بايتاس ينتقد منطق الشعبوية والمكاسب السريعة.. ويؤكد: الأحرار حزب التخطيط ورفع التحديات    فاتح شهر رجب بعد غد الاثنين بالمغرب    أشرف حكيمي يتسلم جائزة "فيفا ذا بيست- 2025 "    الحسيني: "شياطين التفاصيل" تحيط بالحكم الذاتي.. والوحدة تفكك "القنبلة"    الحماس يختم استعدادات "الأسود"    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    تنبيه أمني: شركة أفريقيا تحذر من محاولة احتيال بانتحال هويتها    موتسيبي: كأس إفريقيا للأمم ستقام كل أربع سنوات ابتداءً من 2028    قطبان والجيراري يفتتحان معرضهما التشكيلي برواق نادرة    أخنوش يُنوه من طنجة بشركاء الأغلبية الذين "ردّوا الاعتبار" لمؤسسة رئاسة الحكومة        خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    العلمي: نجاح تواصل "الأحرار" يثير حنق منافسين.. حزب بناء لا مساومة        أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    إحداث مكاتب قضائية بالملاعب المحتضنة لكأس إفريقيا    بوريطة ولقجع وموتسيبي يفتتحون منطقة المشجعين بالرباط    حكيمي يطمئن الجماهير المغربية    الركراكي يدعو الجماهير لصنع الفارق: "بغيت المدرجات تهدر"    الجيش ينشئ 3 مستشفيات ميدانية    صحيفة تركية تصفع النظام الجزائري: القبائل لم تكن تاريخيا جزائرية        "جبهة دعم فلسطين" تدعو إلى التظاهر تزامنًا مع الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية التطبيع    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات ميدانية    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    تساقطات ثلجية وأمطار قوية بعدد من مناطق المملكة    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وطقس بارد من اليوم السبت إلى الاثنين المقبل    روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير الكويت    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    الملك محمد السادس يهنئ أمير الكويت    مطالب بتخفيض عمل أساتذة التعليم الابتدائي إلى 18 ساعة أسبوعيا    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    انخفاض في درجات الحرارة وبحر هائج.. تفاصيل طقس السبت بالمغرب    احتراق عدد من السيارات في محيط ملعب طنجة (فيديو)    إنذار جوي يدفع تطوان إلى استنفار شامل    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والدولة الاجتماعية    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة    وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحلوطي: هناك من يقدم البرلمانيين كمصاصي الدماء والحكومة عليها تقوية النقابات بدل إضعافها
قال إن الإصلاح المقياسي للصندوق المغربي للتقاعد سيؤجل الأزمة ولن يحلها
نشر في المساء يوم 04 - 01 - 2016

حذر عبد الإله الحلوطي، الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، من مغبة تسفيه عمل النقابات وإزاحة دورها كوسيط بين الدولة والمجتمع، بشكل سيجعل المواجهة مباشرة مع المواطنين. وتوقف الحلوطي، خلال استضافته في برنامج «مناظرات المساء»، عند عدد من القضايا التي أثارت جدلا في الآونة الأخيرة، خاصة ما يتعلق بإصلاح أنظمة التقاعد والمطالب المتزايدة بإلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين. وأكد الأمين العام الجديد المنتخب في المؤتمر الوطني السادس للاتحاد، عن رفضه لمنطق المواجهة مع الأساتذة المتدربين، حيث سجل أن حصول هؤلاء على شهادة التخرج دليل على أنهم قادرين على تدريس أبناء المغاربة.
– قررتم خلال المؤتمر الأخير اعتماد صفة الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب. أي دلالة لهذه التسمية، بعدما كان محمد يتيم كاتبا عاما؟
نحن كنا نعتمد صفة الكاتب العام، لكن وجدنا خلال اللقاءات التي نحضرها، خاصة على المستوى العربي والدولي، أن الأمين العام هي الصفة الرئيسية للمسؤولين في المركزيات النقابية، وبالتالي قررنا أن نغير الاسم لكي يقع نوع من الانسجام. الكاتب العام مصطلح إداري تنفيذي، غير أن الأمانة العامة ترتبط بصفة المسؤولية وليس ما هو تنفيذي.
– كيف مر المؤتمر الوطني السادس، وهل شكل فوزك بالأمانة العامة مفاجأة خاصة أمام أسماء بارزة ترشحت لهذا المنصب، وعلى رأسها جامع المعتصم؟
أنتم تعلمون أن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب هو نقابة قررت منذ 2005 أن تكون كل المسؤوليات بداخلها عن طريق الانتخاب، فلا مسؤولية إلا بالانتخاب ولا مسؤولية لأكثر من ولايتين. عندما نتحدث عن الانتخابات فالعملية لا تتم برفع الأيدي أو التصفيق أو الزغردة، بل عن طريق صناديق الاقتراع الزجاجية والشفافة. كما أن مسارات عملية الانتخاب تبدأ بالترشيح، إذ لم يقدم الحلوطي أو المعتصم أو مريمي ترشيحات، ناهيك عن أن الاتحاد لا يتوفر على لجنة للترشيحات. والحال أن المؤتمرين هم الذين يقومون بترشيح الأسماء التي يرغبون فيها عن طريق التصويت السري، وهو ما يعني أنه لا يستطيع أي أحد أن يقول بأنه سيتم ترشيح فلان أو علان.
– هذا من الناحية النظرية، لكن البعض كان يقول إن هناك توجها لجعل عبد الرحيم الشيخي على رأس حركة التوحيد والإصلاح وجامع المعتصم أمينا عاما للنقابة وبنكيران أمينا عاما للحزب لكي يتم تدبير المرحلة القادمة بشكل جيد، قبل أن يبرز اسم عبد الإله الحلوطي الذي اعتبر مفاجئا. كيف ترد على هذه التحليلات؟
الدفع بوجود خيارات خلف الستار هو غير صحيح. وغير صحيح أيضا أن الأستاذ الشيخي جاء كرغبة لأطراف معينة، بل إنه كان آخر من يعلم بكونه سيصبح رئيسا لحركة التوحيد والإصلاح، بل إن ذلك جاء بشكل خاص كنتيجة لاعتذارات البعض. أضف إلى ذلك أنه حتى على مستوى الحزب، فالجميع فوجئ بصعود بنكيران أمينا عاما في الوقت الذي كانت التوقعات تذهب في اتجاه فوز سعد الدين العثماني. هذا يعني أنه ليست هناك ترتيبات خلف الستار، لأن ذلك يتطلب أن يكون المناضلون المشاركون في المؤتمر على علم بها ومهيئون لها. وأقول بكل صدق إنه لو جئت عند أي مؤتمر بهذا الخطاب فسينقلب عليك، ويكشف عن الأمر بمجرد أن يأخذ الكلمة.
– هناك من يقول إن الحلوطي كان نقابيا مشاكسا مقارنة مع محمد يتيم، والبعض كان يتمنى ألا تكون قائدا لسفينة النقابة في هذه المرحلة التي ستشهد تمرير عدد من الإصلاحات، ومنها التقاعد.
قد يختلف الأسلوب والتعبير عن المواقف، لكن القرار ليس بيد الحلوطي أو الأستاذ يتيم، بل نتخذه على مستوى الهيئات. الموقف من مختلف القضايا الكبرى كالتقاعد أو الحوار الاجتماعي أو الموقف من إضراب معين لا يتخذه عندنا الفرد بل يعود إلى المؤسسات سواء على مستوى المكتب الوطني أو المجلس الوطني. الأستاذ يتيم كان له أسلوب، والأستاذ الحلوطي سيكون له أسلوبه أيضا. نعم قد نختلف أحيانا في التعبير عن مواقفنا بشأن بعض القضايا، وقد تختلف لكن عندما نطرحها داخل المؤسسات فإنه تتم مناقشتها واتخاذ القرار في هذا المستوى، حيث يصبح القرار ملزما سواء بالنسبة للحلوطي أو يتيم.
– هل ستتعامل بنوع من الصرامة تجاه بعض الملفات الحكومية والابتعاد عن أسلوب المهادنة؟
القضية ليست مرتبطة بمهادنة للحكومة أو مزايدة عليها. الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب له منهج يشتغل به اليوم، وسبق أن اشتغل به مع الأستاذ عباس الفاسي وقبله مع إدريس جطو، وإذا سألتهما فإنهما سيجيبان بأن الاتحاد الوطني لم يكن نقابة مزايدات. طبعا لو كنا نزايد لمارسنا المعارضة، خاصة أن حزب العدالة والتنمية كان في قمة المعارضة بشأن اتفاق 26 أبريل 2011، لكننا وقعنا على هذا الاتفاق وهو ما يعني الموافقة على مضامينه. بل إننا بشرنا بهذا الاتفاق وقمنا بمجموعة من اللقاءات على المستوى الوطني، رغم أنه كانت لدينا بعض الملاحظات. وبالتالي لا يمكن لحزب العدالة والتنمية أن يتصل بنا هاتفيا ويطلب منا اتخاذ موقف معين بشأن قضية ما، ونعتقد بأنه عندما تخندق نقابة ما نفسها في موقع المعارضة أو الأغلبية فإن العمل النقابي ينتهي. الأحزاب من حقها أن تتخندق سواء في جهة المعارضة أو الأغلبية، لكن بالنسبة لنا فاليوم لدينا علاقة شراكة مع الحكومة وحزب العدالة والتنمية، غير أن هذه العلاقة ليس فيها نوع من التداخل العضوي بين الحزب والنقابة، بل إن قراراتنا مستقلة تماما. نعم نحن نقدر الظروف والأوضاع الاجتماعية والسياسية، ونرى إن كنا سنذهب في اتجاه المهادنة أو التصعيد، وإن كان خطاب التصعيد ليس منهجا لنقابتنا.
– النقابة وُلدت لتحتج، لكنك تقول بأنكم تشتغلون في إطار شراكة مع الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية. هل ستكونون يد الحكومة في تمرير بعض الملفات، وعلى رأسها التقاعد؟
يصعب أن نقول بأن نقابة الاتحاد الوطني ستكون يد الحكومة في تمرير إصلاح التقاعد، لأننا لسنا النقابة الوحيدة في الساحة الوطنية وإنما هناك نقابات مقدرة ولها وجود في الساحة. نحن نعتبر بأن ملف التقاعد قد تمت مناقشته بالشكل الكافي، بل والمُمل أحيانا طيلة عشر سنوات الماضية. الجميع مُجمع اليوم على أن هناك أزمة صناديق التقاعد بشكل عام، وبشكل خاص الصندوق المغربي للتقاعد، حيث بدأنا نأخذ من احتياطاته المالية ابتداء من سنة 2015. الحكومة جاءت بمقترحات اعتمدت على مختلف الدراسات التي تمت في هذا المجال، سواء من خلال المكاتب الدولية ومكتب العمل الدولي أو الدراسات التي قامت بها النقابات على المستوى اللجنة التقنية، والتي خلصت إلى أن هناك أزمة ينبغي حلها. الحكومة جاءت بمشروع حل، ونحن قلنا منذ اليوم الأول بأنه مجحف في صيغته الأولى، وبأنه يمكن إدخال بعض التعديلات التي تجعله قابلا للتقبل من طرف الشغيلة. لقد كانت هناك لقاءات بين الحكومة والنقابات، وبعد ذلك تم رفع الملف إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، على أساس أن هذه المؤسسة تضم خبراء ورجال أعمال. فالمجلس هو مؤسسة استشارية، لكن الأهم هو توفره على مجموعة من الطاقات التي تبقى في عمومها مستقلة عن الأغلبية والمعارضة وليست متحزبة، تستطيع أن تعطيك رأيا استشاريا مستقلا، أو على الأقل مبني على خبرة. وأقول في هذا الصدد بأنه لا ينبغي أن نترك دائما المجال بين الحكومة والنقابات فقط، على اعتبار أن الأولى لها مواقفها التي تتشبث بها والأمر نفسه بالنسبة للنقابات، وبالتالي من الذي سيصل بنا إلى الحلول الوسطى؟ طبعا هذه الحلول تأتي عن طريق مائدة الحوار، بيد أنه في بعض الأحيان تصبح هذه الآلية غير قادرة على استقبال كل القضايا والأطروحات، والمفروض في هذه اللحظة أن تكون لدينا آليات للخبرة التي تستطيع أن تكون محايدة سواء تجاه الحكومة أو النقابات، وتستطيع بخبرتها أن تقنع الطرفين بوجود آليات أخرى غير تلك التي تطرحها وأن تقبل بالتالي بعض الإصلاحات هنا وهناك.
– ماذا عن هذه المقترحات التي وصل إليها المجلس الاقتصادي؟
المجلس الاقتصادي والاجتماعي وصل إلى مقترحات هذبت وشذبت ونقصت من قوة المقترح الحكومي في صيغته الأولى، واستجابت لبعض المطالب التي كانت ترفعها النقابات. أعتقد أن هذا المنتوج، الذي يبقى محايدا إلى حد كبير، هو أرضية متكاملة للتفاوض بين النقابات والمركزيات النقابية.
– في هذا الخضم لا يطرح السؤال عن الأسباب التي كانت وراء إفلاس الصندوق، والحال أن هناك حديثا عن وجود فساد وسوء استثمار مدخرات المنخرطين. إلى أي حد يبقى هذا الطرح صحيحا؟
اليوم أمامنا تحدي كبير، فالصندوق المغربي للتقاعد أساسا وصل إلى الكارثة وفي طريقه إلى الإفلاس. هل عندنا الوقت لنبحث عمن أفسد هذا الصندوق وطريقة الاستثمار؟ أم يجب أن نبحث في هذه المرحلة عن حلول واقعية؟ القضية التي كانت مُثارة على مستوى الصندوق المغربي للتقاعد ليست مرتبطة بالفساد، بل بمساهمة الدولة في مرحلة من المراحل، حيث لم تكن تقدم مساهمتها. هذا الأمر طرحناه في إطار الحوار الاجتماعي مع حكومة سي إدريس جطو، وتوصلنا إلى قرار بأداء الدولة ل11 مليار درهم، وقد كانت الأوضاع الاقتصادية تسمح بأداء هذه المساهمة.
– هذا يعني أنه لم يكن هناك فساد بمنطق الاختلاس وسوء التدبير؟
نسبة الفساد وسوء التدبير قد تجدها في كل المؤسسات، وإن كان بعضها ربما لا يعاني من ذلك. لكن أعتقد أن الفساد على مستوى الصندوق المغربي للتقاعد صعب، على اعتبار أن الجداول المالية للصندوق واضحة. القضية التي ينبغي أن يعرفها المتتبعون تتعلق بكيفية استثمار الأموال، حيث يتم استثمارها بطريقة قد تكون مردوديتها ضعيفة لكنها آمنة وليس فيها مخاطر. والحال أنه يمكن استثمارها في مجالات قد يكون عائدها كبيرا لكن الخسائر تكون كبيرة أيضا، ومادامت هذه أموال المتقاعدين فلا يمكن المجازفة بها في استثمارات قد تسبب خسارة.
– هل هذه قرارات سياسية أم قانونية؟
المشكل اليوم هو أنه عندما تقول للمواطنين بأن الصندوق المغربي للتقاعد وقع فيه فساد فإنه يشعر بأنه يؤدي ثمن وضريبة شيء لم يقم به، وهذا غير صحيح. لا يمكن أن نقوم باستثمار أموال المتقاعدين في مجالات قد تعود بربح كبير، لكن أحيانا بخسائر مرتفعة. ولهذا نفكر في أن يكون لدينا مستويين من المشاركة، حيث يمكن وضع تقاعد أساسي يعتمد على التوزيع وليس الرسملة، وآخر تكميلي يعتمد على الرسملة التي قد يستفيد منها المتقاعد. الصندوق المغربي للتقاعد يعتمد اليوم على التوزيع وبالتالي فأمواله تدور في الاقتصاد الوطني، وقد تكون أرباحه محدودة لكن المتقاعدين مطمئنين على أموالهم حتى لا تقع أية خسارة. اليوم لا يمكن أن نبحث عمن أفسد، وليس معنى ذلك أنه عفا الله عما سلف، بل ينبغي أن نصحح ما يجب تصحيحه ونذهب مباشرة إلى الإصلاح، لكن لابد أن نتحاور جميعا حول ميكانيزمات وتوجهات هذا الإصلاح.
– ماذا عن إمكانية مطالبة النقابات بتقارير تقنية حول هذه الاستثمارات، لكي يستوعب المواطنون حقيقة الوضع؟
الإشكال ليس مغربيا بل هو عالمي، فالتقاعد تنطلق فيه بمدخلات لتكون هناك مخرجات، مع تحقيق نوع من التوازن. بيد أنه مع التطور يقع اختلال وانعدام التوازن بين مدخلات الصندوق ومخرجاته، وهذا ما حصل في جميع الدول. وبالمناسبة، فرفع سن التقاعد تم اعتماده في أعرق الدول الأوربية كإيطاليا وإسبانيا وغيرهما، لأن هذه الدولة عانت من هذا الإشكال قبل المغرب. طبعا هذا لا يعني أن الزيادة في السن هي الحل، بل هي جزء من ذلك.
– كيف يمكن لرجل تعليم أن يستمر في التدريس حتى عمر 65 سنة؟
هذا طرحناه في الحوار بحضور رئيس الحكومة والوزراء المعنيين، وكنت ربما أول من قال إنه يستحيل أن يتم تطبيق سن 65 سنة في قطاع التعليم.
– لا يمكن أن نطبق هذا السن على رجال الأمن أيضا.
أنا أعطيت مثالا بقطاع التعليم، وإلا فالأمر ينطبق على رجال الأمن والنساء اللواتي يشتغلن ليلا في المستشفيات. اليوم هناك مقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي وأيضا رئيس الحكومة في آخر جلسة للجواب على الأسئلة الشهرية بمجلس النواب، حيث لم يعد يتحدث عن 65 سنة بل 63 سنة وأن نصل إليها بالتدرج. هذه المقاييس، بما فيها رفع سن التقاعد، هي التي نحتاج فيها إلى توافق بين المكونات النقابية والحكومية.
– هل تقبلون رفع سن التقاعد إلى 63 سنة؟
مقترح رفع سن التقاعد إلى 63 سنة هو أرضية للحوار الذي نطالب بأن تتاح له الفرصة في ملف التقاعد. أكيد أن السيد رئيس الحكومة يعتبر بأنه قد استنفذ جلسات الحوار في هذا الموضوع، لكننا في الاتحاد الوطني نرى بأنه يمكن أن تكون لدينا لقاءات ليست فقط للحوار بل للتفاوض. ففي مختلف اللقاءات التي حضرتها إلى جانب الأستاذ محمد يتيم كانت أغلب اللقاءات عبارة عن لقاءات يتم فيها الاستماع إلى وجهة نظر الحكومة والنقابات، والسؤال اليوم مرتبط بتنظيم جلسات تفاوضية تؤدي إلى القبول ببعض الأمور، وأن يكون التفاوض في إطار سلة متكاملة سواء على مستوى ملف التقاعد والتصور المستقبلي لباقي الصناديق الأخرى. لا يجب أن ننسى بأن الإخوان في باقي النقابات يطالبون بالإصلاح الشمولي، ونحن في الاتحاد الوطني نرى بأن الإصلاح الشمولي لابد منه، إذ لا يمكن أن نصحح أوضاع الصندوق المغربي للتقاعد دون الحديث عن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. الإصلاح المقياسي المطروح على مستوى الصندوق المغربي للتقاعد لا نعتقد أنه سيحل الإشكال بل سيؤجله فقط، لكننا الآن لابد أن نعتمد إصلاحات مقياسية لحماية معاشات المتقاعدين ووضعيتهم الاجتماعية وعدم تصدير الإشكال إلى حكومات أخرى. بنكيران صرح أخيرا بأن الإصلاح لن يبدأ تطبيقه إلا في يناير 2017، وهو قد يكون رئيسا للحكومة أو لا يكون، غير أنه كان بإمكانه أن يترك هذا الملف إلى ما بعد الانتخابات ومجيء حكومة أخرى. بيد أنه يعتبر أن مسؤوليته التاريخية تفرض عليه أن يصل إلى إصلاح لهذا الصندوق، ونحن فقط نتمنى أن يكون إصلاحا بمشاركة مختلف الأطراف الاجتماعية. وهنا أشير إلى أنه عندما يصل مشروع الإصلاح إلى البرلمان، فستكون هناك معركة قوية وتجاذب للمواقف والأطروحات وقد نستدعي خبرات أخرى، خاصة على مستوى مجلس المستشارين الذي يعرف تمثيلية النقابات بشكل قوي. هذه الأخيرة قادرة على خلق نوع من النقاش الجاد والقوي والمسؤول للوصول في نهاية المطاف إلى تصور يمكن أن يكون قابلا للتطبيق.
– مادمت قد تحدثت عن البرلمان، نود أن نعرف موقفكم من النقاش الدائر حول معاشات البرلمانيين والوزراء؟
في حقيقة الأمر لم أرغب أن أخوض في هذا السجال الدائر اليوم، لأنه لم يعد يحكمه منطق الحوار، بل تتحكم فيه أمور أخرى. فلماذا لم يطرح هذا الموضوع من قبل، وطرح اليوم؟ وهل يسعى هذا النقاش إلى الوصول لأهداف مسطرة؟ بالنسبة لنا في الاتحاد الوطني ليس لدينا موقفا لأننا لم نطرح بعد هذه القضية للنقاش لاتخاذ موقف موحد. أعجبني موقف الأستاذ بوليف، وهو الذي أتبناه، فهذا الموضوع قابل للنقاش وأن يكون في أجندة النقاشات داخل إصلاح التقاعد بشكل عام. والمسألة الثانية هي أن الصندوق الخاص بتقاعد البرلمانيين لا علاقة له بالصندوق المغربي للتقاعد والصناديق الأخرى، بل هو صندوق خاص بالسادة البرلمانيين.
– لكن يضخ فيه من المال العام، أليس كذلك؟
يضخ فيه كما يضخ لجميع الموظفين، فهناك جزء للموظفين وجزء من المؤسسة المشغلة. نعم قد تكون هناك إمكانية للمراجعة، ونحن كذلك لسنا ضد المراجعة لكن هذا مجرد رأي يمكن أن يطرح للنقاش وتثار سلبياته وإيجابياته وأن تعاد صياغة المعاش بما يحفظ للبرلماني حقوقه التي يؤديها في هذه المهمة وبما يحفظ للرأي العام اطمئنانه على أموال الشعب وأن يكون هذا التقاعد معقولا. لكن دعني أقول بأن هذه الحملة، بالإضافة إلى بعض الحملات التي أثيرت بشأن الهفوات اللسانية لبعض السادة الوزراء، فإنها مع كامل الأسف تستهدف المؤسسات، حيث تجد بعض الشباب لا يعرفون أبعادها. لما تأتي اليوم لتفند عمل البرلمان والبرلمانيين وتقدمهم في صورة مشوهة وكأنهم مصاصو الدماء، فإننا بذلك نسود صورتهم لدى المواطنين، ونحن في سنة انتخابية. الذين يتعاملون اليوم مع الفضاء الأزرق أغلبهم من الشباب والطبقات الوسطى في المدن، وبالتالي فعوض أن أطلب من المجتمع أن يقاطع الانتخابات لتقليص نسبة المشاركة، ونحن نعلم بأنه كلما قلصنا من نسبة المشاركة كلما أتيحت الفرصة للفساد الانتخابي والعكس صحيح، فإن ما يقع اليوم سيؤثر على الرأي العام. واليوم هناك من يقول بصراحة إما أن يتنازل البرلمانيون عن معاشاتهم أو إنه ستتم مقاطعة الانتخابات.
– ألا ترى بأن زلات وزراء حكومة بنكيران كثرت لأنهم هواة في التواصل، في حين أن التواصل على مستوى الشارع والفضاء الأزرق تجاوز ما هو تقليدي؟
طبيعي أن يكون تواجد الشباب في الفضاء الأزرق أكبر من المؤسسة والوزير والبرلماني، لكننا نقول بأن هذا الفضاء أصبح مفتوحا بشكل يصعب معه أن تتخذ موقفا ولو كان صائبا. هنا أعطي نموذجا بشأن إجابة الأستاذ حسن طارق عن هذا الموضوع حيث قدم شرحا حول بعض المقتضيات، غير أن الطريقة التي تم التعامل بها مع جوابه لم يكن فيها نوع من الحوار. جميل جدا أن يحاور شبابنا الوزراء والبرلمانيين والمسؤولين النقابيين والحزبيين، بيد أنه لا ينبغي ننحى منحى الرفض الكلي والعدمية، بل أن تكون هناك قابلية لنستمع إلى رأي الوزير وليس أن نبحث له عن هفوة من الهفوات والتنقيص من عمله. بعض الوزراء قد تختلف معهم لكنك تحترم عملهم ومجهوداتهم في هذه الحكومة، ولا يمكن لكلمة أن تجعل كل هذا العمل يذهب هباء منثورا.
– هذا الموضوع يجرنا إلى إشكال يصفه البعض بالخطير وهو المتعلق بالاحتجاج غير المؤطر. كيف تقيم خرجات الأطباء والأساتذة المتدربين؟
هذا هو الأمر الخطير، فعلى الحكومة والنقابات أن يبذلوا مجهودا حتى لا يبقى الفراغ. الحكومة ينبغي أن تكون لديها أجندة فيها تقوية للنقابات بدل إضعافها، وعلى الأخيرة أن تشتغل بمنطق الوصول إلى حلول وأن تكون عامل توازن بين المطالب والممكنات المتوفرة. النقابات في بعض الأحيان، حفاظا على قواعدها، تريد أن تظهر بخطاب تصعيدي وهو أمر لا يوصلنا إلى حلول حتى وإن كانت النقابات تعتقد أن بعض الحلول المطروحة قادرة وقابلة أن تطورها مع الحكومة. في المقابل تحاول الأخيرة، أمام هذا الخطاب التصعيدي، أن تنسف أو تسفه العمل النقابي وتضعفه، وتعتبره غير قادر على الفعل النقابي والقيام بالدور المنوط به، وتريد في بعض الأحيان أن تظهر بأن هناك قطيعة بين النقابات وقواعدها. هذه الأمور تشكل خطرا وتؤدي إلى احتجاجات أحيانا خارج الإطارات النقابية، وهذا طرحناه منذ مدة، واليوم تطور تقنيات التواصل جعل النقابات أضعف بكثير من فرد واحد له القدرة على التعبئة والتواصل. مثلا في قطاع التعليم كانت النقابات هي التي تدعو إلى الإضرابات، حيث لها القدرة التنظيمية للوصول إلى أبعد نقطة على الساحة الوطنية، فيمكنها إصدار بيان ليصل عن طريق المكتب الوطني مرورا بالمكاتب الجهوية والإقليمية إلى الجبل. هذه القدرة التنظيمية كانت حكرا على النقابات، أما اليوم مع ظهور الوسائط الاجتماعية بمختلف تلاوينها أصبح أي فرد قادرا على أن يصل إلى أي نقطة في المغرب دون أن يحتاج إلى تنظيم أو مسؤول أو مكتب وطني. اليوم يمكن أن يلتقي شخصان في مقهى ويتداولا في ملف مطلبي معين ويصدرا بيانا وينشئا تنسيقية، فيتم إرسال البيان إلى باقي المواقع الاجتماعية وبعد 24 ساعة يمكن أن تنجح الوقفة الاحتجاجية أو الإضراب.
– ما المطلوب اليوم؟
المطلوب اليوم هو أن نحافظ على موقع النقابات كما حافظ عليها دستور 2011، والذي أعطى لها مكانة أكبر مما كان عليه الوضع في الدساتير السابقة. كما ينبغي على النقابات أن تلعب دورا وسيطا بين المجتمع والإدارة.
– ألم تساهم حكومة عبد الإله بنكيران في ضرب هذا المبدأ من خلال قبول بعض الوزراء التفاوض مع تنسيقيات خارج التأطير النقابي؟
لذلك قلت بأننا في أمس الحاجة إلى إعادة الاعتبار للفاعل النقابي، لأن في ذلك تأكيد على وساطة النقابات بين المجتمع والدولة. عندما نزيح هذه الوساطة أو نضعفها فإننا بذلك نواجه المجتمع، ومواجهة المجتمع قضية صعبة وخطيرة على اعتبار أنه لا يمكن التحكم فيها. أما فيما يتعلق بهذه الفئات التي تتحدثون عنها فمطالبهم معقولة.
– هل هذا الموقف يهم أيضا ملف الطلبة الأساتذة، الذين لجأت الحكومة إلى تعنيفهم؟
نحن عبرنا عن رأينا وأكدنا بأننا ضد مواجهة الأساتذة المتدربين. موقفنا هو أن هؤلاء الأساتذة سيدرسون أبناءنا غدا، وقد حصلوا على الإجازة وبعد ذلك تمت عملية الانتقاء، واجتازوا مباراة كتابية وأخرى شفوية. بعد ذلك يلتحقون بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين يتلقون فيها تكوينا تطبيقيا وعمليا في مختلف مجالات التدريس، وفي الأخير يمتحنون عمليا وميدانيا ومن خلال امتحانات كتابية وشفوية ليحصلوا في نهاية المطاف على شهادة التخرج. نحن نعتبر بأن الذي يحصل على شهادة التخرج هو مؤهل بأن يكون أستاذا مدرسا لأبنائنا، في حين أن الذي ليس مؤهلا لن يحصل على هذه الشهادة.
– ألا ترى بأن هذه الحكومة ارتكبت خطأ مجانيا كانت في غنى عنه؟
لم تكن الحكومة في غنى عن ذلك، بل وقع مشكل وتم الوصول إلى حل فيه مشكل أيضا. الذي وقع يهم الفترة التي تجرى فيها المباريات، بين شهر مارس إلى حدود يوليوز، والتوقيت الذي يتم فيه المصادقة على مشروع قانون المالية في شهر دجنبر. وزارة التربية الوطنية في إطار تنسيقها مع وزارة المالية قامت بتحديد عدد المناصب استنادا إلى توقعات، والتي تأتي أحيانا متطابقة مع مخرجات قانون المالية وقد لا تكون متطابقة كما وقع سنة2014 حينما وقع مشكل بالنسبة لحوالي 1000 منصب.
– هذا الإشكال يُطرح دائما لكن تتم الإجابة عنه بطريقة تقنية حيث يتم الحصول على المناصب الإدارية في انتظار المناصب المالية.
خلال نقاش مع وزير التربية الوطنية أكدت أن المشكل هو أن هذا الملف تم تدبيره في غياب النقابات، وهو الإشكال الذي نتحدث عنه. ينبغي أن تكون الحكومة مقتنعة بأن النقابات شريك يساعد على الوصول إلى الحلول ولا نبحث عن عرقلة تلك الحلول. إذا طرحت الحكومة هذه المشاكل مع النقابات فإنه لدينا مقترحات ما كانت لتصل بهم إلى هذا الوضع الذي نحن أمامه، حيث أصبح أبناؤنا في الشارع والتكوين متوقف ولسنا ندري كيف سيصبح الوضع في شتنبر عندما ستكون هذه الفئة خارج دائرة الأساتذة مقابل الخصاص الذي نعانيه. أعتقد أن ما طرحه الأستاذ عبد الإله بنكيران يعتبر أرضية لابد أن تجتمع حولها الأطراف المعنية للوصول إلى تخريجة معقولة. الوقت لازال أمامنا ومن الممكن أن نحل هذا المشكل، بناء على الطرح الذي قدمه السيد رئيس الحكومة حيث يمكن إدماج فئة خلال هذه السنة في حين تبقى فئة أخرى إلى السنة المقبلة مع الحفاظ على حقه في الإدماج. أعتقد أن هناك إمكانيات للحلول، فقط على الحكومة والوزارات المعنية أن تتعامل مع النقابات كفرقاء اجتماعيين.
– في ارتباط بإشكالية البطالة في بلادنا، خرج قبل أيام القاضي الهيني، واعتبر بأنه يدفع ثمن حكمه بما أملاه عليه ضميره في الملف المرتبط بمحضر 20 يوليوز. أي تعليق حول الموضوع؟
المحضر الموقع مع الأستاذ عباس الفاسي اعتبرته الحكومة الحالية غير قانوني ولا يلزمها، ومادام أن الملف ذهب إلى القضاء فالأخير قال كلمته ابتدائيا واستئنافيا. المهم بالنسبة لهذا الموضوع هو أنه لا يمكن لنا كنقابة أن نقبل بالتوظيف المباشر، بغض النظر إن كان لهذا المحضر قوة قانونية أم لا، لأن هذا الأمر تركنا للقضاء أن يقول كلمته فيه. لا نقبل أن تؤدي الاحتجاجات أمام البرلمان إلى التوظيف وقلنا ذلك لإدريس جطو، فعندما نوظف بشكل مباشر فئة محتجة فمعنى ذلك أننا سندفع جميع المغاربة إلى الاحتجاج للحصول على الوظيفة. هذه العملية لا تكون واضحة، لأنه عندما يقبل رئيس الحكومة بالتوظيف المباشر فذلك يعتمد على مجموعة من الجداول التي تحمل أسماء المستفيدين ونحن نعرف كيف كانت الأمور تسير على مستوى الوزارة الأولى، حيث يمكن لأي كان أن يأتي بلائحة ويجمع التوقيعات ويعتبر نفسه ضمن هذه الفئة. بل يمكن أن يتدخل البعض لتسجيل بعض الأشخاص من العائلة والأقرباء، سواء من العائلة الحزبية وغيرها، وهذا الأمر وجدنا.، بتالي فكلما تركنا الباب للتوظيف المباشر إلا وكانت هناك إمكانية لاعتماد أساليب غير معقولة. وعليه نؤيد كنقابة أن يكون التوظيف عبر المباراة لأنها تساوي بين جميع أبناء الشعب، فتنظيم المباريات جعل اليوم كثيرا من أبناء الشعب الذين ليست لهم يد في هذا الحزب أو الوزارة ينجحون فيها ويلجون الوظيفة العمومية بطريقة مقبولة وشفافة.
– أليست لديكم مخاوف من أن تؤدي الأوضاع الاجتماعية الحالية إلى بروز احتجاجات على شاكلة ما وقع في 2011؟
لا أعتقد ذلك لأن ظروف 2011 تختلف عن 2016. هذه السنة تتميز بوضعية اجتماعية مستقرة ونجاح للحكومة في ضبط التوازنات المالية للبلد، إلى جانب الاستجابة لعدد من مطالب النقابات. في 2011 كان عدد من الموظفين لا تتم ترقيتهم إلا بعد 18 و20 سنة، واليوم يرقى الموظف كل أربع سنوات كأقصى مدة، وهو ما أسميناه بتسقيف سنوات الانتظار. أما قبل هذه الفترة فسنوات الانتظار لم تكن مسقفة وكان الموظف ينتظر إلى ما لا نهاية، بل ومات الناس وهم ينتظرون الترقية التي كانوا يعتبرونها حقا من حقوقهم. اليوم إذا كانت هناك قضية تتطلب منا أن نقوم بالإضراب فسنقرر ذلك، لكننا من قبل كنا نضرب لأن الموظفين كانوا يطالبون بالترقية والترقيات الاستثنائية. وهنا أشير إلى أن أول نقابة طرحت مسألة التسقيف هي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، ولازلت أتذكر أن الوزير الأول إدريس جطو سألنا عما نعنيه بسنوات التسقيف، والتي كنا نقصد بها ترقية كل موظف يتوفر على شروط الترقية. وبالتالي فهذا الموظف الذي يحقق هذه المكاسب والعامل الذي يستفيد من زيادات متعددة والتعويض عن فقدان الشغل، إلى جانب الرفع من التعويضات العائلية، فكل هذه المكتسبات تؤدي إلى نوع من الاستقرار الاجتماعي على المستوى الاقتصادي والسياسي. لكن لازالت هناك بعض القضايا التي تحتاج تعاونا كبير بين الحكومة والنقابات لنصل فيها إلى صيغ ملائمة.
هناك مؤسسات وإصلاحات وهمية تمت في إطار البرنامج الاستعجالي ونطالب بالمحاسبة وكشف كيفية صرف أمواله الضخمة

– هذا الموضوع المرتبط بالتعليم يقودنا إلى قضية البرنامج الاستعجالي. الحكومة تقول اليوم إنها لا تتوفر على تقييم، في حين توجد معطيات عن مؤسسات وهمية وغير ذلك. ما موقف نقابتكم من هذا الملف؟
إذا اطلعتم على مختلف البيانات التي صدرت باسم الجامعة الوطنية لموظفي التعليم ستجدون مجموعة من المواقف التي تذهب في اتجاه المحاسبة والاطلاع على نتائج الافتحاصات التي تمت، واعتبرنا أن أكبر مشكل واجهه البرنامج الاستعجالي يرتبط بتنزيله. الدولة قامت بمجهودات جبارة في توفير إمكانيات مادية ومالية كبيرة جدا، لكن مع كامل الأسف وقعت اختلالات على مستوى التنزيل، والتي ترجع إلى أمرين اثنين. الأمر الأول هو أنه في بعض الحالات وجد المسؤولون أنفسهم أمامهم ميزانيات دون التوفر على الدربة والقدرة على تصريفها في المجالات المخصصة لها، وفي أحيان أخرى وجدنا ملفات فساد بعضها وجه إلى المحاكم. هناك مؤسسات وهمية بل إصلاحات وهمية، ولدي نماذج مؤسسات بنيت في عهد الاستعمار لكنها لازالت قائمة إلى اليوم وفي وضعية جيدة، في حين أن مؤسسة بنيت في عهد البرنامج الاستعجالي هي آيلة اليوم إلى الخراب. هذه أموال كبيرة، وكان من المفروض أن تدفع بقطاع التربية والتكوين والتعليم إلى الأمام على الأقل على مستوى البنيات التحتية، وكان من الممكن أن القضايا التي نناقشها اليوم أن تكون مبنية على وضعية سليمة، في حين أننا نحتاج مع الأسف إلى برنامج آخر لتدارك مخلفات البرنامج الاستعجالي. نحن اعتبرنا باستمرار أنه لابد من محاسبة ومعاقبة وإطلاع الرأي العام على ما وقع في البرنامج الاستعجالي وكيف صرفت أمواله، والمشاكل والاختلالات التي شابته، ومحاسبة كل من شارك وساهم فيها على اعتبار أن خطورة ما وقع تكمن في أنها تستهدف الأجيال المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.