"الأسود" يزأرون بقوة ويهزون شباك الكونغو برازافيل بسداسية نظيفة    القناة الرياضية … تبدع وتتألق …في أمسية فوز الأسود اسود    انتخابات 2026: التحدي المزدوج؟    غباء الذكاء الاصطناعي أمام جرائم الصهيونية    الركراكي: ماتبقاوش ديرو علينا الضغط الخاوي    الركراكي: يلزمنا الاشتغال بشكل أكبر وتحقيق النقاط هو الأهم    محكمة فاس توزع 20 سنة حبسا نافذا على "شبكة الإتجار في الرضع"    أفاية: الوضع النفسي للمجتمع المغربي يمنع تجذّر النقد.. و"الهدر" يلازم التقارير    إعادة تهيئة مسارات مغادرة الرحلات الدولية والوطنية بمطار طنجة ابن بطوطة لاستقبال أزيد من مليوني مسافر    ولاية امن تيزنيت… توقيف سيدة وشقيقها بتهمة ترويج مواد طبية مهربة    خلال أسبوع.. 18 قتيلا و2704 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    منتخب "أسود الأطلس" يدك شباك الكونغو بسداسية في تصفيات المونديال    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    طقس الأربعاء.. أمطار رعدية مرتقبة بهذه المناطق    مديرية آسفي "تتبرأ" من انتحار تلميذة    المغرب استقبل أكثر من 5.9 مليون سائح خلال 6 أشهر بما فيهم مغاربة يقيمون في الخارج    تدعم "البوليساريو".. استقالة نائبة سانشيز من قيادة "سومار"    الملك محمد السادس يحل رسميا بتطوان لقضاء العيد والعطلة الصيفية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (16)        الأمثال العامية بتطوان... (622)    جمعية هيئة المحامين بتطوان تتضامن مع الشعب الفلسطيني    من المغرب.. وزيرة خارجية سلوفينيا تدين إسرائيل وتدعو لوقف تام لإطلاق النار بغزة    تشكيلة المنتخب المغربي أمام الكونغو برازافيل    فرنسا.. اليسار يتجمع بعد تيه ورئيس حزب "الجمهوريون" يريد التحالف مع اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية    المغرب وسلوفينيا عازمان على إعطاء دينامية أكبر لعلاقاتهما الثنائية    عاجل.. الركراكي يكشف عن تشكيلة المنتخب المغربي الرسمية أمام الكونغو برازافيل    أسئلة غلاء تذاكر مغاربة العالم بحراً وجواً تحاصر وزير النقل بالغرفة الثانية    العثور على جثة فتاة داخل حفرة يستنفر السلطات الأمنية بمرتيل    الأخضر يغلق تداولات بورصة البيضاء    وفاة المعلم علال السوداني، أحد أبرز رموز الفن الكناوي    عيد الأضحى: المكتب الوطني للسكك الحديدية يبرمج حوالي 240 قطارا يوميا    صندوق الإيداع والتدبير يعلن عن صرف المعاشات بشكل مسبق ابتداء من 12 يونيو    مصرع نائب رئيس ملاوي و9 أشخاص آخرين في حادث تحطم طائرة    وهبي يعلن بدء استخدام الذكاء الاصطناعي في محاكم المغرب    سفر أخنوش يؤجل الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين    وهبي: أدوار الوساطة تحتاج التقوية .. ومنصة رسمية تحتضن الإعلانات القضائية    المغرب يرحب بقرار مجلس الأمن الدولي    شركة إسبانية لصناعة الطائرات تستقر بالدار البيضاء    رفيقي يكتب: أي أساس فقهي وقانوني لإلزام نزلاء المؤسسات السياحية بالإدلاء بعقود الزواج؟ (2/3)    أبرزهم أيت منا.. 5 أسماء تتنافس على رئاسة نادي الوداد الرياضي (صور)    الفنان عادل شهير يطرح كليب «دابزنا» من فرنسا    شركة "آبل" تطلق نظاما جديدا للتشغيل في أجهزتها قائما على الذكاء الاصطناعي التوليدي    من إصدارات دار الشعر بمراكش الديوان الخامس من سلسلة "إشراقات شعرية" للشعراء المتوجين بجائزة "أحسن قصيدة"    الفنانة التشكيلية كوثر بوسحابي.. : أميرة تحكي قصة الإبداع من خلال لوحاتها    بوطازوت وداداس يجتمعان من جديد في المسلسل المغربي "أنا وياك"    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس اعتبارا من السبت القادم    سوق الأغنام بالرباط.. المعادلة المتداخلة لاختيار أضحية العيد    المغرب يلتزم بإدماج التقنيات النووية السليمة في مختلف القطاعات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    " فخورون، معلقون وعنيدون بعض الشيء"، عن منطقة كتامة والحشيش وأشياء أخرى..فيلم بالمسابقة الرسمية لفيدادوك    مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش تنظم ورشة لتلقين مبادئ النقد السينمائي وتجويده، لفائدة الصحفيين    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    كيوسك الثلاثاء | ثلث الشباب المغاربة يفكرون في الهجرة    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسيون يلجأون إلى الفقهاء والمشعوذين!
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 13 - 02 - 2009

الذين اخترعوا السحر، لا شك راودتهم أفكار حول الحاجة إليه كلما ضعف الإنسان أمام شهوة أو نزوة أو سلطة. وقد علقت صورة الساحر الذي يكتب التمائم من أجل تقريب العاشق إلى عشيقته والمريض إلى شفائه، والغائب إلى حضرته بالأذهان، ضمن المتخيل من التصورات والرغبات. غير أن علاقة السحر بالسلطة تبدو أكثر إثارة، فقد يفهم الباعث وراء سعي امرأة إلى تقييد زوجها، أو عشيقة ترغب في تطليق فارس أحلامها، أو مريضة تمكن اليأس من نفسها بعد أن جربت كل وصفات علوم الطب. لكن من غير المفهوم أن ينضاف التقرب إلى أهل السلطة وأصحابها إلى قوائم هذه المتمنيات.
وحكى مقربون إلى أحد ملوك المغرب أنه ضاق ذرعا بما كان يتناهى إلى علمه من قصص حول لجوء بعض مساعديه إلى استعمال السحر لنيل ثقته. وقد نصحه أحدهم بإقامة حفل تنكري يدعو إليه أولئك المساعدين. وبينما الجميع في ذروة الانتشاء بوقائع الحفل، طلب منهم أن ينزعوا ملابسهم استعدادا لتزجية ما تبقى من الوقت في السباحة، بل أن يفعلوا ذلك أمام الملأ، وكم كانت دهشته حين اكتشف أن أعدادا من الحاضرين كانوا يضعون تمائم وأحجبة على أذرعهم وصدورهم طلبا للتقرب إليه.
ليس يهم إن كانت الحكاية حقيقية أم افتراضية، فالأصل فيها أنها تعكس نموذجا في أساليب استمالة رضى السلطة، والأخطر فيه أنه يتخذ من التعاويذ الشيطانية بديلا عن العمل والكفاءة والنزاهة، وقد يكون الأشخاص الذين يقدمون على هذه الطرق يتلمسون في أنفسهم عجزا عن الاضطلاع بالمسؤوليات التي تؤهلهم لأن يحظوا بالثقة، وتلك مشكلة أعمق من أن يتم التحايل لإخفائها بوسيلة لكسب المودة والعطف.
وتحفظ الألسن مزيدا من الحكايات عن فقهاء وسحرة كان يتم استقدامهم من أماكن بعيدة لزيارة إقامات مسؤولين كبار كانوا يغدقون عليهم بالعطاء من غير جيوبهم، فقد عرف عن أحد رجالات السلطة أن بيته لم يكن يخلو من فقهاء، خصوصا حين تنال منه غضبة أهل الحل والعقد، ويستطيع أي باحث في قوائم الذين أنعم عليهم ذلك المسؤول برخص النقل وجزيل العطاء أن يحتسبوا أعدادا وافرة من السحرة الذين استفادوا من تلك الامتيازات، وأصبحوا يتمتعون بنفوذ أين منه مراتب الكفاءة والاستقامة. بل إن خدمات بعض الفقهاء أصبحت حكرا على صنف من المسؤولين لا يكاد يقترب منه أحد.
ومن السلطة إلى عالم السياسة، لم يتورع مسؤولون جدد في الاقتداء بالأساليب القديمة لاستمالة العطف والصداقة والمودة. ويتندر الناس في إحدى المدن بحكاية وافد جديد على عالم السياسة ما فتئ يتردد على أحد الفقهاء الذي زوده بنصائح وأدعية وتعاويذ بات يحفظها عن ظهر قلب كلما نوى تنظيم اجتماع حزبي عساه يحظى بقبول الجمهور وثقته، وبذلك تحولت الأدعية والنصائح إلى برنامج سياسي يبشر به الجمهور الذين يرتقب التغيير.
بعض العقلاء حين سمعوا بالحكاية رددوا ساخرين أن هذه الممارسات لاشك أنها غابت عن المشرفين على تنظيم الانتخابات، فقد سبق لهم أن أقروا خططا عديدة للتصدي لظاهرة استعمال المال في التأثير على الناخبين، وعمدوا في غضون ذلك إلى تغيير نظام الاقتراع وسن قوانين عديدة لتأمين نزاهة الانتخابات. غير أنه لم يدر في أذهانهم أن هناك من اخترع طريقة جديدة لاستمالة الناخبين عن طريق السحر. ولعلها المرة الأولى التي تختلط فيها السياسة بالشعوذة، فقد عرف المغرب نماذج في التأثير على السذج من القوم عبر إدعاء الحصول على البركة والمكرمة واستغلال الدين لأهداف دنيئة، كان يزكيها الاستعمار لإقامة الأصنام والإساءة إلى أدوار الزوايا الدينية. لكنه لم يعرف مثل هذا النوع من سياسيي آخر تقليعة يمزجون بين المعاصرة والشعوذة ويخلطون بين العلم والخرافة.
إن الإنسان بطبعه ميال إلى اختبار قدراته في تحدي الطبيعة، لكنه لم يفلح في ذلك إلا عن طريق المعرفة وسبر أغوار العلم والنهل من ينبوعه الذي لا ينضب، ومن الخطأ أن يلجأ بعضهم إلى استخدام الشعوذة من أجل التحدي وإثبات الذات، فالسياسة ساحة ميدان تتصارع فيه الأفكار والبرامج، وهي قبل ذلك وبعده التزام بمبادئ ثابتة ومعروفة ، قوامها التعددية والمنافسة والتباري في خدمة الصالح العام. وهي إن كانت تسحر البعض بعالمها العصي على الاكتشاف، فإنها لا يمكن أن تتحول إلى سحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.