عندما يزدان فراش الزوجين بمولود، يولد مع هذا الحدث السعيد الأمل في أن يتمتع الأبوان وطفلها بحياة سعيدة وطبيعية... لكن الإعاقة التي تظهر مع بداية نمو الطفل، ربما في أسابيعه أو أشهره الأولى أو بعد مرض مفاجئ في مرحلة من مراحل حياته، تعصف بهذا الأمل وتطوح بسعادة الأسرة بعيدا... فتخيم الهواجس والمخاوف حول مستقبل الطفل على حاضر وواقع أسرته... خصوصا إذا واجه هذا الطفل أشكالا مختلفة من الصعوبات التي تغير مجرى حياته وتقيد نشاطاته الاعتيادية، بل تحد منها... وتتعداه إلى المحيطين به. وقد تمتد هذه الصعوبات لتصل مستويات أشد ضغطا، وتتسع دائرتها بتزايد حلقات هذه الأخيرة، كلما كبر الطفل المعاق وكبرت احتياجاته وتعددت أوجهها، خاصة مع طول أمد الإعاقة التي قد تكون دائمة. وغالبا ما يكون أثر الإعاقة على حياة الطفل والأسرة، شديدا جدا مع ضيق ذات يد أوليائه وفي غياب تدابير العناية بهؤلاء الأطفال وسد احتياجاتهم ومساعدة ذويهم... وغالبا مايمر معظم أفراد أسرة المعاق بمراحل علائقية ونفسية متأرجحة بين الشعور بالذنب وتبادل الاتهامات حول المسؤولية عن الإعاقة ورفضها أو تقبلها، مما يؤثر على بناء الأسرة ويهدد استقرارها. وللتعايش مع هذه الإعاقة، تغير الأسرة نمط حياتها اليومية، وتعيد توزيع الأدوار والمهام داخلها، كما تعيد تدبير نشاطاتها اليومية وترتيب علاقاتها الاجتماعية. أحيانا، تكون الإعاقة سببا إضافيا لزيادة الترابط والتضامن والتكافل داخل أسرة المعاق... وفي أحيان أخرى، تكون المشجب الذي يعلق عليه أحد الوالدين أخطاءه والقطرة التي تفيض كأس لامبالاته وتكشف طينته، فيرفض الإعاقة ويرفض معها العيش وسط محيطها ويتملص من مسؤولية تحمل وضع ابنه وتبعات ذلك النفسية والمادية... فيكون الطلاق خلاصا له من الجميع الابن والزوجة والإعاقة... في الملف التالي نماذج لأسر تضم معاقا أو أكثر اختلفت أساليب الزوجين ضمنها في التعاطي مع الإعاقة وفي تقبلها أو رفضها، خصوصا مع محدودية دور جمعيات المجتمع المدني في التخفيف من معاناة أسر المعاقين المعوزة ومساعدتها، وشبه الغياب التام للدولة في هذا المجال... فمن الزوجين من تقبلها وتحمل مسؤوليته كأب أو كأم، ومنهم من رفضها كأب وزوج، بل حمل الأم والزوجة مسؤولية إعاقة ابنه ورمى كل شيء وراء ظهره وغادر بعد طلاق أو دون طلاق... إذن، ما معنى أن تكون الأسرة حاضنة «لمأساة نابضة بالحياة»؟ ما معنى أن يكون الإنسان معاقا وأن يعيش بتلك الإعاقة طوال حياته؟ هل يكفي الكرسي المتحرك أو الوصفات الطبية أمام عمق مشكل مزمن يلاحق الكثير من الأسر المغربية؟... الملف يخترق حميمية أسر تعاني مشاكل حياتية مستعصية في معاناة صامتة... وفي مواجهة عنف الإعاقة وتداعياتها السلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي لأسر المعاقين...