كشفت دراسة أنجزتها مؤسسة العمران العقارية عن وجود 600 ألف شقة بالمغرب غير مأهولة، بمعنى أنه لا يسكنها مالكوها أو أشخاص آخرون، وهو رقم وصف ب«المهول» من قبل منجزي الدراسة على اعتبار أنه يتجاوز الأرقام المسجلة في البلدان المتقدمه. وقدرت الدراسة القيمة العقارية لهذه الشقق والدور غير المأهولة ب300 مليار درهم! بحيث تشكل تلك القيمة حوالي 60 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ويعتبر معد الدراسة، إدريس الفينة، المدير المكلف بالدراسات والأبحاث بمؤسسة العمران، أن تلك الشقق تشكل أموالا مجمدة لا تدخل في الدورة الاقتصادية للبلد. تمثل تلك الشقق حوالي خمس سنوات من إنتاج السكن مادام الإنتاج السنوي في المغرب لا يتعدى 110 آلاف وحدة سكنية. وبما أن العجز المتراكم في إنتاج السكن بالمغرب قد وصل إلى مليون وحدة سكنية، فإن تلك الشقق والدور كان يمكن أن تمتص 60 في المائة من ذلك العجز. وتوجد 88 في المائة من هذه الشقق والدور غير المأهولة بالمدن. وتشكل الدار المغربية، التي يمتلكها شخص واحد، 68 في المائة من ذلك العدد التي توصلت إليه الدراسة، بينما تمثل الشقق نسبة 26 في المائة. وتأتي جهة الدارالبيضاء الكبرى في مقدمة الجهات التي تضم أكبر عدد من الشقق والدور غير المأهولة، بحيث قدرته الدراسة ب91 ألف وحدة سكنية، متبوعة بجهة زمور زعير التي تضم الرباط وسلا ب56 ألف شقة ودار. غير أن الدراسة وقفت، عند تناولها للجهة الشرقية، على توفر الأخيرة على عدد من الشقق يفوق عدد الأسر التي تقطن بالجهة، مما يعني أن أغلب تلك الدور يمتلكها مهاجرون منحدرون من الشرق. وتنبه الدراسة إلى أن امتلاك السكن الثانوي لا يفسر بلوغ عدد الشقق والدور ذلك العدد الذي حددته الدراسة في 600 ألف شقة، فقد تصدت لإحصاء عدد الشقق والدور التي تمثل سكنا ثانويا في المغرب، وغير مأهول، بحيث توصلت إلى وجود 185 ألف سكن ثانوي. وفي تفسيره لهذا العدد المهول من الشقق والدور غير المأهولة، اعتبر مسؤول رفيع من وزارة الإسكان والتعمير، فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه الوضعية يمكن أن تفسر بعدم رغبة الأشخاص في كراء شققهم ودورهم، نظرا إلى غياب الثقة بين الكاري والمكتري في المغرب، كما يمكن أن تعود ملكية تلك الشقق والدور إلى المغاربة المقيمين بالخارج، لكن هذين التفسيرين يبقيان، في نظره، غير حاسمين في تفسير هذه الظاهرة. ويعتبر محدثنا أن العامل الحاسم يتجلى في ظهور من اعتبرهم «مافيا» جديدة في المغرب، تبحث عن فرص للربح السريع، حيث يشير إلى ظهور أشخاص يمتلكون رساميل مهمة، يعمدون إلى شراء العشرات من الشقق، خاصة في فئة السكن الاجتماعي، ويدخلون عليها بعض التحسينات، ثم «يجمدونها» في انتظار اشتعال أسعار العقار، وعندها يلجؤون إلى بيعها في بعض الأحيان بضعف سعرها الحقيقي. وطالب ذات المسؤول بتدخل الدولة لوضع حد لهذا السلوك عبر دعم الترسانة القانونية، ففي الوقت الذي تقدم فيه الدولة إعفاءات ضريبية للسكن الاجتماعي، حتى تستفيد الفئات ذات الدخل المحدود، لوحظ أنه تم تحويل ذلك السكن عن الهدف الذي أحدث من أجله، حيث أصبح مصدر إثراء لمضاربين يستفيدون منه، خاصة في ظل إسقاط شرط التوفر على دخل لا يتعدى 3600 درهم للحصول عليه.