الملك يهنئ رئيس جمهورية كازاخستان    "حماة المستهلك" يطالبون بتشديد الخناق على زيت الزيتون المغشوشة    أولمبيك آسفي يتأهل إلى دور المجموعات في كأس الكونفدرالية رغم الخسارة أمام الملعب التونسي    مشجعون من 135 دولة يشترون تذاكر نهائيات كأس إفريقيا في المغرب    باها يجلب بيومي إلى مونديال الفتيان    شرطي يصاب في تدخل بسلا الجديدة    الأزمي: التراجع عن التغطية الصحية الشاملة في مالية 2026 دليل على إخفاق حكومة أخنوش    ترامب منفتح على لقاء كيم ويصف كوريا الشمالية بأنها "قوة نووية نوعاً ما"    البرنامج الجديد للنقل الحضري العمومي للفترة 2025-2029.. استلام 70 حافلة جديدة بميناء أكادير    مسيرة في بروكسل تخليدًا لذكرى والد ناصر الزفزافي ومحسن فكري وإحياءً لذاكرة "حراك الريف"    عجز سيولة البنوك يتراجع بنسبة 2.87 في المائة خلال الفترة من 16 إلى 22 أكتوبر    شركة فرنسية تطلق خطا بحريا جديدا يربط طنجة المتوسط بفالنسيا وصفاقس    قبل أسابيع من انطلاق كأس إفريقيا للأمم.. فشل ذريع للمكتب الوطني للسكك الحديدية في التواصل مع المسافرين بعد عطل "البراق"    وفاة الملكة الأم في تايلاند عن 93 عاما    الأمين العام للأمم المتحدة يبرز التنمية متعددة الأبعاد لفائدة ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد.. نزول أمطار متفرقة فوق منطقة طنجة    مصرع دركي في حادثة سير مروّعة بضواحي القصر الكبير    أمن مطار محمد الخامس يوقف روسيا مبحوثا عنه دوليا بتهمة الإرهاب    السوق الأوربية للفيلم... المركز السينمائي يدعو المهنيين لتقديم مشاريعهم حتى 24 نونبر المقبل    زينة الداودية عن صفقة زياش التاريخية: إنها الوداد يا سادة    نور عيادي تفتتح الدورة ال15 لمسابقة البيانو للأميرة للا مريم بأداء مبهر    الكوميديا والموسيقى في جديد هاجر عدنان "طاكسي عمومي"    المدرب مغينية: مستوى لاعبات المنتخب المغربي يتطور مباراة بعد أخرى    لقجع يكشف السرّ وراء تألق الكرة المغربية وبروز المواهب الشابة    افتتاح متميز لمعرض الفنان المنصوري الادريسي برواق باب الرواح    مساعد مدرب برشلونة: الانتقادات ستحفز لامين جمال في الكلاسيكو    إسبانيا.. العثور على لوحة لبيكاسو اختفت أثناء نقلها إلى معرض    قمة صينية أمريكية بماليزيا لخفض التوتر التجاري بين البلدين وضمان لقاء ترامب ونظيره شي    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة يعالج الاغتراب والحب والبحث عن الخلاص    تصريحات لترامب تعيد مروان البرغوثي إلى الواجهة (بروفايل)    تركيا تتوسط بين أفغانستان وباكستان    الولايات المتحدة.. باحثون يطورون رقعة ذكية للكشف المبكر عن سرطان الجلد    وزارة المالية تخصص مبلغا ضخما لدعم "البوطة" والسكر والدقيق    تقارب النقاط بين المتنافسين يزيد من حدة الإثارة بين أصحاب المقدمة وذيل الترتيب    طنجة... تتويج الفائزين بجوائز القدس الشريف للتميز الصحفي في الإعلام الإنمائي    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    الإتحاد الأرجنتيني ينهي الجدل بشأن مواجهة المنتخب المغربي وسيخوض مواجهة ودية واحدة شهر نونبر ضد أنغولا    من التعرف إلى التتبع.. دليل يضمن توحيد جهود التكفل بالطفولة المهاجرة    عامل طاطا يهتم بإعادة تأهيل تمنارت    حدود "الخط الأصفر" تمنع نازحين في قطاع غزة من العودة إلى الديار    توتّر إداري بالمدرسة العليا ببني ملال    التوقعات المبشرة بهطول الأمطار تطلق دينامية لافتة في القطاع الفلاحي    تقرير يقارن قانوني مالية 2025 و2026 ويبرز مكاسب التحول وتحديات التنفيذ    الأمم المتحدة: ارتفاع الشيخوخة في المغرب يتزامن مع تصاعد الضغوط المناخية    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    من العاصمة .. حكومة بلا رؤية ولا كفاءات    إلى السيد عبد الإله بنكيران    من وادي السيليكون إلى وادي أبي رقراق    عبد الإله بنكيران والولاء العابر للوطن    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    المخرج نبيل عيوش يغوص في عالم "الشيخات ". ويبدع في فيلمه الجديد الكل "يحب تودا "    وزارة الأوقاف تعمم على أئمة المساجد خطبة تحث على تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوريكات: كنا ندخل المرحاض والحمام مصفدي الأيدي
قال إن المسؤولين أخبروا رجال الدرك بأن الإخوة بوريكات قتلوا 40 شرطيا
نشر في المساء يوم 14 - 05 - 2014

عندما اقتحمت عليه «المساء» خلوته في باريس، كان يسند رأسه إلى رأس شقيقه بايزيد، يتحاكيان ذكريات يختلط فيها المجد بالمرارة. فوق كرسي اعتراف «المساء»، حكى مدحت «René» بوريكات عن والده التونسي الذي تعلم مبادئ الاستخبارات في الأكاديمية العسكرية بإسطنبول، فقادته إلى الرباط؛ وعن والدته العلوية، قريبة محمد الخامس؛ وعن نشأته وإخوته في محيط القصر الملكي واحتكاكه بالأمراء.. يتذكر مدحت يوم بعثه والده في مهمة خاصة إلى محمد الخامس في فرنسا بعد عودته من المنفى.. ثم اشتغاله في موقع حساس في باريس جعله يتنصت على مكالمات الأمراء والوزراء.. إلى أن سمع ولي العهد يتحدث إلى طبيب والده عن المرض الذي تسبب في وفاة محمد الخامس، والتي يقول بوريكات أنْ «لا علاقة لها بالعملية التي أجريت له على الأنف». في «كرسي الاعتراف»، نتعرف مع مدحت «René» على محيط الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، وعلى علاقة المال بالسياسة، وما يتخلل ذلك من دسائس القصور التي قادته، رفقة أخويه بايزيد وعلي، من قمة النعيم إلى متاهات الجحيم في تازمامارت، وجرجرت والدته وأخته بين دهاليز المعتقلات السرية. تفاصيل التفاصيل التي غابت عن كتابه «ميت حي - شهادات من الرباط 1973 إلى باريس 1992» يستحضرها مدحت بوريكات، الذي فقد 20 سنتيما من طوله خلال 20 سنة من الاعتقال، بقدرته المدهشة على الحكي الذي يجعله، يخرج من دور الضحية ليحاكم جلاده، بالسخرية منه طورا، وبالشفقة عليه طورا آخر.
- بعد أقل من أسبوعين على نقلكم من المعتقل السري «PF3» إلى «لابريكاد» الدرك الملكي في السويسي بالرباط، تم نقلكم مجددا إلى ثكنة الدرك في «Le camp Chokhman» بطريق الدار البيضاء؛ اِحك لنا تفاصيل ذلك..
في «Le camp Chokhman»، تم اعتقالنا في مكان كان خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي عبارة عن أجنحة صغيرة يشغلها عسكر «السبايس» (فرقة الخيالة)، قبل أن تصبح مقرا للحرس الجمهوري الفرنسي، وبعد استقلال المغرب استلمتها إدارة الدرك وحولتها إلى «قشلة» للدرك.
- متى كان هذا بالتحديد؟
بين نهاية غشت وبداية شتنبر من سنة 1975.. وضعونا في زنزانة بجناح كان قد تم تسييجه حديثا، ثم اقتلعت ألواح نوافذ الزنزانة ووضعت بدلها قضبان حديد (Des barreaux) وأسدل عليها ستار. في الخارج، كانت هناك ساحة صغيرة. وبجوارنا كانت هناك زنزانة أخرى كنا نسمع حراسنا من الدرك يفتحونها بعد إمدادنا بالطعام لفعل نفس الأمر مع من يوجدون بداخلها.
- هل تم جمعكم (الإخوة بوريكات) في زنزانة واحدة؟
نعم.
- كم كان بالزنزانة المجاورة لكم من معتقل؟
لم نكن حتى ذلك الوقت نعرف عدد المعتقلين بها.. كنا نسمع صدى تحركاتهم، لكن الدرك كانوا يمنعوننا من الكلام، بل إنهم اشترطوا علينا ألا ننادي عليهم أبدا، وإذا أردنا منهم شيئا أن نلفت انتباههم عن طريق إحداث فرقعة قليلة بالأصابع. لقد كانوا يحرسوننا، ليل نهار، بوضع دركيين على باب الزنزانة. لاحقا، سوف يتم إخبارنا من طرف الدرك بأن أمي وأختي هما من تشغلان تلك الزنزانة المجاورة؛ وبعد مدة سوف نراهما.
- كيف؟
عندما كان الحراس يهمّون باقتياد واحدة منهما إلى المرحاض كانوا يسدلون الستار، وعندما يكون حارس طيب هو من يتكلف بذلك، فإنه يكتفي بجر الستار إلى النصف فنتمكن من رؤيتهما. لقد حصل لدينا بعض الاطمئنان عندما عرفنا بوجودهما في مكان آمن، بالرغم من أن شروط اعتقالنا في تلك الزنزانة كانت قاسية (يصمت) كانوا يفرضون علينا أن نظل ممددين 24 ساعة على 24 ساعة على جنب واحد بيدين مصفدتين..
- لماذا التمدد على جنب واحد.. هل لأنهم كانوا يصفدون أيديكم إلى الخلف؟
تصفيد أيدينا خلف ظهورنا كانوا يلجؤون إليه ليلا، أما في النهار فكانوا يكتفون بتصفيد أيدينا إلى الأمام، لكن مع إرغامنا على النوم في وضعية بعينها، على جنب واحد، ونقضي يومنا كله على ذلك الحال.
- لماذا؟
لا أدري.. «كان عندهوم فداك الراس غير لخماج». هل تعلم بأنه عندما كنا نريد قضاء حاجتنا، كان يأتي حارسان - دركيان فيحملان الواحد منا إلى غاية المرحاض، الذي كان فيه رشاش بارد نستعمله للاغتسال.
- لماذا يحملونكم ولا يتركونك تمشون؟
«باش منديروش الحس». كما أنهم لم يكونوا ينزعون عنا الأصفاد حتى ونحن في المرحاض، بل إنهم كانوا يتركوننا مصفدين حتى أثناء الاستحمام.
- لماذا كل هذا؟
(يصمت) لقد تعمد مسؤولو الدرك إعطاء أوامر وتوصيات لحراسنا على مسمع منا، وقد سمعناهم يقولون لهم: على الحارس الذي سيحرس هؤلاء (الإخوة بوريكات) أن يكون زميله واقفا خلفه برشاش مفتوح وعلى أهبة إطلاق النار. ولكي يرهبوهم منا، قالوا لهم: هؤلاء الثلاثة قتلوا 40 شرطيا، لأنهم متمكنون من فنون الحرب.
- هل شرحتم لاحقا لحراسكم أن ما قيل لهم عنكم لا علاقة له بالحقيقة؟
لاحقا قلنا لهم ذلك، لكنهم قبلها كان يكفيهم النظر إلى بنيتنا الجسمانية ليتأكدوا من أنه لا علاقة لنا بأية رياضة، كما أنهم كانوا من جملة ال300 دركي الذين قاموا بالمسح للقبض علينا بعد هروبنا من ال»PF3».
- كيف استطعتم الحديث إلى أمكم وأختكم خديجة؟
ذات يوم، ذهب مسؤول الحرس إلى مقصف الثكنة، وأوصى الدركي الذي يحرس زنزانتنا بالمناداة عليه إذا ما احتاج إليه. ليلتها كان يحرسنا الدركي الطيب الذي يزيح ستارة النافذة إلى النصف، فقام بإخراج أمي وأختي من زنزانتهما وجاء بهما إلينا فتحدثنا إليهما.
- ما الذي دار بينكم؟
لم نتعد السؤال عن أحوالهما. نفس الشيء فعلتاه هما أيضا، لكن مشهدنا ونحن مصفدو الأيدي أرعب أمي كثيرا، رغم أنني كنت أنزل يدي إلى أسفل لكي لا تلاحظ ذلك.
- ما الذي أخبرتاكما به؟
لا شيء، فقد كان حارسنا محسورا ومتخوفا من أن يداهمه رئيسه، لذلك كان يحثنا على إنهاء المقابلة.
- هل كانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي ستتحدثون فيها إلى أمكم وأختكم؟
لا، تكرر الأمر لثلاث مرات.
- كم قضيتم في ثكنة «Le camp Chokhman»؟
11 شهرا.
- حتى أمك وأختك قضتا نفس المدة هناك؟
لا، أمي وأختي تم تنقيلهما بعد حوالي ثلاثة أشهر من اعتقالنا في «Le camp Chokhman». فذات مساء جاؤوا وأخذوهما، لأن خديجة أختي كانت «نوضات الصداع مع واحد السارجان شاف» كان يحرسنا.
- ما الذي حدث بالضبط؟
لم أعد أذكر. في الغالب أن ذلك الدركي أعطاها أوامر بطريقة غير لائقة فردت عليه بقوة.. لقد كانت خديجة ذات مزاج حاد.
- هل كانت متزوجة حال اعتقالها؟
لا، كانت حديثة عهد بالخروج من تجربة زواج
- كم كان عمرها؟
نحن الآن في 1975، وهي من مواليد 1944 (31 سنة).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.