أثارت تدوينة نشرها نائب عمدة مدينة طنجة محمد غيلان عن حزب التجمع الوطني للأحرار على مواقع التواصل الاجتماعي، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، بعد أن استعمل فيها عبارة: "الملك يستفز الأحزاب ويدعوها إلى انتقاء الفاعل السياسي الأجدر، حيث المغرب سيكون محط أنظار إفريقيا والعالم، فلا مكان فيه للفاعل الجاهل الفاسد ولا لمجال ترابي منسي لا يتناسب والسرعة المنشودة." ورغم أن مضمون التدوينة انسجم في مجمله مع روح الخطاب الملكي االسامي لأخير، الداعي إلى تعزيز الكفاءة والنزاهة في تدبير الشأن العام، إلا أن استعمال لفظ "يستفز" لوصف توجيهات جلالة الملك، اعتُبر من طرف فاعلين سياسيين ومواطنين، لفظاً غير ملائم ولا يليق بالمقام الملكي، نظراً لحمولته النفسية والسياقية التي قد تُفهم بشكل خاطئ أو تحمل دلالات سلبية. لغوياً، لا يشكل لفظ "يستفز" خطأ بحد ذاته، إذ يمكن أن يدل على الدفع نحو التغيير وتحريك الركود، كما يُستعمل في سياقات عديدة للتعبير عن التحفيز القوي نحو اتخاذ القرار. غير أن استعماله في سياق الحديث عن ملك البلاد، يطرح إشكاليات تتعلق بأخلاقيات الخطاب السياسي وحدود التعبير في مواجهة رموز السيادة الوطنية. ويذهب مراقبون إلى أن النائب لم يكن يقصد الإساءة، وإنما أراد التأكيد على الحزم الملكي في دعوة الأحزاب لتحمّل مسؤولياتها التاريخية في اختيار النخب المؤهلة. إلا أن الخطأ – في نظر العديدين – ليس في النية، بل في الصياغة التي تفتقر إلى الدقة الواجبة حين يتعلق الأمر بالمؤسسة الملكية. وتعكس هذه الواقعة الحاجة المتزايدة لدى السياسيين، وخاصة المنتخبين المحليين، إلى التمكن من تقنيات وأساليب التواصل السياسي الملائم، خصوصاً في ظل رقابة جماهيرية صارمة عبر منصات التواصل الاجتماعي. ويجد كثيرون في هذه التدوينة مثالاً على هشاشة بعض الخطابات السياسية التي تصدر عن مسؤولين في مواقع رسمية، وضرورة إعادة الاعتبار للغة السياسة وأدبيات التخاطب مع المواطنين ومع رموز الدولة على حد سواء. الجدل حول هذه التدوينة لا ينبغي أن يُختزل في شخص كاتبها فقط، بل يجب أن يُقرأ في سياق أوسع يرتبط بضرورة مراجعة الثقافة السياسية داخل الأحزاب، وإعادة تأهيل النخب في مجالات التعبير والتواصل العام، بما يتماشى مع مكانة المغرب الإقليمية والدولية، وبما يليق بهيبة المؤسسة الملكية، باعتبارها ضامنة لاستمرارية الدولة ووحدتها. إن النقد الذي وجّهه العديدون لهذه التدوينة ليس انتصاراً لشكل اللغة فقط، بل هو دفاع عن روح الإجماع الوطني، وعن مكانة جلالة الملك باعتباره الضامن الأول لكرامة المواطنين ولتوازن السلط.