الإمارات العربية تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي ولسيادة المغرب الوطنية    هلال: التزام المغرب بالتصدي لخطاب الكراهية ثابت وراسخ    40 دولة تجدد دعمها لسيادة المغرب على الصحراء في مجلس حقوق الإنسان    المغرب في معرض لوبورجيه بحثا عن شراكات لمواكبة دينامية تحديث قطاعه الجوي (قيوح)    مزور: الحكومة انتقت أزيد من 1800 مشروع لتعزيز السيادة الصناعية وخلق قرابة 180 ألف منصب شغل    أخنوش والسعدي يعطيان انطلاقة المناظرة الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني ببن جرير    رسميا.. العصبة الاحترافية تكشف عن موعد انطلاق الموسم الكروي المقبل    سجن وتغريم 4 أشخاص بسبب الإساءة العنصرية لفينيسيوس    نشرة إنذارية.. زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    محكمة الاستئناف تحدد موعد النطق بالحكم في قضية الصحفي حميد المهدوي    تحذيرات من الداخلية لرؤساء الجماعات بسبب تعثر مصالح المواطنين    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    برشلونة يعزز تصنيفه الائتماني ويترقب زيادة إيراداته بعد العودة إلى كامب نو        الأمير مولاي رشيد يترأس الجمع العام الاستثنائي للجامعة الملكية المغربية للغولف    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    بعد 4 أيام من تعيينه.. إسرائيل تغتال رئيس هيئة أركان الحرب الإيراني الجديد    افتتاح القنصلية العامة للمغرب بميامي    توقيف فرنسيان حاولا تهريب 79 كيلوغراما من الحشيش عبر باب سبتة        مجموعة السبع تؤكد على"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وتعارض امتلاك إيران لسلاح نووي    وليد الركراكي.. بين فورة الغضب ومتطلبات البناء الوطني    ليس بينها المغرب.. 20 دولة عربية وإسلامية تدين العدوان الإسرائيلي على إيران وتحذر من التصعيد    مايس... الرابور الفرنسي يُشعل المنصات برسالة قوية دفاعًا عن مغربية الصحراء    الذهب يرتفع مجددًا بفعل تنامي الطلب وتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة    د محمد صبري : الصيدلة دعامة أساسية في الرعاية الصحية القريبة من المواطن..    احتجاجات مرتقبة لموظفي التعليم العالي بسبب تعثر المصادقة على النظام الأساسي    جهة الدار البيضاء – سطات بصدد إحداث 28 محطة لتحلية المياه    تطوان تحتفي بعبق الموسيقى التراثية في أول ملتقى جهوي يحتفي بعبد الصادق شقارة    أعمدة كهربائية تُشوّه جمالية شوارع مدينة الجديدة: محمد الرافعي وإبراهيم الروداني في الواجهة .    إيران والجزائر... محور الاضطراب الذي يؤجج بؤر التوتر في العالمين العربي والإفريقي    "نقاش الأحرار".. برادة يكشف جهود الحكومة لرفع أعداد "مدارس الريادة" والحد من الهدر المدرسي    باريس وبرلين ولندن تحض طهران على التفاوض "بأسرع ما يمكن بدون شروط مسبقة" (مصدر دبلوماسي)    ثنائية فلامنغو تهزم الترجي التونسي    طنجة.. الإطاحة بلص خطير متورط في 16 سرقة قرب الكورنيش    ترامب يضع إيران أمام خيارين أحلاهما مرّ    حزب الله يدين استهداف إعلام إيران    قائمة شركات طيران علقت رحلاتها جراء التصعيد بين إسرائيل وإيران    موعد مباراتي نصف نهائي كأس العرش    المغربي هاروان رِيد يعرض أعماله في دار سوذبيز ببروكسل ضمن مؤتمر المغرب: فرصة استثمارية استراتيجية وأسلوب حياة فريد    السينما والتاريخ شعار الدورة الثانية لأيام وزان السينمائية    وزيرة المالية: لا غلاء في المغرب.. وملف التقاعد لا يحتمل المزايدة السياسية    "الجغرافيا الجديدة" بأكاديمية المملكة    جراحات جبل "طوبقال" القديمة    فرجة "دراغون" تلقى الإقبال في أمريكا الشمالية    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    في أول لقاء مع جمهوره المغربي.. ديستانكت يكشف ألبومه العالمي وسط تفاعل صاخب    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سُلالة الصَّرْدي تغزو أسواق الماشية قُبَيل العيد
نشر في المغرب 24 يوم 19 - 06 - 2023

في الطريق إلى "البروج"، ثاني أكبر الجماعات الحضرية بإقليم سطات، يقف الزائر قبل أن يبلغ مقصده على أن الرعي هو أهم نشاط فلاحي بالمنطقة؛ فرغم أن أثر الجفاف باد على الأراضي الفلاحية الشاسعة بالإقليم فإن قطعان الأغنام تنتشر على جنبات الطريق، لتؤكد أن تربية الماشية كانت ومازالت تشغل مكانة بارزة في الحركة الاقتصادية للمنطقة.
ومن أبرز السلالات التي اشتهرت بها منطقة الشاوية، التي أصبح الطلب عليها قائما وكبيرا في كل مناطق المملكة، وخصوصا قبيل عيد الأضحى، سلالة "الصردي" التي يزيد عدد رؤوسها بجهة الدار البيضاء السطات عن 500 ألف رأس من إجمالي قطيع يقدر، حسب معطيات المديرية الجهوية للفلاحة، ب 2.46 مليون رأس من الأغنام (11 بالمائة من قطيع الماشية على الصعيد الوطني).
ويبلغ إنتاج اللحوم الحمراء بالجهة 22 ألف طن، منها حوالي 6 آلاف طن من لحوم "الصردي"، وهي أرقام تؤكد المكانة المهمة التي تحتلها هذه السلالة في تربية الأغنام على الصعيد الجهوي، وهو معطى يظل بالخصوص بديهيا بالنظر إلى أن إقليم سطات يعد معقل هذه السلالة.
ويؤكد حسن الساطي، من أبناء البروج وأحد مربي خروف "الصردي"، أن لهذه السلالة مكانة اجتماعية وسوسيو-اقتصادية هامة على صعيد العالم القروي والإنتاج الفلاحي.
ويضيف حسن، الذي اختار الاستثمار في قطاع تربية المواشي بعد تجربة عمل بالديار الإيطالية، أن تمسك فلاحي المنطقة بسلالة "الصردي" ضارب في التاريخ، ويعززه كون الأسر المغربية على امتداد المملكة تحبذ أن تكون أضحية العيد الكبش "الجميل والأنيق" .
كما يفضل مربو الماشية بالمنطقة بالخصوص الرهان على سلالة "الصردي" بالتحديد لقدرتها على التكيف مع المراعي الفقيرة نسبيا، وتميزها بخصائص تجعل الطلب عليها كأضاح للعيد كبيرا؛ فهي تتميز بقامتها الكبيرة وذيلها الرفيع وجزتها البيضاء، وتعرف بخلو البطن والرأس والأرجل من الصوف، وبسواد لون العينين والأذنين ومقدمة الوجه وأسفل الأرجل.
وغير بعيد عن مدينة البروج، وبالتحديد بجماعة بوكركوح، الواقعة بدائرة ابن احمد، أبرز الحاج المزابي، شيخ في عقده الثامن وأحد كبار مربي "الصردي"، في حديث مماثل ل "ومع"، أن سلالة "الصردي" تمثل تراثا مغربيا عريقا، ما يجعل تربية هذه الأغنام في منطقة الشاوية أكبر من أن تكون مجرد "حرفة"، بل هي جزء لا يتجزأ من ثقافة المنطقة ومفاخرها.
ويرى المزابي أن سلالة "الصردي" شهدت تغيرات في بيئات قاسية، ما جعلها تتكيف بشكل مثالي مع الظروف المناخية وتضاريس المنطقة التي تمتد أراضيها الفلاحية على مساحات شاسعة، ما يتيح ممارسة الرعي وتربية الأغنام حتى في المواسم غير الممطرة بما يكفي.
وبالنسبة للشيخ المزابي فإن سلالة "الصردي" ركيزة للإنتاج الفلاحي في إقليم سطات والمناطق المجاورة، ومصدر موثوق للدخل بالنسبة للفلاحين.
أما المعطي الشاوي، وهو فلاح ومربي أغنام بمنطقة البروج أيضا، فيجزم بأن أصل "الصردي" يعود لقرية القراقرة التابعة لمدينة البروج، وبأن الأمر يتعلق بسلالة مغربية "لا يوجد مثلها في أي منطقة أخرى بالعالم"، وهو لا يقبل "ما يروجه بعضهم" من أن أصل هذه السلالة من "سردينيا" الإيطالية بناء على "تشابه بسيط في الأسماء".
ويؤكد المتحدث أن "الصردي" يباع بأسعار مرتفعة مقارنة مع غيره من السلالات، لأنه عادة ما يكون "كبشا أملح، جميل الوقفة، بقامة مرتفعة وقوة بدنية تعزى إلى العلف الجيد، والعناية الفائقة التي يحيطه بها المربون" .
ويبدو أن لتربية سلالة "الصردي" قواعد، بل وربما "طقوسا" خاصة لا تشبه تلك التي تحكم تربية باقي سلالات الأغنام؛ فبمنطقة بني مسكين تكفي زيارة منازل وضيعات مربي هذه السلالة للتأكد من أن الأمر يتجاوز بالفعل مجرد نشاط اقتصادي.
ففي هذه المنطقة استطاع "الإخوان خليل"، الأشقاء الأربعة الذين ورثوا أبا عن جد مهنة تربية وتحسين سلالة "الصردي"، أن يزاوجوا بين أصالة المهنة وضرورات التكيف مع شروط الإنتاج العصري، ما مكنهم من المشاركة في أكبر التظاهرات والمعارض الدولية، ومنها معرض مكناس الدولي للفلاحة حيث فازوا بأول جائزة لأحسن "كساب" مغربي.
وتجسد العائلة، التي تقطن بجماعة اولاد فارس المحاذية لمدينة البروج، تراث تربية هذه السلالة، إذ حول الأشقاء بيتهم إلى ما يشبه المتحف الحي، من خلال تزيينه بالنياشين وشواهد التكريم والجوائز وصور تذكارية كبيرة تؤرخ للحظات تتويجهم.
ويروي الأشقاء بفخر أنهم ورثوا تربية خروف "الصردي" من الأجداد، وفتحوا أعينهم على آبائهم وهم يولونه كل الاهتمام، مشيرين إلى أن هذا المجال عرف تطورا كبيرا منذ سبعينيات القرن الماضي، انعكس بالإيجاب على تحسين جودة هذه السلالة وطرق رعايتها.
ويوجز الإخوة مواصفات خروف "الصردي" ومدى تأقلمه مع الظروف المناخية الصعبة للمنطقة، بإبراز تحمله قطع مسافات طويلة قد تصل إلى 14 كيلومترا بحثا عن المرعى، ومظهره الخارجي الأنيق الذي يبدو من خلاله وهو "ينظر بالأسود ويأكل بالأسود ويمشي على الأسود".
واعتبر الحاج المصطفى، أحد الأشقاء الأربعة، أن مجهودات كبيرة تبذل من أجل العناية بهذه السلالة، إذ يبادر الأطباء والتقنيون إلى تلقين "الكسابة" تقنيات علمية لتحسين النسل، وتحديد الأوقات المناسبة للتزاوج، التي غالبا ما تحدد بين شهري ماي ويوليوز، لكي ينطلق التكاثر بين أكتوبر وفبراير. كما أن هذا التتبع من طرف المختصين، يضيف المتحدث، يترافق بوضع ختم خاص على أذن الخروف حديث الولادة، مطابق لختم ثان يوضع على أذن الأم لكي يتم التمييز بسهولة بين الخراف وتسهيل تتبع رعايتها. كما يتم ترقيم الخروف والمداومة بشكل نصف شهري على عملية وزنه للتأكد من سلامته واستيفائه كافة الشروط الصحية.
وبالنسبة للحاج المصطفى فإن التنافس بين "الكسابة" في إنتاج أجود الأكباش وفي رعايتها ينعكس بشكل واضح على تحسين المنتج، بحيث أضحت محطات كالمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، والمعرض الوطني ل"الصردي" بسطات، مواعيد هامة في أجندة الفلاح من أجل تقديم أفضل ما لديه ومحاولة نيل جوائز لا ينظر "الكساب" لقيمتها المالية بقدر ما تهمه قيمتها الرمزية.
وبخصوص أثمان بيع "فحول" سلالة "الصردي"، يفيد الحاج المصطفى بأنها تتراوح بين 30 ألف درهم و50 ألف درهم، علما أن هناك حالات قد يصل ثمن "الفحل" فيها إلى 100 ألف درهم، لافتا الانتباه إلى أن الفحول غير موجهة للذبح.
وأضاف المتحدث ذاته أن أسعار الأضاحي لهذه السنة بضيعته ستبدأ من 3500 درهم؛ وذلك نتيجة ما عرفته أثمان الأعلاف من غلاء بسبب توالي سنوات الجفاف، لافتا إلى أن نوعية الأعلاف التي اعتاد على تقديمها للقطيع تتوزع ما بين الذرة والفول و"الجلبان" والنخالة.
وحول تداعيات توالي سنوات الجفاف وغلاء الأعلاف، سجل الحاج مصطفى صمود "الكساب" أمام هذه الأزمات، ودأبه وحرصه على المساهمة في التنمية الاقتصادية والقروية وتنشيط الأسواق الوطنية والمحلية بتقديم منتج يرقى لتطلعات المواطنين ويفي بالحاجيات، خاصة تلك المتعلقة بأضاحي العيد.
وبالإضافة إلى المعرض الدولي للفلاحة ينظم في المغرب معرض وطني خاص بسلالة "الصردي" بمدينة سطات. ويهدف هذا المعرض إلى تبادل المعلومات والوقوف على التقدم التكنولوجي في الإنتاج الحيواني، وتشجيع تربية الأغنام وتعزيز الموروث الجيني لسلالة "الصردي" باعتبارها ثروة وطنية. وتحرص الجهات المنظمة على تثمين وتطوير هذا الصنف ومساعدة الفاعلين في القطاع من أجل تجويد تقنيات الإنتاج والتسويق. كما يعمل الأطباء البيطريون على مواكبة المهنيين وتزويدهم بالطرق العلمية الأنسب لتربية ورعاية هذا النوع من الأغنام. غير أن هذه التظاهرة عرفت توقفا مؤقتا بفعل الجائحة، ويرتقب عودتها السنة المقبلة، حسب الجمعية المنظمة.
وبغض النظر عن الاختلاف في تقييم سلالات الأغنام بين فئة من المغاربة وأخرى فإن سلالة "الصردي" تظل من أفضل سلالات الأغنام في المغرب لتوفرها على صفات مميزة وفريدة، تطابق كثيرا ما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي قال: "ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل يأكل في سواد، وينظر في سواد ويمشي في سواد".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.