حذر المرصد الوطني للإجرام، التابع لوزارة العدل، من الانتشار المتسارع للمخدرات الصناعية بالمغرب، مع التركيز على مخدر "البوفا"، داعيا إلى تحديث الإطار القانوني وتعزيز القدرات التقنية وتفعيل نظام الإنذار المبكر لمكافحة هذه الظاهرة. وفي دراسة حديثة أصدرها المرصد تحت عنوان "مخدر البوفا في المغرب: تحليل الاتجاهات والاستجابات الاستراتيجية"، شدد الخبراء على ضرورة استكمال الإطار التنظيمي لظهير 1974، ووضع تعريفات دقيقة للمخدرات الصناعية، مع تعزيز العقوبات على الإنتاج المحلي غير المشروع. كما دعت الدراسة إلى تحديث مختبرات التحليل الكيميائي وتكوين خبراء متخصصين، وتكييف بروتوكولات العلاج لمواجهة خصوصيات هذه المخدرات. ويعرف "البوفا" بأنه خليط غير متجانس من بقايا الكوكايين ممزوجة بمواد كيميائية وعقاقير طبية، وظهر لأول مرة سنة 2020، وزاد انتشاره خلال جائحة كورونا بسبب صعوبة الحصول على المخدرات المستوردة. وتقترح الدراسة إنشاء شبكة رصد وطنية وقاعدة بيانات موحدة لمتابعة المخدرات الصناعية، وتعزيز التعاون الدولي لتبادل المعلومات حول المخاطر الناشئة، إلى جانب حملات التوعية والوقاية في المدارس، وبرامج العلاج وإعادة الإدماج الاجتماعي والمهني للمتعافين. وكشفت بيانات المرصد أن الفترة بين 2022 و2024 شهدت تسجيل 878 قضية مرتبطة بالبوفا، أسفرت عن توقيف 1,044 شخصا ومصادرة أكثر من 18 كيلوغراما من المادة، مع تسجيل ثلاث حالات وفاة مؤكدة. وسجلت المصادرات ارتفاعا كبيرا من 493 غراما في 2022 إلى 9,697 غراما في 2024، بينما بلغ عدد الموقوفين 470 شخصا في 2024 بعد ارتفاع من 92 شخصا سنة 2022. ويتركز انتشار المخدر أساسا في المدن بنسبة 82%، ويستهدف الفئة العمرية بين 18 و55 سنة بنسبة تزيد على 90%، مع هيمنة الذكور بنسبة 88.9%، ومعظمهم من فئات هشة اقتصاديا وتعليميا. وأكد المرصد أن المغرب يمتلك مقومات مؤسساتية عالية الكفاءة لمواجهة تحديات "البوفا"، عبر سلطات إنفاذ القانون وخبرة المرصد المغربي للمخدرات والإدمان، وشبكة مراكز العلاج المتخصصة، إضافة إلى الدور القيادي للمملكة في هيئات الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات. وفي السياق الدولي، حذرت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات في تقرير 2024 من "التوسع السريع لصناعة المخدرات الصناعية غير المشروعة" باعتباره تهديدا للصحة العامة العالمية، فيما أكد مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير 2025 الهيمنة المتزايدة لهذه المخدرات على الساحة العالمية.