أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الخميس بالرباط، أن المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي اختتما، في أجواء من الثقة وروح الشراكة المتينة، المفاوضات المتعلقة بتعديل الاتفاق الفلاحي الذي يربط الطرفين، وهو ما يعكس متانة العلاقات الاستراتيجية التي تجمع الرباطوبروكسيل منذ عقود. وأوضح بوريطة، في تصريح للصحافة، أن مراسم التوقيع الرسمي على الاتفاق ستتم قريبا في العاصمة البلجيكية بروكسيل، على أن يتم الشروع في تطبيقه بشكل مؤقت مباشرة بعد التوقيع، في انتظار استكمال المساطر القانونية والإدارية الداخلية لدى الطرفين. وأشار الوزير إلى أن الاتفاق الجديد لم يقتصر فقط على جوانبه التقنية المرتبطة بملاءمة بعض المقتضيات، بل حمل في طياته رسائل سياسية واضحة، أبرزها التأكيد على شمولية التعريفات التفضيلية الممنوحة من الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية الشراكة مع المغرب لتشمل منتجات الأقاليم الجنوبية للمملكة، أي العيون–الساقية الحمراء والداخلة–وادي الذهب. الشيء الذي يعكس، بحسب بوريطة، اعترافا عمليا من الشريك الأوروبي بأهمية الدينامية الاقتصادية التي تعرفها الصحراء المغربية، ويمنح منتجاتها نفس الامتيازات التي تحظى بها باقي مناطق المملكة. كما نص الاتفاق على إدخال تعديلات تقنية تهم تعزيز الشفافية وإعلام المستهلك الأوروبي بمنشأ المنتجات المغربية، وذلك من خلال وضع ملصقات تحدد بوضوح الجهة المنتجة، مما يكرس مبدأ الوضوح ويعزز ثقة المستهلكين. ولم يغفل النص الجديد التذكير بموقف الاتحاد الأوروبي الذي عبر عنه سنة 2019، والذي وصف جهود المغرب لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء بأنها جدية وذات مصداقية. كما أحال على مواقف عدد من الدول الأعضاء بالاتحاد، التي أعلنت صراحة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، في انسجام مع الدينامية السياسية والدبلوماسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله. وأضاف بوريطة أن الاتفاق لا يعد سياسيا في جوهره، بل هو اتفاق قطاعي وتجاري وعملياتي، لكنه يحمل أيضا إشارات قوية تؤكد أن الصحراء المغربية باتت فضاء للتنمية والاستثمار، وقطبا إقليميا يربط بين أوروبا وإفريقيا، وبين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. وأشار الوزير إلى أن هذه الدينامية تترجمها بوضوح المواقف الدولية الأخيرة، من بينها إعلان الولاياتالمتحدة المتعلق بدعم الاستثمار في الأقاليم الجنوبية، والمنتدى الاقتصادي المغربي–الفرنسي المقرر عقده بالداخلة في 9 أكتوبر، إضافة إلى المشاريع التي تعتزم الوكالة البريطانية لتمويل الصادرات إطلاقها في المنطقة. واعتبر بوريطة أن الاتفاق الجديد يمثل إضافة نوعية للاقتصاد المغربي، إذ من شأنه دعم الناتج الداخلي الخام الفلاحي، وخلق فرص عمل جديدة والحفاظ على فرص قائمة، خاصة في الأقاليم الجنوبية. كما يعزز هذا الاتفاق مكانة المغرب كأول شريك اقتصادي وتجاري للاتحاد الأوروبي في المنطقة العربية وإفريقيا، بحجم مبادلات سنوية يتجاوز 60 مليار يورو تشمل منتجات صناعية وفلاحية وتجهيزية. وختم بوريطة تصريحه بالتأكيد على أن هذا الاتفاق ينسجم مع الرؤية الاستباقية لجلالة الملك محمد السادس، الذي يحرص على جعل الشراكة مع الاتحاد الأوروبي شراكة ملموسة ومثمرة، تمتد إلى مجالات متعددة، من الاقتصاد والتجارة إلى البيئة والهجرة والأمن والثقافة، مشيرا إلى أن التقدم المحقق اليوم يفتح آفاقاً رحبة لبلورة مسار أكثر طموحا وعمقا للعلاقات الثنائية خلال السنوات المقبلة.