وحرمة خطه السياسي و الرقي بعمله إلى مستوى لائق رغم الإكراهات مستحقا كل الاحترام والتقدير ، عمل جاء بإسهام الأخوات والإخوة الذين حرصوا على الحضور أولا ودافعوا عن هذا التوجه وتحلوا، من أجل ذلك، بالتجرد وتغليب مصلحة الاتحاد الاشتراكي على جميع الحسابات التي كادت تعصف بالحزب في فترة ما بعد نتائج انتخابات 2007. إنني أعتز كرئيس للفريق بمجموعة من خيرة المناضلات والمناضلين وبمواكبتهم ومواظبتهم المستمرة.
وقد حرصنا على إبراز جوانب الضعف وجوانب القوة في أدائنا, حرصا منا على الموضوعية، وتكريسا لتقليد الوضوح والصراحة.
لقد دبرنا عملية « المساندة النقدية «التي اعتمدها المكتب السياسي آنذاك وحرصنا على الوفاء والانضباط لقرارات الحزب ولم يكن ذلك باليسير في عملية تمرين تكاد تكون سريالية في بعض الأحيان .
دبرنا كفريق مسألة عدم الانضباط التي يعيشها الجسم النيابي للأسف. وحرصنا على التغلب عليها ولم تسجل على فريقنا أدنى ملاحظة في هذا الصدد بشهادة الخصوم والأصدقاء, بل نستطيع أن نقول بأن الاحترام لفريق الاتحاد الاشتراكي من خلال سلوكه وعطاءاته واقتراحاته ومبادراته وانتقاداته لم يزد إلا تأكيدا.
دبرنا مسألة التواصل المؤسساتي بإمكاناتنا المتواضعة وحرصنا على الاستجابة لطلبات كل المؤسسات والحساسيات والتنظيمات التي رغبت في العمل مع الفريق سواء كانت حزبية أو طلابية أو نقابية أو مهنية, بل وحتى متطلبات شخصية وحاولنا معالجة القضايا والمشاكل المثارة بقدر الهامش المتاح لنا والذي لا تخفى عليكم تعقيداته .
إن ما يميز الوثائق الموزعة عليكم كونها تجاوزت منهجية السرد وتقديم المعطيات التشريعية والرقابية، كما جاءت في عمل الفريق، لتقديم قراءة موضوعية وتركيبية في أدائنا، من حيث المحتوى والمنهجية والموقف السياسي والاقتراحات والمبادرات.
وبجانب هذه الوثيقة / الكتاب، تحتوي حصيلة أعمال الفريق جداول مفصلة حول العمل الرقابي للفريق والمبادرات التشريعية والأيام الدراسية.
إننا نعتبر هذه الوثائق بجانب قيمتها المرجعية للباحثين والمتتبعين.أدوات عمل في أيدي الاتحاديين والمتعاطفين مع الاتحاد وعملا للتواصل مع الرأي العام الوطني الذي من حقه أن يتعرف على أدائنا وقصورنا ونجاحاتنا ومبادراتنا والكوابح التي حالت دون تحقيق ما سعينا إليه من أجل تحسين المعيش اليومي للمغاربة ومن أجل الحكامة والمحاسبة.
واسمحوا لي أيتها الأخوات والإخوة ,إذ أعدت التشديد على بعض الأمور ونحن بصدد حصاد ولاية تشريعية وعلى وشك تدشين أخرى.
انتخابات 2007 قد شكلت لحظة فاصلة في تاريخ المغرب السياسي، وكيف كانت بالنسبة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لحظة عسيرة ، بسبب النتائج التي حصل عليها الحزب ، وتداعياتها على موقعه في النسق السياسي والحزبي والمؤسساتي، وعلى وضعه الداخلي .
لقد شكلت هذه النتائج صدمة بالنسبة للمناضلين والعاطفين الذين رأوا حزبا تاريخيا بحجم الاتحاد يتراجع انتخابيا إلى المرتبة الخامسة بعد أن تصدر الانتخابات التشريعية في ولايتين متتاليتين (1997 2002 و 2002 2007) وبعد أن قاد حكومة التناوب وكان الشريك الأساسي للمؤسسة الملكية في تدشين التناوب وتيسير الانتقال الديمقراطي، وفي ما تم إعماله من إصلاحات هيكلية كبرى وإنجازه من مشاريع وتنفيذه من سياسات عمومية ، وخاصة ما تحقق من مصالحات ومن مكاسب على مستوى حقوق الإنسان.
لقد رأى الاتحاديون أنه بعد كل التضحيات التي قدموها خلال مرحلة التناوب على تدبير الشأن الحكومي التي انضافت إلى تضحيات السنوات الصعبة ، سنوات القمع السياسي والظلم الاجتماعي والاقتصادي والمجالي ، بعد كل ذلك ، وبعد مصادرة حقهم في قيادة الحكومة بعد انتخابات 2002 ، حيث حصل الحزب على أكبر عدد من المقاعد ، رأوا، حزبهم في وضعية الشريك المكمل بعد أن كان الشريك الذي يقود الأغلبية .
وقد كان لهذا الوضع تداعيات وانعكاسات سلبية على نفسية المناضلين وعلى التنظيمات الحزبية ، خاصة في ضوء ما عاشوه خلال الانتخابات من ممارسات مشينة و مبخسة للعمل السياسي، والتي كانوا، قد اعتقدوا مع الرأي العام ، أن زمنها ولى ، وأنها لم تعد تتماشى مع مغرب الألفية الثالثة . لقد استعمل المال الانتخابي على أوسع نطاق وتميز سلوك السلطة إزاء ذلك بالحياد السلبي .وتم توظيف الوسائل العمومية الثابتة والمنقولة والمنافع العمومية على نطاق واسع من أجل استمالة الناخبين . وعلى العموم فإننا عشنا في انتخابات 2007 حالة إفساد خطط لها محترفو الفساد السياسي الذين نفذوا مخططا رهيبا ، كانت نتيجته الأولى نسبة العزوف العالية عن المشاركة في الانتخابات(63% من الناخبين لم يذهبوا إلى مكاتب الاقتراع) بالإضافة إلى النسبة العالية في البطاقات الملغاة. لقد كان الجواب الأول من جانب الناخبين ، خاصة ناخبي الاتحاد الاشتراكي ، هو هذا الاحتجاج السلبي والصامت على إفساد العملية السياسية التي كان قد مهد لها خلال سنوات بتبخيس العمل السياسي والتهجم على الأحزاب السياسية الحقيقية ومحاولة نزع المصداقية عنها والتشهير بها، واعتبارها مشاريع متقادمة .
وعندما قلنا في الفريق الاشتراكي في 2007 أن نتائج استحقاق 7 شتنبر 2007. سترهن المغرب وسيكون لها ما لها من نتائج وتداعيات، فإننا كنا نبني قولنا على تقديرنا لحجم الكارثة السياسية التي تسبب فيها زلزال 7 شتنبر 2007.
هذا التذكير مهم ، في نظرنا أيضا، لأن سلوكنا السياسي وخطاباتنا وأدائنا الرقابي والتشريعي ومواقفنا ، وتصويتنا ، في الفريق الاشتراكي داخل المؤسسة التشريعية ، كان طيلة أربع سنوات ، يستحضر، هذه اللحظة التي سميناها فاصلة في تاريخ البلاد وفي تاريخ حزبنا ، كما يتأكد من خلال الوثائق التي تتضمنها الحصيلة التي بين أيديكم، وما تتضمنه من تحليلات ومواقف ومقترحات وأفكار وجهر بالحقيقة، ما نعتقد أن فريقا آخر ، خاصة في الموقع الذي كنا فيه، يستطيع أو استطاع الجهر بها كحقيقة.
تتذكرون أنه على الرغم من كل ما شاب استحقاق 7 شتنبر ، فإن الحزب اختار المشاركة في الحكومة بعد تعيين وزير أول من حزب من أحزاب الكتلة الديمقراطية الأمر الذي اعتبرناه عودة إلى المنهجية الديمقراطية التي كان الاتحاد الاشتراكي قد انتقد الخروج عنها عقب انتخابات أكتوبر 2002 حينما حصل الاتحاد على أكبر عدد من المقاعد وتم مع ذلك تعيين وزير أول من خارج الأحزاب السياسية .
وإلى جانب الإحباط الذي خلفته نتائج انتخابات 7 شتنبر بعد أن فقد الاتحاد العديد من قلاعه الانتخابية خاصة المدن الكبرى وعددا من المدن المتوسطة وتحقيق نتائج متواضعة في مدن كبرى قليلة (مقعد واحد في البيضاء وآخر في الرباط ، وثالث في فاس ورابع في أكادير) ، فإنها خلفت استياء لدى القيادات الحزبية الجهوية والإقليمية والمحلية ولدى عموم المناضلين .
وقد كان من الطبيعي أن ينعكس هذا المناخ العام على الوضع داخل حزب حي يتفاعل جدليا مع الواقع السياسي، لأنه أحد الفاعلين الأساسيين فيه ولأنه كان من صناع الحدث فيه.
لقد كانت مشاركة الحزب في الحكومة لحظة أخرى زادت من تعميق أزمة الحزب، حيث كان من الطبيعي أن نعيش تجاذبات حول جدوى المشاركة من عدمها، ليعود السؤال حول الموقف من المشاركة والذي ، يتعين أن نقول اليوم إنه ، وإن تم اتخاذه في الإطارات والمساطر التنظيمية المعهودة، فإن المزاج العام الاتحادي لم يكن مقتنعا به 1% ، خاصة أن الأمر تم بمشاركة وجوه بيروقراطية.
والنتيجة، كما يعلم الجميع، أننا عشنا في الاتحاد الاشتراكي على خلفية هذا المسلسل، الممتد بين 7 شتنبر وتنصيب الحكومة، مرحلة صعبة من التجاذبات الداخلية ، وشرخا عميقا في الرأي والموقف من اللحظة السياسية تلك داخل القيادة الحزبية على الخصوص . ولسنا اليوم بصدد تقييم هذه التجاذبات أو الحكم عليها ، أو على أصحابها ، لأن الأمر أصبح متجاوزا ، ودخل في باب تاريخ الاتحاد الذي ستقرؤه الأجيال المقبلة، ولكننا ذكرنا بذلك ، لأنه سيكون له بدوره الأثر البالغ على وضعية الفريق والموقف الذي وضع فيه .
وقد تم على مستوى القيادة الحزبية تجاوز هذا الوضع، أي التعاطي مع الحكومة، وإيجاد مخرج ، اعتبره البعض ذكيا ، لأنه جنب الاتحاد الدخول في دوامة تنظيمية، حمدا لله لأنها لم تقع، واعتبره الآخرون غامضا، ولكنه من وجهة نظرنا كان الموقف الممكن .
يتعلق الأمر بقرار المكتب السياسي الذي يمكن وضعه تحت عنوان/ مفهوم تمحور حوله القرار المتضمن في بلاغ المكتب السياسي ، ألا وهو « المساندة النقدية»، وهو ما اعتبره المنافسون والخصوم السياسيون، غطاء لمعارضة من داخل الأغلبية، علما بأن الاتحاد ما كان بحاجة لغطاء ليعارض لأنه خبر المعارضة.
لقد كان لهذا الموقف/ القرار/ المفهوم ، أثر بالغ على عملنا في الفريق الاشتراكي انضبط له الفريق في زمن التمردات واللامسؤولية الحزبية. وبعد أن اعتبرناه محرجا لنا وصعب التصريف ، أصبح مصدر إلهام لنا وخلفية سياسية لمواقفنا ، لأنه من جهة، خلصنا من عدد من الإكراهات والقيود ، ومن جهة أخرى مكننا من أن نساهم كفريق بالقسط الوافر، في إعادة الإشعاع إلى الاتحاد الاشتراكي ، ولأنه على مستوى ثالث، كشف لنا مواقف غير ودية وغير متوقعة من الحلفاء الأساسيين.
لقد كان علينا، سياسيا وتنظيميا وأخلاقيا أن نصرف القرار الحزبي هذا، ليس في التصويت ، لأن هذا الفعل هو أبسط حالات التصريف، أو بالتهرب أو الغياب، أو التملص من الالتزامات ، ولكن بالالتزام بالخط الحزبي الديمقراطي والاجتماعي والتزامات الاتحاد الاشتراكي الوطنية.
لقد كان تصريف هذا الموقف صعبا ومعقدا, خاصة في المحطات التي كانت تتعارض فيها اختيارات أطراف الأغلبية البرلمانية، وفي تلك التي كنا نجد فيها أنفسنا مطالبين بتبني مواقف غير اجتماعية ومفرطة في الليبرالية، أو تشكل تراجعا عن مكاسب الشعب المغربي السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو ضربا في مكتسبات على عهد حكومة التناوب.
وقد واجهنا، في هذه اللحظات عواصف وتهجمات من أطراف حكومية، تصدينا لها في حينها بقوة الموقف وبشجاعة الكلمة.
لقد كان علينا أن نولف، في الموقف الواحد، بين أربع مواقف، اعتبرنا أنها مؤطرة بمبادئنا وقيمنا وخطنا واختياراتنا، وفي نفس الوقت التزاماتنا وتعهداتنا، إزاء الوطن قبل كل شيء، وإزاء الشركاء، في ظل الثوابت الوطنية. فقد كان علينا:
* الدفاع عن المكتسبات السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية للشعب المغربي خاصة خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة، مما يعني الوقوف في وجه أي تراجع عن هذه المكاسب والحقوق، وهو التراجع الذي كان البعض يحاول تغطيته أو تبريره بالإكرهات الظرفية، وتصريفه خاصة من خلال القوانين المالية؛
* الالتزام بالحفاظ على التوازنات الاقتصادية والمالية الكبرى وتجنيب البلاد السقوط من جديد في ورطة الاستدانة أو العجز الموازناتي؛
* التصدي للنزعات الليبرالية المفرطة التي كانت تنزع نزوعات غير اجتماعية. وقد رفعنا ضد هذه النزوعات شعار «اقتصاد ليبرالي تحرري من أجل مجتمع متضامن... واقتصاد السوق لا يعني بالضرورة مجتمع السوق حيث الغلبة للقوي»؛
* الالتزام بأفق الإصلاح على أساس ما تراكم من مكاسب وإصلاحات على مختلف الأصعدة بما يعزز المكتسبات ويفتح الباب لإصلاحات أخرى، تفعيلا والتزاما بالشعار المركزي الذي رفعناه خلال الانتخابات أي «من أجل جيل جديد من الإصلاحات»؛
لقد تقاطعت هذه المواقف والثوابت في مسيرة العمل الذي أنجزناه خلال أربع سنوات في إطار الفريق الاشتراكي في مجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي والعلاقات الخارجية والعلاقات العامة مع المواطنين والمنظمات المهنية وهيئات المجتمع المدني الحقوقي والتنموي.
وقد حكمت هذه المواقف الفلسفة التي تصرفنا على أساسها والتصورات التي بلورناها والقرارات التي اتخذناها ودافعنا عنها في عملنا البرلماني.
وقد استلزمت هذه المواقف التحلي بالشجاعة والصبر والمثابرة والحضور الوازن والنوعي في النقاش البرلماني العمومي وفي اللجان الدائمة وفي اجتماعات التنسيق بين أطراف الأغلبية، وفي العلاقة مع الإعلام الوطني، تصريفا لاستقلالية موقف الفريق المعبر عن موقف الحزب.
مناقشة البرنامج الحكومي
مناقشة البرنامج الحكومي أول امتحان لتصريف موقف حزبنا وامتحان قدراتنا على ضمان استقلالية رؤيتنا
,لقد كانت مناسبة مناقشة البرنامج الحكومي الذي تقدم به الوزير الأول أمام البرلمان يوم 24/10/2007 أول محطة امتحنا فيه وأول تحدي لفرض استقلالية قرارنا وتجسيد تميزنا، ومناسبة لنمتحن قدرتنا وخبرتنا في تصريف الموقف الحزبي المرحلي على المستوى البرلماني: «المساندة النقدية».
كان الخطاب الملكي الذي افتتح به جلالة الملك محمد السادس الولاية التشريعية 2007-2012 دالا وعميقا، ووجدنا فيه الكثير مما يتطابق مع خطنا السياسي المرحلي، ومع الأخلاق التي يتأسس عليها ومع التحليل والاستنتاجات التي توصل إليها حزبنا في تقييمه لانتخابات 2007، لجهة «ممارسة السياسة في معناها النبيل والالتزام لخدمة الصالح العام وتجنب الوعود التضليلية والمحرفة لقيم الدين والمواطنة» أو لجهة» التأهيل السياسي الشامل لكل الفاعلين والمؤسسات والتنظيمات في أفق الإصلاح المؤسساتي الذي يتوخى ترسيخ التطور الديموقراطي والتنموي «أو» لجهة» تغيير مناهج وبرامج العمل البرلماني والحكومي بهدف تعزيز مصالحة المواطن مع المجالس المنتخبة» (من خطاب جلالة الملك في افتتاح الولاية التشريعية الثامنة).
ورفعا لكل لبس أوضحنا وذكرنا بثابتين مركزيين في تعاطينا مع البرنامج الحكومي وتفريعاته القطاعية. هكذا أكدنا على تشبث والتزام حزبنا وفريقه في مجلس النواب بالمشروع الديموقراطي الحداثي في ظل الملكية الدستورية الديموقراطية والاجتماعية التي نعتبرها عماد التلاحم الوطني، كما شددنا على حرصنا على تحصين المسار الديموقراطي وتعميق الممارسة الديموقراطية في إطار دولة المؤسسات من خلال عقلنة العمل السياسي وصيانة مكتسبات المغرب في مجال حقوق الإنسان وتحقيق التنمية والقضاء على الفقر والتصدي للتيئيس.
وقد عمدنا في مناقشتنا للبرنامج الحكومي، في إطار الوضوح وعدم التهرب من الموقف، إلى إعادة التذكير بمعنى المساندة النقدية، وإعادة تأكيد تشبثنا بهذا القرار الحزبي والالتزام به في عملنا البرلماني، حريصين على رفع أي لبس عن هذا الموقف.
لقد كان علينا أن نأخذ المسافات الضرورية من عدد من الأطراف حفاظا على استقلالية قرار الفريق النيابي وعدم إقحامه في التجاذبات الحزبية وتصريفاتها حكوميا، و عدم الارتماء في حضن حكومة أعلنا مرارا عدم الاتفاق مع مناهج عمل بعض مكوناتها وقرارتها.
لقد كان هاجسنا هو الحفاظ على الحزب وصيانة مبادئه وحرصنا على عدم التفريط في ذلك مقابل مشاركة حكومية بقدر حرصنا على عدم التفريط في عدد من الثوابت: الدين والوطن والنظام الملكي والثوابت الديمقراطية وطبعا الاتحاد الاشتراكي، إذ أن الاتحاد ليس ملكا لأحد ولكن ملكا للمغاربة ولشهدائه الذين هم أكرم منا جميعا.
لقد شاركنا قبل ذلك في حكومتين متتاليتين ورأينا كيف أننا بقينا لوحدنا ندافع عن حصيلتهما وكيف تنكر لها الآخرون، ورأينا نتيجة تضحياتنا من أجل ضمان التوازنات الماكرو -اقتصادية والمالية. ولم يكن هاجسنا هو رد الدين ولكن كان علينا ان نستخلص الدروس ونستفيد منها, لأننا إذا فرطنا في الاتحاد من أجل تحالف هش وغير ملتزم ، فإننا نفرط في رصيد مشترك للمغاربة وفي قوة سياسية ضرورية و لا مناص منها من أجل توازن النسق الحزبي والسياسي المغربي.
تأسيسا على ذلك انطلقنا في تحليل البرنامج الحكومي، وانتقدنا بنيته ومنهجية إعداده وتساءلنا عما الذي لم يرد فيه: الاستمرارية أم القطيعة، عدم الربط بين وضعية الاقتصاد الوطني والمالية العامة وآفاق العمل وأوجه التغيير ومصادر التمويل، تجنب ذكر الكثير من المكاسب والحقائق، وكأنه تنكر للمصالحات التي شكلت عناوين كبرى لإصلاحات سياسية وحقوقية وثقافية لم يسبق لها مثيل في تاريخ المغرب: المصالحة مع الذاكرة بالتجاوز الإيجابي لأخطاء الماضي وجبر الضرر، والمصالحة مع الذات ومصالحة المغرب مع نخبه ونسائه وشبابه ومع الأمازيغية ومع مجالاته العميقة والمهمشة.
وقد آخذنا على البرنامج الحكومي صمته عن الإصلاحات الهيكلية لمواجهة آفة الفقر ومظاهر الإقصاء والتهميش والتحكم في المؤشرات والتوازنات الماكرو اقتصادية وضمان سلامتها.
واعتبرنا أنه « في جميع الأحوال ونحن نتحدث عن البناء الاقتصادي، فإن الثابت علميا أنه يتأسس على خلفية التراكم وليس على أوهام القطيعة».
إن بعضا من الأسئلة التي طرحناها آنذاك تجد تفسيرها، أو على الأقل أسباب طرحها في الذي يجري اليوم من تحالفات، يمكن أن تكون طبيعية، أو لنقل إنها هي الطبيعية، ولكن غير الطبيعي هو أن تكون بهواجس انتخابية ظرفية وتتناسى أن الالتزام السياسي يقتضي التوجه إلى الشعب بالحصيلة المشتركة للأغلبية والدفاع عنها والاعتراف بالثغرات والأخطاء والصعوبات وأوجه القصور وليس العكس.
لقد ارتأينا في الفريق أن نمهد لتعاطينا مع البرنامج الحكومي بالإشارة إلى هذه الثغرة المنهجية التي ثبت أنها كانت موقفا سياسيا أكثر منه مسألة تقنية. لقد تساءلنا عما نحن بصدده في هذا البرنامج: «قطيعة أم استمرار في أسلوب جديد في العمل؟» وقلنا أن في كل هذه الأسئلة أجوبة مشروعة، لكن اللامشروع هو تجنب هذا الأمر, أي الصمت. ولم تكن هذه مؤاخذتنا المنهجية الوحيدة على البرنامج الحكومي، بل أكدنا كذلك خلوه من النفحة السياسية، وبالأحرى من التحليل السياسي لسمات الوضع القائم آنذاك، و لسياق تنصيب الحكومة ذاتها.
وقد ذكرنا في هذا الصدد بخطورة ما تؤشر عليه نسبة 37 من المشاركة في انتخابات 7 شتنبر 2007، ونددنا بما شابها من استعمال للمال وشراء الذمم وتمييع العمل السياسي وهو السلوك الذي اعتبرنا أنه تسبب من بين أسباب أخرى في نفور قطاعات واسعة من المجتمع من العمل السياسي وخاصة النخب والطبقات الوسطى. وساءلنا الحكومة عن كيفية تعاطيها مع معضلة خطيرة كهاته عطلت حوالي ثلثي الناخبين عن الالتحاق بمكاتب الاقتراع.
ما قلناه في جلسة عمومية بمجلس النواب بمناسبة مناقشة البرنامج الحكومي أي قبل أربع سنوات.
أو ليس هذا الذي أصبح مشتركا على الأقل، على مستوى الخطاب بين أهم القوى السياسية والهيئات المدنية, بل وفي التظاهرات التي يشهدها الشارع المغربي، بغض النظر عن الموقف منها ومن صدقيتها. وما حذرنا من تكراره في انتخابات 2007، تكرر بالفعل في 2009، وأعطى الصنف الذي يعرفه الجميع من عدد كبير من مسيري الجماعات المحلية، وأعطى الاختلالات التي يشهدها تدبير هذه الجماعات خاصة في المدن الكبرى والمتوسطة وما عساك بالجماعات القروية.
إن ما قلناه لم تكن فيه مزايدة، كما حاول البعض أن يصفه ويتهمنا به، ظلما وبهتانا. وقد أثبت مجموع المسلسل الانتخابي ومطالب الشارع المغربي صدقية مواقفنا التي تعززها أيضا المآزق التي وصلها تدبير المدن الكبرى.
وفي إطار رؤيتنا الشاملة للأحداث وضعنا مطلب شفافية الاقتراع ضمن مطلب الإصلاحات المؤسساتية وطالبنا بسلسلة إصلاحات مؤسساتية بناء على منطق التدرج والتراكم في الإصلاح، تمكن البلاد من الخروج من حالة الانتقال الديموقراطي إلى وضع الدولة الديموقراطية في ظل الملكية الدستورية الديموقراطية والاجتماعية ورأينا في «اعتماد المنهجية الديموقراطية بتعيين وزير أول من الحزب الذي احتل المرتبة الأولى من حيث عدد المقاعد في مجلس النواب، خطوة يتعين أن تدشن لجيل جديد من الإصلاحات المؤسساتية».
وفي تعاطينا مع البرنامج الحكومي، توجهنا إلى القضايا الكبرى الشائكة التي سكت عنها أو التي لم نتقاسم معه فيها نفس الرأي، وكنا واضحين في التعبير عن مواقف فريقنا. ومن ذلك مثلا مسألة الهوية المغربية وخاصة ما يتعلق منها بمسألة الأمازيغية، حيث دعونا بالواضح القوى السياسية كافة إلى توضيح موقفها من هذه الإشكالية والكف عن المواقف المتسمة بالعمومية. وقد طالبنا بالتنصيص الدستوري على الأمازيغية كلغة وطنية ونبهنا إلى ضرورة القطع مع التعاطي الفولكلوري والمهرجاني مع هذا المكون الأساسي في الإنسية المغربية وإعادة الاعتبار للثقافة المغربية المنطوقة والمكتوبة بالأمازيغية والمجالات المهمشة.
لقد كان هذا الموقف من صميم موقف حزبنا من تشكل الهوية المغربية التي تشكلت عبر التاريخ من مزيج ثقافي واثني متنوع ومن الحضارات الأمازيغية والعربية والإفريقية والأندلسية، مع تأثيرات أخرى تمثلت في الحضارات التي احتلت بلاد المغرب في عصور خلت.
لقد اعتبرنا وقتها، ونحن في27 أكتوبر 2007، أن التعاطي الديموقراطي مع المسألة الأمازيغية كفيل ب «قطع الطريق أمام النزعات العدمية والشعبوية والطائفية التي تريد استغلال وتوظيف قضية وطنية في نعرات سياسة فئوية ضيقة» مؤكدين على أن التنوع المغربي هو قيمة مضافة تثرى الكيان الوطني المتلاحم منذ قرون.
وكم يسرنا اليوم ونحن نعيش في ظل دستور جديد يقر بهذه الحقوق، في الوقت الذي كان البعض يعتبر مواقفنا الجريئة، المبنية على التعاطي الديموقراطي مع قضايا الوطن والشعب، مزايدة وغير قابلة للتحقق، ليس فقط في موضوع الأمازيغية ولكن في مشروع الإصلاح ككل الذي اشتغلنا على أساسه كأفق ضروري.
معركتنا ضد الفساد وإفساد الحياة العامة ومن أجل الحكامة:
لقد كان النضال ضد الفساد والمفسدين على مختلف الأصعدة وفي كل المجالات أحد منطلقات عملنا ، وكانت المعالم الكبرى لأعمالنا ومبادراتنا الرقابية والتشريعية هي الكفاح ضد الفساد السياسي وضمنه لقيطه الفساد الانتخابي ، والاقتصادي، وضمنه الريع وسرقة المال العام وسوء تدبيره واستعماله ، والمؤسساتي، وضمنه إغراق المؤسسات برهط من أشباه النخب وتجار الممنوعات وأشباه السياسيين مما أفرغ العديد من المؤسسات خاصة المنتخبة الوطنية واللامركزية من الكفاءات وتسبب في تعطيلها عن القيام بالدور الموكول لها في التنمية وفي التمثيلية السياسية وفي الابتكار والبحث عن حلول لمشاكل المواطنين واقتراح المشاريع .
وقد كنا واضحين منذ بداية الولاية التشريعية وفي يوم مناقشة البرنامج الحكومي بالذات, حيث نددنا بما تسببت فيه هذه الفصيلة من المفسدين يوم 7 شتنبر من تنفير للمواطنين من السياسة ومن تيئيس للرأي العام ، ما تسبب في نسبة المشاركة المعروفة ، ونسبة الأصوات السلبية المعلن عنها رسميا . وقد طالبنا باتخاذ ما يلزم من إجراءات بحق المفسدين السياسيين . وقلنا بالحرف « إننا في هذه القضية أمام اختيار حاسم ومصيري : إما حياة سياسية طبيعية ، من حلقاتها الأساسية انتخابات تتنافس فيها الأحزاب والأفكار والبرامج والمشاريع المجتمعية ، وإما إمعان في تمييع العملية السياسية وإفراغ المؤسسات الدستورية من الكفاءات وتهميش الأحزاب وفتح المجال للعدمية والشعبوية والزبونية والولاءات الشخصية». لقد كان هذا ما ورد في فقرة من مداخلتنا ونحن نناقش البرنامج الذي على أساسه حصلت حكومة التي يرأسها السيد عباس الفاسي على ثقة البرلمان .
وقد توجهنا في مقاربتنا للدعوة إلى اجتثاث الفساد إلى عمق وجذور الشر من خلال تشديدنا على :
الطبيعة الاستعجالية للإصلاحات الدستورية والسياسية والمؤسساتية بما يمكن بلادنا من الخروج من حالة الانتقال الديمقراطي إلى وضع الدولة الديمقراطية في ظل الملكية الدستورية الديمقراطية والاجتماعية (هذا ما قلناه بالحرف) مشددين على ضرورة إعمال جيل جديد من الإصلاحات تصريفا لمطلب مركزي في برنامجنا الانتخابي الحزبي؛
توسيع صلاحيات البرلمان وتسريع وثيرة التشريع وإصدار القوانين وتعميق الجهوية وتقوية الجهات ؛
إخضاع المؤسسات العمومية لرقابة البرلمان ولتدقيق وفحص المحاكم المالية؛
إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب ؛
إعمال مبدأ الكفاءة والاستحقاق في تولي المناصب العليا وفي الانتداب البرلماني والمؤسساتي؛
لقد كان هذا الإطار العام هو الذي حكم ممارستنا البرلمانية خلال أربع سنوات من انتدابنا التي حرصنا فيها على الالتزام بما ألزمنا حزبنا بتنفيذه عند تشكيل الحكومة، والذي كثفته كلمتان: «المساندة النقدية» لم يكن من السهل على فريق يشارك حزبه في الحكومة ولا يجد نفسه برنامجيا، وبالقياس إلى حجمه التاريخي وقوته الرمزية وتراثه الكفاحي، في فلسفتها، وبالأساس لم يجد نفسه في ممارسات العديد من أعضائها.
لقد سجلنا بمرارة وأسف هذه السمات السلبية الجاثمة على حياتنا العامة والسياسية بالخصوص. وسجلنا بالخصوص ذلك التناقض والاختلال بين ثلاثة تيارات تتجاذب الحياة العامة في المغرب: فمن جهة ثمة أفق الإصلاح والإرادة الملكية الأكيدة لتفعيله وأجرأته، ومن جهة ثانية ثمة هذا المجهود الإنمائي المتمثل في الأوراش الكبرى التي يسرتها بالخصوص سنوات من الإصلاح المالي والاقتصادي، وفي المقابل ثمة من جهة ثالثة هذا الإمعان من جانب لوبيات الفساد وبعض القوى السياسية في مناهضة هذا الأفق والتيار الإصلاحي الجاذب للرأي العام والمحسن لصورة المغرب في الخارج، مع ما يلازم كل ذلك من رهانات استمرار الاغتناء السريع من تحت عباءة الدولة و من إمكانياتها.
وتزداد خطورة هذا التركيب أو المركب المصالحي عندما تجتمع فيه ثلاثية خطيرة هي: المال المتأتى من كل المصادر المشبوهة ومن المناطق المظلمة، والسلطة المشتراة بهذا المال والتي تمنح الحصانة والجاه والتقرب, بل وتيسير الاحتماء من /وبمراكز القرار المركزي والإقليمي والمحلي، والجهل حيث لا كابح أخلاقي ولا خوف من القانون.
إن هذه الثلاثية هي التي تعيد إنتاج بنيات وآليات الفساد معيدة إنتاج نفسها ونفس المؤسسات الضعيفة التي يتقزز ويمتعض منها الرأي العام، وهي التي تنتج التيئيس . إن نموذج الجماعات المحلية، خاصة في الأغلبية الساحقة من المدن الكبرى والمتوسطة، لصارخ في هذا المجال.
فإذا كان المغرب يتوفر على ميثاق جماعي كقانون متقدم من حيث منح الاختصاصات للمنتخبين والإمكانيات التي يتصرف فيها منتخبو المدن الكبرى والمتوسطة، فإن النخبة المسيرة تقف على النقيض من هذا الإطار الديموقراطي، إذ أنها إما تتولى التدبير على أساس الريع والزبونية في الصفقات والرداءة في الإنجاز والغش والتدليس، وتقارير المجلس الأعلى للحسابات تغنينا عن ذكر الأماكن والأسماء، أو هي «معارضة» بالفطرة حيث توجد الإرادة والرؤية لتدبير جماعي ديموقراطي وعقلاني. أوليس هذا نموذج لتناقض صارخ بين المحقق في طريق الإصلاح من جهة وطبيعة «»النخب» (نقولها تجاوزا) التي يعول عليه أجرأة هذا الإصلاح. وهكذا لا تنحصر الكارثة في السياسة، إذ أن نتائجها وتداعياتها على الاقتصاد وعلى التدبير وعلى التنمية وعلى التشغيل وعلى الحكامة وعلى تكافؤ الفرص بين المواطنين أخطر بكثير، فضلا عن أن جزءا من المجتمع استبطنها وسلم بها كواقع يمكن التعايش معه.
وهذا السؤال يطرح اليوم بجد وبحدة أكبر في ضوء الدستور الجديد بكل الصلاحيات التي يمنحها للمنتخبين خاصة للبرلمان وفي ضوء الجهوية الموسعة. أوليس في الأسئلة التي يطرحها بعض الحكماء من نزهاء النخبة المغربية بشأن هذا الاختلال بين قوة وتقدمية المقتضيات الدستورية وطبيعة النخب المتحكمة اليوم في دواليب المؤسسات خاصة المنتخبة منها؟
لقد تحملنا مسؤولياتنا في فضح هذا الفساد وشددنا على ضرورة وقفه واتخاذ إجراءات حازمة ضد المفسدين . وقد نددنا من جهة أخرى بالحياد السلبي للإرادة إزاء الفساد السياسي والانتخابي على الخصوص وتساءلنا « إلى متى سنظل نعتمد على الوسائل التقليدية للحث على المشاركة في الاقتراع ، أي إلى متى سنظل باسم ضرورة الرفع من نسبة المشاركة ، نغض الطرف عن بعض الممارسات ، ونغض الطرف عن مستعملي المال العام « .
واستنكرنا من جهة أخرى السماح لأصحاب السوابق ولعدد من المشتبه فيهم وفي مصادر ثرواتهم من المتورطين في جرائم مالية ، والسماح لعدد من المتورطين في التدليس الانتخابي، بالترشح . لقد قلنا في اجتماع مسؤول في لجنة الداخلية وبحضور أعضاء من الحكومة أن العديد من الحالات أي من هؤلاء المفسدين كانت ستكون مناسبة انتخابهم فرصة لإلقاء القبض عليم بدل أن نجدهم ينسلون إلى رئاسة مجالس جماعية أو إلى عضوية مكاتبها».
وقد اعتبرنا ان من شأن إعمال القانون ومبدأ عدم الإفلات من العقاب أن يشكل رسالة في عدة اتجاهات : أولا في اتجاه المفسدين الذين ينشرون ثقافة الإفساد وآلياته، وثانيا في اتجاه المواطنين والرأي العام الذي كان سيتشجع وهو يرى القانون يطال المفسدين .
لقد قلنا بالحرف في اجتماع لجنة الداخلية بحضور أعضاء الحكومة في 21 يونيو 2009 إن الاستمرار في التساهل مع لوبيات الفساد والإفساد الانتخابي لن يقود إلا إلى إفراغ المؤسسات المنتخبة من النخب ومن الكفاءات ومن ذوي الرساميل الرمزية ومن يجرون وراءهم تاريخا من التراكم السياسي والفكري والثقافي والإيديولوجي والقيمي .
وكونوا على يقين من أنه إذا لم يتم القصاص، وفق القانون وعلى يد القضاء، من المفسدين فإنهم سيشكلون القوة الأولى والأساسية في المجتمع مع ما سيترتب عن ذلك من انعكاسات على الممارسة السياسية وعلى صورة البلاد وعلى العقليات التي سيدخل المغرب بها عالم المنافسة في القرن 21. لقد حاولت وزارة الداخلية إعمال القانون إزاء الترحال السياسي لكن القضاء لم يسايرها.. أهو نقص في القوانين فعلا أم أن هناك أشياء أخرى؟
لقد زاد الفساد السياسي استفحالا في انتخابات 2009 عما كان عليه الأمر في انتخابات 2007. فسواء في انتخابات المجالس الجماعية أو المجالس الإقليمية أو الجهوية أو انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين وبعد أربعة أشهر من استحقاقات متتالية خرجت الديموقراطية والمؤسسات المنتخبة، التي من المفروض أن تواكب مسلسل التنمية المحلية والجهوية، ضعيفة، بعد أن كان المعول أن تكون هذه الانتخابات أداة إغراء للمغاربة ليتصالحوا مع السياسة ومع صناديق الاقتراع.
وقد طرحنا ، ونحن نقيم هذا المسلسل، «مرة أخرى سؤال الأخلاق السياسية وتراجعها وتراجع القيم لدى الفاعلين السياسيين مما عزز ورسخ الضبابية في المشهد السياسي.
لقد أكدنا كفريق إن من أسباب عدم تلمس المواطنين لآثار الإصلاحات التي اعتمدها المغرب غياب دور الوساطة للأجهزة المؤسساتية بين السياسة العمومية المخطط لها مركزيا والمعيش الحقيقي للسكان. وإذا كانت الدولة أكثر حضورا من حيث هي امتداد مجالي، فإن قدراتها المؤسساتية تبقى ضعيفة، حيث يبدو أن مسلسل التحرير الذي تم إطلاقه لا ييسر بلوغ الهدف المتوخى والمتمثل في نجاعة الدولة.
وقد استوقفتنا مسألة المشاركة من جديد, إذ اعتبرنا أن نسبة 52 % (نسبة المشاركة في الانتخابات الجماعية) يجب التعامل معها كمعدل وطني، ذلك أن ما يقلقنا كسياسيين، هو أن نشهد مشاركة مرتفعة تتجاوز 70% في عدد من البوادي ومشاركة ضعيفة لا تتجاوز 23 % في المدن كمثال (آنفا).
وقد ربطنا في تحليلاتنا الفساد السياسي بالفساد الاقتصادي وقلنا إنه أصبح «يطال قطاعات حيوية في النشاط الاقتصادي ودواليب الإدارة».
وقد كان هاجسنا من التحذير من استفحال مظاهر الفساد حرصنا على مستقبل بلادنا وعلى صيانة المال العام والملك العمومي ومن حرصنا على ضرورة تيسير استفادة أوسع شرائح المجتمع من المكاسب المحققة والتصدي للسلوكات التي تحد من جهود الدولة المالية والإنمائية والتشريعية وتجعل بعض مؤسساتها رهينة لوبيات الفساد.
هكذا كانت لنا الشجاعة بأن نطرح الأسئلة التي يطرحها المجتمع اليوم ، قبل سنوات مؤكدين مرة أخرى رؤيتنا الاستباقية للأحداث ومتشبثين بالإصلاح أفقا لمؤسسات الدولة ، ليس لنزعة حزبية أو من باب أنانية ضيقة أو مزايدة على طرف سياسي أو رغبة في ربح أصوات أو استمالة الرأي العام ، ولكن من باب الحرص على استقرار البلاد وتقدمها وتطويرها وتأمين مرورها الى الديموقراطية بكل السلاسة التي عبر بها المغرب المسالك الوعرة في تاريخه السياسي.
إننا عندما نقارن بعضا مما طالبنا به في بداية الولاية الحكومية والتشريعية، ببعض مما تحقق بعد أربع سنوات، لا نقوم بذلك من باب التبجح أو الإدعاءات باحتكار ثقافة الإصلاح ولكن نذكر بذلك من بابين:
1- الاعتزاز بالتقاء إرادة جلالة الملك وإرادتنا في الإصلاح، علما بأن الإصلاح ذهب أبعد من مطالب بعض الهيئات السياسية الكبرى المسؤولة وذات التمثيلية؛
2- أن التاريخ والواقع والممارسة أنصفنا في مواجهة الأصوات الرجعية المنافقة التي انبرت، من داخل الأغلبية مع الأسف، غداة تقديم مداخلتنا تنتقدنا وتتهم خطابنا بأكثر من «المعارض» وبأنه «عودة إلى سنوات المواجهة» إلى غير ذلك من القراءات المستبلدة لذكاء المغاربة.
لقد أنصفنا التاريخ وتطور الأحداث ومسلسل الإصلاحات الجاري، في ما يرجع إلى هذه القضايا بالذات وقضايا أخرى تضمنتها مداخلاتنا ومبادراتنا.
ومن جهة أخرى وعلى المستوى الحزبي إننا لنفخر، ونحن مطمئنون لأننا بمقاربتنا السياسية وبالذكاء الذي صرفنا به مفهوم المساندة النقدية، ساهمنا بقوة وبرصيد وافر في الحفاظ على تماسك حزبنا وأعدنا الأمل للمناضلين المحبطين من نتائج انتخابات 2007 و2009 ، حيث اخطأ جزء من الإعلام الذي توهم اندحارا لحزبنا وفرضنا الاتحاد من جديد كمحور في النقاش العمومي بمبادراتنا ومواقفنا. لقد ارتأينا من باب الأخلاق السياسية ومن باب النزاهة الفكرية ألا نفخر بذلك في إبانه، وأجلناه الى اليوم أي يوم تقديم حصيلتنا ليكون الرأي العام الحزبي والتنظيمات الحزبية و الاتحاديون النشطون حزبيا أو الذين تراجعوا الى الظل والذين بقوا أصحاب قناعات اتحادية ، في صورة قيمة مساهمتنا. ففي الوقت الذي كانت التجاذبات سمة الوضع في القيادة الحزبية، كان علينا أن نخلق أحداثا رئيسية بمواقفنا ومبادراتنا توجيها منا للرأي العام الحزبي الى القضايا الحقيقية للوطن متأكدين من أن ظروف الاتحاد آنذاك ستكون عابرة .
المسألة الاجتماعية
في قلب أعمالنا
لقد آلينا على أنفسنا كاشتراكيين ديموقراطيين أن نبقى مدافعين عن الحقوق والمكاسب السياسية التي تحققت للشعب المغربي، وفي نفس الوقت الدفاع عن الحقوق والقضايا والقطاعات الاجتماعية والحقوق الاقتصادية لشعبنا. وقد شددنا على أن ما راكمه المغرب في مجال الحقوق السياسية والفردية وفي مجال حرية التعبير والاحتجاج، وما أرساه من آليات قانونية وإدارية لذلك، لا يجعل اطمئناننا مطلقا إلى هذه المكاسب في ضوء استمرار حالات الخرق الجسيم لعدد من هذه الحقوق. وفي نفس الإطار نبهنا إلى أنه كان حريا بالبرنامج الحكومي أن يحدد الإجراءات العملية لضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجماعات والأشخاص, ما جعلنا نطرح سؤالا جوهريا عن جدوى ديموقراطية سياسة بدون رافعات اقتصادية واجتماعية أي بدون تحقق هذا الجيل الثاني من حقوق الإنسان. لقد كان هاجسنا هو أن نوفر لمسارنا الديموقراطي الأسس التي يرتكز عليها والشحنات التي تيسر نموه، أي توفير الأسباب التي تجعل المواطنين ينخرطون في هذا المسار الإصلاحي والديموقراطي ويتملكونه ويصبح مشروعهم بالمشاركة الإيجابية المواطنة.
وإن كنا عبرنا عن ارتياحنا وتثميننا لما تحقق من مصالحات في المغرب من خلال استراتيجيات جبر الضرر الفردي والجماعي، فقد شددنا، استباقا للمرحلة السياسية الجديدة، على ضرورة توسيع الإصلاحات في هذا المجال لتشمل في هذا الشق الحقوقي الخاص الممارسة والأمنية والقضائية وإعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب وغيرها.
لقد قلنا في أكتوبر 2007 ما يلي: «إننا نشدد ونحن مقبلون على مرحلة سياسية جديدة، على توسيع الإصلاحات في المجال الحقوقي المرتبط بالمصالحة ? وذلك من خلال:
- تفعيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة في ما يرجع إلى قضايا التشريع وممارسة الأمن والقضاء لسلطاتهما، وإعمال مبدأ ومفهوم عدم الإفلات من العقاب، وتقوية الترسانة القانونية المتعلقة بحماية الأطفال والفئات الهشة(...) وتلك المتعلقة بحماية النساء وضمان حقوقهن ? تقوية ثقافة حقوق الإنسان في البرامج المدرسية وإعمالها في علاقة الإدارة بالمواطنين».
هذا جزء مما شددنا عليه في مناقشتنا للبرنامج الحكومي في خريف 2007، وإننا لنفخر مرة أخرى بأن نرى أن ما اقترحناه آنذاك وجد طريقه إلى الدسترة في منتصف 2011 خاصة من خلال اعتماد توصيات الإنصاف والمصالحة كمرجع وخلفية للإصلاح في المجال الحقوقي والتنصيص على الآليات القانونية والتنظيمية لحماية الأطفال والفئات الهشة والنساء والمساواة والإنصاف، وتوسيع آليات الحكامة الحقوقية والنهوض بثقافة حقوق الإنسان واعتماد مفهوم المحاسبة في مقابل المسؤولية.
لقد كان من الطبيعي أن تحتل المسألة الاجتماعية بكل تفرعاتها وتعقيداتها وثقل ملفاتها، مكان الصدارة في اهتمامنا وأعمالنا كفريق منبثق عن حزب اشتراكي ديموقراطي، إذ إن الدفاع عن المكتسبات الاجتماعية للطبقات الفقيرة والوسطى وتحصينها وتحقيق مكاسب جديدة لفائدتها، تعتبر مكونا أساسيا في مذهبنا. وقد شددنا منذ بداية الولاية التشريعية على أن تزكيتنا للاقتصاد الحر، أي اقتصاد السوق لا يعني تزكيتنا لمجتمع السوق، مناهضين، على هذا النحو، النزوع ببلادنا نحو النظام الليبرالي المتوحش الذي أبان خلال سنوات الأزمة الاقتصادية الأخيرة عن الكثير من عيوبه واختلالاته.
وقد حرصنا على تصريف قناعاتنا على المستويين التشريعي والرقابي. وشكلت مناقشة مشاريع القوانين المالية، على الخصوص مناسبات لاقتراح العديد من الإجراءات الاجتماعية، إيمانا منا بأهميتها في ضمان الاستقرار الاجتماعي، واقتناعا منا بضرورة التوزيع العادل والمنصف لثمار النمو والتنمية والتحسن الملحوظ في الإمكانيات العمومية. فالمغرب الذي كان خرج للتو في نهاية التسعينيات من الآثار المدمرة لسياسة التقويم الهيكلي التي أملتها الدوائر المالية الدولية، والتي انضافت إليها سياسات نهب المال العام وسوء التدبير الإداري والمالي والريع الذي جعل من الدولة بقرة حلوب لفائدة حفنة من المنتفعين، والتي تسببت في توترات اجتماعية عاصفة من 1981 إلى 1990، هذا المغرب، كان في حاجة إلى سد العجز الكبير المسجل في المجالات الاجتماعية، الأجور والخدمات التعليمية والصحية والسكن والتغطية الاجتماعية والاهتمام بالفئات والمناطق الهشة.
ومع حكومة التناوب وتولي جلالة الملك محمد السادس العرش، أطلق المغرب أوراشا اجتماعية كبرى: إصلاح التعليم والتغطية الصحية الإجبارية والزيادة غير المسبوقة في الأجور والاهتمام بالفئات الهشة والسكن الاقتصادي والاجتماعي ومحاربة السكن غير اللائق..
وقد بقينا حريصين في الفريق الاشتراكي على مواصلة ومضاعفة وتنويع هذه الأوراش ودمقرطة الاستفادة منها، ويقظين في الوقوف ضد إفراغها من نبل مقاصدها بعد أن نزع البعض إلى تحويلها إلى أدوات زبونية وتوظيفها في الحملات الانتخابية.
لقد انشغلنا بتحسين مداخيل الطبقات ذات الدخل المحدود والمتوسط، لما لذلك من إعمال للإنصاف ولما له من انعكاس إيجابي على زيادة الاستهلاك، وبالتالي الإنتاج وبالتالي زيادة فرص الشغل. وفي أول مشروع قانون مالي برسم الولاية التشريعية خضنا معركة تشريعية وسياسية لم تكن بالسهلة في مواجهة مجموع مكونات الأغلبية الحكومية في ما يخص الجانب الضريبي.
وقد تقدمنا في هذا الصدد بتسع تعديلات أساسية تهم الجانب الضريبي رامت الإبقاء على نسبة الضريبة على الشركات الكبرى، خاصة منها المتعددة الجنسيات والتي اعتبرنا أن الأرباح الجبائية التي تحققها، وكونها تحول جزء من أرباحها إلى الخارج، تحتم إجبارها من خلال الإجراءات الضريبية على المساهمة في تمويل المجهود العمومي للتنمية الاجتماعية. وبالمقابل طالبنا بخفض نسبة الضريبة على المقاولات الصغرى والمتوسطة، باعتبارها تشكل 90 % من المقاولات بالمغرب وتعتبر أكبر مشغل على مستوى القطاع الخاص، ما يستلزم دعمها. فقد طالبنا باعتماد نسبة 20 % بالنسبة لشطر الأرباح الخاضعة للضريبة لأقل من مليون درهم، واعتبرنا أن ذلك كان سيكون إشارة قوية إزاء المقاولات الصغرى والمتوسطة وسيحفز عددا من المقاولات التي تصنف في القطاع غير المهيكل على الولوج إلى الاقتصاد المنظم، كما سيحفز عددا آخر من المقاولات المهيكلة على اعتماد مزيد من الشفافية والعمل وفق قواعد القانون. بالموازاة مع ذلك طالبنا بخفض نسبة الضريبة العامة على الدخل من 42 % إلى 40 % ورفع الشطر الخاضع للإعفاء إلى 30 ألف درهم. ومرة أخرى، كما جاء في تعليلنا، كان هاجسا اجتماعيا صرفا, لأن من شأن ذلك الرفع من القدرة الشرائية للمواطنين والمأجورين في القطاع الخاص والتجار الصغار والحرفيين وتحسين أوضاعهم المادية، وهو ما كان سيشكل إشارة من الحكومة تجاه المأجورين بالاهتمام بأوضاعهم وإشارة أيضا إلى أن ثمة توجها نحو إحقاق العدالة الضريبية.
(سنعود إلى هذا الشق الضريبي في فصل خاص)
إننا نعتبر التأهيل الاقتصادي وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني رهينان في جزء منها بالعنصر البشري، إذ إن تحفيز الموارد البشرية بضمان حقوق الشغيلة وتأهيلها يعتبر لازمة لتجويد الإنتاج وزيادته، كما أن المنتجين يجب أن يكونوا في طليعة المستفيدين من ثمار النمو والتطور، وهذا مؤشر أساسي من مؤشرات الجودة استنادا إلى المرجعية الدولية ذات الصلة بالحقوق الاجتماعية للشغيلة، واستنادا إلى مبدأ أهمية تقاسم الرخاء وثماره في ضمان الاستقرار فضلا عن بعده الأخلاقي.
ومن الطبيعي بالنسبة لنا كحزب اشتراكي ديموقراطي أن يتجه اهتمامنا في هذا الصدد إلى إثارة مجموعة من القضايا، سواء في صيغة أسئلة إلى الحكومة أو تدخلات في اللجان النيابية القطاعية أو الجلسات العامة أو في صيغة مبادرات واقتراحات، من قبيل:
- ضمان حقوق المأجورين في القطاعين العام والخاص وتحسين أوضاعهم الاجتماعية.
- تكوين المستخدمين في المقاولات والإدارة العمومية.
- رفع نسبة التأطير من المهندسين والتقنيين في المقاولات وفي الإدارة العمومية.
- ضمان الحقوق الاجتماعية في المقاولة.
- استفادة المستخدمين من الدعم المخصص من الميزانية العامة للمقاولات المتأثرة بالأزمة.
- ضمان استفادة الأجراء من تخفيض الضريبة على الدخل.
- التعويض عن فقدان الشغل.
- ضمان استفادة المستخدمين من نظام التغطية الصحية وضمان استمرارية هذا النظام.
- التكامل والانسجام بين التكوين وسوق الشغل.
- توفير السلامة والسكن للعاملين في أوراش الأشغال العمومية والبناء وفق المعايير الدولية.
- الحرص على تطوير وتعزيز أنظمة التقاعد.
لقد اعتبرنا في مراقبتنا للحكومة أن التكوين في المقاولة لفائدة المستخدمين يعتبر لازمة للإنتاج لأنه أداة ضرورية لتطوير كفاءات ومهارات الموارد البشرية داخل المقاولات مادام سيؤدي إلى تحسين قدراتها و تنافسيتها، ودعونا إلى تفعيل نظام تكوين الأجراء العاملين بالقطاعات الإنتاجية الممول من الضريبة المهنية التي تؤديها المقاولات، ذلك أن التكوين واستكمال التكوين وإعادة التكوين، فضلا عن إيجابياته على المقاولة التي ستمكن مستخدميها من مسايرة الاختراعات المستعملة في الإنتاج، فإنه أصبح في عدد من البلدان حقا ثابتا للأجير على المقاولة.
ويرتبط التكوين بمسألة التأطير التقني بالمهارات والكفاءات التقنية المتوسطة والعليا، مما جعلنا ننخرط في البرنامج الحكومي لإطلاق برنامج لتكوين عشرة آلاف مهندس، خاصة من أجل مواكبة عدد من البرامج والمخططات القطاعية التي أطلقتها. وقد أثرنا، انتباه الحكومة إلى أهمية وضرورة الجودة في هذه العملية وتوفير البنيات الضرورية للتكوين عوض التركيز على الكم.
واعتبرنا، من جهة أخرى، أن الاطمئنان على المستقبل أمر أساسي, سواء بالنسبة للمشغل أو بالنسبة للأجراء. وقد أقلقتنا التوقعات التي قدرت بأن عجز نظام التغطية الصحية الإجبارية في شقيه الخاص بمستخدمي القطاع الخاص سيبلغ 757 مليون درهم عام 2012 ومليار نصف المليار درهم في عام 2013، في ما قدر العجز في النظام الخاص بموظفي ومستخدمي القطاع العام ب 207 ملايين درهم عام 2014.
واستباقا لتداعيات هذه التوقعات، وضمانا لحقوق الأجراء، دعونا إلى الاحتراز، وساءلنا الحكومة عن الضمانات التي تعتزم تقديمها والإجراءات التي ستنفذها لتجنب أي أزمة أو اختلالات كبرى في نظام التغطية الصحية الإجبارية.
وللتاريخ لا بد أن نذكر بدعمنا اللامشروط ومواكبتنا السياسية لحركة فضح ومقاومة الفساد في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، من خلال مساءلة الحكومة بشأن الوضع الشاذ والنهب الذي كانت تعرفه هذه المنظمة. وقد ساهمنا بقسط وافر في فضح هذا الفساد بكل التفاصيل التي كان شرفاء هذا المرفق يوافوننا بها، والذين عقدنا معهم عدة اجتماعات. وعندما فجرنا فضيحة اختلاس الملايير من مالية هذه التعاضدية ثارت حفيظة المفسدين ولجأوا إلى محاكمة الصحافة الاتحادية التي نشرت تقريرا مفصلا في الموضوع بالاستناد إلى تقارير الفريق الاشتراكي، فكان أن تحولت محاكمة صحافة الاتحاد إلى محاكمة لهم هم المفسدون توجت بإدانتهم من جانب القضاء.
لقد تابع الرأي العام الوطني هذا الفصل من الفساد، ولاشك أنه تأكد مرة أخرى أننا وقفنا إلى جانب الحق وضد الفساد حيث أسفرت الانتخابات الخاصة على إدارة هذه المؤسسة الاجتماعية عن فوز إخوان لنا، نتقاسم معهم الانتماء والنزاهة. لقد أولينا اهتماما خاصا لهذا الملف لأننا أدركنا حجم الفساد التي طال هذا المرفق وما تسبب فيه ذلك من معاناة للمنخرطين، وأدركنا تداخل أوجه الفساد فيه: السياسي والمالي والتدبيري.
إنه نموذج فقط لمواكبتنا للمبادرات والحركات النزيهة في المرفق العمومي.
وفي سياق حرصنا على الدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطنين، شكل السكن الاقتصادي والاجتماعي محورا أساسيا في اهتمامنا. وقد شددنا منذ البداية على أن المحقق في ما يخص هذا القطاع، لا يرقى بالمرة إلى المجهود التمويلي العمومي وإلى الإمكانيات العقارية الضخمة التي تمت تعبئتها، لربح رهان القضاء على السكن غير اللائق. لقد نبهنا إلى أن هذا القطاع استفاد من إمكانيات غير مسبوقة خاصة في الشق المتعلق بتنمية العقار العمومي بأثمنة رمزية وفي الشق الضريبي، إلا أن ذلك يتناقض مع النتائج المحققة حيث ما تزال أحياء الصفيح تقض مضجع العديد من المدن الكبرى، منها عاصمتا البلاد الإدارية والاقتصادية والمدن المتوسطة والصغرى والمراكز الحضرية.
وبالموازاة مع ذلك وقفنا في مساءلة الحكومة عند محدودية نتائج المدن الجديدة وتعثر بعضها وافتقادها إلى التجهيزات الأساسية والخدمات الاجتماعية.
ومرة أخرى كان علينا أن نطرح سؤال الاختلالات التدبيرية في القطاع في ضوء الإمكانيات الكبرى والنتائج المتواضعة.
والسؤال الذي نطرحه اليوم كما طرحناه خلال الولاية التشريعية هو سؤال الجودة ومدى التزام القطاع بالمعايير التقنية المطلوبة ومدى مطابقة واحترام ما يتم بناؤه لجمالية المدن وحاجياتها من المساحات الخضراء والمرافق والشوارع ونظافة البيئة.
لقد ارتكبت ما سميناه بجرائم تعميرية في حق المعمار الوطني خلال السنوات السبعينات والثمانينات ومطلع التسعينات، إذ الأمر يتعلق بكوارث لا يمكن تداركها. وما الاكتظاظ والفوضى التي تعيشها الأغلبية الساحقة من مدننا اليوم، إلا نتيجة لمنطق الريع واللامسؤولية الذي طبع تدبير القطاع خاصة خلال الفترة التي كان التعمير ملحقا بالداخلية.
إلى ذلك فإننا نتساءل عما إذا لم نكن اليوم، في المنهجية والرؤية المستحكمة في محاربة السكن غير اللائق، بصدد إقامة «غيطوهات» جديدة، وبصدد ارتكاب أخطاء / أخطاء لا يمكن إصلاحها.
مثل هذه القضايا هي التي جعلتنا نركز على قطاع التعمير والإسكان مشددين على أهمية الجودة والتخطيط للمستقبل في قطاع يرهن نمطه مستقبل العديد من الأجيال ويؤثر في انفتاحها أو انغلاقها، وفي نموها المتوازن ، كما يمكن أن يشكل، إذا هو لم ينجز على النحو المطلوب، سببا في توترات اجتماعية. لقد قلنا كلمتنا في قطاع هو في توسع ونمو دائم.
لقد كنا مدفوعين في هذا الشأن أيضا، بحجم الرهانات التي يكتسبها قطاع الإسكان والبناء: رهانات من حيث النمو والتشغيل والشبكات التي تشكلت في إطاره واغتناء الريع للبعض منه إلخ... وفي هذا الصدد طالبنا بإعادة النظر في الإعفاءات الضريبة والامتيازات الكبرى التي تمنح للشركات التي تنتج السكن الاقتصادي، إعمالا لمبادئ الإنصاف.
وفي إطار مبادراتنا الرقابية ذات المنحى الاجتماعي.طالبنا بتشكيل فرق من اللجان القطاعية الدائمة لتقوم بمهام استطلاع إعمالا للقانون الداخلي لمجلس النواب. وهكذا تقدمنا بسبع طلبات في هذا الصدد همت:
1- مشاكل الصيد البحري ومهنييه
2- دراسة ارتفاع أسعار الأدوية بالمغرب، والذي أثمر تقريرا هاما اتخذت في ضوئه الحكومة عدة إجراءات لخفض أسعار بعض الأدوية ، علما بأن هذا التقرير خلق نقاشا حول قطاع ظل تكتوي بنيران أسعاره الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة من أبناء الشعب المغربي.
وقد وقفت اللجنة في التقرير الذي قدمته على عدد من الاختلالات في ضوء المحاور التي اقترحناها في مذكرتنا بشأن طلب المهمة الاستطلاعية:
- التعرف على مكونات ثمن الدواء.
- الوقوف على طرق تحديد الأثمنة.
- الوقوف على تأثير ثمن الدواء على التوازن المالي لأنظمة التغطية الصحية.
- الوقوف على تأثير ثمن الدواء على القدرة الشرائية للمواطنين.
- اقتراح إجراءات تمكن من المساهمة في خفض ثمن الأدوية.
3- طلب مهمة استطلاع حول توزيع بقع أرضية بالعيون على أساس معايير غير عادلة
4- طلب مهمة استطلاع بشأن محدودية وتواضع نتائج المدن الجديدة بالمغرب(تامسنا نموذجا) مع كل النقاش الذي تلي هذا الطلب والذي مكن من الوقوف على عدد من اختلالات انجاز المدن الجديدة ، وخاصة تامسنا، وتعثر المشاريع المبرمجة في إطارها والمسنود امتيازها الى عدد من الشركات، إلى جانب تواضع الخدمات الأساسية خاصة في مجالات الصحة والنقل الحضري والأمن ، والتأخر في تسليم المساكن لأصحابها وفق الآجال المتعاقد بشأنها.
5- طلب مهمة استطلاعية بشأن مشروع التكافل العائل.
6- تعميم التغطية الصحية وانطلاق برنامج المساعدة الطبية RAMED
7- طلب القيام بمهمة استطلاعية مؤقتة للوقوف على إشكالات قطاع توزيع البضائع والمواد الاستهلاكية في المغرب وتحليل أسبابها واقتراح حلول لتجاوزها
النوع الاجتماعي والإنصاف وحقوق الإنسان جزء من انشغالاتنا
باعتبارنا امتدادا مؤسساتنا لحزب سياسي حداثي النزعة، شكلت محاربة مختلف أوجه الظلم والحيف جزء من برنامج عملنا في المؤسسة التشريعية. وفي هذا الصدد شكلت قضايا النوع الاجتماعي والإنصاف بين المرأة والرجل وضمان التوازن الأسري محاور في مبادرتنا الرقابية والتشريعية التزاما بمبادئ حزبنا.
وقد أسسنا هذه المبادرات على ما تحقق من مكاسب لفائدة المرأة المغربية وقيم مجتمعنا المغربي والمرجعية الحقوقية الكونية ذات الصلة. وعلى المكاسب التي حققتها بلادنا في مجال التنصيص على المساواة: فبمدونة الأسرة كقانون للتوازن الأسري وضمان حقوق النساء والأطفال والرجال في إطار الخلية الاجتماعية الأولى ، وقانون الجنسية والتصديق على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بزجر التمييز ضد المرأة إشراك المرأة في الانتخابات الجماعية ومقتضيات دستور يوليوز 2011 ، ذات الصلة بالأسرة والإنصاف والمساواة، أصبح بإمكان المغرب اليوم ، وبإمكان المغاربة والمغربيات أن يقفوا ويقفن بفخر أمام المجتمع الدولي ويقدموا ويقدمن صورة بلد حداثي ومنفتح وديمقراطي .
وقد نبهنا إلى ضعف نجاعة الاستراتيجية الوطنية للإنصاف والمساواة بين الجنسين وشددنا على أن مقاربة النوع وتكافؤ الفرص في السياسات والبرامج ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية تحتاج من أجل نفاذها إلى جرأة سياسية وقرارات حكومية شجاعة وأيضا إلى مساهمة القطاع الخاص والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والمطالبة جميعها بإعمال مقاربة النوع.
وفي إطار مبادراتنا التشريعية تقدمنا بعدد من مقترحات القوانين ذات الصلة بإعمال المساواة في مجال التغطية الصحية الأساسية، يقضي الأول بتعديل بعض مقتضيات القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية والذي صادق عليه مجلس النواب خلال دورة ابريل 2011، وبتعديل المادة 36 من نفس القانون .
ويستهدف المقترح الاول تكريس مبدأ المساواة بين الأب والأم في ما يرجع إلى وجه أساسي في العلاقة مع الأبناء، مبدأ التوازن في العلاقة الأسرية الذي تكرسه القوانين المغربية وخاصة مدونة الأسرة التي كرست مقتضياتها المسؤولية المشتركة بين الأم والأب في ما يرجع إلى تربية الأبناء ورعايتهم وكفالة نموهم الجسدي والعقلي.
واعتبرنا في المقترح الثاني انه يتوخى ضمان حق مكتسب للمرأة المطلقة وتيسير التكفل بها صحيا وضمان استمرار استفادتها من خدمات التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في حالة ثبوت إصابتها بمرض مزمن أو مرض يتطلب شفاؤه علاجا طويل الأمد وكلفته مرتفعة ، وذلك شريطة أن تكون أصيبت بالمرض خلال فترة الزواج أو خلال السنة التي تلي الطلاق .
وحفاظ على مصالح مكونات الأسرة المغربية، وخاصة الأطفال تقدمنا بمقترح قانون يقضي بتعديل المادة 16 من القانون 07.30 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.04.22 المؤرخ في 3 فبراير 2004 المتعلق بمدونة الأسرة.
ويتوخى التعديل تمديد الآجال المحددة بمقتضاها الفترة الانتقالية البالغة مدتها خمس سنوات لتمكين الأزواج من توثيق زواجهم إلى خمس سنوات أخرى.
ولا يخفى أهمية هذا المقترح في تمكين الآلاف من الأزواج من اللجوء إلى المحاكم لتوثيق لعقود الزواج وفي ضمان حقوق الأطفال.
وفي إطار اهتمامنا بقضايا الفئات المعرضة للهشاشة والمظلومة اجتماعيا خضنا معركة سياسية داخل قبة البرلمان من أجل إحداث صندوق التكافل العائلي الذي كان جلالة الملك قد دعا إلى إحداثه في خطاب 10 أكتوبر 2003. وألححنا على ضرورة أجرأته وتطعيمه بالاعتمادات المالية الضرورية برسم القانون المالي 2010. وقد تمكنا من دفع الحكومة إلى أجرأته برسم قانون المالية لسنة 2011. وقد استحضرنا في ذلك معاناة آلاف المطلقات وأطفالهن جراء عدم أداء الآباء لنفقات الأبناء في حالة الطلاق.(وقد كانت هذه النقطة تحل جدل واسع مع وزارة المالية وباقي مكونات الأغلبية التي كانت تقترح التأجيل والذي عارضناه بقوة).
وفي باب الاحتراز من مخاطر المستقبل ساءلنا الحكومة بشأن مستقبل أنظمة التقاعد بالمغرب في ضوء الدراسات والتقارير التي أعطت صورة قاتمة ومقلقة عن مستقبل صناديق التقاعد، وتساءلنا عن سيناريوهات إصلاح أنظمة التقاعد بما يضمن فعاليتها واستمراريتها، خاصة وأن الأمر يتعلق بمئات آلاف الأسر وبالاطمئنان الاجتماعي.
وفي نفس سياق انشغالنا بالقضايا الاجتماعية في المقاولة وبحقوق الأجراء، وفي ضوء عدد من الحوادث المسجلة في أوراش الأشغال العمومية وأماكن العمل، والتي كان عدد منها بمثابة كوارث، ساءلنا الحكومة عن مدى سهرها على تطبيق قواعد السلامة والصحة والتهوية في أماكن العمل من حيث البنايات والتجهيزات الخاصة بمكافحة الحرائق.
وسيكون من باب تحصيل الحاصل إذ استعرضنا مبادراتنا واقتراحاتنا ومساءلتنا للحكومة حول الإجراءات الكفيلة بتحسين مداخيل الفئات الوسطى وذات الدخل المحدود من خلال رزمانة من الإجراءات والآليات التي كنا نقترحها: آليات ضريبة، والترقية والتكوين وتيسير استفادة الأجراء من المجهود العمومي لدعم الشركات والمقاولات، ومن خلال تعميم التغطية الصحية على الفئات المستحقة كالطلبة والذين فقدوا وظائفهم ومن خلال إعادة النظر في نظام الأجور إلخ .....
اهتمام خاص بمشاكل وصعوبات المقاولات الصغرى والمتوسطة
شكلت المقاولات الصغرى والمتوسطة محورا أساسيا في اهتمامات الفريق الاشتراكي وذلك بالنظر إلى الدور الكبير الذي تضطلع به هذه الفئة من المقاولات في النسيج الاقتصادي الوطني وفي التشغيل والتشغيل الذاتي وفي إشاعة قيم الاعتماد على النفس والمبادرة وتدبير الندرة والادخار والتراكم.
وقد تقدمنا بالعديد من الاقتراحات والمبادرات لدعم هذا الجزء الهام من النسيج المقولاتاتي المغربي، وساءلنا الحكومة حول تنفيذ ما تلتزم به إزاء هذه المقاولات حيث دافعنا عن إحداث صندوق للنهوض بها وساهمنا بعدة أفكار ومقترحات حتى تكون هذه الآلية ناجعة وفعالة.وقد لقيت دعوتنا للاتحاد العام لمقاولات المغرب استحسانا كبيرا لدى رجال الأعمال والمقاولات حيث كان النقاش عميقا ومركزا حول وضعية المقاولات في علاقة مع السياسة الحكومية ومع المحيط الاقتصادي والمالي وفي علاقة مع الطبقة الشغيلة من منظور اجتماعي سعينا إلى الدفاع عنه وعن المقاولة الوطنية.
لقد تقدمنا وقتها بعدد من الاقتراحات العملية والواقعية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة وطالبنا بتصريفها في مجموعة من الآليات الضريبية وتيسير الولوج إلى الصفقات العمومية وتحسين السيولة المالية لهذا الصنف من المقاولات.
وإذا كنا قد سجلنا بارتياح انطلاق السياسة الجديدة المتعلقة بالمناطق الصناعية ومساهمة صندوق الحسن الثاني في تهيئتها، فقد طالبنا بأن يكون التوزيع المجالي والقطاعي وعلى المقاولات ، توزيعا عادلا ومبنيا على معايير القدرة الاستثمارية ومعالجة إشكالية التشغيل.
لقد أثبتت نتائج الأزمة العالمية على المغرب وجاهة الاهتمام بالمقاولات الصغرى والمتوسطة وتشجيعها وزيادة قدراتها على التوسع سيما في القطاعات الجديدة (تكنولوجيات الإعلام والاتصال ? الاتصالات - الخدمات إلخ...) إذ ظلت مرتكزا أساسيا للاقتصاد الوطني خاصة لجهة ارتباطها بالاستهلاك الداخلي أكثر.
انشغال خاص بالقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني:
لقد كنا مدركين للعلاقة الجدلية بين السياسي والحقوقي والاجتماعي والاقتصادي. وبقدر ما سجلنا الإرث الإيجابي الذي دعونا الحكومة إلى الحفاظ عليه في ما يرجع إلى التوازنات الماكرو ? اقتصادية والموجودات القياسية من العملة الصعبة التي ورثتها الحكومة الحالية عن الحكومتين السابقتين (210 مليار درهم في شتنبر 2007) ونسبة تضخم في حدود 2,2 % وتدفق الاستثمارات الأجنبية على المغرب وزيادات متتالية في المداخيل الجبائية إلخ...، بقدر ما نبهنا إلى ضرورة استثمار كل هذه المكاسب من أجل دعم تنافسية الاقتصاد الوطني. وفي معرض تحليلنا للقدرات التصديرية للاقتصاد الوطني وقفنا على أرقام فرضت علينا دق ناقوس الخطر.
وقد نبهنا إلى ضعف القيمة التجارية لصادراتنا خاصة في اتجاه الولايات المتحدة وإلى ضرورة اعتماد الصرامة والمعاملة بالمثل في ما يرجع إلى بعض الإجراءات الحمائية المقنعة التي كانت تنهجها كل من مصر وتونس التي نحن طرفا معهما في اتفاقية أكادير.
وقد شددنا على أن الإنتاجية والقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني ترتبطان بالمناخ العام للأعمال بما في ذلك القضاء ومحاربة الفساد وإعمال الشفافية خاصة في الصفقات ودور القطاع غير المهيكل.
وفي سياق اقتصادي معولم، واعتبارا لاتفاقيات التبادل الحر التي تربط بلادنا مع عدد من البلدان والتكتلات الاقتصادية، كان لا بد من قول الحقيقة بشأن تواضع القدرة التنافسية للاقتصاد المغربي وتواضع التصدير الوطني.
وقد طالبنا باتخاذ الإجراءات الكفيلة بدعم القدرة التقديرية للمقاولة المغربية خاصة في القطاعات التي حددها المغرب كقطاعات واعدة.
العالم القروي
في صلب مبادراتنا
بناء على فهم عميق لأحوال العالم القروي في كل تجلياتها الإنتاجية والخدماتية والاجتماعية ، وبناء على إدراك أهمية هذا المجال في التنمية وفي الاستقرار الاجتماعي، أولى الفريق الاشتراكي اهتماما خاصا بالعالم القروي . وقد جسدنا ذلك في مبادراتنا التشريعية وعملنا الرقابي وفي الأيام الدراسية التي نظمناها كفضاءات للنقاش الحر ولتجميع الأفكار والآراء التقنية ، التي من شأنها مساعداتنا كسياسيين على اتخاذ القرار الموضوعي وإبداء الرأي المناسب في السياسات الحكومية .
ومع بداية الولاية التشريعية انتقدنا غياب مخطط استراتيجي لتنمية العالم القروي وفي قلبه الأنشطة الفلاحية ، وشددنا على أن تنمية العالم القروي يتعين أن تذهب في عدة اتجاهات : الفلاح الصغير والمتوسط والفلاحة التسويقية والتصديرية وتجهيز الوسط القروي وتوفير الخدمات الاجتماعية (التعليم والصحة والسكن) والبنيات الأساسية (الطرق والمسالك ) وذلك حتى يكون هذا الوسط جاذبا للاستثمارات وموفرا للشغل ، وبالتالي لأسباب استقرار السكان .
وقد تساءلنا عن مآل خطة 2020 التي كانت قد وضعتها حكومة التناوب كمخطط مندمج ، بعد أن اعتبرت الجفاف معطى هيكليا ورصدت لمواجهته الاعتمادات الضرورية وجعلت من برامج مواجهة آثاره جزء من سياسة ممأسسة ثابتة للحكومة ، مما كان له وقتها وقع كبير على تجهيز البادية المغربية وبتوفير مصادر دخل عشرات الآلاف من الأسر.
ولم نكن نختزل تنمية العالم القروي في الفلاحة فقط أو محاربة الجفاف بل شددنا على موقع الإنسان القروي في أي سياسة فلاحية لقد اعتبرنا أن أي سياسة فلاحية ناجعة يتعين أن تجعل من الإنسان في البادية ومن المجالات القروية محور التنمية ، وأن يكون الأمن الغذائي والحد من الهجرة القروية إحدى ركائز هذه السياسة.
وقد شددنا في هذا الصدد على ضرورة إعادة النظر في تمويل الفلاحة المغربية وتشجيع اعتماد التكنولوجيات الحديثة المستعملة في الإنتاج والري وإعادة الاعتبار للمنتوج الفلاحي في الثقافة المغربية وتقليص الوساطات في تسويق هذا المنتوج .
لقد دعونا إلى مواصلة المجهود الإنمائي الذي بدأته حكومة التناوب في العالم القروي وتطويره ومأسسته ، وتصدينا لكل السياسات والتصورات التي كانت تختزل البادية في مجرد احتياطي انتخابي خلال عشرات السنين .
وفي ما يخص سياسة السدود فقد دعونا إلى أن نكون يقضين في ما يرجع إلى استثمارها وآفاقها، بالنظر إلى الرهان الكبير الذي شكلته في البرنامج الحكومي (بناء عشرة سدود كبرى وستين سدا متوسطا وصغيرا خلال الولاية الحكومية) .
وقد دعونا بالموازاة مع سياسة سدودية واقعية وموضوعية إلى اعتماد عدة آليات منها تحلية ماء البحر وتعبئة الموارد المائية السطحية المتوفرة وإعمال مخطط لتحويل مياه الأنهار التي تصب في البحر إلى المناطق الفلاحية(حالة منطقة الريف التي تتوفر على مياه سطحية هامة) ، واعتماد سياسات ناجعة في ما يخص اقتصاد الماء ومحاربة تبذيره وتلويثه.
ولقد أثبت ما تحقق من السدود بالمقارنة مع التوقعات،أو لنقل مع ما تمت برمجته، صحة، موقفنا، حيث واجه المغرب ظروفا مالية صعبة جراء الأزمة الاقتصادية العالمية وجراء ارتفاع كلفة المطالب الاجتماعية.
لقد كنا حريصين ، إلى حد «التعنت»، كما كان يحلو لبعض أطراف الأغلبية أن تصف مواقفنا،في ما يرجع مثلا إلى إجراء هام اقترحناه لفائدة العالم القروي ألا وهو إحداث صندوق للتنمية القروية الذي تبنته في نهاية المطاف الأغلبية البرلمانية وفعل بمقتضى أول قانون مالي للحكومة (2008)، وإن باعتمادات مالية أقل مما اقترحنا.
بالموازاة مع ذلك تقدمنا بتعديلات على قانون المالية المذكور تعديلات ترمي إلى تخفيف عبء الدين المستحق على الفلاحين وإعفاء فوائد القروض المجدولة لدى القرض الفلاحي من الضريبة على القيمة المضافة وإحداث آلية لإعادة شراء قروض الفلاحين المرتفعة الفائدة وتعويضها بقروض منخفضة الفائدة. ومع كامل الأسف فقد رفضت الحكومة تعديلاتنا، إلا أننا أنصفنا مرة أخرى عندما قرر جلالة الملك في أبريل 2011 العديد من الإجراءات لفائدة الفلاحين الصغار في الجوانب المتعلقة بالولوج إلى القروض وإعفاء عدد من الفئات الفلاحية وتعميم الخدمات الاجتماعية على الفلاحين.
لقد اعتبرنا في الفريق أن الدفاع عن العالم القروي مسؤولية سياسية وأخلاقية وهي من صميم توجهنا إلى المستقبل ، وفي صميم تكريس المصالحات التي يحققها المغرب ، إذ أن إعادة الاعتبار للعالم القروي جزء لا يتجزأ و لازمة لمصالحة المغرب مع مجالاته التي كانت مقصية ومهمشة.وقد اعتبرنا أن ذلك لن يتيسر فقط برفع الحصار السياسي الذين كان مضرونا على البادية المغربية واعتبارها مجرد خزان انتخابي كانت الإدارة توظفه كما تشاء لصنع الأغلبيات، بل بالاعتمادات المالية وبالمشاريع المهيكلة وبتيسير استفادة المجال القروي من ثمار التنمية والنمو والتقدم.
لقد كان من هواجسنا أيضا في ارتباط مع الهجرة القروية الحد من ظاهرة مستعجلة حول المدن المغربية تتمثل في نمو تجمعات سكانية بدون هوية وبدون تخطيط وبدون مرافق، تشكل أنوية لمدن غير منظمة وغير مهيكلة ولا تتوفر على الخدمات والتجهيزات الضرورية، مع كل أشكال التوتر التي تتسبب فيها.
وقد اعتبرنا مخطط المغرب الأخضر الذي اعتمدته الحكومة لتنمية الفلاحة يستجيب جزئيا لمطالبنا،على الرغم من اختلافنا معه في مقاربة العديد من إشكاليات العالم القروي وفي مسألة الأولويات، وفي توزيع الاعتمادات .
وقد كنا سباقين كفريق برلماني إلى مساءلة هذا المخطط في ما يخص الإمكانيات والمكونات والأهداف حيث نظمنا يوما دراسيا في الموضوع وحرصنا على مساءلة الحكومة في إطار مسؤولياتنا الرقابية سواء في إطار لجنة القطاعات الإنتاجية أو من خلال الأسئلة التي وجهناها للحكومة في هذا الشأن .
وباختصار فقد كان همنا في ما يرجع إلى هذه المسألة تحقيق الأهداف التالية:
1- أن يكون الإنسان في البادية هو محور التنمية أداة وهدفا؛
2- توفير الشغل لساكنة العالم القروي بما يوفر لهما الكرامة ويحسن من مداخيلها؛
3- أن تصبح بادية المغرب مجال جذب عوض أن تكون مصدر هجرة إلى المدن مع كل انعكاسات الظاهرة؛
4- أن يتوجه الاهتمام العمومي بالأساس إلى الفلاح الصغير والمتوسط؛
5- أن يكون تجهيز البادية المغربية جزء من المخطط وأن يتم تمكينها من الخدمات الاجتماعية ومن البنيات الأساسية الكفيلة بجعلها مجال جذب للاستثمارات المرتبطة بالنشاط الفلاحي؛
6- ردم الهوة بين المجالين الحضري والقروي والقطع مع التمثلات السياسات المبنية على ثنائية موروثة عن العهد الاستعماري؛
7- تحقيق أعلى نسبة ممكنة من الاكتفاء الذاتي من المواد الفلاحية وتخفيق التبعية الغذائية خاصة في ضوء الارتفاعات المهولة لأسعار عدد من المنتوجات الأساسية في الأسواق الدولية (الحبوب والسكر والزيت) وفي ظل تقلبات الأسعار وارتهان السوق الدولية للتقلبات الجيو سراتيجية؛
8- تشجيع سلاسل الإنتاج الفلاحي ذات القيمة المضافة التجارية والتصديرية العالمية ؛
9- إعمال مبادئ التضامن الوطني و المجالي مع العالم القروي خاصة في ظروف الجفاف والكوارث الطبيعية (الفيضانات وغيرها)؛
معركتنا من أجل العدالة الضريبية وتخفيف عبء الضريبة على الفئات المتوسطة والصغرى:
لقد اتجهنا خلال مناقشة أول مشروع قانون مالية برسم الولاية التشريعية 2007 2011 أي مشروع ميزانية 2008 إلى صلب الإشكالية المطروحة في النظام الضريبي المغربي أي إلى التناقضات التي تميزه من حيث هو نظام يمنح امتيازات عديدة للشركات الكبرى القابضة والمتعددة الجنسيات منها فيما يتميز بالصرامة مع الفئات المتوسطة في ما يخص الضريبة العامة على الدخل وغيرها.
وقد شكلت تعديلاتنا على المادة الثامنة من قانون المالية لعام 2008 ، محور نقاش وجدل كبيرين سواء داخل لجنة الاقتصاد والمالية أو خلال الجلسة العامة ، في وسط الأغلبية الحكومية أو لدى الرأي العام الوطني من خلال وسائل الإعلام بالخصوص وكما جاء في مداخلة الفريق في الشق المالي والجبائي فإن «من شأن ذلك النقاش أن يقوي العمل البرلماني ويقوي دور المؤسسة البرلمانية كمصدر من مصادر القرار ، كما أن من شأنه أن يحسن صورة البرلمان لدى الرأي العام ويكذب بعثه بفرقه للتسجيل».
وقد أخذنا بعين الاعتبار في تعديلاتنا على الجانب الجبائي مجمل الاعتبارات ذات الصلة بالضريبة وآثارها : وضعية المالية العمومية التي قلنا وقتها أنها كانت في وضعية مرضية وحاجيات الاستثمارات العمومية (المرتفعة بالنظر إلى حجم الخصاص)،وحاجيات المواطنين الاجتماعية من تحسين المداخيل ، وحاجيات المقاولات الصغرى والمتوسطة إلى دعم توسعها واستثماراتها
لقد كنا أمام توجهين في ما يخص هذا النقاش حول التخفيض الضريبي : فبالنسبة إلينا في الفريق الاشتراكي، وانطلاقا من توجهاتنا الاجتماعية شددنا واقترحنا آليات وصيغ من شأنها تحسين مداخيل الفئات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغرى والمتوسطة ، فيما كان التوجه الليبرالي يعطي الأولوية للشركات الكبرى والأبناك ومؤسسات الائتمان.
فقد اقترحنا وقتها في ما يخص الضريبة على الدخل الاستمرار في خفضها برفع سقف الإعفاء من 24 ألف درهم إلى 30 ألف درهم سنويا وخفض النسبة العليا من 42 إلى 40% . وفي ما يخص الضريبة على الشركات اقترحنا إحداث ثلاثة أشطر:20% بالنسبة للأرباح أقل من مليون درهم، و30% بالنسبة للأرباح من مليون إلى 5 ملايين وإبقاء الضريبة على الأبناك ومؤسسات الائتمان في مستواها.
لقد كان هدفنا هو دعم الفئات الوسطى وأصحاب الدخل المحدود والمقاولات الصغرى والمتوسطة والتجار والحرفيين ، وزيادة القدرة الشرائية وتقوية تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة بخفض كلفة الانتاج وزيادة توظيف المهارات من جانب هذه المقاولات ، وتشجيع أخرى على الخروج من القطاع غير المهيكل .
لقد عارضنا الامتيازات الضريبية التي تتمتع بها الشركات الكبرى خاصة التي تحقق أرباحا جد عالية، من أجل توفير موارد مالية إضافية لتمويل المجهود الإنمائي العمومي ، واعتبرنا أن الإجراءات والفلسفة الضريبية هي ما يجسد الرؤية المجتمعية لأي تشكيلة سياسية .
وقد أوصل رفض وزير المالية لتعديلاتنا مداولات المجلس بخصوص القانون المالي إلى المأزق وهدد الأغلبية بالتفكك، تم في أعقابه اللجوء إلى مفاوضات سياسية أثمرت عدة التزامات من جانب الحكومة، تمكننا من تخفيضات خاصة في السنة المالية الموالية.
حرص خاص على حكامة المؤسسات العمومية:
لقد ظلت المؤسسات العمومية بعيدة عن المراقبة المالية والتدبيرية على الرغم من أن الاعتمادات المرصودة لها واستثماراتها غالبا ما تشكل أكثر من ثلثي الاستثمار العمومي.
وقد استعملنا كل الوسائل الرقابية التي يمنحها إيانا الدستور والقانون لمساءلة أوضاع العديد من المؤسسات الإستراتيجية بالنسبة للاقتصاد الوطني.
وهكذا حرصنا على استدعاء المسؤولين الأولين عن عدد من هذه المؤسسات للحضور إلى اللجان القطاعية والدائمة لمساءلتهم بحضور الوزراء الأوصياء على القطاعات التي تتبع لها هذه المؤسسات.
وعلى الرغم من التسويف والمقاومة والتلكؤ الذي واجهناه من قبل بعض هؤلاء ، فقد ألححنا على القيام بواجبنا الرقابي.
وقد كان هاجسنا هو معرفة أوضاع هذه المؤسسات التي تعتبر استراتيجية بالنسبة للاقتصاد الوطني ولتجهيز البلاد ، وتصحيح ما يمكن تصحيحه من اختلالات وتوجيه التنبيهات الضرورية إلى المعنيين بتدبير هذه المقاولات العمومية الكبرى ، وفي نفس الوقت تثمين ودعم نماذج الحكامة الناجحة التي تمكنت بفضلها بعض المؤسسات من الخروج من أزماتها وتطور خدماتها وتكون مساهمة في المجهود الإنمائي الوطني .
وفي هذا الصدد استدعينا كلا من المسؤولين عن الخطوط الجوية الملكية والمكتب الوطني للمطارات والمكتب الوطني للسكك الحديدية.والوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات.
ومن جهة أخرى ثمنا أعمال الرقابة وتقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية.
وقد كنا الفريق النيابي الأول ، وربما الوحيد الذي أثار في حينه مآل التقارير التي تنجزها هذه الأجهزة الرقابية وغيرها وطالبنا بتمكين البرلمان منها ، وألححنا على إحالة الحالات التي ثبتت فيها حالات اختلاس أو سوء استعمال أو سوء تدبير المال العام ، على القضاء ليقول كلمته في حق المفسدين.
لقد وقف الرأي العام على حجم الاختلالات والتبذير الذي لحق المال العام في مؤسسات كبرى: البنك الوطني للإنماء الاقتصادي والقرض العقاري والسياحي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمكتب الوطني للمطارات والشركة المغربية للملاحة (كوماناف) ومعمل كوطيف بفاس وغيرها من المقاولات العمومية الكبرى ومن الجماعات المحلية ومجالس الجهات.
ولقد تابع المغاربة المجهود الذي بذلته حكومة التناوب والحكومة التي جاءت بعدها من أجل إعادة بناء وهيكلة هذه المؤسسات ، وذلك من خلال اعتمادات مالية ضخمة لتجنب إفلاس عدد من هذه المؤسسات حتى لا تلقى مصير أخرى لعبت دورا استراتيجيا في الاقتصاد المغربي ( حالة البنك الوطني للإنماء الاقتصادي)بعد كل الأدوار التي قام بها وكل الدلالات التي يحملها بالنسبة للاتحاديين عندما يتذكرون دور الزعيم الراحل الزاهد عبد الرحيم بوعبيد . ولم نكن في إثارتنا لملفات الفساد بعدد من المقاولات العمومية محكومين بأية نية في الإساءة إلى أي كان بل كنا محكومين بهواجس مواطنة وكانت تحركنا روح المسؤولية وما يمليه علينا ضميرنا :
1- كنا نسعى إلى إثارة الانتباه إلى أهمية هذه المؤسسات في الاقتصاد الوطني؛
2- كنا حريصين على إعمال الدور الرقابي للبرلمان الذي يصادق على الاعتمادات المالية الضخمة المرصودة لهذه المؤسسات؛
3- كنا نسعى إلى إعمال مبادئ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب بالنسبة لمن يثبت تصرفه غير القانوني في المال العام؛
4- كنا نسعى إلى إشاعة ثقافة الحكامة الجيدة في هذه المؤسسات وفي الإدارة العمومية وجعلها تعتمد مبادئ الشفافية والوضوح؛
نظام المقاصة: لقد كانت رؤيتنا استباقية ومع الأسف تم التجاوب معها في وقت متأخر.
وقد كان من الطبيعي كفريق اشتراكي أن يكون نظام المقاصة في صلب عملنا الرقابي ومبادراتنا واقتراحاتنا . وقد انطلقنا في ذلك من عدة مبادئ وتوخينا عدة أهداف:
1- تقليص الفوارق الاجتماعية ؛
2-جعل الفئات المحتاجة هي المستفيد من الدعم العمومي المرصود للمواد والخدمات في إطار صندوق المقاصة مع أخذ تموجات السوق والأسعار بعين الاعتبار وزجر كل أشكال التحايل على الاستفادة من نظام الموازنة؛
3- ضمان الحقوق الاقتصادية الأساسية للمواطنين المكفولة بكافة الشرائع والمواثيق الدولية ذات الصلة؛
4- إعمال مفهوم التضامن الاجتماعي والمجالي؛
لقد أثرنا منذ أول قانون مالي قدمته الحكومة في خريف 2007 ، إشكالية المقاصة ودعونا إلى إصلاح نظام الموازنة وحذرنا من انعكاسات اختلالاته وتضخمه على المالية العامة وعلى الاستقرار الاجتماعي .
ومع كامل الأسف فإن الحكومة تعاملت بلامبالاة وباستحفاف مع اقتراحاتنا وتحذيراتنا. وفي الوقت الذي كنا نحذر فيه (في 2007) من ان السياق الدولي والوطني سيفرض لا محالة رفع مخصصات المقاصة التي كانت آنذاك، تبلغ 20 مليار درهم ، واقترحنا عدة آليات لتلافي انعكاس ارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق المالي على هذا النظام، اعتبرت أطراف حكومية كلامنا مرة أخرى مزايدات . وبعد حوالي سنتين ارتفعت هذه الاعتمادات إلى حوالي الضعف (37 مليار في 2009) .
لقد قلنا إن في ملاحظتنا للمعيش اليومي للمغاربة ، إن مفارقة غريبة وصارخة تسائلنا جميعا: برلمانا وحكومة ونخبا سياسية واقتصادية تتمثل من جهة في الارتفاع المتزايد للاعتمادات المخصصة للمقاصة ومن جهة أخرى تراجع القدرات الشرائية لفئات واسعة من الشعب المغربي التي من المفروض أنها مستهدفة من نظام المقاصة».
وقد حذرنا وقتها (في خريف 2007) ، وعلى مدى الولاية التشريعية من عدم معالجة اختلالات نظام المقاصة وحذرنا أيضا من تحول هذه الاختلالات إلى أزمة حقيقية بالنسبة للمالية العمومية وبالنسبة لعلاقة الدولة بالمجتمع «. وهذا ما حصل بالفعل:
احتجاجات على مدى التراب الوطني خاضتها ما كان يسمى بتنسيقيات مكافحة ارتفاع الأسعار وكان هذا مظهر من مظاهر توتر علاقة المجتمع بالدولة في إشارة إلى القدرة الشرائيةلشرائح اجتماعية واسعة؛
ارتفاع مهول في الاعتمادات المخصصة للمقاصة مما كلف خزينة الدولة الكثير؛
لقد كنا عمليين وتقدمنا باقتراح جريء آنذاك تمثل في إحداث صندوق لدعم الفقراء أي صندوق للتضامن الاجتماعي. وقد رفضت الحكومة اقتراحنا الذي تضمنته تعديلاتنا على قانون مالية 2008 الذي ناقشناه في خريف 2007 .
وها هي نفس الحكومة التي رفضت اقتراحنا تأتي في نهاية ولايتها لتتبنى اقتراحنا دون أن تكون لها شجاعة الإقرار بأنه مقترح من الفريق الاشتراكي سنة 2007 .
ونفس الحكومة التي رفضت مقترحا اتحاديا لدعم تمدرس أبناء الفقراء «فرصة» تعود بعد ثلاث سنوات من انتدابها لتعتمد نفس البرنامج تحت مسمى جديد « تيسير» !
لقد قلنا في ما يخص المقاصةإن نبل التضامن يقتضي جعل نظام المقاصة في خدمة الفئات الأكثر استحقاقا . وفي هذا الصدد نعتبر أن نظام الاستهداف المباشر والدعم المالي المشروط بالتزام بتدريس الأطفال على أساس اعتبار الخريطة الوطنية للفقر يشكل أحد آليات دمقرطة نظام الموازنة الذي تشوبه اختلالات ناجمة أساسا عن عدة أشكال من التدليس والتواطؤ والغش، تجعل الممونين الكبار والوسطاء هي المستفيد الأول.
في هذا الصدد تناولت إحدى تعديلاتنا في الفريق الاشتراكي إحداث صندوق لدعم الفقراء يمول في جزء منها من مخصصات صندوق المقاصة . وكان من شأن قبول هذا الاقتراح أن يكون ذا وقع وفعالية على تحسين ظروف عيش فئات واسعة من السكان المستهدفين من الدعم غير المباشر . وعلى الرغم من رفض اقتراحنا الذي تفهمنا أسبابه سنظل في الفريق الاشتراكي نبحث عن أنجع الآليات لإصلاح نظام الموازنة .
هذا ما اقترحناه في 2008 ونحن نناقش مشروع القانون المالي.
لقد كنا استباقيين في اقتراحاتنا وحرصنا على التوجه إلى المستقبل خاصة في القضايا الوطنية الكبرى وأتذكر هنا ونسجلها للتاريخ بأن تدخلا لأحدى فرق الأغلبية وصلت به حدة العنف في مواجهتنا إلى نعتنا بأننا نسعى إلى تعلم المغاربة التسول. .
مبادراتنا التشريعية:
لقد كان حرصنا كبير ، كفريق على جعل البرلمان يضطلع بالأدوار المخولة له في الدستور :
أ- التشريع من خلال اقتراح القوانين وإبداء الرأي والمصادقة أو رفض مشاريع القوانين أو تعديلها .
ب - مراقبة العمل الحكومي
ت - العلاقات الخارجية من خلال الحضور في المحافل الدولية البرلمانية المتعددة الأطراف والدفاع عن قضايانا الحيوية ومصالح بلادنا.
ث - تمثيلية المواطنين والدفاع عن مصالحهم وإبلاغ انشغالاتهم إلى الحكومة وتصريف ذلك من خلال عملنا اليومي .
1) مقترحات القوانين التي تقدم بها الفريق الاشتراكي:
بلغ عدد مقترحات القوانين التي تقدم بها الفريق خلال الولاية التشريعية 20072011 ما مجموعه 24 مقترحا منها ما تم تحيينه وتجويده وإعادة صياغته في ضوء المستجدات والحاجيات، بعد أن قدم من الولاية السابقة، ومنها ما صغناه من خلال تفاعلنا مع المجتمع وتتبعنا اليومي لانشغالات المواطنين .
وقد بلغ عدد مقترحاتنا التي تمت المصادقة عليها سبع مقترحات ، بعد أن دمج بعضها مع بعض مقترحات فرق الأغلبية .
وقد همت مقترحاتنا قطاعات العدل وحقوق الإنسان (بواقع 11 مقترحا) والقطاعات الإنتاجية (بواقع 4 مقترحات) والقطاعات الاجتماعية(بواقع أربع مقترحات) والإعلام والصحافة والنشر وحرية التعبير(بواقع مقترحين) .
إن الأساسي في مقترحاتنا ، سواء تم اعتمادها أو هي قيد الدرس ، هو أنها اتسمت بالجودة والتأصيل ، والتوجه إلى صلب الإشكالات وكانت أداة لخلق الدينامية التشريعية في عدة قطاعات وفي قضايا بالغة الحساسية حيث كانت وراء دفع الحكومة إلى تقديم مشاريع قوانين متحت الكثير من مقتضيات مقترحاتنا ودمجت العديد من المقتضيات الواردة فيها.
ونعتقد أننا على هذا النحو ساهمنا في إخراج آليات التشريع الحكومي من رتابتها ومن ثقل المساطر الذي كانت بمثابة وصل يشدها إلى تقاليد لم تعد تتساوق مع متطلبات السرعة في التشريع وتغطية الكم الهائل من الأنشطة والحاجيات المجتمعية .
2) تعديلاتنا على مشاريع القوانين :
لم يثننا انتماؤنا إلى الأغلبية الحكومية من أخذ المسافة الضرورية مع مشاريع القوانين المحالة على المجلس والتعاطي معها من منظورنا وقناعاتنا كاشتراكيين وديمقراطيين وإعمالا لمفهوم المساندة النقدية الذي سبق أن بينا كيف أنه أطر عملنا وانتاجنا كامتداد مؤسساتي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وهكذا بلغ عدد التعديلات التي تقدمنا بها كفريق خلال الولاية التشريعية2007 2011 ما مجموعه 751 منها 575 تعديلات مشتركة مع فرق الأغلبية.
وهمت أكثرية هذه التعديلات مشاريع قوانين المالية والتي توخينا منها إعطاء منحى اجتماعي أكثر للميزانية العامة ، وفاء منها للخط المذهبي لحزبنا ولمسؤولياتنا كاتحاديين. وهكذا لم نكن نمنح الحكومة شيكا على بياض في ما يخص التشريع وخاصة في ما يخص مشاريع قوانين المالية .
العلاقات الخارجية
من الطبيعي أن نولي لعلاقاتنا الخارجية المكانة التي تستحق استنادا وإغناء لرصيد حزبنا في هذا المجال . وقد عملنا على تعبئة طاقاتنا وإمكانياتنا وعلاقاتنا الخارجية مع الفرق البرلمانية في برلمانات أجنبية والتي نتقاسم معها نفس القيم، ومع الأحزاب الاشتراكية خاصة في أوروبا ، من أجل خدمة قضايانا الوطنية .
من جهة أخرى كنا حريصين على تتبع تطورات قضيتنا الوطنية في جميع المحطات التي اجتازتها مدعمين ومعفزين الدبلوماسية الحكومية ومطالبين في نفس الوقت بوضع المؤسسة التشريعية في صورة كل تطور تشهده قضية وحدتنا الترابية في الشمال كما في الجنوب .
هكذا كنا حريصين على دعوة لجنة الخارجية والدفاع الوطني للانعقاد بحضور وزير الشؤون الخارجية كلما ارتأينا أن الأمر يستدعي ذلك ، حيث بلغ عدد الطلبات الاستعجالية التي قدمناها في هذا الصدد خمس طلبات استعجالية إلى جانب الطلبات العادية والمشتركة مع باقي الفرق.
وقد حرصنا على إجراء الاتصالات الضرورية سواء من خلال اجتماعات مباشرة أو عبر المراسلة ، مع أصدقائنا ورفاقنا من البرلمانيين خاصة في الفريق الاشتراكي بالبرلمان الأوروبي أو الفرق الاشتراكية في البرلمانات الوطنية للبلدان الأعضاء في الاتحاد ، بشأن قضايا كان المغرب يواجه فيها تكالب الأعداد من انفصاليين ومن يدعمهم ، ومن لوبي مناهض لقضايانا في المؤسسات الأوروبية .
وقد عملنا على وضع أصدقائنا ومن نتقاسم معهم نفس القيم في صورة حقيقة الأشياء وخلفيات المشاكل المصطنعة ومشروعية قضيتنا المركزية ، قضية الصحراء المغربية . وقد بينا في المقابل استعداد المغرب لوضع حد للنزاع المفتعل حول وحدتنا الترابية في إطار سيادة بلادنا على أقاليمها الجنوبية. وهكذا عملنا على التعريف بمقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب كأساس للتفاوض وكعرض جدي وواقعي يضمن حقوق الجميع .
وقد كنا في ذلك إحدى الدعامات الخلفية للدبلوماسية الحكومية إدراكا منا أننا كاشتراكيين مؤهلون للقيام بذلك أكثر من غيرنا في أحزاب أخرى بالنظر إلى العلاقات التي تربطنا بالأحزاب الاشتراكية الديمقراطية وبالنظر إلى المصداقية التي يحظى بها حزبنا. وقد ارتكزنا في ذلك على رصيد حزبنا وقادته وتجربتهم في الدبلوماسية البرلمانية.
وفي ظروف التصعيد من جانب خصوم وحدتنا الترابية، وفي عز المناورات التي أحاكوها ضد بلادنا كمناورة أمينتو حيدر ، أو مناورة كديم إيزيك ، عبأنا طاقاتنا وأجرينا الاتصالات اللازمة خاصة مع الفرق الاشتراكية في مجموع البرلمانات الوطنية للبلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي ، فاضحين أبعاد وخلفيات هذه المناورات . وحرصنا بالخصوص على توضيح أننا ورثة حزب أخذ منه النضال من أجل الحرية الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة والإنصاف حوالي نصف قرن ، وقدم مناضلوه أكبر نصيب من تضحيات المغاربة من أجل تحقيق هذه القيم ، وأن حزبا بهذا الرصيد لا يمكن أن يسكت عن أي خرق لحقوق الإنسان التي لا يمكن الخلط بينها وبين وحدتنا الترابية .
ومع اقتراب، أو في أعقاب، كل جولة من جولات المفاوضات غير الرسمية بين المغرب والانفصاليين التي تجري برعاية أممية كنا ندعو لجنة الخارجية للانعقاد بحضور وزير الخارجية قصد وضع الرأي العام في صورة ما يجري بالضبط ، وحتى نكون على بينة من تقدم أو تعثر هذا المسار غير الرسمي الذي فتحته الأمم المتحدة .
لقد كنا حريصين بذلك ، على أن يبقى لقضية من قبيل قضية الصحراء تلك المكانة الإجماعية لدى الشعب المغربي ومكوناته وحتى تشتغل المؤسسات الدستورية والأحزاب السياسية على هذا الملف في إطار من التنسيق والمعرفة بتطورات الملف وحيثياته ، غايتنا من ذلك خدمة هذه القضية المقدسة من منظور وطني لا خلاف ولا تعارض فيه بين مكونات الأمة ، والحفاظ على المنهجية الجديدة للتعاطي الوطني معها والتي تمكنت من تجاوز منهجية احتكار الملف من جانب إدارة أمنية ، مع ما كان لذلك من تداعيات على المستوى الداخلي والخارجي .
إننا إزاء تقليد جديد ترسخ خلال السنوات الأخيرة أساسه التشاور والإخبار وإطلاع المؤسسة التشريعية على تطورات هذه القضية المقدسة. ومع كل تطور أو تحرك على الأرض في مسعى لخلط الأوراق ، أو اختلاق أحداث ، سواء في الأقاليم الجنوبية المغربية، كما حدث في خريف 2007 ، حيث كان الانفصاليون يهددون «بالحرب» والتجمع في المنطقة المسماة عازلة من صحرائنا ، عبأنا طاقات فريقنا وأجرينا الاتصالات اللازمة مع الأصدقاء في الخارج. وبالموازاة مع ذلك قمنا باللازم لتعبئة المؤسسة التشريعية لتقف في صف المؤسسات الوطنية مع ملك البلاد والشعب المغربي، لتأكيد وحدة الصف الوطني في هذه القضية ،وهو ما كان رسالة للخصوم مفادها أن إجماع المغاربة على مغربية صحرائهم ثابت ولا يزيد إلا قوة وصلابة.
وفي المقابل ما فتئنا في تدخلاتنا مناشدة الجزائريين الاتعاظ من التاريخ ، والتخلص من ثقافة الماضي والتمعن في ما الذي يعتمل في هذا العالم المعولم، ودعوناهم إلى ضرورة التخلص من الماضي مثيرين انتباههم إلى الخسارة الكبرى التي يتسببون فيها بعرقلتهم بناء المغرب الكبير على المستويات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية وإلى الجراح التي يتسببون فيها والتي تتحول إلى حالات إعاقة تاريخية في المصالحة بين الشعبين الشقيقين .
وقد نبهنا إلى ضرورة وأهمية الأمن الجماعي ، وإلى أن بناء تكتل إقليمي قوي متضامن كفيل بتحويل المجال المغاربي إلى قاعدة للتنمية وأن التشتت هو التربة المخصبة للإرهاب والتطرف .
ومن جهة أخرى ساهمنا في إطار الشعب المغربية في المنظمات البرلمانية المتعددة الأطراف في الدفاع عن وحدتنا الترابية وعملنا على التعريف بمشروعية حقوقنا وبالمقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية المغربية .
وفي نفس التوجه الوطني لفريقنا تميز خطابنا في البرلمان بالتحليل السياسي والاستراتيجي للمواقف والاستفزازات التي صدرت عن جيراننا الاسبان والمناهضة لوحدتنا الترابية والمستفزة لمشاعر شعبنا .
ففي أكتوبر 2007 أقدم ملك إسبانيا على زيارة استفزازية للمدينتين المغربيتين المحتلتين سبة ومليلية حيث اعتبرنا «هذه الخطة الاستفزازية عملا يتعارض ومبادئ حسن الجوار وما يتعين أن تكون عليه علاقات بلدين يتقاسمان ، فضلا عن التاريخ والمصالح الاقتصادية العديد من القيم والمثل وقد توجهنا وقتها إلى العقل والضمير الاسبانيين بالقول بأن منطق العقل ومنطق التاريخ والجغرافيا ومنطق العقلانية والديمقراطية ... لا يحتمل استمرار احتلال أراضي الغير وأن العقلانة في القرن 21 لا تحتمل التعايش مع احتلال أراضي الغير بل تقف على الطرف النقيض منه « . وقد حذرنا أصدقاءنا في الاتحاد الأوروبي الذين يدعمون بدون شرط احتلال اسبانيا للأراضي المغربية من أن مشروع الاتحاد من أجل المتوسط لا يتساوق مع واقع الاحتلال هذا ولا يمكن أن يتأسس على حساب حقوق المغرب .
وقد طالبنا بنفس المناسبة بالتعجيل بطرح قضية سبتة ومليلية كقضية تصفية الاستعمار واقترحنا عدة خطوات على هذا الطريق .
ومن جهة أخرى شددنا على حق المغرب المشروع في تنفيذ المشاريع الإنمائية والتجهيزية الكبرى في أقاليم الشمال، والتي تعتبرها إسبانيا، عن خطإ، نوعا من المنافسة لها ، وتضيق الخناق على لوبيات التهريب الذي يلحق ضرار بالغا بالاقتصاد الوطني .
وفي سياق تصدينا للمواقف الإسبانية المعادية لبلادنا، تميز فريقنا بمداخلة تحليلية أثارت الكثير من التعاليق في الصحافة الوطنية ، قدمناها في الجلسة التي عقدها مجلس النواب يوم 03/12/2010 لإدانة الموقف الصادر عن البرلمان الإسباني بخصوص قضية وحدتنا الترابية المتمثل في توصيتين اعتبرناهما بمثابة تدخل سافر ومفضوح في شؤوننا الداخلية واعتداء على كرامة شعبنا، باعتبارهما تعيدان العلاقات بين البلدين إلى العهد الاستعماري البائد ودعوة إلى إعادة تكريس روح الاستعمار والهيمنة.
لقد كان علينا في تلك اللحظة أن نبدد أوهام الطبقة السياسية الإسبانية بالتأكيد على أن عهد الوصاية أو الانتداب انتهى منذ منتصف القرن الماضي، وأنهم في علاقاتهم مع المغرب إزاء شعب ورث أمجاد الدولة المغربية الأعرق في المنطقة ودولة مؤسسات وأحزاب ورأي عام وإرث تاريخي.
لقد رفضنا بقوة هذا الاستعلاء الإسباني والتكالب ضد المغرب في إطار تحالف الإعلام والسياسيين الإسبان الذين ذكرناهم بذلك التاريخ من الصراع تارة ومن التعاون أخرى وخاطبناهم بالقول مناشدين الإسبان:
إنكم الأقرب ربما إلى شعوب الشرق ومزاجها، والأقرب إلى مزاج المغاربة بحكم الإرث المشترك الناهض من تحت أنقاض الصراع المرير، تبادلنا فيه الأدوار والمواقع في الأندلس وعلى سواحل المغرب، ولكنكم تغافلتم عن هذا كله وأصدرتم توصيتين كلهما احتقار، وتنمان عن نظرة مسكونة بنزعة دونية. أو لم يكن حريا بكم أن تركنوا إلى التعقل والحكمة بدل ركوب متاهات الانزلاق تحت تأثير المزايدات الانتخابية.
لقد رفضنا أن نكون كبلاد موضوع مزايدات انتخابية داخلية إسبانية وقناة تصريف الأزمات الداخلية الإسبانية ودعمنا بقوة الموقف الوطني الرسمي والحزبي والشعبي، الملتف حول جلالة الملك في هذه الحالة المنتفضة ضد أي قوة مهما تكن، تحاول أن تنتقص من امتدادنا كأمة في المجال وفي التاريخ ومن اقتدارنا كدولة لها من المؤسسات والآليات ما يجعلها ويؤهلها لتتكفل بقضاياها الداخلية كيفما كانت.
لقد كان من الضروري التذكير ببعض اللحظات القوية من أدائنا على هذا المستوى من مستويات عمل كفريق من أجل إعادة تمثل هذا الأداء ووضعه تحت مجهر الملاحظين والرأي العام، لأنه في بعض الأحيان ثمة من يتعمد الخلط، وثمة من ينجر وراء العواطف، وثمة من يزايد بالقول إن الوطنية ليست حكرا على أحد. في مقابل ذلك نود اليوم التذكير بتميزنا وندعو إلى إعادة قراءة مواقفنا وتعاطينا مع كل لحظة وطنية. لقد تميزنا بالعديد من الأشياء:
1- تميزنا بموقفنا الوطني المستقل في ما يرجع إلى القضايا الوطنية، والذي لا يفرط في المبدأ ولا يتراخى في التصدي لأي مس بالمصالح العليا بالسيادة الوطنية، دون ترديد للموقف الحكومي وإن كنا نتقاطع معه عند الخطوط الحمراء التي لا يسمح أي مغربي بتجاوزها في استعداء بلده؛
2- تميزنا بالمبادرة والاستباق وفق التقدير الذي كان يبنيه الفريق على أساس النقاش الداخلي وفي ضوء الموقف الحزبي؛
3- تميزنا في الخطاب واللغة، حيث قطعنا مع لغة الخشب ومع المألوف من عبارات الشجب والتنديد الرتبية وانتقلنا إلى تفكيك مواقف الخصوم والأعداء؛
4- تميزنا بالفعالية وبالانتقال من القول إلى العمل بإجراء الاتصالات الضرورية وإيصال الرسائل لمن يهمه الأمر من الخصوم؛
5- تميزنا بوضع الأحداث ومواقف الآخرين من قضايا في سياقاتها وفضحنا أهدافها؛
6- ربطنا دوما بين مواجهة التحديات الخارجية من جهة والحكامة في تدبير شؤوننا الداخلية وبناء الديموقراطية ودولة المؤسسات ومحاربة المفسدين من جهة أخرى، إذ أن الحكامة الجيدة في هذه المستويات هي العماد الذي نرتكز عليه والخلفية التي نستند إليها في الدفاع عن حقوقنا وسيادتنا؛
7- رفضنا المطلق لأي تدخل في شؤوننا، مهما ساءت أو حسن تدبيرها، من جانب أي كان وباسم أي كان، إعمالا لموقف وطني طبيعي فطري لدى كل أمة؛
ولقد تعاطينا من هذه المنطلقات سواء في ما يرجع إلى قضايانا الوطنية، أو في ما يتعلق بالقضايا القومية والإنسانية وفي مقدمتها قضية فلسطين التي شكلت محورا أساسيا في اهتماماتنا وفي نضالنا، إلى جانب قضايا الأمة العربية والإسلامية. وقد وظفنا لأجل ذلك علاقاتنا وصداقاتنا الخارجية وحضورنا في المنتديات والمنظمات البرلمانية المتعددة الأطراف، منطلقنا في ذلك قيم الحق والعدل والإنصاف والحرية والتسامح والحوار بين الحضارات والثقافات والمبادئ التي تحكم الخط السياسي لحزبنا.
لقد عملنا على فضح الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني منذ أكثر من 60 عاما والذي ما يزال يتصاعد قتلا وتنكيلا وحصارا وتجويعا ومصادرة للأرواح والأملاك وللمعالم العربية الإسلامية خاصة في القدس الشريف. وفي المقابل دعونا دوما إلى المصالحة الفلسطينية ونددنا بالانقسام الفلسطيني الذي تحكمه مصالح خاصة وتتحكم فيه أجندات خارجية وجدت في القضية الفلسطينية إما وسيلة لتصدير خططها السياسية والإستراتيجية وإما مبررا لإطالة استبدادها.
وقد توجهنا إلى الضمير الغربي بالخصوص من أحزاب وفرق ومجموعات برلمانية صديقة، مناشدين إياها العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإنهاء الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، وإزالة جدار الفصل العنصري ووقف مصادرة الإرث الديني والتاريخي للغير.
وفي سياق مناهضتنا للتطرف مهما كانت طبيعته وأصحابه، انفردنا كفريق برلماني بحملة لدى الفريق الاشتراكي البرلمان الأوروبي عندما عمدت بعض الصحف الدنماركية على نشر رسوم مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث نددنا بهذا العمل العنصري الغير محسوب العواقب، واعتبرنا أنه في سياق الصراع الذي يحاول المتطرفون إلباسه عباءة صراع الحضارات والأديان والثقافات، من شأن حماقات من هذا النوع أن تؤجج الصراع وتعميق الشروخ وتحول أنظار الرأي العام العالمي عن حقائق الصراع.
صعوبات وعوائق واجهتنا في عملنا:
لقد كانت حصيلتنا على هذا النحو، والتي نترك للرأي العام، والمراقبين والرأي العام الحزبي الاتحادي، تقييمها، وبعد قراءتها، ومقارنة ما اقترحناه وما بادرنا إليه، مع ما تحقق، وما اعتمد من إصلاحات، على الرغم من الصعوبات والعوائق الموضوعية والذاتية التي اعترضتنا ومنها:
موضوعيا:
1- اصطدمنا بعدم تجاوب الحكومة مع مبادراتنا واقتراحاتنا خاصة في المجال الاقتصادي وفي ما يخص الحكامة في الإدارة وفي المؤسسات العمومية وفي تدبير الإنفاق العمومي. وقد بلغ الأمر ببعض أعضاء الحكومة حد عدم الرد على أسئلتنا لأنهم اعتبروها محرجة؛
2- عانينا من ضعف التنسيق وعدم التزام الأغلبية الحكومية التي راهنت بعض أطرافها على أطراف خارج الأغلبية أكثر من رهانها على الأغلبية والمشكلة على أرضية البرنامج الحكومي الذي شكل الحد الأدنى المتفق عليه سياسيا؛
3- عانينا من عدم استقرار المشهد الحزبي داخل البرلمان ومن تحالفات غير منطقية بل ومن تحالفات مذهبية سياسية أو لنقل مصلحة، خارج منطق الأغلبية/ المعارضة، وهو تجلى بشكل سافر في نهاية الولاية خاصة خلال دراسة النصوص الاستراتيجية الأولى في ظل الدستور الجديد؛
4- اصطدمنا بتماطل الحكومة في برمجة العديد من مقترحات القوانين التي تقدمنا بها والتي كان من شأن اعتمادها أن يعزز الترسانة القانونية ببلادنا ويساهم في إطاء صورة أحسن عن المؤسسة التشريعية، ويرفع جودة الإنتاج التشريعية،
ذاتيا:
1- عانينا من ظاهرة الغياب من بين أعضاء فريقنا سواء على مستوى اللجان الدائمة أو على مستوى الجلسات العامة، ما جعل عبء العمل يقع على مجموعة محدودة من الأخوات والإخوة أعضاء الفريق؛
2- عانينا من ضعف التأطير التقني والإداري (عدد الموظفين بالنسبة لعدد النواب 8/40) مع عجر كبير في الخبراء المختصين لتقديم الاستشارة اللازمة في مستوياتها العلمية والسياسية، ومع ذلك دبرنا هذه الندرة. ومع ذلك تركنا بصمات وعلامات كبرى كما تركنا أرشيفا ورصيدا وثائقيا بالغ الأهمية بالنسبة للفريق والحزب والبرلمان والبحث العلمي.
3- عانينا من تداعيات التجاذبات والأزمة التي شهدها الحزب، خاصة قبل الشوط الثاني من المؤتمر الثامن، وهي التداعيات التي عملنا على التغلب عليها بتحصين الفريق من تأثير من أي جهة داخل الاتحاد، بل إن الفريق شكل رافعة وحدة عملية اقتراحية، تغطي فيها المبادرات والعمل، على ما دونه؛
4- تنوع في الخلفيات الاجتماعية وفي الرصيد السياسي وفي مستويات التكوين وفي قوة القناعات السياسية لدينا كأعضاء فريق نيابي، إلا أن ذلك لا يمنع من تسجيل أن الفريق يفتخر بالطاقات والكفاءات التي أتاح لها العمل البرلماني أن تبرهن عن مؤهلات هامة، وهو ما يعتبر مكسبا للحزب وللبلاد؛
لقد حرصنا على أن نكون في مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقنا كبرلمانيين وكحزبيين بالامتثال للخط السياسي لحزبنا وتصريفه في مواقفنا وقراراتنا وأعمالنا الرقابية والتشريعية، في ظرفية وطنية غير عادية، وفي ظرفية صعبة اجتازها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كنتيجة لتحمله عبء تدبير الشأن العام حيث بدا وكأنه يتحمل لوحده وزر عشر سنوات هي زمن الانتقال الديمقراطي، أو كأنه مسؤول عن حصيلة ولايتين حكومتين، دافعنا عنها بإيجابياتها الاقتصادية غير المسبوقة وبإكراهاتها الذاتية والموضوعية التي قرأناها واستخلصنا منها الدروس الضرورية .
وفي كل الأحوال فقد وضعنا الوطن فوق كل اعتبار حزبي وكنا حريصين على رفع شارة التحذير كلما كانت بعض القوى تحاول ، بدافع المصلحة أحيانا وبدافع الايدولوجيا أحيانا أخرى، التفريط في المكتسبات التي تحققت خلال الخمسة عشرة الأخيرة.
وقد اشتغلنا بأفق وبرؤية إصلاحيين ، وبهاجس مراكمة الإصلاحات على طريق الخروج من وضع الانتقال الديمقراطي إلى حالة دولة المؤسسات في ظل الملكية الدستورية الديمقراطية.
وإن قراءة موضوعية في أشغالنا ومداخلاتنا واقتراحاتنا ومقاربتنا لمجمل القضايا التي شهدتها الساحة الوطنية خلال الفترة من أكتوبر 2007 إلى مطلع 2011، ومقارنة كل ذلك مع حصيلتنا، تجعل الملاحظ الموضوعي يستنتج أننا كنا على صواب في عدد كبير من مواقفنا ومبادراتنا واقتراحاتنا. لقد أنصفنا التاريخ، والتقت مرة أخرى الإرادة الملكية وإرادة حزبنا كما جسدها الفريق بأمانة في إطار المؤسسة التشريعية:
1- لقد طالبنا بالإصلاح الدستوري والمؤسساتي والسياسي في إطار جيل جديد من الإصلاحات، وهو الشعار الذي رفعه حزبنا في الحملة الانتخابية 2007 ، ونحن اليوم مرتاحون لكون جلالة الملك يقود مشروعا إصلاحيا جريئا وفريدا في المنطقة يؤطره دستور فاتح يوليوز 2011 بكل التي نعتبرها تقدمية وديمقراطية ؛
2- لقد نددنا بالفساد السياسي والانتخابي وطالبنا بكل الإجراءات الكفيلة بمحاربة المفسدين ، وها هو الجميع يتحدث هذه اللغة، بعد أن ثبت حجم الضرر الذي يلحقه المفسدون بالمؤسسات وبنبل العمل السياسي؛
3- لقد طالبنا بإصلاح الآليات الانتخابية وتوسيع سلطات المؤسسة التشريعية، وها نحن أمام قوانين جديدة لتنظيم الانتخابات ومنع الترحال السياسي ونددنا بالترحال السياسي وطالبنا بمنعه، وها هي سلطات مجلس النواب تتضاعف لتشمل العديد من المجالات التي لم تكن تطلها رقابته وسلطاته التشريعية من قبل؛
4- لقد طالبنا بإنصاف العالم القروي وتمكينه من الإمكانيات اللازمة ومن مخطط إنمائي وتساءلنا عن مصير خطة 2020 التي كانت أعدتها حكومة التناوب، وبادرنا إلى اقتراح صندوق للتنمية القروية، فكان مخطط المغرب الأخضر، الذي أبدينا بشأنه الملاحظات الضرورية ونتابعه ونقيمه في إطار عملنا الرقابي؛
5- لقد طالبنا في بداية الولاية التشريعية بإحداث صندوق خاص لتمويل التعليم، فجاء المخطط الاستعجالي بعد ذلك بسنة، باعتمادات مالية غير مسبوقة في تاريخ القطاع، بغض النظر عن النتائج التي لا يمكن تقييمها إلا في نهاية المخطط وتقديم الحصيلة حرصا منا على الموضوعية وإن كان لم يسلم من تقييمنا المرحلي من خلال عملنا الرقابي؛
6- لقد شددنا على ضرورة إصلاح المشهد الإعلامي وخاصة العمومي منه، فكان أن انخرطت جميع مكونات البرلمان في الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع الذي نفتخر بأننا كنا الشريك الأساسي في إعداد أرضيته وكنا حريصين على تقديم مساهمة نوعية فيه، بعد أن كنا، من خلال أسئلتنا ومبادراتنا ومذكراتنا، في أساس إطلاق النقاش في المؤسسة البرلمانية حول المرفق الإعلامي العمومي ووظائفه وجودته؛
7- لقد كنا وراء إطلاق النقاش في المؤسسة البرلمانية بشأن قضايا الإسكان والتعمير ومشاريع المدن الجديدة والسكن الاجتماعي، التي تشهد تعثرات واختلالات تدبيرية، تناقض وتقوض المجهود التمويلي العمومي والأهداف النبيلة والاجتماعية الذي تأسس عليها المشروع، فكانت القرارات بتخليص هذا القطاع، جزئية من الاستغلال الحزبي والانتخابوي.
وإلى آخر لحظة من حياة هذه الولاية ظل حرصنا شديدا على المساهمة الفاعلة وبحضور متيقظ على مناقشة القوانين الانتخابية والتي كنا صارمين في التعامل معها انطلاقا من التوجهات الحزبية سواء فيما يتعلق بتجديد اللوائح الانتخابية، أو الملاحظة المستقلة أو القانون التنظيمي لمجلس النواب أو قانون الأحزاب السياسية أو باقي القوانين المؤطرة للمجال الترابي.
هكذا كانت لنا تحفظات لم نتوان في الإعلان عنها وخاصة في مجالات التقطيع الانتخابي واللائحة النسائية واللائحة الشبابية التي كان لنا رأي فيها مخالف لما جاءت به الحكومة وحالات التنافي وتصويت المغاربة المقيمين بالخارج.
قد لا يكون ما قدمناه في هذا التقرير المختصر والمختصر جدا ملما بكل القضايا التي تدخل في مجال مهام مجلس النواب حسينا أننا قدمناه بكل واقعية وبكل تجرد خاليا من كل المساحيق أو لغة الخشب عن أن نكون أخلصنا لمهمتنا التي نحن مطمئنون أنها أخلصت للوطن وللمؤسسات ولقيم الاتحاد الاشتراكي النبيلة.
لقد حققنا ما حققناه، في شروط غير مناسبة وبإمكانيات متواضعة على مستوى التأطير التقني والإداري، وفي ظرفية وسياق متموج اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
واحرص هنا على التنويه بأعضاء الفريق من نائبات ونواب وأشد على أيديهم بحرارة واعتبر أنه لولا الجهد لما كنا نصل إلى هذه النتائج.
اعتبر كذلك أن الفريق الإداري بأطره وموظفيه اشتغل بتفان وإخلاص وبدل أقصى الجهود أحرص اليوم في هذا اللقاء أن انوه بهذه المجموعة الصغيرة والتي كانت في مستوى الانضباط والمسؤولية.
هذه حصيلة أعمالنا التي نعتبرها حصيلتكم أنتم وحصيلة كل الاتحاديين، ولكم أن تقولوا فيها رأيكم، نحن الذين كنا في قلب المعركة ، ولكل تواضع نعتبرها حصيلة إيجابية. إنها قيمة تضاف إلى نضال الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الواجهات المؤسساتية.
شكرا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.