الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو المغرب نهازت 27 مليار درهم خلال 10 أشهر    زيادات مرتقبة في أسعار السجائر ابتداء من يناير 2026    بجيجو: بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، باشر المغرب إصلاحاً طموحاً لاستباق الأزمات الصحية وتعزيز حكامة المنظومة الصحية    ارتفاع طفيف في أسعار الإنتاج بالصناعات التحويلية    الوداد يعود بفوز ثمين من زنجبار    بركان يقلب الطاولة على ريفرز النيجيري    أطباء القطاع الحر يحتجون على الوضعية غير القانونية لهيأتهم الوطنية ويطالبون بانتخابات عاجلة    جددت المملكة المغربية وجمهورية الصومال الفيدرالية، اليوم الجمعة، التأكيد على إرادتهما المشتركة لتعزيز شراكتهما القائمة على التضامن الفاعل بين البلدين    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تكشف في تقريرها السنوي استمرار تضييق الحريات وتدهور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال 2024    انخفاض ينهي تداولات بورصة البيضاء    الأطلس في قلب القفطان : رموز الطبيعة تلهم تصاميم أسبوع القفطان 2026    عن ترجمتها لرواية «حكاية جدار» للفلسطيني ناصر أبو سرور: الفرنسية ستيفاني دوجول تفوز ب «جائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة»    ندوة وطنية بالصويرة تستقصي «ذاكرة الشاعر محمد السعيدي الرجراجي    الدورة 21 للمهرجان الدولي السينما والهجرة بأكادير تركز على قضايا الهجرة وتكرم رواد الصناعة السينمائية    هل كانت ترجمة قرار مجلس الأمن 2797 حيادية أو موجهة سياسيا؟    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    ترحيل جثامين أفراد الأسرة المغربية الأربعة ضحايا حادث اختناق في مالقة    النيابة العامة تلغي أزيد من 70 ألف برقية بحث طالها التقادم        الدار البيضاء .. التساقطات المطرية الأخيرة تنعش آمال الفلاحين    مولودية وجدة يستقبل الجريح رجاء بني ملال لتأكيد الصدارة    "أوروبا ليغ".. ليون إلى الصدارة وأستون فيلا يواصل عروضه القوية    كوريا واليابان تدرسان تقديم ملف مشترك لاستضافة كأس آسيا لكرة القدم 2035    طنجة.. توقيف شخصين ظهرا في فيديو وهما يقودان سيارتين بطريقة خطيرة ويعرّضان حياة المارة للخطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    حموشي يجدد دماء إدارته بتعيينات جديدة في خمس مدن    المغرب وإسبانيا يعقدان الدورة ال13 للاجتماع رفيع المستوى في مدريد خلال دجنبر المقبل        أحكام نهائية ثقيلة في قضية "التآمر على أمن الدولة" بتونس        "فيفا" يكشف تفاصيل إجراء قرعة مونديال 2026 والوعاء الذي يضم المغرب    الوداد وأولمبيك آسفي يسعيان لمواصلة البداية القوية في كأس "الكاف"    إيران تقاطع قرعة كأس العالم 2026    ترامب يفعلها من جديد... إعلان مفاجئ يربك العالم.    أكثر من 1.1 مليار شخص قاموا برحلات دولية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    جلالة الملك يهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالعيد الوطني لبلاده    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    انطلاق عملية تصدير أولى توربينات الرياح من معمل "أيون" بالدريوش نحو ألمانيا    مخرج فيلم "كوميديا إلهية " علي أصغري يقدّم مقاربة مبسطة للواقع في مهرجان الدوحة السينمائي    128 قتيلا حصيلة حريق بهونغ كونغ    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    13 قتيلاً في قصف على ريف دمشق    "العلم" تتوج بجائزة الحسن الثاني للبيئة في دورتها الخامسة عشرة    حجز 200 كلغ من اللحوم الحمراء الفاسدة بأحد المحلات بحي الديزة بمرتيل    مجلس النواب يصادق على قانون الانتخابات ويمرّر شرطاً تعجيزياً يُقصي الشباب من اللوائح المستقلة        وفاة داني سيجرين .. أول من جسّد شخصية سبايدر مان على التلفزيون    سريلانكا: ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات إلى 40 قتيلا على الأقل    المغرب .. 400 وفاة و990 إصابة جديدة بالسيدا سنويا    فلسطين.. هل سيقوم المغرب بدور مباشر في عملية السلام إلى جانب الولايات المتحدة؟    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    الأمير مولاي رشيد: المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يرسخ الحوار والاكتشاف    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأجواء السياسية في البلاد خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة
محاكمة مراكش الكبرى سبقت الانقلاب بثلاثة أسابيع
نشر في المساء يوم 14 - 10 - 2011

ينبش الإعلامي محمد بن ددوش في ذاكرته الإذاعية قبل 60 سنة، ويسجل في كتابه «رحلة حياتي مع الميكروفون» مجموعة من الذكريات والمشاهدات
التي استخلصها من عمله في مجال الإعلام السمعي البصري، وهي ذكريات موزعة على عدد من الفصول تبدأ بأجواء عودة الملك الراحل محمد الخامس من المنفى، وانطلاقة بناء الدولة المستقلة بعد التحرر من الاحتلال الفرنسي والإسباني، مبرزا موقع الإذاعة المغربية في خضم التيارات السياسية التي عرفتها الساحة المغربية في بداية عهد الاستقلال ومع توالي الحكومات الأولى وتعاقب المديرين الأوائل على المؤسسات الإعلامية. ويرصد الكتاب مكانة وعلاقة الملك الراحل الحسن الثاني بعالم الصحافة ومكانة الإذاعة والتلفزة في حياته، مع الانطباعات التي سجلها المؤلف خلال مواظبته على تغطية الأحداث الهامة التي عاشتها المملكة، وفي مقدمتها حدث المسيرة الخضراء وهيمنة الداخلية على الإذاعة والتلفزة، وضمن الكتاب وقائع تاريخية تنشر لأول مرة حول احتلال الإذاعة خلال محاولة الانقلاب التي كان قصر الصخيرات مسرحا لها في سنة 1971.
وفي ختام هذه الصفحات، التي كتبتها عن علاقة الإذاعة بمحاولة الانقلاب الفاشلة، لابد لي من الإشارة ولو باختصار إلى الأجواء السياسية، التي كانت سائدة في المغرب في تلك الفترة من حياة البلاد.
فقبل أحداث الصخيرات بثلاثة أسابيع، أي يوم 17 يونيو 1971، بدأ ما يعرف بمحاكمة مراكش الكبرى، التي توبع خلالها عدد من أعضاء المعارضة بتهمة المؤامرة، وكانت المحاكمة مستمرة في أسبوعها الرابع عند وقوع أحداث الصخيرات. وكانت الإذاعة قد كلفتني بتغطية محاكمة مراكش، ولكن أداء هذه المهمة لم يتجاوز 24 ساعة، إذ استدعيت للعودة إلى الرباط استعدادا لمرافقة الوزير الأول الدكتور أحمد العراقي خلال زيارته الرسمية لألمانيا الفدرالية بدعوة من المستشار ويلي براند، وقد عاد الدكتور العراقي من ألمانيا قبل أسبوعين فقط من أحداث الصخيرات.
وفي 3 غشت 1971، أي بعد المحاولة الانقلابية بأقل من شهر، وقع تعديل حكومي، تقلد خلاله كريم العمراني رئاسة الحكومة. وفي 31 يناير 1972، بدأت محاكمة الانقلابيين، وفي 18 فبراير من السنة نفسها، أعلن الملك الحسن الثاني عن مشروع دستور جديد عرض على الاستفتاء في نهاية الشهر.
وعلى إثر ذلك، سجلت الكتلة الوطنية باستغراب الإعلان عن تنظيم هذا الاستفتاء، في حين «أن وفدا عن الكتلة الوطنية كان يجري محادثات مع رئيس الدولة، منذ نونبر الماضي، لإيجاد الحلول والوسائل الناجعة لإخراج البلاد من الأزمة التي تتخبط فيها»، حسبما جاء في بيان الكتلة الصادر غداة الخطاب الملكي.
كما أن الإعلان عن نتائج الاستفتاء تزامن مع صدور أحكام المحكمة العسكرية بالقنيطرة، وبعد ستة أشهر كانت المحاولة الجديدة المتمثلة في الهجوم على الطائرة الملكية العائدة من فرنسا وعلى متنها الملك الحسن الثاني.
هذه ليست قصة الانقلاب العسكري
هذه الوقائع والأحداث، التي سردتها في الصفحات، تتعلق بما في دار الإذاعة المغربية يوم عاشر يوليوز 1971، وبعض تبعاته المباشرة، ولا تتضمن سوى ما عايشته من أحداث في ذلك اليوم والأيام الموالية، فهذه ليست قصة الانقلاب العسكري الفاشل، وإنما هي جزء منه أو مظهر من مظاهره، حرصت على أن تتركز ذكرياتي حول الإذاعة وحدها دون التلفزة، لأننا لم نكن على علم بالوضع في هذه المؤسسة، رغم أن بناية واحدة تضمهما معا، وذلك بسبب الحصار المضروب علينا في أحد استوديوهات الإذاعة.
لقد ظهرت عدة كتابات عن انقلاب الصخيرات وعواقبه، والتبعات التي عاشها في معتقل تازمامارت عدد من ضباط مدرسة أهرمومو ومعهم ضباط الطيران، الذين شاركوا في العملية الثانية، في محاولة إسقاط الطائرة الملكية، وهذه الكتابات سلطت الضوء على مرحلة صعبة في حياة أصحابها، وكشفت أيضا مدى المأساة التي عاشها قصر الصخيرات ومن فيه من كبار رجال الدولة وموظفين سامين مدنيين وعسكريين وعلماء وزعماء سياسيين وأعضاء في السلك الدبلوماسي وغيرهم كثيرون، ولكن الألطاف الإلهية حفت بهذا الوطن وشعبه وجنبته الانزلاقات ذات المصير المجهول.
لقد ظلت الحركة الانقلابية غائبة عن الساحة الإعلامية والسياسية طيلة عقود، لا تذكر إلا لماما، وخاصة عندما بدأت تتسرب أخبار معتقل تازمامارت الرهيب، الذي نقل إليه ضباط مدرسة أهرمومو وزملاؤهم ضباط سلاح الطيران، كما أن معتقل تازمامارت نفسه ظل وجوده في البداية سرا من الأسرار، قبل أن تنكشف الحقيقة كاملة عندما خرج منه من بقي من نزلائه على قيد الحياة وبدأوا يتحدثون ويكتبون عن المعتقل الجحيم.
لم يكن اسم معتقل تازمامارت غائبا عنا في الإذاعة الوطنية، وخاصة في نطاق قسم الأخبار، ولم يكن الاسم يذكر إلا همسا بين الصحافيين، فقد كانت الإذاعة المغربية تتوفر على عدة وكالات إخبارية دولية مثل وكالة الأنباء الفرنسية ووكالة رويتز ووكالة أسوشياتيدبريس، وكانت هذه الوكالات تورد بين حين وآخر أخبارا وتصريحات حول المعتقل سيء الذكر صادرة عن أوساط المعارضة والمنظمات الحقوقية في الخارج. وما زالت تظهر إلى حدود الآن كتب يروي أصحابها من نزلاء تازمامارت القدامى المآسي التي عاشوها هناك، وأخيرا أقدمت السلطات الرسمية على إزالة المعتقل من الوجود، وهو عمل لم يحظ برضى المنظمات الحقوقية التي كانت تفضل أن يبقى قائما للذكرى والعبرة.
إن هذه الأحداث التي عاشها المغرب عامي 71 و72 ما زالت موضع تساؤلات عديدة رغم ما قيل و ما كتب حولها.
كما أن هذه الأحداث لم تثر لحد الآن اهتمام المؤرخين، وقد مرت تقريبا أربعون سنة على وقوعها، من أجل تعميق البحث عن الأسباب والمسببات والمسؤوليات بالاعتماد على نصوص موثوق بها (إذا كانت هناك فعلا وثائق)، ولا أظن إلا وجود هذه الوثائق متفرقة في مختلف قطاعات الدولة كالقوات المسلحة الملكية والأمن الوطني والديوان الملكي ومصالح الاستخبارات الداخلية والخارجية والوزارات المعنية بالأمن كالداخلية والخارجية، إذ لا يمكن أن يتصور الإنسان أن كل هذه المصالح تجاهلت أحداث الصخيرات والطائرة الملكية ولم تعرها الاهتمام الذي تستحقه.
والجدير بالتذكير أن الملك الحسن الثاني عين لجنة من بعض الوزراء لبحث موضوع الأحداث، التي شهدها المغرب واستخلاص النتائج، فأين هي نتيجة عمل هذه اللجنة إذا كانت قد وجدت فعلا؟
إن من شأن الكشف عن كل الحقيقة أن تنتهي كل التناقضات والتفسيرات المتباينة، التي تطغى على الكتابات والروايات التي تتناسل اليوم بكثرة على صفحات الجرائد والكتب وشاشات الفضائيات.
على كل حال، فلقد رويت من الأحداث ما له صلة بالإذاعة وبالمهمة الإعلامية التي اضطلعت بها، فأنا شاهد في هذه الذكريات على الأحداث من هذه الزاوية ليس إلا، كما أن التساؤلات والملاحظات التي طرحتها وسجلتها كانت بدافع مهني محض، كرجل إعلام كتب له أن يعيش من موقعه الإذاعي جانبا من الأحداث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.