توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    مصرع شخص وإصابة آخرين في حادثة سير مروعة بين طنجة وتطوان    مدرب السنغال: مواجهة المغرب تتطلب خطة خاصة    الملك محمد السادس يشيد بعلاقات الصداقة مع أوكرانيا    تبون خارج اللعبة .. أنباء الاغتيال والإقامة الجبرية تهز الجزائر    نشرة حمراء تطيح بمواطن تركي فور وصوله مطار محمد الخامس    رحيل عزيز المنبهي.. صوت النضال الذي لم ينكسِر وصدى صرخة أسرة صنعت من الألم إرثًا ثوريًا    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة "عالم الذكاء الاصطناعي.. الشرق الأوسط وإفريقيا" في فبراير القادم    قال إن "لديه خبرة وغيرة لا توجد لدى منافسيه".. أسامة العمراني ينضاف لقائمة نخب تطوان الداعمة للحاج أبرون    موجة الحر الأخيرة في إسبانيا هي الأكثر شد ة منذ بدأ تسجيل البيانات    الجنرال حرمو يؤشر على حركة انتقالية واسعة في صفوف قيادات الدرك الملكي بجهتي الناظور وطنجة    رغم قرار بالمنع.. دعوات متواصلة للاحتجاج بتاونات ضد تدهور البنية الصحية والتهميش    صيف ساخن داخل المقاطعات بسبب الخلافات وإعداد العدة للانتخابات    قتيلان بغارات إسرائيلية على اليمن    السدود المغربية تفقد 792 مليون متر مكعب بسبب الحرارة وتزايد الطلب    "مفتشية المالية" تفتحص قرارات تراجع عن فسخ صفقات عمومية    "كورفاتشي" ترفض رفع تذاكر الجيش    حتى لا نُبتلى باستعمار رقمي..    الحفر العشوائي للآبار يثير تحذيرات    الدار البيضاء.. إختتام مهرجان نجوم كناوة على إيقاع عروض فنية ساحرة            أزمة القمح العالمية تدق ناقوس الخطر والمغرب أمام تحديات صعبة لتأمين خبزه اليومي    مقتل أزيد من 35 إرهابيا في ضربات جوية شمال شرق نيجيريا    ارتفاع ضحايا المجاعة في غزة إلى 289 شخصا بينهم 115 طفلا    بن صديق يسقط أمام الهولندي ريغترز في نزال الغلوري المثير    كرة القدم: ندوة صحفية للناخب الوطني يوم الخميس المقبل بسلا    المملكة المتحدة تتعهد تسريع النظر في طلبات اللجوء مع امتداد التظاهرات أمام فنادق الإيواء    المغرب: فاتح شهر ربيع الأول لعام 1447ه غدا الاثنين وعيد المولد النبوي يوم 05 شتنبر المقبل    المغرب ضيف شرف الدورة ال19 للمعرض الوطني للصناعة التقليدية ببنين    سفيان أمرابط على رادار إنتر ميلان الإيطالي    جاكوب زوما: محاولة فصل المغرب عن صحرائه هو استهداف لوحدة إفريقيا وزمن البلقنة انتهى    الموهبة المغربية تياغو بيتارش يواصل ظهوره مع الفريق الأول لريال مدريد    موجة غلاء جديدة.. لحم العجل خارج متناول فئات واسعة    الصحافة الكويتية تسلط الضوء على المبادرة الإنسانية السامية للملك محمد السادس لإغاثة سكان غزة    ناشطات FEMEN يقفن عاريات أمام سفارة المغرب في برلين تضامنا مع ابتسام لشكر    غوتيريش يرصد خروقات البوليساريو        كبار رواد كناوة يتألقون في ثاني سهرات مهرجان نجوم كناوة بالدار البيضاء    المكسيك تعلن تراجع تدفقات الهجرة نحو الولايات المتحدة بنسبة 91 في المائة    الجديدة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان اليقطين احتفاء ب''ڭرعة دكالة''    أكثر من 126 جهة و100 متحدث في مؤتمر ومعرض إدارة المرافق الدولي بالرياض    تحذير من العلاجات المعجزة    أمريكا: تسجيل إصابة بمرض الطاعون وإخضاع المصاب للحجر الصحي    سعيدة شرف تحيي سهرة فنية ببن جرير احتفالا بعيد الشباب    مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري    تغيير المنزل واغتراب الكتب    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب            إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغاربة أبيدجان.. مهاجرون يتجرعون مرارة الغربة وكابوس اللاأمن
يتعايشون في العاصمة الإيفوارية مع الانفلات الأمني ولعلعة الرصاص
نشر في المساء يوم 22 - 01 - 2014


أبيدجان: حليمة بوتمارت

بمجرد مرورك بشارع «لاغيدوز» بالعاصمة الإيفوارية ينتابك إحساس وكأنك تتجول في إحدى المدن المغربية، في فصل الصيف، حيث المغاربة يزاولون مجموعة من المهن بهذا الحي، خاصة التجارة، التي ورثوها عن آبائهم والتي تعد أهم مورد اقتصادي بالنسبة لهم.
«الخطافة»، أو ما يسمى في لغتهم المحلية ب»وغوغو» ليست مهنة المغاربة فقط ، ففي ساحل العاج، وأنت تواصل المسير نحو الحي الذي يطلقون عليه «شارع المغاربة» الإفواريون أيضا يتسابقون «على الزبناء» والباعة المتجولون يحتلون الشارع العام لعرض سلعهم، التي في غالبيتها عبارة عن وجبات محلية سريعة خاصة، بائعو عصير الفواكه على قائمتها المانجا والأناناس الذي لا يكلفك إلا فرنكات معدودة.. أما أصحاب «الصرف» فهم أكبر فئة توجد بهذه المنطقة.
«المساء» ترصد لكم في هذا الروبورتاج كيف تعيش الجالية المغربية حياتها في الكوت ديفوار التي تعرف حرارة مرتفعة طول السنة، وتقربكم من جوانب مهمة من معاناتهم داخل هذا البلد الإفريقي، الذي لا يعرف في غالب الأحيان الاستقرار الأمني.
حالة تأهب
بعد الكثير من الانقلابات التي شهدتها جمهورية «الكوت ديفوار»، أصبح المغاربة يعيشون حالة تأهب قصوى، إذ في كل ساعة يقضونها ينتظرون فيها وقوع أشياء لم تكن في الحسبان، وكأن الأمر يتعلق بالكوارث الطبيعية المفاجئة.
لمعرفة تفاصيل جوانب مهمة من حياة مغاربة ساحل العاجل، رافقنا فكاهي مغربي غني عن التعريف في هذا البلد الإفريقي، والذي أصبح «أشهر من نار على علم»، الطاهر لزرق، المهاجر الوحيد الذي ولج عالم الفكاهة في أبيدجان، والذي حظي باستقبال ملكي خلال الزيارة الملكية للبلد، لم يتوان في مرافقتنا إلى النقط التي تعرف تواجد المغاربة بكثرة.
يقول الطاهر إن أغلب المغاربة المقيمين بالكوت ديفوار انسجموا بسرعة مع الشعب الإفواري المعروف بكرمه وطيبته، واحترامه للجالية المغربية التي زادت قيمتها بعد الزيارة الملكية التي قام بها محمد السادس، قبل أن يضيف إن المشكل الوحيد الذي تعاني منه الجالية من مختلف الجنسيات هو انعدام الاستقرار الأمني.
بعد مقابلتنا مجموعة من المغاربة عبروا عن فرحتهم لإيلاء وسائل الإعلام المغربية اهتماما كبيرا لشؤون الجالية المغربية التي قلما يسمع صوتها في المنابر الإعلامية، وقلما يجدون آذانا صاغية تنقل معاناتهم ومشاكلهم.
ملامح الاستغراب والكثير من التساؤلات بادية على وجه العلوي، تاجر مغربي مقيم في أبيدجان منذ مدة، يتحدر من مدينة فاس، قبل الحديث معه طمأنه مرافقنا على أن غايتنا نبيلة، استقبلنا بتردد غير مكشوف قبل أن يتحدث عن تجربته في هذا البلد الإفريقي، وبين الفينة والأخرى يتوقف عن الكلام ويستقبل الزبناء الأفارقة الراغبين في اقتناء التجهيزات المنزلية.
كما تحدث لنا عن الحروب والانقلابات التي تشهدها المنطقة بين الفينة والأخرى، قبل أن يصرخ بصوت عال « كيفما كان الحال أحسن من المغرب»، سكت هنيهة وتنفس بعمق قبل أن يقول، في المغرب لا تُقدم لنا تسهيلات ولا نجد أي مخاطب ... كل المصالح والأغراض لا تقضى إلا إذا لم تقدم رشاوى.
التعليم العائق الأكبر
وفي معرض حديثه قال العلوي إنه يتوفر على منزل متواضع في مدينة الدار البيضاء، وأثناء اندلاع الحرب وتوتر الأوضاع في أبيدجان انتقل إليه برفقة أسرته الصغيرة، وسجل أبناءه في مدارس التعليم العمومي، غير أنهم لم يتمكنوا من التأقلم مع طبيعة البرامج، إذ وجدوا صعوبة في اللغة العربية، لأن اللغة المعتمدة في أبيدجان هي الفرنسية، كما أنه لا يتوفر على الإمكانيات المادية الكافية لضمان تمدرسهم في المدارس الخاصة التي تكلف كثيرا في المغرب، ليضطر إلى العودة من جديد بعد استقرار الأوضاع نسبيا، وأعاد تسجيل أبنائه في مدرسة البعثة الفرنسية بأبيدجون.
الشيء نفسه أكده تاجر آخر يدعى حمامة، لأن مشكل تعليم أبنائهم مطروح بحدة؛ إذ أن جل أبناء الجالية المغربية المقيمة بساحل العاج يضطرون إلى التمدرس في مدارس البعثات الفرنسية، نظرا لغياب مدارس تعنى بتمدرس الأطفال المغاربة.
كما يضيف حمامة بأنه، رغم ما يكلفه التعليم في المؤسسات الفرنسية إلا أنه يضمن لأبنائه المستقبل والحصول على فرصة عمل، في حين أن هناك مغاربة يدرسون أبناءهم في مدارس الجمهورية الإيفوارية، غير أن حظوظ العمل ضئيلة نظرا لطبيعة التكوين الذي يتلقونه.
قبل أن يواصل حمامة كلامه، لم يفت العلوي التأكيد على أن التعليم يعتبر على قائمة المشاكل التي يعانون منها، نظرا لانعدام التوجيه، فهم محرومون من تعلم أسس الدين والشريعة واللغة العربية، متسائلا لماذا لم يتم إحداث مدارس لأبنائهم؟
وحمل العلوي قسطا من المسؤولية للجالية نفسها التي لم تجتهد لإحداث مدرسة خاصة بتمدرس المغاربة، على غرار الليبيين الذين يدرسون أبناءهم في المؤسسات الليبية، و»أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننتظر مجهودات السفارة والدولة المغربية، ولا يمكن أن نلقي جميع المسؤليات على عاتقها».
لم تفوت رجاء بنونة مغربية مقيمة بساحل العاج، منذ ما يزيد عن 26 سنة، (لم تفوت) فرصتها في الحديث نيابة عن كل نساء الجالية المغربية، إذ اعتبرت العيش في العاصمة الإيفوارية صعبا بالنسبة للمهاجرين الجدد، لكن المقيمين هنا منذ مدة تأقلموا مع الأوضاع، ولم يعد مشكل الغربة مطروحا بحدة وساهمت في ذلك، طبيعة الشعب الإفواري الذي يعتبر المغاربة مواطنين إفواريين، ولا فرق بينهم وهم سواسية في الحقوق والواجبات.
لم تترد بنونة في الحديث عن جانب مهم من الحياة التي تعيشها النساء المقيمات في الكوت ديفوار، إذ أكدت أنه يستحيل لأي امرأة البقاء في المنزل دون الخروج للبحث عن العمل.
معاناة في الذاكرة
لم تنس رجاء يوما الحروب والانقلابات التي شهدتها الجمهورية الإيفوارية، ولم يفارقها لحظة كابوس اندلاعها من جديد، كما لم يفارق دوي الرصاص مسمعها، تقول المتحدثة ذاتها، إن هاجس الحروب ظل راسخا في ذاكرة كل المهاجرين وأنهم يضعون نصب أعينهم عودة الأحداث المرعبة، وهو الأمر الوحيد الذي يعاني منه المهاجرون بالمنطقة، نظرا لغياب الأمن وعدم استقرار البلد سياسيا وأمنيا.
«شر البلية ما يضحك» تضيف بنونة وهي تبتسم، كما أن حتى الأحداث العادية التي تقع في المنطقة كحادثة سير أو اندلاع حريق عرضي، يثير مخاوفهم، وأضحى من الضروري التأكد ما إذا كان الأمر يتعلق بانقلاب أو حرب ما، أم أنه مجرد حادث عادي، واستطردت المتحدثة ذاتها قائلة :» إن طريقة تعاملهم مع الأحداث وطريقة توصلهم بالمعلومات المطلوبة، يتم عن طريق الاتصال بعدد من الأحياء المجاورة بخصوص إذا كان هناك طارئ، من أجل الاستعداد لإغلاق المحلات التجارية والدخول إلى المنازل، إلى أن تعود المياه إلى مجاريها».
حظ المهاجر المغربي حمامة، سيء شيئا ما، موضحا بأن ذلك راجع إلى كونه قريبا من الثكنة العسكرية بأبيدجان، حيث الأحداث أفظع بكثير مما يعيشه القاطنون بالأحياء المجاورة، لكونهم معرضون للخطر في أية لحظة، حيث دوي الرصاص لا يرد صداه سوى جدران المنزل، وأن هناك رصاصات تخترق بين الفينة والأخرى جدران منزلهم، في كل مرة يحسون أن ساعة الموت قد أوشكت مع كل طلقة رصاص، يحبسون أنفاسهم ويتفقدون العالم الخارجي من ثقب الباب خلسة.
ويضيف المتحدث ذاته، بأن معاناته تضاعفت آنذاك عندما تعذر إجلاؤهم إسوة بباقي المغاربة الذين تم ترحيلهم عبر الطائرات إلى بلدهم، لأن النقطة التي يقطن بها استحال معها الوصول من أجل إجلاء المحاصرين هناك.
ممتلكات في مهب الريح
يحكي مجموعة من المغاربة الذين خسروا كل موارد رزقهم بساحل العاج إبان الحروب والنزاعات التي شهدتها المنطقة، إذ من التجار من فقد أزيد من 900 ألف درهم من السلع والمواد التي تعرضت للتخريب والدمار، ومنهم من فقد أكثر من ذلك، ولم يتم تقديم أية مساعدات في هذا الجانب، فمنهم من سافر إلى المغرب ولم يتمكن من العودة لأنه فقد كل رأسماله، ومنهم من عاد وبدأ عمله من الصفر.
وأكد أحد التجار أن التمثيلية المغربية في أبيدجان وعدت التجار والمستثمرين المغاربة الذين خربت محلاتهم وفقدوا كل شيء بتعويضهم، غير أن ذلك ليس إلا حبرا على ورق.
واصل حمامة كلامه قائلا إن الحرب قد تعود في أي لحظة، وهذا هو المشكل الكبير الذي يواجه الجالية المقيمة هنا، وأضاف أنهم بمجرد ما يفتحون محلاتهم، لا يتوقفون عن أخذ الحيطة والحذر، فإطلاق صفارات الإنذار بالمنطقة، إشارة إلى ضرورة إغلاق المحلات التجارية تحسبا لأي طارئ.
نقط مخيفة
يحكي عدد من المغاربة الذين قابلتهم «المساء» في العاصمة الإيفوارية أن هناك نقطا عديدة لا يمكن الوصول إليها، بحيث يغيب الأمن بشكل نهائي، ويزداد الأمر سوءا بحلول الليل، إذ يجد اللصوص وقطاع الطرق والمتشردون ملاذهم في هذه المناطق التي تعد نقطا سوداء.
وأضاف المتحدثون، أن الجالية هنا لا تخاطر بنفسها وتتجنب الخروج ليلا وتتفادى المرور من المناطق المشبوهة، خاصة أن نصف الشعب يحمل
السلاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.