يشكل انسداد النفيرين – أو الأنبوبين – أحد أهم أسباب العقم عند المرأة، وهو المرض الأكثر شيوعا بين النساء المصابات بالعقم . فقد دلت الإحصاءات أن حوالي 50-60 % من النساء اللواتي يعالجن من العقم يشكين من انسداد في الأنابيب الرحمية سببه الالتهابات المزمنة على اختلاف مصادرها، وهو يكلف الإنسانية جهودا مادية باهظة. إن الأمراض الشائعة و المنتشرة، كالأمراض الزهرية على أنواعها، و السل، وأمراض الحمى الباطنية، والتهابات الزائدة الدودية، وأمراض العدوى الانتقالية في سن الطفولة، كل هذه الأمراض إذا لم تعالج معالجة صحية وفعالة، تجتاح جرثومتها غشاء النفيرين الداخلي، الرقيق النحيف للغاية، فتجعله يلتهب ويتضخم، وتعقب هذا التضخم آلام شديدة وحمى في الجسد. بعد ذلك تتشكل في النفيرين التصاقات وجيوب من السائل الدموي أو القيح الذي يسبب بمرور الزمن، ندوبا تضيّق الأغشية وتشوه بشرتها، و تزيل الأهداب الناعمة التي تغطي باطن النفيرين، والتي من شأنها مساعدة البويضة على عبور النفيرين والجسر المعلق بين الرحم والمبيض، الذي كان مركز التقاء البويضة بالحيوان المنوي وقد غدا مجرد عضلة هزيلة يستحيل دخول البويضة والمني إليه لأن لا ثقب فيه ولا ممر، وبذلك تصبح المرأة المصابة عاقرا. إذا لم تراع، في الإجهاض الشروط الصحية، وقواعد التعقيم اللازمة، يصبح سببا من أهم أسباب العقم. فعلى أثر الإجهاض الملوث، ومضاعفات الولادة الملوثة وحميات النفاس، تنتشر الجراثيم في المسالك التناسلية وتسبب فيها التقرحات والالتصاقات، وبالتالي انسداد الأنابيب الرحمية، ناهيك عن اعتلال صحة المرأة وتعرضها للانتكاس. يجب الاعتراف بأن علاج هذا النوع من العقم هو الأكثر صعوبة و تعقيدا من غيره، ويتطلب من الطبيب الأخصائي مهارة فائقة ومعرفة عميقة ودقيقة لمجريات الأمور. و تكون المعالجة إما بالأدوية أو بالجراحة المجهرية، لكن تبقى الجراحة المجهرية – أو الجراحة بالمنظار – كما دلت التجارب، هي سيدة الموقف نظراً للالتصاقات و الانسدادات التي يولدها الالتهاب. و بالطبع فإن لكل حالة من الحالات معالجة خاصة بها حسب نوع الانسداد ومشاكله. فالانسداد يمكن أن يصيب أنبوبا واحدا أو الأنبوبين معا، أو يكون كاملا أو جزئيا. ولعل من أصعب الحالات تلك التي يصاب فيها بالانسداد الجزء النصفي من الأنبوب المتصل بالرحم، أما إذا كان الانسداد كاملا في النفيرين فيكون العلاج مستحيلا. و إذا كان النفيران مسدودين في طرفهما القريب من المبيض، فإن باستطاعة الجراح فتح الأقسام المسدودة أو إعادة زرع الجزء السالك في الرحم، و كذلك تحرير المبيض مما علق به من التصاقات، و إصلاح انحراف الرحم، وقطع الأنسجة الزائدة، و تحرير الندوب، ولكل حالة من الحالات جراحتها، ولكن انسداد علاجه، و لكن لتحديد الدواء يجب قبل كل شيء تشخيص الداء. وفي هذا المجال علينا أن لا ننسى المعالجة بأشعة الليزر التي بدأت تشق طريقها بنجاح في السنوات الأخيرة.