تتوالى بسرعة مدهشة اكتشافات العلم لمسببات الكثير من الأمراض التي يعانيها الإنسان، بينما هي قدَر يولد به في موروثاته وصفاته الوراثية. ويشكل العقم إحدى المشكلات المهمة والحساسة التي قد يعانى منها الرجل، دون سبب واضح يمكن علاجه، واكتُشف، مؤخرا، أنه مرتبط بأحد الجينات المعروفة ب«NR5A1»، التي يحدث فيها بعض التحوير، فتبدو مختلفة عن الجين الطبيعي السليم. وقد توصل إلى النتيجة فريقا عمل بحثي من معهد باستور العريق للأبحاث الطبية في باريس والآخر من جامعة كوليدج اللندنية. لم يتحدد بعد طبقا للدراسة نوع العيب الجيني، وإن أمكن رصده، ليظل هذا هو هدف الأبحاث المستقبلية التي ينوى الفريقان إكمالها. وقد أجريت الدراسة على عدد تجاوز الثلاثمائة وخمسين رجلا عقيما يعانون عدم القدرة على إنتاج الحيوانات المنوية، إذ يظل السائل المنوي عقيما خاليا من الحياة لديهم. ورغم أن نسبة الجينات المعيبة لم تتجاوز العشرين في المائة من كل حالات العقم غير المبررة التي تمت دراستها، فإن الباحثين اعتبروها نسبة مهمة تشير إلى ارتباط العقم بوجود هذا العيب، وإن أوصوا بمتابعة البحث لمعرفة أي عوامل أخرى قد يرتبط وجودها بنفس الجين. كما خلصت الدراسة، أيضا، إلى اكتشاف وجود نفس الجين المعيب لدى رجال تم فحصهم وثبت وجود عيوب متعددة في نسيج خلايا الخصية لديهم، الأمر الذي يؤكد أن غياب الحيوانات المنوية عن السائل المنوي أمر تتسبب فيه عوامل مجتمعة ولا يحدث نتيجة سبب واحد. وعلقت الدوائر العلمية على الدراسة التي نشرتها المجلة العلمية المرموقة «American Journal of Human Genetics» بأنها دراسة تفتح الباب لمعرفة ما وراء باب مغلق يهم الإنسان معرفة ما ورائه لأسباب تتعلق ببقائه، إذ إنها المرة الأولى التي يتاح فيها التأكد من ارتباط العقم بصفات وراثية، رغم أن الظاهرة معروفة بارتباطها بأُسَر بعينها يتعدد فيها المصابون به، دون سبب ظاهر.