زنا محارم عبر ثلاثة أجيال.. تفاصيل مأساة أسرية وحفيدة تكشف المستور    الافراج عن الزفزافي مرة أخرى لزيارة والده بقسم الانعاش    المغرب في عهد محمد السادس.. قافلة تسير بينما لوموند تعوي    "أكديطال" تدشن ثلاثة مستشفيات جديدة في وجدة والناظور    استشهاد 5 صحفيين في قصف استهدف مستشفى ناصر بخان يونس والجيش الإسرائيلي يعلن "فتح تحقيق"    مندوبية السجون: هناك سوء فهم ومعطيات مغلوطة بخصوص تنفيذ مقتضيات القانون المتعلق بالعقوبات البديلة    السكتيوي: اللاعبون مستعدون لتحدي السنغال والهدف هو بلوغ النهائي    ابتداء من 100 درهم إلى غاية 2 مليون.. أسعار تذاكر مباراة المنتخب المغربي وموعد انطلاق البيع    بعد العودة من العطلة.. انعقاد مجلس الحكومة الخميس المقبل    الملك محمد السادس يرسم معالم دبلوماسية ناجعة تعزز مكانة المغرب في العالم            رأي : الحسيمة الثقافة والهوية        جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية الأوروغواي الشرقية بمناسبة العيد الوطني لبلاده    كأول دولة في العالم اعترفت باستقلال الولايات المتحدة.. واشنطن تحتفي بريادة المغرب وتؤكد على الصداقة التاريخية الاستثنائية    الإعلامي محمد الوالي (علي حسن) في ذمة الله.. مسار حافل في خدمة التلفزيون والسينما    محمد أمين إحتارن يرفض المنتخب الهولندي نهائيا ويختار المغرب    البيجيدي يتجه لاقتراح عودة العمل بلائحة وطنية للشباب    سرقة 18 دراجة من شاحنة فريق أثناء سباق إسبانيا    جهة الداخلة وادي الذهب تخلد الذكرى 46 لاسترجاع إقليم وادي الذهب في أجواء وطنية مهيبة        مدرب رينجرز: إيغامان رفض المشاركة كبديل بداعي الإصابة    اتهامات السفير الأميركي لماكرون تشعل توتراً دبلوماسياً بين باريس وواشنطن    زلزال بقوة 6.3 يضرب قبالة جزر الكوريل الروسية    مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    فيديو يقود لتوقيف مختل بالدار البيضاء    انخفاض طفيف في أسعار المواد الغذائية وارتفاع متواصل في أسعار المحروقات خلال شهر يوليوز 2025    بمناسبة الأعياد الوطنية الخالدة.. مؤسسة تاوريرت بهولندا تنظم ندوة علمية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    ‬كيف ‬ينوب ‬المغرب ‬عن ‬العالم ‬الإسلامي ‬في ‬تقديم ‬المساعدات ‬الإنسانية ‬العاجلة ‬لغزة ‬؟    أمر فرنسي بترحيل ثلاثيني مغربي لقيامه بفعل خطير    دراسة: النظام الغذائي النباتي يقلل خطر الإصابة بالسرطان            مبابي يسجل هدفين ويهدي ريال مدريد فوزه الثاني في الدوري الإسباني    أموريم يكشف أسباب تعثر مانشستر يونايتد بالتعادل أمام فولهام بالدوري الإنجليزي        الذهب يهبط من أعلى مستوى خلال أسبوعين في ظل ارتفاع الدولار            إسبانيا تسجل أشد موجة حر في تاريخها.. أكثر من ألف وفاة وحرائق تأتي على مئات آلاف الهكتارات    توقيف تركي مبحوث عنه دولياً في قضايا الكوكايين    "رحلتي إلى كوريا الشمالية: زيارة محاطة بالحرس ومليئة بالقواعد"    تجارب علمية تبعث الأمل في علاج نهائي لمرض السكري من النوع الأول    إختتام مهرجان نجوم كناوة على إيقاع عروض فنية ساحرة    عادل الميلودي يدافع عن الريف ويرد بقوة على منتقدي العرس الباذخ    القناة الأمازيغية تواكب مهرجان الشاطئ السينمائي وتبرز إشعاع نادي سينما الريف بالناظور    حكمة العمران وفلسفة النجاح    سابقة علمية.. الدكتور المغربي يوسف العزوزي يخترع أول جهاز لتوجيه الخلايا داخل الدم    طفل بلجيكي من أصول مغربية يُشخص بمرض جيني نادر ليس له علاج    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«وادي سبو».. كارثة بيئية على مشارف فاس
نشر في المساء يوم 17 - 02 - 2008

وادي سبو، هذا الاسم الذي يرن في الذاكرة محركا أوتارها، حوله أبناؤه فأصبح هو «الواد الحار»، الذي تستعمل مياهه الملوثة في ري مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية التي تنتج مواد غذائية يستهلكها سكان فاس وتاونات والنواحي، كما لا يعلمه كثيرون. لكن مسؤولا أكد ل«المساء» أن «كل المتدخلين والفاعلين على علم بهذه الكارثة، لكن لا أحد تدخل لإيقافها».
على بعد ما يقارب 8 كيلومترات خارج المدار الحضري لفاس في اتجاه مدينة تاونات، توجد أراض فلاحية شاسعة تستغل، كما يظهر للعيان، في زرع الخضروات وتربية المواشي. وبالاقتراب من هذه الضيعات الشاسعة التابعة لجماعة قروية تدعى جماعة أولاد بلكرون، تقتحم أنف العابر للمكان، عبر الطريق الرئيسية، رائحة نتنة. طرح السؤال عن مصدر الرائحة يثير موضوعا آخر لا يرتبط فقط بالسلامة الصحية لساكني المكان ولعابري الطريق الرئيسية، وإنما يتجاوز ذلك ليهم صحة مواطني المنطقة كلها.
الرائحة النتنة تأتي من وادي سبو، وهو من أكبر الوديان تلوثا في المغرب ويعرف بجمعه لجل قنوات الصرف الصحي بالمنطقة، سواء منها الواردة من المنازل أو من المصانع. والكارثة العظمى، كما يقول مسؤول جامعي يعمل في معهد النباتات الطبية والعطرية بتاونات، هو أن هذا «الوادي الحار» بضخامته يستغل في سقي هذه الأراضي الفلاحية التي تنتج مواد غذائية ضرورية تسوق بشكل يومي في المناطق المجاورة، أي في فاس وتاونات. المسؤول ذاته يضيف أن كل المتدخلين والفاعلين، سواء على صعيد فاس أو تاونات، على علم بهذه الكارثة، لكن لا أحد تدخل لإيقافها.
والمصدر عبر عن الخوف من أن يؤدي استمرار اعتماد مياه هذا الوادي في سقي هذه الأراضي الفلاحية الشاسعة إلى نتائج مهولة على صحة المواطن.
وقال هذا المسؤول إنه علاوة على الأضرار التي يمكن أن تترتب عن استهلاك المواد الفلاحية التي تسوقها ضيعات هذه الجماعة، فإن الرائحة النتنة التي تعم الطريق الرئيسية، يكون من الصعب تحملها في فصل الصيف. وتعم الرائحة بالخصوص، في أوقات ارتفاع درجة الحرارة، كل أرجاء فاس القريبة من الضيعات، ويصعب معها تحمل الخروج لاستنشاق الهواء.
وفي السياق ذاته، أورد مصدر متخصص أن وادي سبو، الذي يبلغ طوله 614 كيلومترا، يعد من أكبر الوديان تلوثا في المغرب. وزاد المصدر في القول بأن تلوث الوادي الذي يأتي من الأطلس ليصب في وادي ليبين ووادي ورغة بالريف، يبلغ مداه في نقطة التقائه بوادي فاس. وأوضح بأن مياه هذا الوادي تتضمن كميات كبيرة من مواد سامة مثل «الكروم» و«النيكل».
وكان الإعلام قد أشار في السابق إلى أن وكالة التنمية الفرنسية منحت قرضا للمغرب من أجل القضاء على تلوث هذا الوادي بلغت قيمته 30 مليون أورو. كما أوردت أن البنك الأوربي قدم بدوره منحة للغرض نفسه بقيمة 20 مليون أورو موزعة على ثلاث حصص. لكن كل هذه المبالغ المالية الكبيرة لم يظهر لها أثر في القضاء على هذا التلوث.
المصادر تذهب إلى أن تلوث الوادي لا يمكن القضاء عليه إلا بإيجاد حل لمطرح النفايات الصناعية والمنزلية التي تصب فيه، وخصوصا تلك الآتية من مدينة فاس والتي تضم عددا كبيرا من المصانع والمعامل التقليدية المعروفة بتلوثها الكبير.
ويحاول المجلس الجماعي لفاس أن يستبق الزمن لإيجاد مخرج لهذا التلوث الكبير، خصوصا وأن جل الفاعلين يتحدثون عن زيارة مرتقبة للملك إلى جهة تاونات.
وفي هذا الإطار، اجتمع مؤخرا المجلس الإداري لوكالة الماء والكهرباء لجهة فاس ليتدارس موضوع هذا التلوث ويبحث عن مشكل عدم التوصل بالقرض الفرنسي ولا بمنحة البنك الأوربي. وزار حميد شباط، عمدة فاس، أكثر من مرة الرباط مؤخرا لبحث هذا الموضوع مع مسؤولي الوكالة الفرنسية التي اتهمت بوضع شروط تعجيزية لمنح قرضها. ومن هذه الشروط رفع فواتير الماء والكهرباء لخلق التوازن في ميزانية وكالة الماء والكهرباء وأداء الجماعات المحلية ومصالح الوزارات ما بذمتها لهذه الوكالة، وهي مستحقات تقدر بحوالي 515 مليون درهم.
وكان مقررا أن تبدأ الأشغال في المشروع منذ ما يقارب الخمسة أشهر، أي عقب إعطاء الانطلاقة للمشروع من قبل الملك محمد السادس. وتبلغ قيمة المشروع 722 مليون درهم. وينضاف هذا المشروع إلى جملة من المشاريع المتعثرة الأخرى التي وضع الملك حجرها الأساسي بمختلف مناطق المملكة، بعد التوقيع على اتفاقيات مالية وتقنية بشأنها، إلا أنه سرعان ما تبين مع مرور الوقت أن هناك اختلالات مالية وتقنية رافقت التحضير لهذه المشاريع، ومنها بالأساس صعوبة الحصول على قروض التمويل كما هو الحال بالنسبة إلى مشروع محطة تصفية المياه العادمة على نهر سبو.
وتشير المصادر إلى أن الوكالة مدينة للمجلس الجماعي ب181 مليون درهم. وكان العمدة شباط قد عبر عن كون المجلس الحالي غير مسؤول عن هذا التأخير لأنه يتعلق بطرق تدبير تم اعتمادها في السابق، وهو ما يعني أن المجلس يرفض أن يؤدي هذا المبلغ لمؤسسة تعاني من العجز المالي ومن تراكم الديون، كنتيجة لصراع سياسي بين الاتحاديين والاستقلاليين على تدبير الشأن المحلي بالمدينة.
فيما رفض المجلس، مرة أخرى، رفع فواتير الماء والكهرباء لأن من شأن ذلك أن يحدث اختلالات اجتماعية في مدينة مكتظة بالأحياء الهامشية وتعرف اتساعا للفقر وترديا في الأوضاع الاقتصادية لأغلبية الساكنة.
أما المصالح الخارجية للوزرات فوجدت نفسها عاجزة عن أداء مستحقاتها لفائدة الوكالة بعد تراكم الديون. ومن ضمن الوزارات التي سجلت ديونا كبيرة لصالح هذه الوكالة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تقدم على أنها من أغنى الوزارات على الصعيد الوطني، وبالخصوص على صعيد فاس وتاونات.
ومن المستبعد، أمام هذا الوضع المعقد، أن يتم الحصول على دعم الوكالة الفرنسية، وهو ما يجعل أمر تأسيس محطة التطهير على وادي سبو مسألة جد مستبعدة. وينتظر أن يقف الملك مجددا، في زيارته المرتقبة للمنطقة، على مشروع ضخم قام بتدشينه، لكن دون أن يخرج إلى حيز الوجود.
وكانت «المساء» قد اتصلت بالوكالة لأخذ تصريحات مديرها حول الموضوع، وحول قضايا أخرى تتعلق بالماء في المنطقة، وتم الترحيب بالفكرة من قبل أحد أطر المؤسسة، غير أنه تم التخلف عن الموعد المحدد بعد ذلك، دون أن تقدم المؤسسة أي تبرير لهذا التراجع عن التصريح في آخر لحظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.