في ظل التحديات المتزايدة التي يفرضها التغير المناخي والضغط على الموارد المائية، اتخذ المغرب خطوة استراتيجية نحو تحقيق الأمن المائي من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة. وتأتي هذه المبادرة ضمن رؤية وطنية طموحة تهدف إلى دعم التنمية المستدامة وتعزيز القطاعات الحيوية مثل الفلاحة والصناعة والمجال الحضري. ويستهدف المغرب إعادة استخدام 100 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي سنويا بحلول عام 2027، مع خطط لرفع هذا الرقم إلى 340 مليون متر مكعب بحلول عام 2050، ما يعكس التزام المملكة بإيجاد حلول مبتكرة لمواجهة التحديات المائية. وحقق المغرب إنجازات ملموسة في هذا المجال، حيث تم بناء أكثر من 157 محطة معالجة مياه الصرف الصحي، مما رفع معدل معالجة المياه من 7% عام 2006 إلى أكثر من 50% في عام 2020، فيما تم إعادة استخدام 53 مليون متر مكعب من المياه المعالجة في 2024 وربط 223 مدينة بشبكات صرف صحي متطورة. وتشمل المشاريع الرائدة مبادرة مراكش التي تعتمد على شبكة بطول 87 كيلومترا لري واحات النخيل والحدائق و15 ملعب غولف، إضافة إلى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة التي استفادت من 6.3 ملايين متر مكعب من المياه الصالحة للشرب عبر إعادة استخدام المياه المعالجة، بينما تساهم الرباط والدار البيضاء في ري المتنزهات والحدائق وأراضي الغولف لتحسين جودة الحياة. وقد بلغ حجم الاستثمارات في هذا المجال حوالي 48.6 مليار درهم، مع برنامج مستقبلي بقيمة 56 مليار درهم للفترة ما بين 2025 و2034، منها 2.34 مليار درهم مخصصة خصيصًا لمشاريع إعادة استخدام المياه، مما يعكس التزام المغرب بالاستدامة وحماية الموارد المائية للأجيال القادمة.