الملعب الكبير لمراكش تحفة معمارية بحلة جديدة    مصرع سيدة في حادثة سير مأساوية تواحي الناظور    الحسيمة .. خمس سنوات سجنا لمتهم بهتك عرض قاصر وتصويرها    أعراس .. اسم عابر في سجل الخيانة وصوت يائس في جوقة الانفصال    "الأسود" يرفعون من وتيرة الاستعدادات    بورصة الدار البيضاء تغلق على تداولات ب487,9 مليون درهم    اكتشاف رواسب غنية بالذهب في المغرب يثير اهتماما دوليا    بدء الأشغال لإنجاز مشروع القطار فائق السرعة القنيطرة–مراكش        فرنسا.. اعتداء بسكين في مطعم "كباب" في مرسيليا يخلف خمسة جرحى ومقتل المهاجم برصاص الشرطة            كرة القدم .. حفل تكريمي على شرف المنتخب الوطني للاعبين المحليين المتوج بلقب بطولة إفريقيا    الولايات المتحدة.. قاض فدرالي يعتبر نشر عناصر من الجيش في كاليفورنيا "غير قانوني"    مجلس جماعة الدار البيضاء يصادق على اتفاقية شراكة لتسريع إنجاز مشروع المحج الملكي    عبد اللطيف الجواهري ضمن أفضل محافظي البنوك المركزية في العالم    بريطانيا.. اختبار جديد قد يساعد في الكشف المبكر عن مؤشرات الإصابة بمرض الزهايمر    المجلس الوطني للمنافسة يؤشر على استحواذ "Ports4Impact" على شركة نادي الرجاء الرياضي    تقرير: كلفة خلق منصب شغل في بعض المشاريع الصناعية الكبرى تتجاوز نصف مليون درهم    المنتخب المغربي يواصل استعداداته لمواجهة النيجر    أثافي الشعرية الأمازيغية من خلال كتاب «الشعرية الأمازيغية الحديثة» للناقد الأمازيغي مبارك أباعزي    الدورة الثانية لمهرجان «سينما الشاطئ» تحط الرحال بالصويرة    الدورة ال 25 من «ملتقى الشارقة الدولي للراوي» ما بين 22 و26 شتنبر الجاري بمشاركة المغرب    – كيف كتبت لوموند «تحقيقها»؟ لمن كتبته؟    وادو يتعرض لحادث سير خطير رفقة أفراد من طاقمه في جنوب إفريقيا    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    مباريات موحدة لذوي الإعاقة تفتح 200 منصب في 19 وزارة    إحالة مدير مؤسسة تعليمية على السجن بتهمة استغلال قاصر بتسهيل من امرأة        تصريحات عنصرية في حق اهل الريف تثير استنكاراً واسعاً ومطالب بفتح تحقيق    إسرائيل تستعد لهجوم شامل على غزة    مارسيليا يضم المغربي نايف أكرد من وست هام في صفقة ب23 مليون يورو    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء        حملات سياسية مغرضة تستهدف مجموعة الخير وحزب الاستقلال يرد بالحقائق    المغرب يرسخ حضوره الإفريقي بزيارة برلمانية كينية رفيعة.. من الرباط إلى الصحراء المغربية    ميناء طنجة.. إحباط محاولة تهريب 1152 من المفرقعات والشهب النارية    المغرب يواصل الصعود بينما الجزائر تَتَداعَى نحو السقوط    سعر الذهب يحطم رقما قياسيا جديدا    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    "مانشستر" يعلن ضم الحارس دوناروما    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    الخارجية الفلسطينية: الاعتراف بدولة فلسطينية "ليس رمزيا"    اختصاصي في جراحة العظام يكشف فوائد المشي حافي القدمين    سماعة طبية معززة بالذكاء الاصطناعي تكتشف أمراض القلب في 15 ثانية    المغرب يعزز قوته الجوية بصفقة لاقتناء مروحيات "كاراكال" متعددة المهام        ألمانيا تُجرّب حافلات ذاتية القيادة في 15 مدينة        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    دراسة جديدة تكشف أن عقول المصابين بالتوحد منظمة بشكل مختلف    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    الملكية وتد ثبات الأمة وإستمرار الدولة المغربية    دخول القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي حيز التنفيذ        جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أقْرَفَ هذا الوضع العربي المتهالِك
نشر في المساء يوم 09 - 03 - 2008

كل شيء مُقْرِف في المشهد العربي اليوم: حروب داحس والغبراء التي لا تنتهي بين العرب حتى وإن دارت رحاها إعلامّيا، رخص الدم الفلسطيني المسكوب يوميا في غزة، نزيف الحياة ووحدة الشعب والكيان في العراق، مآزق الرئاسة المديد في لبنان، دعوات التحريض على الفتك بالسلم الأهلية في أكثر من مكان، النزاع على قمة دمشق ونصاب التمثيل فيها. ولم يكن ذلك كله يكفي كي يهال التراب على وضع عربي قضى تحت معاول خلافات بنيه واحتلالات الأجانب، كان لابد من جرعة إضافية أكبر: إرسال بوارج حربية أمريكية قبالة الشواطئ اللبنانية، وإطلاق يد إسرائيل في الدم الفلسطيني من دون حدود!
تقول إدارة بوش إن إرسالها البوارج تلك إلى شواطئ لبنان إنما هو من باب «دعم الاستقرار» في هذا البلد وفي المنطقة. لم يقل لها أحد من العرب -من مسؤوليهم أعني – إن بوارجها تزعزع الاستقرار وتنتهك سيادة لبنان وأمن المنطقة العربية. حتى الحكومة اللبنانية، وهي الأعنى من غيرها بالموضوع، لاذت بموقف إعلامي يجنبها تبعة اتخاذ موقف سياسي فأعلمت شعبها والعالم بأنها لم تطلب دعما عسكريا يعزز الاستقرار. أما ماذا عن وجود مدمرات حربية على مقربة من شواطئها، فأمر لا رأي لها فيه! وكيف يكون لها رأي فيما لا رأي فيه لمن هن أكبر منها من حكومات عرب هذا الزمان: ولك أن تضيف إلى صمت العرب صمت ما يدعى ب»المجتمع الدولي». إذ لا رأي في هذه «النازلة» للأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها والدول المشاركة في قوات اليونيفيل في جنوب لبنان والراعية للقرار 1701. أي لا رأي لها في ما يمكن أن تفضي إليه الخطوة الأمريكية –المنتهكة للقانون الدولي- من نتائج قد يكون منها انهيار حالة التهدئة في جنوب لبنان وتدفيع الآلاف من قوات اليونيفيل ثمن سياسات أمريكا غير المشاركة في تلك القوات!
لنتخيّل أن روسيا أعلنت عن إرسال مدمّرة حربية قبالة الشواطئ اللبنانية من أجل «تعزيز الاستقرار» الإقليمي. ماذا كان يحصل يا ترى؟ قطعا سيكون رد الفعل الدولي والإقليمي والعربي واللبناني مختلفا تماما: أكثر مبدئية وتمسكا بالقانون الدولي وأشد غضبا وأعلى لهجة. ستصنف الخطوة الروسية (المفترضة) فورا في خانة انتهاك القانون الدولي وتعريض الأمن والسلم العالميين للتهديد، وفي خانة التدخل في الأزمة اللبنانية لصالح فريق المعارضة وتوفير أمن استراتيجي لسورية، أو تهديد أمن قوات اليونيفيل في جنوب لبنان. ستطالب روسيا من أمريكا والاتحاد الأوروبي و»حلف شمال الأطلسي» وأمين عام الأمم المتحدة بالتراجع عن خطوتها فورا. أما الحكومات العربية، فلن تتخلف عن أداء واجبها بالدفاع عن أمنها «القومي» ضد «الخطر الروسي» من طريق طلب دعم بحري عسكري أمريكي.
ولاشك أن حكومة لبنان حينها ستتخذ موقفا سياسيا فلا تكتفي بالقول إنها لم تطلب من روسيا إرسال مدمرتها، وإنما ستعتبر ذلك انتهاكا صارخا لسيادة لبنان وتهديدا لأمنه.
هي، طبعا، مجرد فرضية، لكنها ثابتة النتائج، فلا يخطئ تقديرها لبيب. وليس السبب أن الأمر فيها يتعلق بروسيا التي ما تزال –حتى الآن- مزعجة لأمريكا وحلفائها الأوروبيين والعرب. فقد نستطيع أن نضع في قلب الفرضية اسم أي بلد غير أمريكا، فتكون النتيجة ذاتها. يصح ذلك حتى لو كان البلد معتدلا وليس في سيرته المعاصرة ما يهدد أمنا أو يزعزع استقرارا.
هل كان سيسمح لمصر –مثلا- أن ترسل سفينة حربية قبالة الشواطئ اللبنانية للغرض نفسه (تعزيز الاستقرار)؟ هل يختلف أحد في أن أمريكا وإسرائيل ستقيمان الدنيا ضد هذه الخطوة التي لن تقرأ سوى أنها تهديد لأمن إسرائيل، وأن الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة سيسارعان إلى مطالبة القاهرة بسحب قوتها البحرية فورا واحترام القانون الدولي... إلخ.
أمريكا فوق القانون، لأن قانونها هو الأعلى بعد إذ سقطت حرمة الشرائع الدولية. نحن نعرف هذا منذ زمن بعيد: منذ بدأت أمريكا تفرض معاييرها وأحكامها على العالم، فتخوض الحرب ضد من شاءت ومتى شاءت غير آبهة باحتجاج هذا وهمهمة ذاك، وتستثني مواطنيها من المثول أمام العدالة الدولية، وتبيح لنفسها التدخل في الشؤون الداخلية للدول غير عابئة بحرمة السيادة الوطنية: وهي من مقدسات السياسة الدولية منذ ميلاد منظمة الأمم المتحدة ونهاية الحرب العالمية الثانية. نعرف هذا، شعوبا ودولا تحترم نفسها، ولا نقبله أو نسلم به. غير أن من العرب، بكل أسف، من يعرف ذلك ويسلم به كقدر مقدور لا راد له! وإلا متى كان من الأعراف أن يصمت العالم على انتهاك القانون الدولي؟
نعم، ندرك جيدا أن قدرة الدول العربية على الاعتراض محدودة، بل معدومة، وأن تمسكها بالقانون الدولي –الذي هو تمسكها بسيادتها وبأمنها القومي المستباح بالأساطيل والقواعد والإملاءات السياسية الخارجية- لن يغير شيئا في سياسات الإدارة الأمريكية على المستوى الاستراتيجي. غير أن الفارق عظيم بين التسليم بتلك السياسات كأمر واقع وبين الاعتراض عليها باسم القانون الدولي على الأقل. إذ التسليم بها يمنحها شرعية عربية (هي التي تفتقر إلى الشرعية). أما الاعتراض عليها ولو بالقول: اللهم إن هذا منكر، فلا يحفظ لهذه الدول (والحكومات) بعض ماء الوجه أمام شعوبها فحسب، وإنما يرفع غطاء الشرعية الداخلية (العربية) عن سياسات الاستباحة والغطرسة الأمريكية وينتزع منها الذرائع التي تتدثر بها لتفعل ما تشاء، والتي ترد بها على من يطالبها من القوى الكبرى باحترام القانون الدولي.
ونحن إن لم نحترم القانون الدولي، فلن يحترمنا أحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.