قد يبدو للبعض أننا نعطي صورة قاتمة عن الوضع الأمني بمدينة طنجة، ويتساءل الآخر عن غايتنا ، لكن الصورة كما نعتقد ونراها واقعية. لعل الجميع يتذكر فاجعة مشرع بلقصيري، التي هزت أركان المديرية العامة للأمن الوطني وكافة المجتمع المغربي بمختلف مشاربه وأجناسه وأعماره، جريمة غير مسبوقة قل نظيرها، مقدم شرطة بمركز الأمن يقتل ثلاثة من زملائه بمسدسه الوظيفي، حينما دخل في حالة هستيرية سببها ضغوطات نفسية. ربما نساء ورجال الأمن بكل المدن المغربية ، وخاصة بطنجة ، أكثر مكونات المجتمع في حاجة للمصاحبة النفسية والصحية من طرف متخصصين وأطباء ، نظرًا لتعدد المهام التي يقومون بها ، والضغط الممارس عليهم ، بين تلبية أوامر الرؤساء ، وإرضاء المواطنين الذين تتزايد طلباتهم يوما بعد يوم ، في مدينة توسعت بشكل مخيف ، دون أن يوازيها مضاعفة العنصر البشري الأمني لتغطية كل مواقعها ، ليضطر الأمني الطنجاوي إلى العمل ليل نهار بأدوار مضاعفة وتخصصات مختلفة. اليوم بمدينة طنجة ينهي رجل الأمن يومه باحتقان نفسي كبير ، نتيجة المزاجية والعصبية ، والتحدي للجميع للوالي بالنيابة “محمد أوعلا أوحتيت” ، الذي أضحى يهدد “رجل الأمن” بتقارير تحبك على مزاجيته ، وبتهديدات متواصلة بالتنقيل من مدينة إلى أخرى ، دون سابق إنذار ، وذلك من أجل إجباره على المردودية ، “اللّي بَّانْ لِيكُمْ جِيبُّوهْ مُّولْ جْوَّانْ مُّولْ سْبْسِي كْبِير صْغِير لاِ يَهُم” المُهِم تْكُون “L'activité” ، وُجْيُّولْ يْعْمْر بْبْنَادْم وَّخَا بْالخَاوِي ، الشيء الذي يؤدي برجال الأمن إلى اقتناص كل من صادفهم ، ويبقى هدفهم الأسمى هو حصد العديد من الموقوفين ، إرضاءَ للسيد الوالي. هذه المخاوف والصعوبات، وهو ما يخلق لديهم اضطرابات نفسية وشحنات ضغط عالية،بالاضافة إلى الساعات الطوال من العمل الذي يمارسونه، في ظل ظروف قاسية، فهي أكبر عامل في إرهاقهم وإحباطهم فضلا عن ممارسات السيد الوالي بخصوص معاملته، والتي تتسم بنوع من الدونية والاحتقار. لعل السيد عبد اللطيف الحموشي ، المدير العام للأمن الوطني، الذي يعلم جميع المغاربة عن رغبته في تحقيق ثورة حقيقية داخل جهاز الإدارة العامة للأمن الوطني، لا يعلم أن ما يقع في مدينة طنجة من ضغط ، سيولد إلا الانفجار ! هي مسلمة كونية أثبتت أكثر من مرة على صحتها فكثيرون هم الذين حاولوا التمرد والنط فوق هذه المسلمة فخلفوا من جراء تعنتهم كل ما يملكون وأعز ما يكسبون. فما يعيق عمل رجال الشرطة وتواصلهم مع المجتمع هو تلك الصورة النمطية التي ما زالت لصيقة برجال الأمن، والتي تصنفه كأداة قمع ، حيث ستظل هذه الصورة السلبية عالقة بالجهاز ، ما دام الوضع الأمني غائبا في أجندات السلطات العمومية. ومما يزيد هذه الصورة قتامة وسوداوية ، سلوك أمثال الوالي بالنيابة محمد أوعلا أوحتيت ، المتمثلة في ممارسة الحكرة. فمنذ تعيين محمد أوعلا أوحتيت واليًا على أمن طنجة بالنيابة ، تكاد تتشابه معاناة العشرات من المنتسبين إلى هذا الجهاز ، فبريق هذه المدينة الساحرة يخفي وراءه معاناة حقيقية لمختلفي مسؤوليها بمن فيهم رؤساء المصالح، حتى أن عديدين يشبهون طنجة بالجحيم، مما جعل الكل فيها يردد عبارة " الله ايخرج سربيسنا على خير . فلا أحد يلتفت إلى وضعيتهم النفسية، ويتركون لمصيرهم المجهول المفتوح على جميع الاحتمالات، منهم من أضحى معروفا في المدينة ببشاشته التي تخفي وراءها المعاناة، والتي تصاحبه إلى أن ينهي "سربيسه"، ومنهم من لا يقوى على تحمل ضغط العمل، والإرهاق وكثير من الاستفزازات، والساعات الطوال ، ليكون مآله الانفجار في أي لحظة، ويتحول إلى مصدر خطر على نفسه، وعلى محيطه وعلى صورة جهاز يفترض فيه أنه وجد ليزرع الأمل ويضمن الآمان.