أكيد أن الحرب على البناء العشوائي لها ثمن، ويجب الإقرار بأنه باهظ، لأن من تمكن من البناء فوق أرض ليست ملكا له، أو في منطقة غير معدة أصلا للسكن، فإنه يستقوي بعد أن اشترى صمت البعض ومع مرور الأيام والشهور، وحتى الأعوام في كثير من الحالات، يعتقد صاحب السكن العشوائي أنه على حق، فتراه يتمادى في غيه، طالما أن "الفلوس تا تدير الطريق فالبحر" كما يقولون. البناء العشوائي لم يجر على المغرب سوى المشاكل، والتاريخ يشهد على ذلك، فهو الذي ساهم بشكل كبير في ترييف المدن، إن لم نقل إنه السبب الرئيسي في ذلك، لأن الأحياء الهامشية للمدن تناسلت بسبب الصمت و"تغماض العينين" حيال البناء العشوائي، الذي فجر الكثير من المشاكل انطلاقا من أحزمة البؤس. أكيد أن الجميع يذكر كيف أن الكثير من المتهمين في الأحداث الإرهابية التي روعت بلدنا الآمن انطلقت شرارتها من الأحياء الهامشية، إذ غالبا ما يستغل المنحرفون والخارجون عن القانون بمختلف أصنافهم الأحياء العشوائية موقعا لأعمالهم المشبوهة أو التخطيط لها. وفي الغالب تكون هذه الفئة مستعدة لمناهضة عمليات الهدم عبر الدخول في مواجهات مع رجال القوات العمومية، خلال تنفيذ عمليات الهدم، وهو ما حدث في ضواحي سلا وطنجة والجديدة وسيحدث في كثير من المناطق التي ستصلها شرارة هدم ما بني ضدا على القانون، وعبر شراء منعدمي الضمير، الذين غلبوا شرههم ورغبتهم في الاغتناء بكل الطرق على المصلحة الوطنية.