مبيعات الإسمنت تبلغ 6,89 مليون طن عند نهاية يونيو 2025    توقعات احتياجات الخزينة تتراوح بين 12 و12,5 مليار درهم في يوليوز الجاري    جواد الزيات يعود لرئاسة الرجاء الرياضي لكرة القدم    عودة المياه بشكل طبيعي إلى إقامة النجاح بسلا بعد تدخل عاجل    مجلة أوليس الفرنسية: المغرب يجذب بشكل متزايد كبار المستثمرين    تراجع أسعار النفط مع تقييم المستثمرين تطورات الرسوم الأمريكية        عواصف وأمطار غزيرة تتسبب في فيضانات وانهيارات أرضية بعدة مناطق بإيطاليا    جمود في مفاوضات الدوحة بشأن وقف إطلاق النار في غزة    المغرب وألمانيا يبحثان الارتقاء بعلاقتهما إلى "شراكة استراتيجية"    انتخاب جواد الزيات رئيسا جديدا لنادي الرجاء الرياضي    مبابي يسحب شكوى المضايقة الأخلاقية ضد سان جرمان    أذربيجان تجدد دعمها لوحدة التراب المغربي وتؤكد: الأمر مسألة مبدئية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    وفاة الطالبة آية بومزبرة يُخيم بالحزن على قلوب المغاربة    المغرب يكثف جهود الإنذار والتوعية من مخاطر موجات الحر            إلغاء مباراة المركز 3 بمونديال الأندية    "كان" السيدات.. المنتخب المغربي يختتم تحضيراته تأهبا لمواجهة الكونغو في ثاني الجولات    أمريكا تلغي تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية أجنبية    عزيز رباح يعلّق على ترويج اسمه لرئاسة مجلس الجالية: "ما يُروّج ليس كله بريئًا"    بورصة البيضاء تبدأ التداول بالتراجع    مقتل 5 جنود إسرائيليين بكمين لكتائب القسام في شمال قطاع غزة    جواد الزيات يعود لرئاسة الرجاء بعد تفوقه في جمع عام استثنائي امتد لتسع ساعات    شرطة السياحة بأكادير تؤكد قانونية تدخلاتها ضد الإرشاد العشوائي    بايرن ميونخ على أعتاب توجيه ضربة لبرشلونة الإسباني في الميركاتو الصيفي    بعودة حنان الابراهيمي.. سعيد الناصري يصور "تسخسيخة"    مؤسسة منتدى أصيلة تسدل الستار على الدورة الصيفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي ال46 (صورة)    تهديدات بفرض رسوم جمركية جديدة على دول "البريكس".. كفى للحمائية غير المجدية    وكالة بيت مال القدس الشريف تنفذ المرحلة الثانية من حملة الإغاثة الإنسانية للنازحين في مدينة غزة    بتوجيه من نظام تبون.. مدرب الجزائر يُجبر على إخفاء اسم المغرب من شارة كأس إفريقيا    حضره ممثل البوليساريو.. محمد أوجار يمثل حزب أخنوش في مؤتمر الحزب الشعبي الإسباني    بنعلي: غياب تمثيلية الجالية غير مبرر    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    أوزين: الصحة تنهار وشباب المغرب يفقد ثقته في الدولة    حزب "فوكس" الإسباني يهاجم معرضًا مؤيدًا للبوليساريو: ترويج لعدو إرهابي قتل مئات الإسبان    سيادة دوائية في الأفق .. أخنوش يكشف تفاصيل خارطة الطريق لإنتاج الأدوية واللقاحات    مهرجان ثويزا يشعل صيف طنجة بالفكر والفن والحوار    سلامة المواطن فوق كل اعتبار .. بولعجول يُطلق أضخم حملة توعوية صيفية    ارتفاع الفقر في فرنسا إلى مستويات غير مسبوقة منذ 30 عاما    التوقيع على مذكرة تفاهم بين المغرب والمنظمة العالمية للملكية الفكرية للحماية القانونية للتراث الثقافي المغربي    بلاغ إخباري حول تجديد مكتب جمعية دعم وحدة حماية الطفولة بالدارالبيضاء    لقاء تواصلي أم حفل فولكلوري؟    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    شمال المغرب تحت رحمة المتسولين: مشهد مقلق في عز الموسم السياحي    فتح باب الترشيح لانتقاء الفيلم الطويل الذي سيمثل المغرب في جوائز الأوسكار 2026    المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بالرباط .. باحثون من أزيد من 100 بلد يناقشون «اللامساواة الاجتماعية والبيئية»    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي        التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاتر التحملات.. الأحزاب السياسية نموذجا
نشر في المساء يوم 06 - 02 - 2013

الحياة الإنسانية هي عبارة عن تداخل بين مجموعة من المصالح الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يتم اختزالها في قالب خدماتي.
لقد عرفت الإنسانية عدة تغيرات على مر العصور، إذ نجد أنها قد أيقنت، في آخر المطاف، بأنه لا بد من تشييد مؤسسات سياسية يعهد إليها بتأطير المواطن تأطيرا يمكنه من الحصول على حقوقه، ومن ثمة إدراك واجباته. كل هذا ساهم في تراكم مجموعة من الأفكار التي تم التعبير عنها في نظام الحزب الأحادي أو النمط السياسي التعددي الذي ميز بين أنظمة مجموعة من دول المعمور.
إن ميلاد الأحزاب السياسية قد جاء نتيجة للتقدم الذي عرفته أنماط عيش بني البشر، مما أدى بهذه الأحزاب، مباشرة، إلى محاولة السعي وراء تأطير وتكوين قيادات وكفاءات قادرة على تدبير الشأن العام تدبيرا يتناغم والتطورات الكونية. إلا أن ما يمكن أن نلاحظه من خلال تطرقنا لدراسة المنظومة الحزبية في طابعها العالمي هو أن النتائج التي تم تحقيقها في مجال التنمية البشرية لازالت تعرف شيئا من اللاتوازن الذي يميز بلدا عن آخر، الأمر الذي يحيلنا مباشرة على الأخذ بمعادلة شمال حزبي متقدم وجنوب حزبي سائر في طريق النمو. هذا الاختلاف يمكن تفسيره بكون مجموعة من الدول قد أحدثت دفاتر تحملات تتأسس على مبدإ القرب السياسي المبني على التعاقد المسبق والتشاركي مع الناخب الذي يحمل في طياته شقين أساسيين: أولهما يتعلق بالواقع التنموي للدولة وآفاق التغيير؛ وثانيهما يتعلق بتطلعات المواطن وانتظاراته، مما أسفر عن تحقيق نتائج إيجابية جعلت من الناخب شريكا فعالا ومباشرا في صناعة الخريطة السياسية، ومن ثمة القرار السياسي. كل هذا يمكن أن نستشفه من خلال ما وصلت إليه مجموعة من الدول الديمقراطية من تطور في مجال التنمية الإنسانية، كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبعض دول الاتحاد الأوربي، خاصة ألمانيا الفيدرالية وسويسرا.
إن المغرب، واعتبارا لنمطه الحزبي التعددي، لازال يتخبط في مجموعة من المشاكل البنيوية والتقنية المرتبطة مباشرة بالنمط التقليدي الذي لا زال يؤثر سلبا على معدلات الإنتاج السياسي، إن صح التعبير، ولاسيما إذا علما بأن مشاركة الشباب، الذي يمثل الشريحة الأوسع من ساكنة المغرب، في الحقل السياسي لا تتجاوز 2 في المائة حسب الإحصائيات التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط، ناهيك عن اللاتوازن في التأطير السياسي الذي لازال يرجح كفة المدن على كفة القرى. كل هذه المؤثرات مجتمعة لازالت تساهم في تعاظم ظاهرة العزوف السياسي التي لازالت تنخر الجسم الحزبي السياسي في بلادنا.
إن العمل الحزبي السياسي، ومنذ حصول المغرب على الاستقلال إلى الآن، لم يستطع الاضطلاع بالمهام الدستورية الموكولة إليه والقيام بها أحسن قيام، الأمر الذي يمكن إرجاعه إلى تضافر مجموعة من الأسباب، نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
- نهج الأحزاب السياسية المغربية للنمط المركزي المفرط في اتخاذ القرار، مما ينعكس سلبا على تثبيت مبدأ الجهوية السياسية على أرض الواقع؛
- برامج حزبية ضعيفة، لا تأخذ البتة بعين الاعتبار انتظارات المواطنين التي تختلف حسب الزمان والمكان؛
- غياب وحدات للتنظير والتفكير الاستراتيجيين داخل الأحزاب السياسية؛
- تغييب المرأة القروية من مسلسل التكوين الحزبي، الأمر الذي لطالما انعكس سلبا على وضعيتها؛
- انعدام مدارس للتكوين الحزبي داخل الأحزاب السياسية، ولو أحدثت مثل تلك المدارس لساهمت في القضاء على آفة التيه التي لازال يعاني منها عدد من رواد الأحزاب السياسية من جهة، ولضمنت لهيئاتها السياسية الاستمرارية من خلال استقطاب نخب جديدة وتأطيرها تأطيرا يتماشى ومؤهلاتها النظرية والتطبيقية، مما كان سيمكن المنظومة الحزبية في بلادنا من التوفر على بنوك للطاقات البشرية المؤهلة والقادرة على الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تربط بين الأصالة والحداثة؛
- عدد كبير من الأحزاب السياسية، لا يخدم نهائيا مسلسل التنمية المغربية... إلخ.
إن الأحزاب السياسية، وانطلاقا من المضامين الدستورية الجديدة التي تدشن لنمط المشاركة السياسية، مطالبة الآن وأكثر من أي وقت مضى بالتفكير في إعادة النظر الجدي والفاعل والبناء في أنماط تسويق أفكارها عبر مختلف ربوع المملكة، الأمر الذي لا يمكنها الوصول إلى تحقيقه إلا بفرض دفاتر تحملات سياسية تنبني على مبدأي المساءلة والمحاسبة الدستوريين، دفاتر تقوم بدراسات تشخيصية وميدانية لمختلف المشاكل التي مازالت تعوق مسلسل التنمية المغربية، وبالمقابل الأخذ بعين الاعتبار تطلعات المواطنين بمختلف أصولهم ومواطنهم، مما سيمكننا في آخر المطاف من إعداد برامج انتخابية تجعل المواطن في صلب اهتماماتها، تكونه وتجعله شريكا أساسيا في تنزيلها على أرض الواقع.

العباس الوردي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.