تقرير: أخنوش يستخدم أمواله للسيطرة على الإعلام والصحافيون المستقلون يتعرضون لضغوط مستمرة    سوريا: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي "تصعيد خطير"    "اليونيسف": أطفال غزة يواجهون خطرا متزايدا من الجوع والمرض والموت    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    إجهاض محاولة لتهريب أزيد من 51 ألف قرص مخدر بميناء طنجة المتوسط    ظروف السكن تتحسن بجهة طنجة تطوان الحسيمة.. أرقام جديدة من المندوبية السامية للتخطيط    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    المغرب يودّع أحد رموزه الفنية.. محمد الشوبي يترجل بعد مسار طويل من الإبداع    "موازين" يكشف عن أسماء فنانين عالميين وعرب جدد في برنامج دورته العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    بوعياش تطالب بعدالة تعويضية شاملة لجبر ضرر الشعوب الإفريقية    الجامعة تحتفي بالمنتخب النسوي المتوج بكأس إفريقيا داخل القاعة    هل ينجو قمح المغرب من الجفاف ؟ توقعات جديدة تعيد الأمل للفلاحين    مجلس الدفاع في لبنان يحذر "حماس"    نجاح "خامس مهمة نسائية" خارج المحطة الفضائية الدولية    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    إيقاف سيموني إنزاغي و هاكان بسبب علاقتهما بمشجعين مرتبطين ب"المافيا"    الجيش الكونغولي يقتحم مقر مازيمبي بسبب خلاف سياسي مع رئيس النادي    تفاؤل تجاري ينعش أسعار النفط في الأسواق العالمية    لماذا لا تحتفل هولندا بعيد العمال (فاتح ماي) رغم عالميته؟    هل تشعل تصريحات بنكيران أزمة جديدة بين المغرب وفرنسا؟    في ساحة مسجد بدر بطراسة… رجل يقبّل طفلًا والأب يتصل بالشرطة    البكوري يقيم مأدبة غذاء على شرف جنود خفاء جماعة تطوان قبيل انطلاق الموسم الصيفي    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    وفاة الممثل محمد الشوبي بعد صراع طويل مع المرض    الأمن يوقف مروجي كوكايين وكحول    العثور على جثة شخص داخل منزل بشارع الزرقطوني بعد اختفائه لثلاثة أيام .    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    عيد العمال.. الكونفدرالية ببني ملال "تحتج" في مسيرة حاشدة    الحوار الاجتماعي بالمغرب بين الشكلية والفعالية    لجنة الأخلاقيات توقف العديد من المسؤولين عن كرة القدم بين سنة وثلاث سنوات بسبب اختلالات في التسيير    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الفنان محمد شوبي يغادر الدنيا إلى دار البقاء    اللاعب المغربي الذي أبهر العالم بأدائه المجنون … !    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    حين يتحول الانفعال إلى مشروع سياسي: في تفكيك خطاب بنكيران حول "القضية" و"الحمار"    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفتاتي: البيجيدي ليس إقطاعية وما قاله عني العثماني لا يساوي حتى الحبر الذي كتب به
قال إن معاشات الوزراء سرية وأكد أن البعض يريد عبادة الدولة العميقة من دون الله
نشر في المساء يوم 28 - 12 - 2015

يكاد «المجدوب» أن يكون البرلماني الوحيد في الساحة السياسية المغربية الذي يعبر عن مواقف جريئة وصريحة من حزبه ومن الحكومة ومن الدولة أيضا. منذ أن وصل الإسلاميون إلى دفة الحكم، لأول مرة في مغرب ما بعد الاستقلال، لم يتوان عبد العزيز أفتاتي، البرلماني عن دائرة وجدة، عن تقديم نقد قاس في الكثير من المرات إلى حزبه وأمينه العام عبد الإله بنكيران، وحتى عندما جمدت عضويته من الحزب بسبب ما عرف بزيارته لمنطقة عسكرية على الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر، سخر أفتاتي من التهم الموجهة إليه وقال عنها إنها «مخدومة». في هذا الحوار، يتحدث أفتاتي، رئيس لجنة النزاهة السابق في حزب العدالة والتنمية عن رؤيته لملف معاشات الوزراء والبرلمانيين، ويقدم وصفته لإلغائها أو إصلاحها بشكل جذري لتصير جزءا من أنظمة التقاعد المعروفة واصفا إياها بالمعاشات السرية والريعية. ويرد أفتاتي في الحوار نفسه على تصريحات سابقة لزميله في الحزب سعد الدين العثماني بقوة، إذ خاطبه قائلا: أنت «تتعاود الحكايات والبيجيدي ليس إقطاعية».
- البعض ممن تابعوا النقاش حول قضية ما أصبح يعرف ب»جوج فرانك» وصفوه بالشعبوي وغير المجدي، كيف تنظر إلى الأمر؟
أولا، يجب التوضيح أنه لا علاقة بين صناديق التقاعد المعروفة وبين هاته الصناديق الصغيرة المخصصة لتمويل معاشات الوزراء. حتى يكون النقاش علميا وشفافا، أؤكد أن الصناديق التي أثارت الجدل مؤخرا أو قبل ذلك، ليست متضمنة في الصناديق التي يعرفها المغاربة مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بمعنى آخر يمكن وصفها بأنها صناديق امتيازية بعيدة جدا عن مبادئ الشفافية والوضوح. والحقيقة، أستغرب من هؤلاء الذين يقولون إن النقاش حول معاشات الوزراء أو البرلمانيين شعبوي، بل إن مجرد قول ذلك يعتبر احتقارا لذكاء المغاربة. بالنسبة إلي، مهما كانت المعاشات صغيرة أو كبيرة، فإن جوهر النقاش هو قضية مبدأ، إذ كيف نفهم أن المنتخبين أو أعضاء الحكومة، الذين يضطلعون بدور التشريع، يشرعون لأنفسهم تعويضات كبيرة. بصيغة أخرى أنهم يدافعون عن أنفسهم في نهاية المطاف ثم إن حجم التعويض يجب أن يخضع للنقاش وللخبرة من طرف المختصين وللشعب أيضا كي يقدر هل كبيرة أم صغيرة. أقول للذين يسبغون طابع الشعبوية على نقاش جاد وجوهري في المجتمع: إذا كنتم صادقين مع الشعب ومع الذين انتخبوكم، أخبروهم بالحقيقة، ووفروا لهم بكل شفافية العناصر التي تسعف على بلورة موقف متين مما يجري.. لكن للأسف لا يستطيعون فعل ذلك.
- أفهم أنك ضد منح معاشات للوزراء والبرلمانيين؟
ثمة الآن، في تقديري، خياران لا ثالث لهما. الأول هو إلغاء هذه المعاشات تماما أو مراجعتها بشكل جذري، كي تصير جزءا من النظام العام للتقاعد بالمغرب لا أن تبقى صناديق استثنائية تضمن امتيازات غير قانونية، أي أن يتم احتساب معاشاتهم حسب مساهمتهم في هذه الصناديق. ليس لدينا الكثير من الاحتمالات لننتهي من وضع غير طبيعي، إما حذفها بشكل نهائي أو أن تصبح معاشات كسائر معاشات المغاربة. الغريب أن هذه المعاشات تتسم بطابع السرية، والقوانين التي تنظمها ليست منشورة في الجريدة الرسمية ولا يعرف المواطن عنها أي شيء. إنه وضع غير مقبول ولا يمكن أن يقبله أي أحد إلا المستفيدون منها. الخطوة الأولى، هي أن يعرف المواطن العادي ماهية هذه المعاشات وكيف تصرف، وسيكون هو الحكم في الأخير، أما أن تتحول مهمة المنتخب المكلف بمهام جسام إلى مدافع عن نفسه قبل كل شيء، فهذا أمر غير مقبول وغير منطقي. لا أعلم كيف أن عقلا يحكم المنطق، قد يقبل أن تمنح ولاية من خمس سنوات معاشا مدى الحياة. في كاين هادشي، واش كاين فشي بلاصة أخرى. من جديد أريد مخاطبة من يصفون هذا النقاش بالشعبوي: والدي كان موظفا في القوات المساعدة، ويحصل على معاش قيمته 1000 درهم، وإذا احتسبنا أنه اشتغل حوالي 30 عاما، فإنه كان يأخذ 33 درهما عن كل عام، بينما يأخذ الوزراء 8000 درهم شهريا. أليس هذا هو المنكر عينه؟ من باب النزاهة فقط، ليس من المعقول في شيء أن نأتي إلى البرلمان للحديث عن إصلاح صناديق التقاعد لإنقاذها من الإفلاس، لكننا لا نتحدث عن إصلاح الأنظمة الاستثنائية للوزراء والبرلمانيين.
- رغم حدة النقاش، فإن الأحزاب السياسية بقيت صامتة، ولم تقل أي شيء عن الموضوع، وحتى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الذي عرض خطته لإصلاح أنظمة التقاعد فضل السكوت عن موضوع «جوج فرانك»؟
الأستاذ عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، وفريقه من البرلمانيين ليسوا معنيين بمعاشات البرلمانيين، بقدر ما هم معنيون بالنقاش حول معاشات الوزراء لكن الأحزاب السياسية ومن بينها حزب العدالة والتنمية يجب أن يدلوا برأيهم، لأنه نقاش مصيري وكبير. أعتقد أن الأستاذ عبد الإله بنكيران يعرف أن صرف معاشات للوزراء يغيب عنه المنطق، بل إن الأستاذ بنكيران، بحسه الوطني، لا يمكن أن يقبل بوجود استثناءات لأي جهة كانت، وهو في نظري لا علاقة له بهذا البؤس، ومقتنع تماما أن رأيه في الموضوع يكاد يكون متشابها مع ما عبرت عنه وما أعبر عنه، لكن بنكيران لا يشتغل وحده، ويتوفر على فريق حكومي تخضع فيه النقاشات للتداول وللتدافع أيضا وبالتالي، لا ينبغي أن نحمل بنكيران مسؤولية ما يحدث.
- لكن حزب العدالة والتنمية لم يعبر عن رأيه الصريح من قضية تقاعد البرلمانيين والوزراء، كيف تفسر هذا الصمت الغريب لباقي الأحزاب السياسية، سواء المصطفة في الأغلبية أو المعارضة؟
(يبتسم)، كيف تريد من مستفيد من شيء أن يدافع عن ضده، خاصة أن الاستفادة مادية ولا تتعلق ببعض الامتيازات البسيطة، وكما تعلم فإن الاستفادة المادية يتقاتل عليها الناس. لذلك، من العادي جدا أن يصمت من يحصل على هذه الامتيازات، ومع ذلك، يجب على كل الهيئات أن تكسر صمتها، لتعبر عن رأيها بشكل صريح. أكرر مرة أخرى أن النقاش لا يحتمل رأيا أو خيارا ثالثا عن الذي قلته سلفا، إما نلغيها بحجة أنها استثنائية ولا تمت بشي للشفافية، بل الأكثر من ذلك، إنها معاشات سرية، وأتحداهم جميعهم أن ينشروا النصوص القوانين المنظمة لها، وسيبقى هذا التحدي قائما إلى متى شاؤوا. أعرف أنك تود رأيي بشكل دقيق حول الموضوع: إنها معاشات ريعية واستثنائية وتمر تحت الطاولة دون مراقبة، وأعضاء الحكومة لا يساهمون بشيء والبرلمانيون يساهمون بمبالغ زهيدة بالمقابل، فمجلس النواب يساهم بمبالغ مالية كبيرة في النظام المخصص لمعاشاتهم، وحينما يرتبك النظام(يرتبك بشكل دوري)، تتدخل الدولة لإعادة التوازن إليه كي لا يصاب بالإفلاس. في هذا الصدد بالذات أطرح سؤالا: أليس تدخل الدولة لإنقاذ صندوق استثنائي هدر للمال العام؟ من له المصلحة أن نخفي الحقائق عن الرأي العام ومن له المصلحة أيضا في تسفيه نقاش أراه ضروريا؟ قد يكون من المفهوم جدا لو ساهم البرلمانيون أو الوزراء بمبالغ مهمة في هذه الصناديق شريطة الحصول على تقاعد معقول وفي حدود سن معينة، لكن ليس من المعقول أن يبقى كما هو الآن.
- كان هناك نقاش كبير بين مكونات العدالة والتنمية حول المؤتمر المقبل، فبينما دافع تيار عن تأجيله إلى ما بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، ثمة تيار يريد أن تنظم في موعدها الأصلي أي بداية العام المقبل، ما رأيك في هذا السجال؟
ما أراه حكيما ومنطقيا هو أنه ليس بمقدور أحد أن يتجاوز القانون إلا بالقانون نفسه. وحزب العدالة والتنمية مدرسة للقانون بمعنى أن حزبنا لن يبتعد عن توجهه القانوني في حسم موعد المؤتمر. البعض يحاول أن يصور نقاشا بسيطا على أنه صراع للتيارات داخل الحزب وتناحر بين أعضائه، وهي أمور لا توجد إلا في مخيلة من يتوهمها. كل ما في النقاش يتمثل في أن العدالة والتنمية يسعى إلى ملاءمة وضعيته مع مستجدات المرحلة ومع المتغيرات الحاصلة في المشهد السياسي. الذي أريد التأكيد عليه أن مسطرة القوانين في الحزب ليست مرتهنة لميول تيار أو نزوعات شخص، إنما للرغبة في تقوية الأداة الحزبية.
- هل أنت مع تعديل النظام الأساسي للحزب، للتمديد لبنكيران ليصير أمينا عاما للحزب لولاية ثالثة؟
أنا مع تجاوز القانون لكن بالقانون نفسه، وتعديل القانون لا يمكن أن يتأتى إلا بتنظيم مؤتمر عاد أو استثنائي. أعتقد أن ظروف المرحلة تحتاج إلى «كفاحية» كبيرة ليس من موقع الأمانة العامة فقط، بل من موقع رئاسة الحكومة أيضا. ما أؤكده أن ما يجري في الساحة السياسية المغربية في الفترة الحالية والظروف المحيطة بالمغرب تحتاج إلى شخصية كفاحية كبيرة تتطلب مناضلين مكافحين حقيقيين بمعنى أن اختيار الأمين العام الجديد للحزب، يجب أن يستحضر أننا بحاجة إلى شخصية مكافحة تواكب المرحلة، ولا تريد خدمة أجندة الحزب فقط، بقدر ما سيكون عليها التركيز على أجندة البلاد في مقدمتها الانتقال الديمقراطي. نحن بحاجة إلى من يقود الحزب بتفان وكفاحية ومن يهتم بالشعب المغربي لينجز المهام المنوطة به.
- يبدو أن نوعا من الإجماع تبلور داخل حزب العدالة والتنمية لتثبيت عبد الإله بنكيران أمينا عاما للولاية الثالثة على التوالي، ما مبعث هذه الثقة التي يحظى بها رئيس الحكومة؟
أتصور أن مفهوم الإجماع ليس هو المفهوم الصحيح، بل إن الأمر يتعلق بالتفاف كبير حول شخصية الأستاذ بنكيران، ولن ينكر أحد إلا إذا كان جاحدا أو مصابا بالعمى ما قدمه بنكيران للمغرب، وهو التفاف مشروع، لأن الحزب وقياداته يرون بأنه الأجدر أن يكون شخصية كفاحية قادرة على قيادة حزب العدالة والتنمية. إنه رأي شريحة واسعة من مناضلي الحزب الذين وثقوا في نزاهته وإخلاصه لوطنه وكفاحيته أيضا، ولا شيء غير هذا الشرط الضروري كما أسلفت القول.
- ألا تخشى أن يتحول هذا الالتفاف إلى شخصنة حزب العدالة والتنمية، مما قد يؤدي إلى ذوبان المرجعيات والأفكار المعضدة لمشروع الحزب؟
لا أبدا، الالتفاف فرضته طبيعة المرحلة غير العادية. ما جعل الإخوان في العدالة والتنمية يلتفون حول شخصية عبد الإله بنكيران أداؤه المتميز في الحكومة والحزب، وتفانيه في عمله، وصدقه الكبير. أنا من المختلفين مع الأستاذ عبد الإله بنكيران، لكن لا يمكن أن أغفل عن هاته الحقائق التي ذكرتها: هو شخص صادق وخدوم والذين يريدون رأسه أقول لهم: الله غالب هادشي ماكاين. لكن ما قلته لا يعني إطلاقا أنه ليس بإمكاننا تدبير المرحلة دون أن يكون الأستاذ عبد الإله بنكيران على رأس الحزب، وما يهمني شخصيا هو بلورة الموقف الديمقراطي في أجهزة الحزب كما كنا نفعل دائما.
- سبق لسعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، أن صرح بأن القيادة لن تتراجع عن قرار تجميد عضويتك في الحزب، كيف ترى هذا التصريح لاسيما أن لجنة التحكيم لم تصدر قرارها بعد؟
قرأت ما قاله السيد العثماني في حوار سابق معك، وقد أجبت عليه في حينه. ولا بأس أن أقول لك إن العثماني «كيعاود الحكايات». أنا لا أحتاج إلى مراجعة حزب أو أي هيئة أخرى كي أكون مناضلا، ونحن حزب حقيقي وليس غابة بمعنى أن الحزب يتوفر على نظام أساسي وداخلي، ولم يكن يوما إقطاعية تابعة لشخص، ولذلك لا أنتظر شيئا لا منه ولا من غيره، وما قاله لا يساوي حتى الحبر الذي كتب به. ولمزيد من التوضيح، قرار التجميد أصبح في خبر كان، لأنهم لم يحترموا المساطر القانونية، أما من الناحية السياسية، فلا شيء يملكونه في الحزب لتقديمه لهيئة التحكيم، بل إنهم يملكون الترهات..
-أقاطعه- تقصد أن القرار كان سياسيا قبل كل شيء؟
بطبيعة الحال كان قرارا سياسيا، وقد تأكد في وقت لاحق أن جهات بعينها تسعى لتقويض مسار الحزب في أفق المؤتمر المقبل. الجهات التي أتحدث عنها تشتغل على الحزب، وإلا أين يمكن أن ندرج النقاش الدائر الآن حول خلافة عبد الإله بنكيران؟ إنه نقاش ينتمي إلى صلب الاشتغال الذي حدثتك عنه.
- ماذا تعني باشتغال جهات حول الحزب، وحول بنكيران بالتحديد؟
بكل بساطة، هناك من هو منزعج من الأستاذ عبد الإله بنكيران ومن طريقة تدبيره للحزب والحكومة، وبالتالي ما قيل إنه يضعني في قفص الاتهام لا يعدو كونه خزعبلات وبؤسا سياسيين. وبالتالي ما قاله العثماني لا أساس له من الصحة ومتهافت أيضا.
-هل تعتقد أن التصريح كان مقصودا أم أنه صادر عن حسن نية؟
لا أعلم ذلك، لكني لا أنتظر منهم أن يراجعوا القرار ولم أطلب ولن أطلب يوما أن يفعلوا ذلك. صحيح أنه قد تفهم أنه إذا طلب من مسؤول أن يتخذ قرارا سياسيا، سيطبقه، أما وأن الأمور بدأت تتضح وتنجلي أكثر، يجب أن تتوفر الجرأة عندهم لأنه لا يمكن أن تصبح الدولة العميقة إلها يعبد من دون الله، وهي لا تكف عن ارتكاب أخطاء متتالية «خطأ مور خطأ وخطأ مور خطأ» وهكذا دواليك.
- في قضية ما عرف باقتراح عبد العالي حامي الدين رئيسا لفريق الحزب بمجلس المستشارين، قالت بعض قيادات الحزب إن الدولة العميقة تدخلت مرة أخرى، هل هي قوية إلى الحد الذي يجعلها تتدخل في قرارات حزب يدعي أنه يتوفر على الاستقلالية في القرار الحزبي؟
«والله إيلا مكاين غير الدولة العميقة» حتى لا أقول الدورة الظاهرة. حزبنا يتمتع باستقلالية القرار، لكن هل تظن أنه سينخرط في متاهة لا تنتهي من أجل قضية بالإمكان معالجتها بطريقة أخرى. يكفي أن الأمور توضحت للرأي العام وعرف من تدخل في نهاية المطاف، وعرف، فوق ذلك، أنه ثمة دولة عميقة قوية تشتغل بكل ما أوتيت من قوة لاختراق حزب العدالة والتنمية.
- أفتاتي، ثم حامي الدين، على من الدور في المرة المقبلة؟
أفتاتي، شاؤوا أو كرهوا مستمر في العمل والنضال من موقعه الحزبي ولا ينتظر الضوء الأخضر من أحد، وإلا من واجه في البرلمان ما عرف ب»المادة 30 « التي كانت قد أحدثت بعض الصراع في الأغلبية، فقد حافظت على مواقفي بمعية إخوان آخرين. في نظري، المناضلون لا يحتاجون إلى نياشين أو إلى مواقع تنظيمية أو انتخابية للانخراط في الفعل النضالي. إن بؤس الدولة العميقة لن يتوقف إلى يوم يبعثون سوى إذا ذهب المغرب نحو الديمقراطية، وساعتها ستحشر في زاوية قصية وضيقة، وستهمش من طرف القوى الحية والمغاربة المؤمنين بالديمقراطية. وما حدث لحامي الدين، أمر مخز، فبدلا من الاهتمام بالقيادات الشابة المسنودة بتكوين أكاديمي وفكري ودعمهم، تريد الدولة العميقة تبخيسها والقضاء عليها.
- في قضية»المادة 30»، فهم الجميع أن بنكيران مني بهزيمة داخل تحالف الأغلبية، ولم يستطع مواجهة عزيز أخنوش الذي بقي آمرا بالصرف في نهاية المطاف على صندوق دعم العالم القروي..
لم ينهزم بنكيران على الإطلاق، والذين جاؤوا بالمادة 30 لم يقدروا على الدفاع عنها في البرلمان علاوة على أن الأستاذ عبد الإله بنكيران لا يشتغل بمفرده، بل ضمن تحالف حكومي، وهناك، وهذا هو الأهم، ميزان قوى وظروف مؤثرة وأوضاع داخلية ومحيط إقليمي، وكل هذه السياقات يحاول أن يدبرها بكثير من التفاني والصدق. الحديث عن الهزيمة، لا يستوي في قضية المادة 30، إنما ما جرى أنه مرة أخرى تكشف بؤس الدولة العميقة. لو تسمح لي أعود إلى سؤالك حول الأخ حامي الدين لأقول إنه ليس بحاجة إلى صفات ويكفيه أنه أكاديمي وكفاءة حقيقية. إنهم في نهاية المطاف لا يحاربون حامي الدين أو أفتاتي، إنما يحاربون المستقبل. هؤلاء البؤساء يحاربون المستقبل حينما يحاربون الصحافيين النزهاء والذين لا يخشون قول الحقيقة.
- بعد الذي حصل، هل يجوز لنا القول إن الدولة العميقة بدأت تتسرب إلى حزب العدالة والتنمية؟
لنتفق أولا على مفهوم الدولة العميقة ثم أجيبك على سؤالك: هي منهج وتنظيم وشبكة تشتغل بشكل يومي وتحارب النزهاء والشرفاء والمستقلين يوميا، وحينما أومئ إليها، لا أفعل ذلك من باب الاستهلاك الإعلامي كما يعتقد البعض، بل إني أعرف أنها شبكة ملموسة وليست هلامية لها أتباعها وحواريوها، وأشخاص معروفون يدبرونها ومن يقول العكس، فإنه يسرد الحكايات والأساطير للمغاربة ولا يصارحهم بالحقيقة.
- لم تجبني بعد، أعيد السؤال بناء على جوابك، هل استطاعت هذه الشبكة أن تنفذ إلى داخل العدالة والتنمية؟
إلى حدود اليوم، أؤكد لك أن الدولة العميقة لم تستطع أبدا أن تنفذ إلى داخل حزب العدالة والتنمية، الذي حافظ على استقلالية قراره والتزام مناضليه بقضايا وطنهم وحزبهم، بيد أن الحزب كيان بشري كما باقي الكيانات الأخرى، فقد تنفذ إذا لم يكن هناك الاحتياط والحذر اللازمين والتسلح بالكفاحية والدفاع عن الآراء والأفكار دون الخشية من أحد مهما كان، وهي شروط تتوفر في مناضلينا وسنستمر، بإذن الله على هذا النهج في المستقبل.
رأيي في هذه القضايا:
تحالفات الحزب في الانتخابات المقبلة:
أرى أن حزب العدالة والتنمية ومعه حزب آخر سيفوزان بالأغلبية المقبلة، لكن أنا أؤيد أن ينفتح حزبنا على جميع القوى الإصلاحية التي لديها رغبة في تحقيق الانتقال الديمقراطي، وسنعمل معها بكل مسؤولية. هناك جهة واحدة سنستثنيها من أي تحالف مهما كانت الظروف، وأقصد ذلك المخلوق البئيس وكركز الدولة العميقة حزب الأصالة والمعاصرة، الذي لن نتحالف معه مهما كانت الظروف والسياقات، لأنه ناطق باسم الدولة العميقة في المجال السياسي، ورغم كل ما يقال عن إمكانية تحالف الحزبين، فإني أقول لك إن حزبنا حسم في هذا الأمر حسما قاطعا ولن يتراجع عن ذلك.
رئاسة عبد الإله ابن كيران للحكومة لولاية ثانية:
هذا أمر وارد جدا، مع كل اختلافي مع الأستاذ بنكيران حول الكثير من القضايا والملفات، إلا أنه يبقى واحدا من المؤهلين للقيادة الكفاحية للمرحلة.
عدم انتخاب حامي الدين رئيسا للفريق البرلماني بمجلس المستشارين:
لم يحدث أي شرخ أو تشويش داخل الحزب كما يريد أن يصور ذلك البعض زورا وبهتانا، والحاصل أن الأستاذ حامي الدين يرمز إلى التشبيب الحزبي وسط العدالة والتنمية، ونحن ندافع عن هذا التوجه، وما حدث له يثبت، بما لا يدع مجالا للشك، أن الدولة العميقة تشتغل بشكل مستمر لإجهاض كل محاولة لبناء المستقبل سواء على المدى المتوسط أو البعيد، ولذلك على الشباب التمسك ببعضهم البعض والسير على النهج الكفاحي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.