العمران تنظم محطة مدريد من معرض "إكسبو مغاربة العالم" لتعزيز روابط الجالية مع العرض العقاري الوطني    "الأحرار" يستحضر من الداخلة مسيرة نصف قرن من العطاء بالصحراء المغربية    المغرب والصين يرسّخان شراكتهما الاستراتيجية عبر حوار دبلوماسي مؤسساتي جديد    الرباط وبكين تؤسسان لحوار استراتيجي يرسخ المصالح المشتركة    فيينا.. المغرب يترأس الاجتماع العام ال11 للشبكة الدولية للأمن والسلامة النوويين    ترامب يعلن اتفاقه مع الرئيس الصيني على عقد لقاء في كوريا الجنوبية وزيارة مرتقبة إلى بكين    التعادل يحسم مباراة اتحاد يعقوب المنصور والوداد    كأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة (الشيلي 2025) .. تركيز "أشبال الأطلس" منصب الآن على عبور الدور الأول (الناخب الوطني)    تكوين المدربات وتطوير كرة القدم الإفريقية في صلب زيارة إنفانتينو لمقر الفيفا إفريقيا بالرباط    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة لن يستضيف سان جرمان في ملعبه ال"كامب نو"    الرسالة الملكية في المولد النبوي            رسمياً.. عبد اللطيف العافية يكتسح عمر العباس ويظفر بولاية جديدة على رأس عصبة الشمال لكرة القدم    الحسيمة.. موعد طبي بعد أربعة أشهر يثير الاستياء    برادة: 800 مؤسسة مؤهلة هذا العام لاستقبال تلاميذ الحوز    سيدي بنور.. حظر جمع وتسويق المحار بمنطقة سيدي داوود            بعد الجزائر وموسكو .. دي ميستورا يقصد مخيمات تندوف من مدينة العيون    حقوقيون يبلغون عن سفن بالمغرب    جمعيات تتبرأ من "منتدى الصويرة"    إعادة إنتخاب ادريس شحتان رئيسا للجمعية الوطنية للإعلام والناشرين لولاية ثانية    "الملجأ الذري" يصطدم بنجاح "لا كاسا دي بابيل"    سي مهدي يشتكي الرابور "طوطو" إلى القضاء    العداءة الرزيقي تغادر بطولة العالم    "حركة ضمير": أخنوش استغل التلفزيون لتغليط المغاربة في مختلف القضايا    تأجيل محاكمة الغلوسي إلى 31 أكتوبر تزامنا مع وقفة تضامنية تستنكر التضييق على محاربي الفساد        منتخب الفوتسال يشارك في دوري دولي بالأرجنتين ضمن أجندة «فيفا»    أخبار الساحة    مشروع قانون يسمح بطلب الدعم المالي العمومي لإنقاذ الأبناك من الإفلاس    ترسيخا لمكانتها كقطب اقتصادي ومالي رائد على المستوى القاري والدولي .. جلالة الملك يدشن مشاريع كبرى لتطوير المركب المينائي للدار البيضاء    الصين تشيد بالرؤية السديدة للملك محمد السادس الهادفة إلى نهضة أفريقيا    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    حجز أزيد من 100 ألف قرص مهلوس بميناء سبتة المحتلة    ثقة المغاربة في المؤسسات تنهار: 87% غير راضين عن الحكومة و89% عن البرلمان    ثماني تنظيمات نسائية حزبية تتحد لإصلاح النظام الانتخابي وتعزيز مشاركة النساء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية    السجن المؤبد لزوج قتل زوجته بالزيت المغلي بطنجة            الدّوخة في قمة الدّوحة !    أسعار النفط دون تغير يذكر وسط مخاوف بشأن الطلب    زلزال بقوة 7.8 درجات يضرب شبه جزيرة كامتشاتكا شرقي روسيا    المغرب في المهرجانات العالمية    فيلم «مورا يشكاد» لخالد الزايري يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان وزان    إسرائيل تجمد تمويل مكافآتها السينمائية الرئيسية بسبب فيلم «مؤيد للفلسطينيين»    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد إجهاضها خمس مرات متتالية..الفقر وغلاء العلاج يسرقان فرحة نضيرة بمولودة مريضة
نشر في التجديد يوم 12 - 04 - 2008


أن تعيش الأم لسنوات تحلم أن ترى يوما فلذة كبدها تترعرع في حضنها بعد خمس مرات إجهاض على التوالي، أنهكت قوتها الصحية والنفسية، فقدت فيها نظارة الشباب رغم أنها لم تبلغ بعد الثلاثين سنة من العمر. إنها حكاية نضيرة لصفر من مدينة تمارة، إحدى النساء التي تجرعت بامتياز مرارة فقدان فلذات كبدها الواحد تلو الآخر، وما إن شعرت لأول مرة بدفء جنينها يرقد إلى جانبها في المستشفى التي عهدت أن تخرج منها فاقدة بكل انكسار لحلم الأمومة. كانت فرحتها وفرحة زوجها عبد الغفور لا توصف، فأخيرا وبعد معاناة طويلة شاركهما فيها كل أفراد العائلة رزقا بطفلة أسمياها مريم. حلم لم يكتمل لم تمض على فرحة نضيرة بمولودتها الجديدة سوى فترة قصيرة، حتى بدأت تظهر على الصغيرة أعراض مرض شديد. فالصغيرة التي لم يكن يتجاوز وزنها عند الولادة كيلو غراما واحدا ونصف، سرعان ما بدأت قواها الصحية تتدهور، وتقض مضجع والديها الذين حملاها مرات عديدة إلى مستشفى ابن سينا بالرباط في حالة خطرة، بعدما توقفت لمرات عن التنفس وأصيبت باختناق كاد أن يودي بحياتها. توالت الأيام والسنوات، وأمراض مريم في تطور مستمر، ولعل أقساها والذي أصبح بمثابة كابوس يحرم جفون والديها من النوم، هو توقف جسم الصغيرة عن النمو. عمرها الآن خمس سنوات لكن حجمها يظهرها في عمر السنتين أو السنتين والنصف على أقصى تقدير. لم يفقد الوالدان الأمل ولم توعزهما قلة الحيلة، فالأم في زيارة مستمرة لطبيب الأطفال علها تجد الحل لتوقف أعضاء ابنتها عن النمو، لكن الحالة المرضية هذه المرة كانت ضربتها أقسى بكثير، لأنه رغم بذل الوالدين كل جهودهما لتوفير ثمن الدواء، خاصة أن الطبيب يصر على عدم توقف الصغيرة عن تناوله بصفة دائمة، تفاديا لحالات الاختناق المفاجئ التي تصيبها في كثير من الأحيان. لكن هذه المرة مشكلة توفير مصاريف علاج توقف النمو أكبر بكثير من توفير الأدوية التي كان يوفرها الأب بمشقة النفس، خاصة أمام توقف الوالدين عند أولى الخطوات التي وجدا نفسيهما عاجزين تماما عن توفير ثمنها، إنها بعض التحاليل التي قيم الطبيب المختص ثمنها في 3000 درهم حسب ما أفادت به نضيرة. عندما يعجز الإنسان مبلغ 3000 آلاف درهم من أجل إجراء التحاليل خبر نزل كالصاعقة على الوالدين، فمشكلة نضيرة وعبد الغفور مع ابنتهما، لا تختلف كثيرا عن مشاكل العديد من الأسر التي تعيش معاناة مزدوجة بين الفقر وقلة الحيلة، فالأب الذي يعمل حمالا للصناديق في الأسواق لا يتجاوز دخله اليومي مابين 10 إلى 20 درهم على أقصى تقدير حسب نضيرة، ويعجز حتى عن تأدية ثمن كراء البيت الذي يأويهما، وجد نفسه أمام ضرورة توفير 3000 درهم دفعة واحدة دون احتساب الدواء الذي يقطع ثمنه من المصروف اليومي كي تعيش ابنته التي لطالما حلم أن يسعد بها بعد معاناة مريرة مع الفشل في الإنجاب. لكن الحقيقة التي شكلت المأساة الكبرى عند الأم بحيث لم تتوقف دموعها منذ أن سمعتها من الطبيب هي أن التحاليل هي بداية فقط لمعرفة نوعية المرض أما العلاج فقد تصل تكاليفه إلى 10 ملايين سنتيما سنويا. صعقت نضيرة بالخبر وتساءلت: إن كنا لا نستطيع توفير ولو مبلغ التحاليل الطبية ومنذ أشهر ونحن نبحث عمن يساعدنا على أداء ثمنها فكيف سنوفر مبلغ 10 ملايين سنتيما سنويا؟ توقف النمو اعتبر الدكتور المعالج للطفلة مريم لصفر بمستشفى الأطفال ابن سينا والذي فضل عدم ذكر اسمه أن سبب توقف نمو الطفلة ربما يرجع بالأساس إلى ولادتها بوزن غير طبيعي، إذ لم يكن يتعدى آنذاك كيلوغراما ونصف، وأن التحاليل التي عجزت الأسرة عن تأدية ثمنها، هي المفتاح الرئيسي لمعرفة الخلل الكامن في الهرمونات المساعدة عن النمو. وأضاف الطبيب المعالج في تصريح لـ التجديد أن سبب ضعف نشاط هذه الهرمونات هو بداية فقط لعلاج طويل ومكلف للغاية قد تصل تكلفته إلى 10 ملايين سنتيم سنويا، أما إن لم يكن هناك نقص في نشاط الهرمون المسؤول عن النمو فإن الأمر يتعلق بمرض خلقي ولا يوجد له علاج. وأوضح الطبيب أن هناك أسباب كثيرة لحالات نقص النمو عند الأطفال والتي تسبب قصرا في القامة وتشوهات خلقية أخرى، وهذه الأسباب قد تكون ناتجة إما عن مرض مزمن له ارتباط بالكريات الحمراء عند الطفل، وقد يكون المشكل سببه قصور في الكلي، أو في المعدة، وقد يكون مشكل مزمن في القلب أو الرئتين أو الكبد تؤثر مباشرة على نشاط هرمونات النمو عند الأطفال، كما قد يرجع إلى تشوهات في العظام، أما حالة مريم فإن التشخيص الكلينيكي السريري لم يظهر سوى ضعف وهزالة جسمها، مما أدى إلى إجراء فحوصات على مستوى الغدد المسؤولة عن النمو، فأظهرت النتائج الأولية ضعف نشاط الغدة الدرقية لكن على مستوى الدماغ. ويرجح الطبيب المعالج أن يكون الخلل ليس فقط في إفرازات الغدة الدرقية بل على مستوى إفرازات الهرمون الآخر المسئول عن النمو، والذي لا يمكن الكشف عليه سوى بـهذا النوع من التحاليل، وبما أن ضعف أو توقف إفرازات الهرمون المسئول عن النمو لا يحدث عند بعض الأشخاص إلا نادرا فإن مسألة العلاج مكلفة جدا. كما لم يستبعد الطبيب أن يكون الخلل الذي أصاب نشاط الهرمونات بسبب وراثي. وأكد على ضرورة المتابعة الطبية للطفلة كي يتم تشخيص الحالة بالشكل السليم. حيرة أمام تعقد مسار العلاج، واستنزافه لقدرات الوالدين، لم يبق أمام عبد الغفور ونضيرة سوى البحث في أوساط المحسنين عمن ينقذ مستقبل ابنتهما التي شارفت على دخول المدرسة، إن لم نقل أن أقرانها المتوفرة لهم الظروف قد ولجوا أبوابها، لكن جسم مريم لا يؤهلها إلى أكثر من الحضانة، وما تقوم به نضيرة اليوم هو حمل ابنتها كل يوم والبحث عن جمعيات خيرية، أو طرق أبواب بعض المعارف الذين تأمل أن ترق قلوبهم للصغيرة، ودمعتها لا تفارقها، وتلقي اللوم كل اللوم على الفقر الذي جعلها عديمة الحيلة أمام إنقاذ صحة ابنتها، دون أن تجد إلى غاية كتابة هذه الأسطر يدا بيضاء تمتد لانتشالها من هذه المتاهة التي تتخبط فيها هي وابنتها التي لا تتردد في البكاء كلما عايرها أقرانها من أبناء الجيران، بكلمة قزمة، فتنهي لعبها معهم بقلب منكسر لتعود باكية إلى البيت وتشكو لوالدتها ما يقوله لها الأطفال فتزيد إلى هم نضيرة هموما أخرى مضاعفة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.