علمت صحيفة «المغرب 24» الإلكترونية، من مصادرها أن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، سيشرع، بدأ في عقد الجولة الثانية من المشاورات مع قادة الأحزاب السياسية، لمناقشة المقترحات التي توصلت بها الوزارة بخصوص تعديل المنظومة القانونية التي ستؤطر الانتخابات التشريعية لمجلس النواب المزمع تنظيمها في شهر شتنبر المقبل. وأفادت المصادر بأن لفتيت عقد، رفقة طاقم من مديرية الشؤون الانتخابية ومسؤولين بوزارة الداخلية، أمس الخميس، اجتماعات على انفراد مع زعماء أحزاب التحالف الحكومي، الممثلة في الأصالة والمعاصرة، والتجمع الوطني للأحرار والاستقلال، ثم عقد بعد ذلك اجتماعات مع قادة حزب الاتحاد الدستوري المساند للحكومة وأحزاب المعارضة، تلتها لقاءات مع مسؤولي الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان. وخصصت هذه اللقاءات، حسب المصادر ذاتها، لمناقشة المقترحات الواردة في المذكرات التي تقدمت بها الأحزاب السياسية، وتقديم تصور الوزارة لتعديل القوانين الانتخابية. وأضافت المصادر أن لفتيت سيعقد جولة ثالثة مع زعماء الأحزاب السياسية في بداية شهر أكتوبر المقبل، ستخصص لتقديم مسودات أولية حول مشاريع القوانين التي ستعدها وزارة الداخلية، وإطلاعهم على التعديلات المقترحة، وذلك قبل بلورة الصيغة النهائية لمشاريع القوانين التي ستعرض على المجلس الحكومي للمصادقة، وإحالتها على مجلسي البرلمان مباشرة بعد جلسة افتتاح السنة التشريعية التي سيترأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم الجمعة 10 أكتوبر المقبل. وأوضحت المصادر أن مديرية الشؤون الانتخابية التابعة للمديرية العامة للشؤون الداخلية بوزارة الداخلية، التي يوجد على رأسها الوالي مهندس الانتخابات، حسن أغماري، تشتغل على إعداد مسودات لمشاريع تعديل القوانين الانتخابية المرتبطة بالانتخابات التشريعية لمجلس النواب فقط، والتي من المزمع إجراؤها في شهر شتنبر من سنة 2026. وأفادت المصادر بأن وزير الداخلية سيعقد لقاءات مع قادة كل حزب على انفراد، ليستمع إلى مقترحاتهم، قبل الحسم في الصيغة النهائية التي ستعرض على الأمانة العامة للحكومة لكي تكون جاهزة في الدورة التشريعية المقبلة. وحسب المصادر ذاتها، فإن هذه التعديلات لن تمس بجوهر القوانين المعمول بها حاليا، حيث سيتم الاحتفاظ باللوائح الجهوية التي تخصص مقاعد برلمانية للنساء بمجلس النواب، ونفت المصادر وجود أي مقترح حول وضع لائحة خاصة بالكفاءات، أو رفع عدد مقاعد أعضاء مجلس النواب إلى 500 مقعد، كما طالبت بذلك بعض الأحزاب السياسية، فيما ستتم مراجعة التقطيع الانتخابي ببعض الدوائر الانتخابية وكذلك المقاعد البرلمانية المخصصة لها، بناء على نتائج الإحصاء. وتطالب أحزاب سياسية برفع عدد مقاعد المجلس، وبررت هذا المطلب بنتائج الإحصاء الوطني الأخير، والذي سيسفر عن إعادة النظر في الخريطة الانتخابية، من خلال إحداث دوائر جديدة، والرفع من عدد المقاعد المخصصة لبعض الدوائر الأخرى. وأفادت المصادر بأن مقترح رفع عدد مقاعد مجلس النواب متاح من الناحية الدستورية، لأن عدد مقاعد المجلس غير منصوص عليها في الدستور، خلافا لعدد مقاعد مجلس المستشارين المحدد دستوريا بين 80 و 120 عضوا، وتم تحديد عدد مقاعد مجلس النواب من خلال القانون التنظيمي المتعلق بهذا المجلس الصادر بعد دستور 2011، والتي حددها في 395 عضوا. وتتدارس مديرية الشؤون الانتخابية إمكانية التنصيص على مقتضيات لتخليق العمل السياسي، من خلال تعديل قانون الأحزاب السياسية والقوانين المؤطرة للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وذلك بمحاصرة المنتخبين الفاسدين من إعادة الترشح للانتخابات، دون المس بمبدأ قرينة البراءة، مع احترام الحق الدستوري لكل المواطنين المغاربة في الترشح للانتخابات. وكشفت المصادر أن من بين الإجراءات المقترحة، توقيع ميثاق شرف بين الأحزاب السياسية، سيتم بموجبه عدم منح التزكية للمنتخبين الذين تلاحقهم فضائح التلاعب بالمال العام، لكن أحزابا أخرى تعترض على هذا المقترح، خاصة أن زعماءها يراهنون على «أصحاب الشكارة» للحصول على مقاعد برلمانية، وقدموا وعودا بمنح تزكيات لبرلمانيين ومنتخبين متابعين أمام القضاء في ملفات الفساد المالي، من أجل الترشح للاستحقاقات الانتخابية المقبلة. والخطير في الأمر أن بعض المنتخبين يطمحون في الحصول على العضوية بالمؤسسة التشريعية، رغم صدور أحكام قضائية في حقهم بالسجن من طرف محاكم جرائم الأموال، فيما هناك عشرات الملفات المفتوحة أمام محاكم جرائم الأموال والمحاكم العادية تخص برلمانيين ومنتخبين يواجهون اتهامات خطيرة تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، وكذلك تزوير وثائق إدارية بغرض السطو على عقارات الغير، بالإضافة إلى ملفات أخرى قيد التحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. ومن جهة أخرى، أكدت المصادر أن وزارة الداخلية حسمت مسبقا في قرار عدم وضع لائحة خاصة بالشباب في الانتخابات التشريعية المقبلة، ويأتي ذلك تزامنا مع ضغوطات تمارسها الشبيبات الحزبية على الأمناء العامين لأحزاب الأغلبية والمعارضة من أجل إدخال تعديلات على القوانين الانتخابية تهدف إلى وضع لائحة «كوطا» خاصة بالشباب إلى جانب لائحة النساء. وأفادت المصادر بأن وزير الداخلية سبق أن رفض إدخال تعديلات على اللوائح الجهوية المخصصة للنساء، وذلك أثناء مناقشة تعديل القانون التنظيمي في سنة 2021، حيث قدمت بعض الفرق تعديلات بوضع شباب ضمن رأس اللائحة الجهوية، كما اقترحت فرق أخرى تقسيم اللوائح الجهوية، بتخصيص 60 مقعدا للنساء و30 مقعدا للشباب. وكانت لائحة الشباب أثارت جدلا في الولايتين السابقتين، ما دفع وزارة الداخلية إلى إلغاء هذه اللائحة في الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021. واعتبر المجلس الدستوري، في قرار سابق، أن اللائحة الوطنية للشباب والنساء مجرد تدبير مؤقت لتشجيع فئات معينة على ولوج العمل السياسي والبرلماني. ودعا المجلس إلى استحضار المبادئ الأساسية الثابتة التي يرتكز عليها الدستور في مجال ممارسة الحقوق السياسية، والمتمثلة بالخصوص في المواطنة وحرية الانتخاب والترشيح من خلال اقتراع عام قائم على أساس نفس القواعد والشروط، والمساواة، وتكافؤ الفرص، وحظر ومكافحة كل أشكال التمييز، وهي مبادئ لا تسمح بإضفاء صبغة الديمومة على تدابير قانونية استثنائية تمليها دواع مرحلية ومؤقتة ترمي بالأساس إلى الارتقاء بتمثيلية فئات معينة، وتمكينها من التمرس بالحياة البرلمانية قصد إنماء قدراتها على الانخراط بنجاح في النظام الانتخابي العام.