تأتي مساهمة دولة الكويت في إنشاء هيئة الاستثمار السياحي بالمغرب، التي أحدثت بموجب اتفاقية جرى التوقيع عليها، أمس الخميس بالرباط، تتويجا لمسار من العلاقات المتميزة والعريقة، التي جمعت البلدين، وأفضت من الناحية الاقتصادية إلى إرساء شراكة استراتيجية حقيقية، ومن الناحية السياسية، إلى لعب دور فاعل في تحقيق الاستقرار والتأثير على القضايا العربية. وكانت الزيارة التاريخية، التي قام بها جلالة المغفور له محمد الخامس لدولة الكويت سنة 1960، بمثابة اللبنة الأولى لهذه العلاقات التي ازدادت، مع توالي السنوات، عمقا ورسوخا في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني، وهو ما تجسده الروابط الأخوية والتاريخية ووشائج الوئام والوفاء القائمة بين الشعبين الشقيقين، وكذا بين قيادتي البلدين. وحرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس وسمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على الرقي بهذه العلاقات إلى مستويات أفضل وأشمل في كافة الواجهات، خاصة ما يتعلق بالمجال الاقتصادي، أو من خلال التنسيق المتبادل في القضايا ذات الاهتمام المشترك. وتفعيلا لهذا التوجه، جرى منذ سنة 2001، إحداث إطار قانوني ينظم مجالات التعاون الثنائي يتمثل في إنشاء لجنة عليا مشتركة تسطر وتحدد مجالات هذا التعاون، حيث انخرطت دولة الكويت، من خلالها في تمويل مشاريع وأوراش اقتصادية وإنمائية كبرى في المملكة، خاصة ما يتعلق بالطرق السيارة والبنيات التحتية والفلاحة والثروة السمكية والإسكان والتعمير والنقل السككي، وعلى رأسها القطار فائق السرعة، الذي يساهم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في تمويله في حدود 85 مليون دولار، علما أن هذا الصندوق يعد أحد أهم شركاء تمويل المشاريع التنموية بالمغرب، حيث فاق الحجم الإجمالي لتمويلاته المخصصة للمغرب 1,4 مليار دولار. وبهذا الحجم من التمويلات يعد المغرب ثاني مستفيد من دعم هذه المؤسسة، التي تعد شريكا أساسيا له في مجال التنمية. تجدر الإشارة إلى أن حجم الاستثمارات الكويتية في المغرب، بحسب إحصائيات لوزارة التجارة الخارجية، بلغ خلال سنة 2010 ثلاثة ملايير دولار، فيما بلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين 61 مليون دولار، خلال السنة نفسها، مسجلا بذلك زيادة بنسبة 36 مليون دولار مقارنة مع سنة 2009. وعملت دولة الكويت، خلال السنوات الأخيرة، على تطوير مشاريعها التمويلية والاستثمارية بالمغرب، في إطار المصالح المشتركة للبلدين، وبمعية صناديق التمويل الكويتية وهيئة الاستثمار الكويتي لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وانطلاقا من أن هذه الإحصائيات لا تعكس الطموحات والآفاق الواعدة للتعاون بين البلدين، وبهدف إعطاء هذا التعاون زخما جديدا، قام وفد من رجال الأعمال المغاربة يمثلون 37 شركة وطنية تعمل في قطاعات مختلفة، كالمواد الغذائية، ومنتجات البحر، والألبسة، والأفرشة، والمنتجات الجلدية، وتكنولوجيا المعلومات، والاتصالات، والخدمات المصرفية والمالية، والأدوية، والمواد الصيدلية، بزيارة إلى دولة الكويت في أكتوبر الماضي، جرى خلالها بحث السبل الكفيلة بالرفع من حجم التبادل التجاري الثنائي، والتعريف بفرص الاستثمار بالمغرب، خاصة في قطاعات الصيد البحري، والسياحة، والفلاحة، والتكنولوجيا والإعلام، وفي القطاع اللوجيستي. وفي أفق الرقي بالعلاقات الاقتصادية الثنائية إلى مستوى العلاقات السياسية المتينة والمتميزة، يراهن البلدان على تطوير التعاون الثنائي في مجال المبادلات التجارية، والبحث عن فرص جديدة للاستثمار، وبلورة مشاريع طموحة لتعزيز العلاقات التجارية الثنائية، وفتح آفاق جديدة في هذه المبادلات.